< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المريض المتضرر بالصَّوم

 

*ومنها:* موثَّقة سماعة *(قَاْل: سألتُه: ما حدُّ المرض الَّذي يجبُ على صاحبِه فيه الإفطارُ كما يجب عليه في السَّفر، {وَمَن كَانَ مَرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ}؟ قَاْل: هو مؤتمنٌ عليه، مُفوّضٌ إليه، فإن وجد ضعفاً فَلْيفطر، وإن وجد قوَّةً فَلْيصمه، كان المرض ما كان)(1).*

ومضمرات سماعة مقبولة.

 

ومنها: موثَّقة عمَّار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(في الرَّجل يجد في رأسه وجعاً من صُداعٍ شديدٍ، هل يجوز له الافطارُ؟ قَاْل: إذا صدع صُداعاً شديداً، وإذا حُمّ حُمى شديدةً، وإذا رمدت عيناه رمداً شديداً، فقد حلّ له الإفطار)(2).*

 

*ومنها:* صحيحة عليِّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السَّلام) *(قَاْل: سألتُه عن حدِّ ما يجبُ على المريضِ تَرْك الصَّوم؟ قَاْل: كلُّ شيءٍ مِنَ المرضِ أضرَّ به الصَّوم فهو يَسَعُه تَرْكُ الصَّومِ)(1).*

 

*ومنها:* صحيحة الوليد بن صبيح *(قَاْل: حممتُ بالمدينةِ يوماً من شهر رمضان، فبعث إليَّ أبو عبد الله (عليه‌السلام) بقَصْعَةٍ فيها خلٌّ وزيتٌ، وقَاْل: أفطر، وصلِّ، وأنت قاعد)(2)،* وكذا غيرها.

وأمَّا إذا كان المريض لا يضرُّه الصَّوم، فيجب عليه الصَّوم، ويصحُّ منه؛ وذلك لإطلاق الأدلَّة.

 

ولا يُعارضها إطلاق ما دلّ على الإفطار للمريض من الآية الشَّريفة، والرِّوايات؛ وذلك لما عرفت من أنَّ المراد من الآية الكريمة، والرِّوايات الشَّريفة، خُصوص المرض الَّذي يضرُّه الصَّوم، لا مطلق المرض.

وعلى ذلك تُحمل رواية عقبة بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(عن رجلٍ صامَ شَهْرَ رمضان، وهو مريضٌ؟ قَاْل: يتمُّ صَوْمَه، ولا يُعِيدُ، يُجْزِئه)(3).*

فإنَّها تُحمل على مَنْ لا يضرُّه الصَّوم.

 

*والَّذي يهوِّن الخطب:* أنَّها ضعيفة بجهالة مُحمّد بن عبد الله بن هلال، وعقبة بن خالد، ووجودهما في كامل الزِّيارات لا ينفع؛ لعدم كونهما من المشايخ المباشرين.

 

*ثمَّ إنَّ المدار في معرفة* الضَّرر على الصَّائم نفسه؛ لأنَّ {ٱلۡإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِیرَةࣱ}، ففي موثَّقة سُماعة المُتقدِّمة *(قَاْل: سألتُه: ما حدُّ المرض الَّذي يجبُ على صاحبِه فيه الإفطارُ كما يجب عليه في السَّفر، {وَمَن كَانَ مَرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ}؟ قَاْل: هو مؤتمنٌ عليه، مُفوّضٌ إليه، فإن وجد ضعفاً فَلْيفطر...)(4).*

 

وفي حسنة عمر بن أُذينة *(قَاْل: كتبتُ إلى أبي عبد الله (عليه‌السلام) أسأله: ما حدُّ المرضِ الَّذي يُفطر فيه صاحبُه، والمرضِ الَّذي يدع صاحبُه الصَّلاة (من قيام)؟ قَاْل: {بَلِ ٱلۡإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِیرَةࣱ}، وقَاْل: ذاك إليه، هو أعلم بنفسه)(5).*

 

*ثمَّ إنَّ المعروف بين الأعلام* هو كفاية الظَّنّ بالضَّرر، سواء استند إلى أمارة، أو تجربة، أو قول عارفٍ وإن كان فاسقاً.

 

*ولكنَّ الإنصاف:* أنَّه يكفي خوف الضَّرر خوفاً مُعتدّاً به، سواء كان منشأ الخوف هو الظَّنّ، أو الاحتمال الموجب للخوف.

*ويشهد لذلك:* صحيحة حريز المُتقدِّمة (الصَّائم إذا خافَ على عينَيْه الرَّمدَ أفطر)، حيث علَّق الحكم على الخوف.

 

*والخُلاصة:* أنَّ المناط هو حُصول الخوف المُعتدّ به، سواء أكان منشؤه الظَّنّ، أم الاحتمال، ولا دليل على ما ذهب إليه المشهور من أنَّ المناط حُصول الظَّنّ بالضَّرر، وعدم كفاية الاحتمال الموجب للخوف.

 

وممَّا ذكرنا تعرف عدم صحَّة ما ذكره الشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في شرح اللُّمعة، حيث صرَّح بعدم الاكتفاء بالاحتمال لثبوت التَّكليف، وعدم العلم بالمُسقِط.

*وفيه:* أنَّه لا معنى للرُّجوع إلى الأصل العمليّ -وهو استصحاب بقاء التكليف- مع وجود الدَّليل، وهو صحيحة حريز الَّتي علَّق الحكم فيها على الخوف، وإن كان منشؤه الاحتمال.

_____________

(1)و(2) الوسائل باب20 من أبواب من تصح منه الصوم ح4و6.

(3) الوسائل باب20 من أبواب من تصح منه الصوم ح9.

(4) الوسائل باب18 من أبواب من تصح منه الصوم ح2.

(5) الوسائل باب22 من أبواب من تصح منه الصوم ح2.

(6) الوسائل باب20 من أبواب من تصح منه الصوم ح4.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo