< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

*قوله: (ولو زال في الأثناء استحبّ الإمساك)*

يدل على استحباب الإمساك جملة من الروايات:

*منها:* موثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *©في المرأة يطلعُ الفجر -وهي حائض- في شهر رمضان، فإذا أصبحت طهرت، وقد أكلت، ثمَّ صلَّتِ الظُّهر والعصر، كيف تصنع في ذلك اليوم الَّذي طهرت فيه؟ قَاْل: تصومُ، ولا تعتدُّ به®(1).*

قوله: (تصوم)، أي تمسك.

وإسناد الشيخ إلى ابن فضال معتبر؛ لأنَّ ابن الزبير القرشي الواقع في إسناد الشيخ إلى ابن فضال، وإن لم يوثق بالخصوص، إلَّا أنَّه من المعاريف.

 

*ومنها:* موثَّقة مُحمّد بن مسلم *©قَاْل: سألتُ أبا جعفر (عليه‌السلام) عَنِ المرأة ترى الدَّمَ غدوةً، أو ارتفاع النَّهار، أو عند الزَّوال؟ قَاْل: تفطر، وإذا كان ذلك بعد العصر، أو بعد الزَّوال، فَلْتمضِ على صومها، وَلْتقضِ ذلك اليوم®(2).*

قوله (عليه السَّلام): ©فلتمض على صومها®، أي تمسك.

ومحمد بن حمران الواقع في السند هو النهدي الثقة، لا ابن أعين غير الموثق.

*ومنها:* رواية أبي بصير -في حديث- *©قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عَنِ امرأةٍ رأتِ الطُّهر أوَّل النَّهار؟ قَاْل: تُصلِّي، وتتمُّ صومها وتقضي®(3).*

وقوله (عليه السَّلام): ©وتتم صومها (يوما)®، أي تمسك.

ولكنَّها ضعيفة بعلي بن أبي حمزة البطائني، وعدم وثاقة القاسم بن مُحمّد الجوهري.

_________________

(1)و(2)و(3) الوسائل باب28 من أبواب من يصح منه الصَّوم ح2و3و5.

    

 

*قوله: (ولو طهرت ليلاً، فتركت الغسل، قضت، ولا كفارة على الأقرب)*

المعروف بين الأعلام أنَّه كما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمداً إلى طلوع الفجر كذلك يبطل بالبقاء على حدث الحيض والنفاس متعمداً إلى طلوع الفجر.

وفي الجواهر: ©والظَّاهر أنَّ حدث الحيض والنِّفاس كحدث الجنابة في الإبطال، بل هو أشدّ، ضرورة بطلان الصَّوم بمفاجأته قهراً، فليس هو إلَّا للمنافاة بينه وبين الصَّوم، فالبقاء حينئذٍ مُتعمِّداً حتَّى الصُّبح مبطلٌ للصَّوم®(1).

وقال العلامة (رحمه الله) في المنتهى: ©لم أجد لأصحابنا صريحاً في حكم الحيض في ذلك، يعني: أنَّها إذا انقطع دمها قبل الفجر هل يجب عليها الاغتسال، ويبطل الصَّوم لو أخلَّت به حتَّى طلع الفجر، والأقرب: ذلك؛ لأنَّ حديث الحيض يمنع الصَّوم، فكان أقوى من الجنابة...®(2).

وتردّد المحقق (رحمه الله) في المعتبر في بطلان الصَّوم بترك الغسل، قال: ©فيه تردد، روى عليُّ بن الحسن، عن عليِّ بن أسباط، عن عمِّه يعقوب الأحمر، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قَاْل: إن طهرت بليل من حيضها، ثمَّ توانت أن تغتسل في رمضان حتَّى أصبحت عليها، قضى ذلك اليوم(3)، لكن عليَّ بن الحسن فطحيٌّ، وابن أسباط واقفيٌّ...®(4).

كما أنَّ المُصنِّف (رحمه الله) في الذكرى في مبحث الحيض والنفاس تردد في ذلك، ومال العلامة (رحمه الله) في في النهاية إلى عدم الإبطال.

 

*والإنصاف:* هو ما ذهب إليه المشهور من الإبطال؛ وذلك لموثقة أبي بصير الَّتي أشار إليها المحقق (رحمه الله)، وهي موثَّقة، وكون علي بن الحسن بن فضال من الفطحية لا يضر بعد أن كان ثقةً، كما أنَّ علي بن أسباط ثقةٌ، وقد رجع عن الوقف أيضاً.

نعم، في إسناد الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضال علي بن الزبير القرشي، وهو غير موثق بالخصوص، إلَّا أنَّه من المعاريف الكاشف ذلك عن وثاقته.

*والخلاصة:* أنَّ الرِّواية من قسم الموثق، وهي حجة.

 

قال السيِّد محسن الحكيم (رحمه الله) في المستمسك: ©ولا سيّما، وكونها من روايات بني فضَّال، الَّتي أُمرنا بالخُصوص بالأخذ بها...®(5).

أشار بذلك إلى ما روي أنَّ الحسين بن روح سئل عن كتب الشلمغاني، فأجاب: *©بأني أقول فيها ما قال العسكري (عليه السَّلام) في كتب بني فضال: خذوا ما رووا وذروا ما رأوا®.*

وذكرنا في مباحث علم الرجال أنَّ الرِّواية ضعيفة سنداً؛ لأنها مروية عن خادم الحسين بن روح، وهو مجهول.

كما أنَّها لا تدل على الأخذ برواياتهم مطلقاً، فراجع ما ذكرناه، فإنَّه مهم.

 

*بقي شيء في المقام،* وهو أنَّه هل الواجب قضاء الصَّوم فقط، أو القضاء والكفارة؟

اختار المُصنِّف (رحمه الله) هنا عدم الكفارة، كما هو مختار صاحب الحدائق (رحمه الله) ؛ لأنَّ الَّذي دل عليه النَّصّ إنَّما هو القضاء خاصة، والقول بالكفارة يتوقف على النَّصّ، وأيضاً العلامة (رحمه الله) ذهب إلى صحة صومها لو تركت الغسل متعمداً.

وبالتالي، لا قضاء عليها، ولا كفارة.

 

*ولكنه* في المختلف قال: ©والأقرب: أنَّها كالجنب إذا أخلَّ بالغُسل، فإن أوجبنا القضاء والكفَّارة عليه أوجبناهما عليها، وإلَّا فالقضاء®(6).

وهو *الصحيح،* كما ذهب إليه كثير من الأعلام؛ لأنَّ موثَّقة أبي بصير، وإن كانت لم تنص على الكفارة، إلَّا أنَّه يستفاد ذلك من عموم ما دل على وجوب الكفارة متعمداً المفطر، كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه، والله العالم بحقائق أحكامه.

_______________

(1) الجواهر: ج16، ص245.

(2) المنتهى: ص2، ص566.

(3) الوسائل باب21 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح1.

(4) المعتبر: ج1، ص226.

(5) المستمسك: ج8، ص284.

(6) المختلف للعلَّامة: ج3 ص410.

 

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo