< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

*قوله: (ويصح من المستحاضة إذا اغتسلت غسلي النهار، فلو تركت فكالحائض)*

المعروف بين الأعلام أنَّه يصح الصوم من المستحاضة إذا فعلت ما يجب عليها من الأغسال أو الغسل، وهذا لا كلام فيه، وإنما الكلام في في بطلان صومها إذا تركت الإسال أو الغسل.

 

والمعروف بينهم هو البطلان، وفي المدارك -في مبحث الطهارة-: (هذا مذهب الأصحاب...)، وفي الحدائق -في مبحث الطهارة أيضاً-: (والظاهر أنَّه لا خلاف فيه...).

 

*أقول:* تقدّم الكلام في هذه المسألة بالتفصيل في باب الحيض والاستحاضة عند قول المُصنِّف (رحمه الله): (وبترك الغسل يبطل صومها).

وقلنا هناك: إنَّه لا يوجد دليل قوي على بطلان صومها بترك الغسل أو الأغسال، وبما أنَّه مشهور بين الأعلام فالأحوط توقف الصَّوم على التيان بالأغسال، فراجع(1).

    

 

*قوله: (ومن الجنب إذا لم يتمكن من الغسل، والأقرب: وجوب التيمم)*

المعروف بين الأعلام أنَّه يصح الصوم من الجنب إذا لم يتمكن من الغسل للامتثال المقتضي للإجزاء، والحكم بالقضاء يحتاج إلى دليل، وهو مفقود.

 

وهل يجب التيمم للصوم على الجنب، وذات الدم، عند تعذُّر الماء، هناك قولان في المسألة:

*الأول:* بالوجوب، وهو المشهور.

 

*والثاني:* بعدم الوجوب، وقد ذهب إليه بعض الأعلام، منهم صاحب المدارك (رحمه الله)، حيث قال: (الأصح عدم الوجوب لاختصاص الأمر بالغسل، فيسقط بتعذره، وينتفي التيمم بالأصل )(2).

 

*أقول:* استدل للمشهور بجملة من الرِّوايات:

*منها:* صحيحة حماد بن عثمان *(قَاْل: سألتُ أبا عبد الله ( عليه السلام ) عَنِ الرَّجلِ لا يجدُ الماءَ، أيتيمَّمُ لكلِّ صلاةٍ؟ فقال: لا، هو بمنزلة الماءِ)(2).*

فإنَّها تدل على عموم المنزلة، أي عموم بدليّة التراب عن الماء الشامل لما نحن فيه.

 

*ومنها:* صحيحة زرارة، حيث ورد في ذيلها: *(فإنَّ التيمم أحد الطهورين)(3).*

فإنَّه يستفاد من هذه الصَّحيحة أنَّ كلّ مورد تعذر فيه الماء فالتيمم يقوم مقامه، ومنه ما نحن فيه.

 

*ومنها:* صحيحة مُحمّد بن حمران وجميل بن دراج، حيث ورد فيها: *(أنَّ الله جعل التراب طهورًا كما جعل الماء طهورًا)(4).*

 

وكذا غيرها ممَّا يدل على أنَّ التيمُّم ينوب عن الماء عند تعذُّره .

 

وأمَّا من ذهب إلى عدم الوجوب، فقد يستدل له بثلاثة أمورٍ:

*الأول:* أنَّ المانع هو حدث الجنابة، والتيمم لا يرفعه.

وفيه: ما ذكرناه في مبحث التيمُّم من أنَّه رافع للحدث، فراجع ما ذكرناه(5).

 

*الثاني:* أنَّ التيمُّم بمنزلة الماء في كلّ ما يجب فيه الغسل، لا في ما توقف على رفع الجنابة، فالتيمم إنَّما يجب في كلّ موضعٍ يجب فيه الغسل، لا في ما يشترط بعدم الجنابة.

 

وفيه: ما عرفته من عموم المنزلة، فكما أنَّه بمنزلة الماء في كلّ ما يجب فيه الغسل أيضاً هو بمنزلة الماء فيما توقف على رفع الجنابة، وقد ذكرنا أيضاً في مبحث التيمُّم أنَّه رافع للحدث.

 

*الثالث:* لو كان التيمُّم واجباً لأمر به الإمام (عليه السَّلام) قبل الفجر، ولم يجوز للمجنب البقاء على جنابته لانتظار حصول الماء إلى ما بعد الصبح، كما في صحيحة مُحمّد بن مسلم، ورواية إسماعيل بن عيسى.

 

أما صحيحة مُحمّد بن مسلم عن أحدهما (عليه السَّلام)، فهي هكذا: *(قَاْل: سألتُه عَنِ الرَّجل تُصيبه الجنابة في رمضان، ثمَّ ينام قبل أن يغتسل؟ قَاْل: يتمُّ صومَه، ويقضي ذلك اليوم، إلَّا أن يستيقظَ قبل أن يطلعَ الفجرُ، فإنِ انتظر ماءً يسخن، أو يستقى، فطلع الفجر، فلا يقضي يومه)(6).*

 

وأمَّا رواية إسماعيل بن عيسى، فهي هكذا: (أنَّه سأل الرِّضا عليه‌السلام عَنِ رجلٍ أصابته جنابةٌ في شهر رمضان -إلى أن قال:- قلتُ: رجلٌ أصابته جنابةٌ في آخر اللَّيل، فقام لِيَغْتسل، ولم يصب ماءً، فذهب يطلبه، أو بعث مَنْ يأتيه بالماء فعسر عليه حتَّى أصبحَ، كيف يصنع؟ قَاْل: يغتسل إذا جاءه، ثمَّ يُصلِّي)(7).

وهي ضعيفة بجهالة سعد بن إسماعيل، وأبيه إسماعيل.

 

*ووجه* الاستدلال بهما: أنَّه لو كان التيمُّم هنا واجباً لأمره بالتيمم قبل الفجر، ولم يجوّز له البقاء على جنابته؛ لانتظار حصول الماء إلى ما بعد الصبح.

 

*وفيه* -مضافاً لضعف رواية إسماعيل بن عيسى، ومضافا أيضاً لما ذكرناه سابقاً في أول مبحث الصَّوم عند الكلام عن تعمُّد البقاء على الجنابة، حيث ذكرنا صدرها، وقلنا : إنها محمولة على التقية-: أنَّ عدم الأمر بالتيمم فيهما هنا لابتناء السؤال ظاهراً على تخيل سعة الوقت، لا أقلّ من احتمال ذلك فيهما احتمالاً معتدّاً به، فيبطل الاستدلال.

 

*والخلاصة:* أنَّ ما ذهب إليه المشهور من وجوب التيمُّم هو الصحيح، والله العالم.

__________________

__________________

(1) مدارك الدُّروس (الطَّهارة): ج3، ص234، درس7. الدُّروس الشَّرعيّة: ج1، ص99.

(2) المدارك للسيِّد العامليّ: ج6، ص58.

(2) الوسائل باب20 من أبواب التيمم ح3.

(3) الوسائل باب21 من أبواب التيمم ح1.

(4) الوسائل باب23 من أبواب التيمم ح1.

(5) مدارك الدُّروس (الطَّهارة): ج4، ص512 إلى ص516.

(6) الوسائل باب15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك ح3، وباب 14، ح1.

(7) الوسائل باب14 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك ح2.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo