< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

 

*بقي في المقام شيء* لابُدّ من التَّنبيه عليه، وهو أنَّه كيف جعل الخُروج لاستحباب التَّشييع -كما في الرِّوايات المُتقدِّمة- أفضل من الإقامة والصَّوم، وجعل في روايات أبي بصير، ومُحمّد بن الفضل البغداديّ، وابن إدريس في آخر السَّرائر الإقامة والصِّيام أفضل من الخُروج لزيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السَّلام)، مع أنَّه لا إشكال في رُجحان وأهميّة زيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السَّلام) على استحباب التَّشييع؟!

وفي الواقع، إنَّ تقديم التَّشييع على الزِّيارة له (عليه السَّلام)، مع الرِّوايات الكثيرة الذَّاكرة لفضلها وعظم خطرها، في غاية الإشكال.

والَّذي يهوِّن الخطب: أنَّ هذه الرِّوايات الدَّالّة على أنَّ الإقامة أفضل من الخُروج لزيارة أبي عبد الله (عليه السَّلام) ضعيفة السَّند، فتبقى الرِّوايات الأُخرى سالمةً عن المُعارض، والله العالم بحقائق أحكامه.

    

 

*قوله: (نعم، يُكره إلى ثلاث وعشرين)*

قد عرفت أنَّ الرِّوايات النَّاهية ضعيفة السَّند، فلا يمكن الجمع بينها وبين الرِّوايات المُجوّزة بالحمل على الكراهة.

وأمَّا الرِّواية المُستدلّ بها على انتفاء الكراهة بعد مضيّ ثلاثة وعشرين يوماً من الشَّهر، والَّتي هي رواية عليّ بن أسباط المُتقدِّمة، حيث ورد في ذيلها *(فإذا مضتْ ليلةُ ثلاث وعشرين فَلْيخرج حيث شاء)(1)،* هي ضعيفة بالإرسال، وبسهل بن زياد.

*وعليه،* فلا فرق في عدم الكراهة بين ما قبل ثلاثة وعشرين وما بعده.

نعم، ذكرنا أنَّ الأفضل له الإقامة، والله العالم.

    

 

*قوله: (ولو قدم قبل الزَّوال، ولم يتناول، أمسك واجباً، وإلَّا تأديباً)*

قال في الحدائق: (الظَّاهر أنَّه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أنَّ مَنْ قدَّم بلده أو بلداً يعزم على الإقامة فيه قبل الزَّوال، ولم يتناول شيئا فإنَّه يجب عليه الصَّوم ويُجزئه، وإنْ تناول قبل ذلك أو قدم بعد الزَّوال، وإنْ لم يتناول استحبّ له الإمساك، ووجب عليه القضاء...).

وفي الجواهر: (بلا خلاف معتدّ به أجده في شيءٍ من ذلك...).

 

*أقول:* أمَّا وجوب الصَّوم إذا قدم قبل الزَّوال، ولم يكن قد تناول، فيدلّ عليه جملة من الرِّوايات:

*منها:* موثَّقة أبي بصير *(قَاْل: سألتُه عَنِ الرَّجل يقدّم من سفر في شهر رمضان؟ فقال: إنْ قدم قبل زوال الشَّمس فعليه صيام ذلك اليوم ويعتدّ به)(2).*

ومضمرات أبي بصير مقبولة كمضمرات سُماعة.

 

*ومنها:* حسنة يُونس -في حديث- *(قَاْل: في المسافر يدخل أهله وهو جنب قبل الزَّوال، ولم يكن أكل، فعليه أن يتمَّ صومه، ولا قضاء عليه -يعني: إذا كانت جنابته من احتلام-)(3).*

والظَّاهر أنَّ قوله: (يعني إذا كانت...)، هو من كلام الرَّاوي.

ومن المعلوم أنَّ الجنابة عَنِ احتلام ونحوه ممَّا لا يقدح البقاء عليها في الصَّوم.

ورواها الشَّيخ (رحمه الله) بإسناده عن يُونس عن موسى بن جعفر (عليه السَّلام).

نعم، هي مضمرة بطريق الكُلينيّ وطريق الشَّيخ.

ولكنّ الإضمار هنا لا يضرّ، وإن لم تكن مسندةً إلى الإمام الكاظم (عليه السَّلام).

 

*ومنها:* رواية أحمد بن مُحمّد بالبزنطيّ *(قال: سألتُ أبا الحسن (عليه السَّلام) عن رجلٍ قدم من سفرٍ في شهر رمضان، ولم يطعم شيئاً قبل الزَّوال، قَاْل: يصوم)(4)،* وهي ضعيفة بسهل بن زياد.

 

*ومنها:* رواية سُماعة *(قَاْل: سألتُه عن الرَّجل، كيف يصنع إذا أراد السَّفر -إلى أن قال:- إنْ قدم بعد زوال الشَّمس أفطر، ولا يأكل ظاهراً، وإن قدم من سفره قبل زوال الشَّمس فعليه صيام ذلك اليوم إن شاء*)(5).

قوله: (إن شاء)، أي إن لم يُفطر قبل القدوم فعليه الصِّيام.

ولكنَّها ضعيفة؛ لأنَّ عليَّ بن السّنديّ الواقع في السَّند لم يُوثِّقه إلَّا نصر بن الصُّباح، ونصر لم يوثِّقه أحد، فكيف يُوثِّق الآخرين؟!

___________________

(1) الوسائل باب3 من أبواب مَنْ يصحّ منه الصَّوم ح6.

(2)و(3) الوسائل 6 من أبواب مَنْ يصحّ منه الصَّوم ح6و5.

(4)و(5) الوسائل باب6 من أبواب مَنْ يصحّ منه الصَّوم ح4و7.

* وقوله: إن شاء، بمعنى إن نوى الصيام، في الحدائق: (وجملة من أصحابنا قد نقلوا الخبرين الأولين وحملوهما على التخيير خارج البلد بمعنى أن من علم أنه يصل البلد قبل الظهر فهو بالخيار إن شاء أفطر قبل الدخول وإن شاء أمسك حتى يدخل فيجب عليه الصيام. وهو جيد).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo