< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

ومنها: حديث الرفع ©رفع عن أمتي تسعة: الخطأ، والنسيان...®، باعتبار أنَّ المرفوع هو المؤاخذة والعقاب والقضاء من المؤاخذة المرفوعة، فيكون مرفوعاً.

وفيه: ما ذكرناه في أكثر من مناسبة أنَّ الحديث رافع للتكليف، وليس مثبتاً للتكليف بالعمل الناقص، فالعمل الناقص يحتاج إلى دليل على ثبوته، وحديث الرفع شأنه رفع التكليف، لا إثبات التكليف بالعمل الناقص.

إن قلت: إنَّ صحيحة الحلبي الدالة على القضاء يعارضها الرِّوايات الدالة على عدم قضاء الجنب إذا نام حتَّى أصبح -وقد تقدمت هذه الرِّوايات- ؛ لأنَّ بينها وبين صحيحة الحلبي عموماً من وجه؛ لأنَّ صحيحة الحلبي تشمل النائم، كما لو نسي الجنابة، ثمَّ نام حتَّى أصبح، كما أنَّ الرِّوايات المُتقدِّمة تشمل الناسي، كما لو نام الجنب، ثمَّ استيقظ، فنسي حتَّى أصبح.

وفيه: أنَّه لا معارضة بينهما ؛ لأنَّ الرِّوايات المُتقدِّمة دالةعلى عدم اقتضاء الجنابة للإفطار من حيث النوم، أي النوم على الجنابة من حيث هو لا يوجب البطلان، فلا تشمل هذه الرِّوايات ما لو نسي ونام.

وأمَّا صحيحة الحلبي فدالة على أنَّ النسيان من حيث هو يوجب البطلان، وقضاء الصَّوم، ويترتب على ما ذكرنا أنَّه لو نسي الجنابة، ثمَّ نام حتَّى أصبح، أو نام ثمَّ استيقظ فنسي حتَّى أصبح وجب عليه القضاء.

نعم، لو نام متذكراً فأصبح في نومته، ولما أصبح نسي الغسل لم يكن عليه قضاء ذلك اليوم قطعاً، وصحيحة الحلبي لا تشمله.

________________

(1)و(2) الوسائل باب3 من أبواب من يصح منه الصَّوم ح1و2.

 

وممَّا ذكرنا يتضح أنَّه لا حاجة لما أطنب به المُصنِّف (رحمه الله) في غاية المراد في شرح نكت الإرشاد في دفع الإشكال المزبور، حيث قال: ©وهنا إشكال ، وهو أنَّ هاتين الروايتين -يقصد بذلك صحيحة الحلبي ورواية إبراهيم بن ميمون- ونظائرهما تنطق بوجوب قضاء الصَّوم على ناسي الجنابة، وقد أفتى به الأصحاب، مع أنَّهم مفتون بعدم وجوب القضاء على النائم أول مرة، وبه روايات أيضاً فكيف الجمع، ويمكن حله بأنَّ النائم ليس بناسٍ أبيح له النوم أول مرة إرفاقا... ®، إلى آخر ما ذكره ، حيث أطنب في الجواب إطناباً ممللًّا، وهو تكلُّف لا حاجة إليه؛ لما عرفت من الجواب، والله العالم.

بقي في المقام أمران:

أحدهما: هل يلحق غير شهر رمضان -من النذر المعيّن والواجب الموسع، سواء كان قضاء أو غيره- به، أم لا؟

ذهب بعض الأعلام إلى التعدي إلى مطلق الصَّوم، أي لا فرق بين أقسام الصَّوم في ذلك، فإذا نسي الجنابة فيها بطل صومه.

قال صاحب الجواهر (رحمه الله): ©وكذا في حكم صوم رمضان النذر المُعيَّن وقضاؤه وغيرهما ؛ لعدم الفرق -على الظاهر- في أقسام الصَّوم في الاشتراط بالطهارة، والله أعلم ®.

وقال الشهيد الثاني (رحمه الله) في المسالك: ©وفي حكم رمضان المنذور المُعيَّن...®.

أقول: أما بالنسبة لغير قضاء شهر رمضان فالإنصاف هو عدم الإلحاق؛ لأنَّ الرِّوايات مختصة بشهر رمضان، فالتعذي منه إلى غيره يحتاج إلى دعوى عدم خصوصيَّة شهر رمضان، ومن أين لنا إثبات ذلك.

وعليه، فإلحاق غيره به قياس لا نقول به.

ومقتضى القاعدة: أنَّ نسيان الجنابة في هذه الأقسام من الصَّوم لا تجب البطلان أنَّ لانحصار المفطر في غيره.

نعم، الأحوط الأولى: هو الإلحاق.

وأمَّا بالنسبة لقضاء شهر رمضان فقد يقال: بإلحاقه بشهر رمضان؛ وذلك لسببين:

الأول: هو اتحاد المقضي وقضائه في جميع الخصوصيات، ومنها نسيان الجنابة.

وفيه: أنَّه لا دليل على اتحاد المقضي وقضائه في جميع الخصوصيات.

نعم، هما مشتركان في كثير من الخصوصيات لأدلة خاصة، إلَّا أنَّه لا دليل على اشتراكهما في هذه الخصوصية.

وأمَّا السبب الثاني: فهو دخول النسيان في صحيحتي عبد الله بن سنان المتقدمتين في قضاء شهر رمضان.

وفيه: أنَّ دعوى دخول النسيان فيهما في غير محلها.

أنظر إلى قوله في إحدى الصحيحتين: ©إنَّه سأل أبا عبد الله (عليه السَّلام) عن الرجل يقضي شهر رمضان، فيجنب من أول اللَّيل، ولا يغتسل حتَّى يجيء آخر اللَّيل وهو يرى أنَّ الفجر قد طلع...©(1).

وهو ظاهر في عدم كونه ناسياً.

وكذا قوله في الصَّحيحة الثانية: ©إني أصبحت بالغسل، وأصابتني جنابةً، فلم أغتسل حتَّى طلع الفجر...®(2).

فإنَّه ظاهر جدًّا في غير النسيان.

وعليه، فمقتضى الصِّناعة العلميّة هو عدم الإلحاق أيضاً بالنسبة لقضاء شهر رمضان.

نعم، الأحوط وجوباً: هو الإلحاق، والله العالم.

    

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo