< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

الإفطار حال السَّفر

إذا عرفت ذلك، فنقول:

*أمَّا القول الرَّابع:* فليس تامّاً؛ إذ لا مجال للأخذ بالإطلاق، أي أنَّ المسافر يُفطر مطلقاً، سواء كان قبل الزَّوال أو بعده، وسواء بيت النِّيّة أم لم يثبت؛ وذلك لاتِّفاق الرِّوايات المُتقدِّمة.

على أنَّ المسافر يبقى على صومه في الجملة.

ولكنَّ الخلاف في أنَّه يبقى صومه فيما لو خرج بعد الزَّوال، أو إذا لم يبيت النِّيّة.

وبالجملة، فالاستدلال بإطلاق الآية الشَّريفة، أو إطلاق بعض الرِّوايات الدَّالّ على التَّلازم بين التَّقصير والإفطار في غير محلِّه؛ لأنَّه مُقيّد بالرِّوايات المُتقدِّمة المُفصّلة.

وأمَّا رواية عبد الأعلى، ومرسلة المُقنع، فلا يمكن العمل بهما لضعفهما.

وأمَّا بالنِّسبة للقول الأوَّل والثَّاني، فالرِّوايات فيهما متعارضة بالعموم والخصوص من وجه، فإنَّ الرِّوايات المُستدلّ بها للقول الأوَّل دلَّت على أنَّ المناط في وجوب الإفطار وعدمه هو الخُروج قبل الزَّوال وبعده، فإن خرج قبل الزَّوال أفطر، وإن خرج بعده بقي على صومه، وهي مطلقة من حيث تبييت النِّيّة وعدمه، أي سواء بيت النِّيّة أم لا.

والرِّوايات المُستدلّ بها للقول الثَّاني جعلت المناط هو في الإفطار وعدمه هو تبييت النِّيّة وعدمه، فإذا بيّت النِّيّة أفطر مطلقاً، أي سواء كان قبل الزَّوال أم بعده، وإن لم يُبيت النِّيّة بقي على صومه، سواء خرج قبل الزَّوال أم بعده.

وتتعارض هذه الرِّوايات في موردَيْن:

*أحدهما:* فيما لو سافر قبل الزَّوال، ولم يبيت النِّيّة، فإنَّ الرِّوايات المُستدلّ بها للقول الأوَّل تُوجب الإفطار عليه، والرِّوايات المُستدلّ بها للقول الثَّاني تُوجب الصَّوم عليه.

*ثانيهما:* فيما لو سافر بعد الزَّوال، وقد بيّت النِّيّة، فإنَّ الرِّوايات المُستدلّ بها للقول الأوَّل تُوجب الصَّوم عليه.

وأمَّا الرِّوايات المُستدلّ بها للقول الثَّاني، فهي تُوجب الإفطار عليه.

ولابُدّ في هذه الحالة من الرُّجوع إلى ما تقتضيه القاعدة في باب التَّعارض، حيث لا يمكن الجمع العُرفيّ.

والقاعدة تقتضي الأخذ بالرِّوايات المُستدلّ بها للقول الأوَّل؛ لأنَّها مخالفة للعامَّة، والرِّوايات المُستدلّ بها للقول الثَّاني موافقة لهم، حيث نقل صاحب الحدائق (رحمه الله) عن العلَّامة (رحمه الله) في المنتهى أنَّه حُكي عن الشَّافعي وأبي حنيفة ومالك والأوزاعي وأبي ثور، وجمع آخرين منهم، أنَّهم جعلوا المناط في الصِّيام والإفطار هو تبييت النِّيّة وعدمه.

*والخُلاصة:* أنَّه إذا سافر قبل الزَّوال أفطر، سواء بيَّت النِّيّة أم لا، وإذا سافر بعد الزَّوال بقي على صومه، سواء بيّت النِّيّة أم لا.

وأمَّا ما ذكره السّيِّد أبو القاسم الخُوئيّ (رحمه الله): من أنَّه لا معارضة بين الطَّائفتَيْن على نحو تستوجب الرُّجوع إلى المُرجّحات، بل ترفع اليد عن إطلاق الطَّائفة الأُولى النَّاطقة بالإفطار لو سافر قبل الزَّوال، وتُحمل على ما لو كان مبيّتاً للنِّيّة؛ بشهادة صحيح رفاعة الصَّريح في وجوب الصَّوم على من سافر قبل الزَّوال من غير تبييتٍ ©قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه السَّلام) عَنِ الرَّجل يعرض له في السَّفر في شهر رمضان حين يُصبح، قَاْل: يتمّ صومه ذلك®، فإنَّ قوله يعرض ظاهر في عُروض السَّفر وحُدوث العزم عليه من غير سَبْق النِّيّة، فتكون هذه الصَّحيحة كاشفةً عن أنَّ الطَّائفة الثَّانية المُتضمّنة للتَّفصيل بين التَّبييت وعدمه ناظرةٌ إلى هذا المورد -أعني ما قبل الزَّوال-، فيكون الحكم بالصِّيام لو سافر بعد الزَّوال الَّذي تضمّنته الطَّائفة الأُولى سليماً عن المُعارض إلى آخر ما تقدّم نقله عنه.

*فيرد عليه:* أنَّ صحيحة رفاعة ليست كاشفةً عن أنَّ الطَّائفة الثَّانية المُتضمّنة للتَّفصيل بين التَّبييت وعدمه، ناظرة إلى هذه المورد، أعني ما قبل الزَّوال؛ إذ من أين جاء الكشف لها؟! فلا هي حاكمةٌ على الطَّائفة الثَّانية من الرِّوايات، ولا هي مُقيّدةٌ لها؛ إذ كلّ منهما مُثبت.

وقد دلَّت صحيحة رفاعة على وجوب الصَّوم على مَنْ سافر قبل الزَّوال من غير تبييتٍ، ولم تتعرَّض لغير هذا الحكم لا إثباتاً ولا نفياً، ولا هي قرينة عند العرف.

على أنَّ المراد بالطَّائفة الثَّانية الَّتي جعلت المناط في الإفطار وعدمه التَّبييت وعدمه هو قبل الزَّوال.

والخُلاصة:* أنَّ ما ذكره السّيِّد أبو القاسم (رحمه الله) ليس تامّاً.

ومنه تعرف أنَّ القول الثَّالث المنسوب إلى الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، والذي وافقه عليه السّيِّد أبو القاسم الخُوئيّ (رحمه الله)، في غير محلِّه أيضاً، والله العالم بحقائقه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo