< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

 

القول الثَّاني القائل بالجواز من دون كراهة

ومنها: مرسلة الحسن بن بسَّام الجمَّال عن رجل قَاْل: كنتُ مع أبي عبد الله (عليه‌السلام) فيما بين مكَّة والمدينة في شعبان وهو صائم، ثمَّ رأينا هلال شهر رمضان فأفطر، فقلتُ له: جُعلت فداك! أمس كان من شعبان وأنت صائم، واليوم من شهر رمضان وأنت مُفطر؟! فقال: إنَّ ذلك تطوُّع، ولنا أن نفعل ما شِئنا، وهذا فرض فليس لنا أن نفعل إلَّا ما أمرنا[1]

وهي أيضاً ضعيفة جدّاً، كما تقدّم، فهي ضعيفة بسهل بن زياد، وبالإرسال، وبجهالة الحسن بن بسَّام الجمَّال.

ومنها: صحيحة سُليمان الجعفريّ قَاْل: سمعتُ أبا الحسن (عليه‌السلام) يقول: كان أبي (عليه‌السّلام) يصوم يوم عرفة في اليوم الحارّ في الموقف، ويأمر بظلٍّ مرتفعٍ، فيضرب له...[2]

وفيه أوَّلاً: أنَّ مورد الصَّحيحة صوم عرفات، وهو مورد خاصّ، لا يُقاس عليه.

وثانياً: أنَّ الصَّحيحة مجملةٌ من جهة كون الصَّوم في عرفات مُستحبّاً، أو أنَّه واجب بالنَّذر، فتُحمل على كونه واجباً بالنَّذر، جمعاً بينها وبين ما تقدّم من الرِّوايات المانعة.

وعلى فرض عدم صحَّة هذا الحمل، فلا مانع حينئذٍ من الالتزام باستحباب صوم يوم عرفة في الموقف، ويكون هذا استثناء من حرمة صوم التَّطوُّع في السَّفر.

والخلاصة: أنَّ هذا القول الثَّاني ليس تامّاً.

وأمَّا القول الثَّالث -وهو الجواز على الكراهة الَّذي ذهب إليه الأكثر-: فدليله هو الجمع بين أدلَّة القول الدَّالّة على المنع، وأدلَّة القول الثَّاني الدَّالّة على الجواز.

ولكنَّك عرفت حال دليل القول الثَّاني، فلا يمكن الجمع المزبور.

والنَّتيجة إلى هنا: أنَّ القول الأوَّل هو الأقوى والمُتعيّن، والله العالم.

قوله: (إلَّا ثلاثة أيام للحاجة بالمدينة)

المعروف بين الأعلام أنَّه يُستثنى من الحرمة أو الكراهة -على الخلاف المُتقدّم- صوم الثَّلاثة أيام للحاجة بالمدينة، وفي الجواهر: بلا خلاف أجده فيه....

أقول: يدلّ على الجواز.

مضافاً للتَّسالم بين الأعلام: صحيحة معاوية بن عمَّار عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) قَاْل: إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صُمت أو يوم الأربعاء، وتُصلِّي ليلة الاربعاء عند أُسطوانة أبي لُبابة وهي أُسطوانة التَّوبة، الَّتي كان ربط نفسه إليها حتَّى نزل عذره مِنَ السَّماء، وتقعد عندها يوم الأربعاء، ثمَّ تأتي ليلة الخميس الَّتي تليها ممَّا يلي مقام النَّبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ليلتك ويومك، وتصوم يوم الخميس، ثمَّ تأتي الأُسطوانة الَّتي تلي مقام النَّبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ومصلَّاه ليلة الجمعة، فتُصلِّي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجُمعة، فإنِ استطعت أن لا تتكلَّم بشيءٍ في هذه الأيام فافعل، إلَّا ما لابُدّ لك منه، ولا تخرج من المسجد إلَّا لحاجة، ولا تنام في ليل ولا نهار فافعل، فإنَّ ذلك ممَّا يعّد فيه الفضل، ثمَّ احمد الله في يوم الجُمعة، وأثنِ عليه، وصلِّ على النَّبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله)، وسل حاجتك، وَلْيكن فيما تقول: اللَّهمّ ما كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها والتماسها، أو لم أشرع سألتكها، أو لم أسألكها، فإنِّي أتوجَّه إليك بنبيّك مُحمّد نبيّ الرَّحمة (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في قضاء حوائجي صغيرها وكبيرها، فإنَّك حريّ أن تقضى حاجتك إن شاء الله[3]

وقريب منها حسنة الحلبيّ

ومرسلة ابن قولوَيْه عن بعضهم (عليه السَّلام)

ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّ ظاهر الرِّوايات هو صوم خُصوص الأربعاء والخميس والجُمعة على النَّهج المذكور، ولكنّ الأعلام أطلقوا.

ولكنَّ الإنصاف: هو الاقتصار على هذه الأيام الثَّلاثة، أي خُصوص الأربعاء والخميس والجُمعة، والباقي يدخل تحت أدلَّة المنع، والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo