< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

 

قوله: (وبرؤه، كقدوم المسافر)

المعروف بين الأعلام أنَّه إذا برئ من المرض قبل الزوال، ولم يتناول شيئاً يقتضي الإفطار، وجب عليه الصوم بتجديد النية، وفي المدارك: (هذا قول علمائنا أجمع...)، وعن المفاتيح: (أنَّه لا خلاف فيه...).

ويظهر من ابن زهرة استحباب الإمساك للمريض إذا برئ، وعد ابن حمزة من الصَّوم المندوب صوم المريض إذا برئ، وأطلق، وقال: (والمسافر إذا قدم أهله قبل الزَّوال، ولم يفطر، وجب عليه الصَّوم...).

وكأنه فرق بينه وبين المريض.

ومهما يكن، فقد استدل للمشهور القائل بوجوب الصَّوم عليه إذا برأ قبل الزَّوال ، ولم يتناول المفطر بثلاثة أدلة كلها ضعيفة:

*الأول:* ما ذكره المحقق (رحمه الله) في المعتبر، والعلامة (رحمه الله) في التذكرة والمنتهى، ومن وافقهما، وهو أنَّه قبل الزَّوال يتمكن من أداء الواجب على وجه تؤثر النية في ابتدائه، فوجب...).

وحاصله: أنَّه يتمكن من الصَّوم لبقاء وقت النية، فيشمله عموم ما دل على وجوب صوم الشهر.

*وفيه:* أنَّ محل النية هو ما قبل الفجر؛ لما عرفت سابقاً أنَّ النية في الواجب المُعيَّن هي من الفجر، أو قبله، إلَّا من المسافر إذا وصل إلى وطنه قبل الزَّوال، ولم يتناول المفطر، فيجدد النية، ويصوم؛ وذلك للنص.

وكذا الجاهل بكون اليوم من رمضان، فإذا علم قبل الزَّوال جدد النية وصام، وكذا لو علم بعد الزَّوال على ما اخترناه.

وأمَّا في مقامنا هذا، فلا دليل عليه.

 

*الثاني:* ما ذكره جماعة من الأعلام، ومنهم صاحب المدارك (رحمه الله) ، حيث قال: (ويدل عليه فحوى ما دل على ثبوت ذلك في المسافر، فإنَّ المريض أعذر منه...).

*وفيه:* أنَّ قياسه على المسافر في غير محله ؛ لبطلان القياس، وأمَّا قوله فإنَّ المريض أعذر منه...).

ففي غير محله؛ إذ لا علم لنا بالملاكات.

*الثالث:* دعوى الإجماع من بعضهم.

*وفيه:* أنَّه ليس إجماعاً تعبديّاً كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السَّلام)، فهو مدركي أو محتمل المدركية، وقد عرفت سابقاً عدم حجة الإجماع المنقول بخبر الواحد.

هذا كله فيما لو برئ قبل الزَّوال، ولم يتناول المفطر.

وأمَّا لو برئ بعد الزَّوال، فالمعروف بينهم أنَّه لا يجب عليه تجديد النية، بل يمسك استحباباً، وعليه القضاء.

*أقول:* قد عرفت أنَّه لا فرق عندنا بين أن يكون البرء قبل الزَّوال، وبعده، فعلى الحالتين يجب علهي القضاء لفوات محل النية.

وأمَّا قضية الإمساك استحباباً فيما لو برئ بعد الزَّوال، أو قبله، وقد تناول المفطر، وكذا في المسافر إذا وصل إلى وطنه قبل الزَّوال، وقد تناول المفطر في الطريق، فسيأتي الكلام عنه -إن شاء الله تعالى- عند قول المُصنِّف (رحمه الله): (ويستحب الإمساك للمسافر والمريض بزوال عذرهما، وقد تناولا، أو كان بعد الزَّوال، والحائض والنفساء إذا طرأ الدم في أثناء النَّهار أو انقطع فيه، والكافر يسلم، والصبي يبلغ).

    

*قوله: (ولا على الحائض والنفساء، ولو في جزء من النهار)*

المعروف بين الأعلام أنَّه لا يجب الصوم على الحائض والنفساء، ولو في جزء من النهار، كأن رأت الدم في آخر النهار، أو طهرت منه في أوله، وكما لا يجب عليهما لا يصح منهما، ويجب عليهما القضاء.

وفي المدارك: (هذه الأحكام كلّها إجماعيّة، والنُّصوص بها مستفيضة، وحكى العلاَّمة في المنتهى عن شاذّ من العامَّة قولاً بوجوب الصَّوم على الحائض والنُّفساء وإن وجب عليهما الإفطار؛ لوجوب الصَّوم على الحائض والنُّفساء وإن وجب عليهما الإفطار، لوجوب القضاء عليهما، قال: وهو خطأ، لأنَّ وجوب الصَّوم مع وجوب الإفطار مما يتنافيان، ووجوب القضاء بأمر جديد لا بالأمر السَّابق...)(1).

وفي الجواهر: (بلا خلاف أجده في شيءٍ من ذلك بيننا، بل الإجماع بقسميه عليه، والنصوص مستفيضة، أو متواترة فيه)(2).

*أقول:* من جملة الرِّوايات الواردة في المقام صحيحة عيص بن القاسم (عن امرأةٍ تطمثُ في شهر رمضان قبل أنْ تغيبَ الشَّمسُ، قَاْل: تفطرُ حين تطمُثُ)(3).

*ومنها:* حسنة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(قَاْل: سألتُه عن امرأةٍ أصبحت صائمةً، فلمَّا ارتفع النَّهار، أو كان العشيُّ حاضت، أتُفطِر؟ قَاْل: نعم، وإن كان وقت المغرب فَلْتُفطِر، قَاْل: وسألتُه عن امرأةٍ رأت الطُّهر في أوَّل النَّهار في شهر رمضان فتغتسلُ، ولم تَطْعَم، فما تصنعُ في ذلك اليوم؟ قَاْل: تفطر ذلك اليوم، فإنَّما فِطْرُها مِنَ الدَّم)(4).*

وفسّر بعض الأعلام العشاء بآخر النَّهار.

وقال الجوهريّ: (وزعم قوم أنَّ العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر)(5).

ثمَّ إنَّ المراد بوقت المغرب ما قرب منه.

*ومنها:* موثَّقة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(قَاْل: أيُّ ساعةٍ رأت الدَّم فهي تفطر الصَّائمة إذا طمثت، وإذا رأت الطُّهر في ساعةٍ من النَّهار قضت صلاة اليوم، واللَّيل مثل ذلك)(6).*

ومنها: صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج *(قَاْل: سألتُ أبا الحسن (عليه السَّلام) عَنِ المرأة تلدُ بعد العَصْر، أتتمّ ذلك اليوم، أم تُفْطِر؟ قَاْل: تُفطِر ذلك اليوم)(7).*

_______________________

(1) المدارك: ج6، ص200.

(2) الجواهر: ج17، ص8.

(3) الوسائل باب25 من أبواب من يصح منه الصَّوم ح2.

(4) الوسائل باب25 من أبواب من يصح منه الصَّوم ح1.

(5) الصِّحاح: ج6، ص 2426.

(6) الوسائل باب25 من أبواب من يصح منه الصَّوم ح4.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo