< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/05/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

*قوله: (ويُفطر المسافر للنَّزهة، خلافاً للحسن، حيث أوجب الصَّوم والقضاء)*

المشهور بين الأعلام جواز السَّفر في شهر رمضان، وإن كان على كراهة إلى أن يمضي من الشَّهر ثلاثة وعشرون يوماً.

قال صاحب المدارك (رحمه الله): (واعلم أنَّ المُصنِّف (رحمه‌الله) لم يذكر في هذا الكتاب حكم‌ السَّفر في شهر رمضان صريحاً، وقدِ اختلف فيه كلام الأصحاب، فذهب الأكثر إلى جوازه على كراهية، إلى أن يمضي من الشَّهر ثلاثة وعشرون يوماً فتزول الكراهة، ونقل عن أبي الصَّلاح أنَّه قال: إذا دخل الشَّهر على حاضر لم يحلّ له السَّفر مختاراً، والمُعتمد الجواز مطلقاً، وإن كانت الإقامة أفضل...).

*أقول:* قد يستدلّ للحلبيّ بالكتاب المجيد، والسُّنّة النَّبويّة الشَّريفة.

أمَّا الكتاب المجيد، فقوله تعالى: *{فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}،* أي من حضر منكم الشَّهر فَلْيصمه، بناءً على كون الحُضور من شرائط الوجود لا الوجوب.

*وفيه:* أنَّ ظاهر الآية الشَّريفة أنَّ الحُضور شرطٌ للوجوب لا للواجب، قال تعالى: *{ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ...}،* فقد أخذ في موضوع الصَّوم أن لا يكون مسافراً.

وعليه، فيكون الوجوب مشروطاً بعدم السَّفر -أي كونه حاضراً-.

ومن المعلوم، أنَّ الموضوع يُؤخذ مفروض الوجود عند تعلَّق الحكم، ولا يجب تحصيل الموضوع إذا كان اختياراً، لا حدوثاً، ولا بقاءً، فيجوز للحاضر أن يسافر، كما لا يجب على المسافر الحُضور.

وأمَّا السُّنّة النَّبويّة الشَّريفة، فجملةٌ من الرِّوايات كلّها ضعيفة السَّند:

*منها:* رواية أبي بصير *( قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الخُروج إذا دخل شهر رمضان؟ فقال: لا، إلَّا فيما أخبرك به: خروج إلى مكّة، أو غزو في سبيل الله، أو مال تخاف هلاكه، أو أخ تخاف هلاكه، وإنَّه ليس أخاً من الأب والأم)(1).*

وهي ضعيفة بطريق الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) بعليّ بن أبي حمزة البطائنيّ، وضعيفة أيضاً بطريق الكُلينيّ والشَّيخ الطُّوسيّ بعليّ بن أبي حمزة، وبعدم وثاقة القاسم بن مُحمّد الجوهريّ.

*ومنها:* حديث الأربعمائة *(قَاْل: ليس للعبد أن يخرج إلى سفر إذا حضر شهر رمضان، لقول الله عزَّوجلّ: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ})(2).*

وهو ضعيفة بالقاسم بن يحيى، وجدِّه الحسن بن راشد، فإنَّهما غير موثَّقَيْن، ووجودهما في كامل الزِّيارات لا ينفع؛ لعدم كونهما من المشايخ المباشرين.

*ومنها:* مرسلة عليّ بن أسباط، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *( قال : إذا دخل شهر رمضان فلله فيه شرط، قال الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)، فليس للرَّجل إذا دخل شهر رمضان أن يخرج إلَّا في حجٍّ، أو في عُمْرة، أو مال يخاف تلفه، أو أخ يخاف هلاكه، وليس له أن يخرج في إتلاف مال أخيه، فاذا مضت ليلة ثلاث وعشرين فَلْيخرج حيث شاء)(3)،* وهي ضعيفة بالإرسال، وبسهل بن زياد.

ومنها: رواية الحسين بن المُختار عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(قال: لا تخرج في رمضان إلَّا للحجّ، أو العُمرة، أو مال تخاف عليه الفوت، أو الزَّرع يحين حصاده)(4).*

وهي ضعيفة بعدم وثاقة عليّ بن السَّنديّ، وتوثيق نصر بن الصَّباح له لا يفيد؛ لأنَّ نصر بن الصّباح نفسه غير موثّقٍ.

*وبالجملة،* فإنَّ هذه الأدلّة المُستدلّ بها للحلبيّ ليست تامّةً.

ومن هنا، ما ذهب إليه الأعلام من جواز السَّفر في شهر رمضان اختياراً هو الصحيح.

_________

(1)و(2)و(3)و(4) الوسائل باب3 من أبواب مَنْ يصحّ منه الصَّوم ح3و4و6و8.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo