< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

 

وَلْنبدأ بالرِّوايات المُجوِّزة، وهي كثيرة جدّاً:

منها: صحيحة عمر بن يزيد (قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه السَّلام) عَنِ الرَّجل يُسافر في شهرِ رمضانَ، أله أن يُصِيب مِنَ النِّساء؟ قَاْل: نعم) (1).

ومنها: صحيحة عبد الملك بن عُتبة الهاشميّ (قَاْل: سألتُ أبا الحسن -يعني موسى (عليه السَّلام)- عن الرجل يجامع أهله في السَّفر، وهو في شهرِ رمضانَ، قَاْل: لا بأس)(2).

ومنها: موثَّقة مُحمّد بن مسلم (قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عَنِ الرَّجل يقدمُ مِنْ سفرٍ بعد العَصْر في شهرِ رمضانَ، فيُصيبُ امرأتَه حين طهرتْ مِنَ الحَيْضِ، أيُواقعها؟ قَاْل: لَاْ بأس به)(3).

ومنها: موثَّقة داود بن الحصين (قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عَنِ الرَّجل يُسافر في شهر رمضان ومعه جارية، أيقع عليها؟ قَاْل: نعم)(4)، وكذا غيرها.

وأمَّا الرِّوايات النَّاهية:

فمنها: صحيحة عبد الله بن سنان (قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عَنِ الرَّجل يُسافر في شهرِ رمضانَ، ومعه جارية له، أفله أن يُصيب منها بالنَّهار؟ فقال: سبحان الله! أَمَا يعرف هذا حرمة شهر رمضان؟! إنَّ له في اللَّيل سَبْحاً طويلاً، قلتُ: أليس له أن يأكل ويشرب ويُقصّر؟ فقال: إنَّ الله تبارك وتعالى قد رخَّص للمسافر في الإفطار والتَّقصير رحمةً، وتخفيفاً لموضع التَّعب والنَّصب ووعث السَّفر، ولم يُرخِّص له في مجامعة النِّساء في السَّفر بالنَّهار في شهر رمضان، وأوجب عليه قضاء الصِّيام، ولم يُوجب عليه قضاء تمام الصَّلاة إذا آب من سفرِه، ثمَّ قَاْل: والسُّنة لا تُقاس، وإنِّي إذا سافرتُ في شهر رمضان ما آكل إلَّا القُوت، وما أشرب كلّ الري)(5).

ويُستفاد من هذه الصَّحيحة أيضاً كراهة التّملِّي من الطَّعام والشَّراب لِمَنْ ساغ له الإفطار في شهر رمضان.

ومنها: صحيحة مُحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: إذا سافر الرَّجل في شهرِ رمضانَ، فلا يقرب النِّساء بالنَّهار في شهرِ رمضانَ، فإنَّ ذلك مُحرَّم عليه)(6).

ومنها: رواية عبد الله سنان (قَاْل: سألتُه عَنِ الرَّجل يأتي جاريتَه في شهرِ رمضانَ بالنَّهار في السَّفر، فقال: ما عرف هذا حقَّ شهر رمضان، إنَّ له في اللَّيل سَبْحاً طويلاً)(7).

ولكنَّها ضعيفة بعدم وثاقة إبراهيم بن إسحاق الأحمر (الأحمريّ).

ومقتضى الجمع العرفي: حمل هذه الرِّوايات المانعة على الكراهة؛ لصراحة الرِّوايات السَّابقة بالجواز.

    

 

*قوله: (ولا على المريض المُتضرِّر به بحسب وجدانه، أو ظنِّه بقول عارف، ولو صام لم يُجزئه)*

المعروف بين الأعلام أنَّه لا يجب الصوم على المريض المتضرر به، ولا يصح منه، فلو تكلفه وصام بطَل الصوم، وكان آثماً.

وفي الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، والنصوص مستفيضة فيه، أو متواترة...).

*أقول:* يدل على ذلك -مضافاً للتسالم بينهم- الكتاب المجيد، والسنة النبوية الشريفة:

أما الكتاب المجيد، فقوله تعالى: {فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ}[البقرة: 184]، وقوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۗ}[البقرة: [185]، أي يتعين عليه القضاء، وإذا تعين عليه ذلك فمعناه أنَّ الصَّوم من المريض المتضرر به غير واجبٍ، ولا يصح منه إذا تكلفه.

لا يقال: إنَّ مقتضى إطلاق الآية الشريفة هو عدم الوجوب على المريض، وعدم الصحة لو تكلفه، وإن كان الصَّوم لا يضرّه.

فإنَّه يقال: إنَّ هذا غير مرادٍ جزماً؛ وذلك لانصراف المريض في الآية إلى المرض الَّذي يضره الصَّوم لا مطلق المرض.

أضف إلى ذلك: أنَّ الرِّوايات الكثيرة الَّتي سنذكرها -إن شاء الله تعالى- دالةٌ على ما ذكرناه.

والمراد من تضرّره بالصوم: هو زيادة مرضه، أو بطء برئه، أو حدوث مرض آخر، أو مشقة لا تتحمل عادةً، ونحو ذلك.

وأمَّا السنة النبوية الشريفة، فجملة من الرِّوايات المستفيضة، إن لم متواترةً:

منها: صحيحة حريز عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: الصَّائمُ إذا خافَ على عينَيْهِ مِنَ الرَّمدِ أَفْطَرَ)(8).

ومنها: مرسلة الفقيه (قَاْل: قَاْل (عليه السَّلام): كُلَّما أضرَّ بِهِ الصَّومُ فالإفطارُ له واجبٌ)(9).

وهي ضعيفة بالإرسال.

ومنها: صحيحة بكر بن مُحمّد الأزدي عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: سأله أبي -وأنا أسمع- عن حدِّ المرض الَّذي يترك الإنسانُ فيه الصَّومَ؟ قَاْل: إذا لم يستطعْ أنْ يتسحَّر)(10).

قال النجاشي (رحمه الله): (بكر بن محمَّد بن عبد الرَّحمان

بن نعيم الأزديّ الغامديّ، أبو مُحمّد، وجهٌ في هذه الطَّائفة، من بيت جليل بالكوفة، من آل نعيم الغامديين، عمومته شديد وعبد السَّلام، وابن عمِّه موسى بن عبد السَّلام، وهم كثيرون، وعمته غنيمة روت أيضاً عن أبي عبد الله (عليه‌السلام)، وأبي الحسن (عليه‌السلام)، ذكر ذلك أصحاب الرِّجال، وكان ثقةً، وعمَّر عمراً طويلاً...)(11).

 

______________________

(1)و(2) الوسائل باب13 من أبوبا مَنْ يصحّ منه الصَّوم ح1و3.

(3)و(4) الوسائل باب13 من أبواب مَنْ يصحّ منه الصَّوم ح10و7.

(5)و(6)و(7) الوسائل باب13 من أبواب مَنْ يصحّ منه الصَّوم ح5و8و6.

(8) الوسائل باب19 من أبواب من تصح منه الصَّوم ح1.

(9) الوسائل باب20 من أبواب من تصح منه الصَّوم ح2.

(10) الوسائل باب20 من أبواب من تصح منه الصَّوم ح1.

(11) رجال النَّجاشيّ: ص108.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo