< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

وأمَّا المرتد سواء أكان ارتداده عن فطرة، كما إذا ارتد المسلم الَّذي انعقدت نطفته وأحد أبويه مسلم، أو من ولد وكان أحد أبويه مسلماً، أم مرتدا عن ملة، كما لو أسلم الكافر ثمَّ كفر.

فعلى الحالتين يجب عليه قضاء ما فاته في زمن ردته؛ للتسالم بين الأعلام أيضاً؛ وذلك لصدق الفوت، مع عدم شمول ما دل على سُقوط القضاء عن الكافر الأصلي له.

ومقتضى إطلاق فتاوى الأعلام عدم الفرق في المسألة بين المرتد والملي.

ولكن استشكل جماعة من الأعلام بالنسبة إلى الفطري خاصة، بناءً على عدم قبول توبته ظاهراً وباطناً.

ولكن الإنصاف: هو ما ذكرناه في أكثر من مناسبة من قبول توبته ظاهراً وباطناً، إلَّا في ثلاثة أمور، وهي القتل، وبينونة الزوجة، وتقسيم أمواله على ورثته؛ وذلك للنصوص الكثيرة المذكورة في محله.

    

 

قوله: (ولا يقضي المخالف صومه لو استبصر)

يقع الكلام في ثلاثة أمور:

الأول: إذا استبصر المخالف، بل كل من انتحل الإسلام من الفرق المخالفة، وكان تاركاً للصوم، أو آتياً على وجه يخالف مذهبه، ومذهبنا معا، فهل يقضي أم لا؟

الثاني: إذا أتى بالصوم على وفق مذهبه ثمَّ استبصر.

الثالث: إذا أتى به على خلاف مذهبه، وكان موافقاً لمذهبنا.

أما الأمر الأول: فالمعروف بين الأعلام وجوب قضاء ما فاته من الصوم، أو المأتي به على خلافه مذهبه ، ومذهبنا؛ وذلك لعموم الأدلة على القضاء الشامل للمؤمن والمخالف والروايات الدالة على عدم قضاء الصوم إذا أتى به قبل الاستبصار، منصرفة عما لو أتى به مخالفاً لمذهبه ومذهبنا معاً.

وأما الأمر الثاني: فالمعروف بين الأعلام أنَّه إذا أتى بالصوم على وفق مذهبه فلا قضاء عليه بعد الاسبصار.

__________________

(1) مدارك الدُّروس (الصَّلاة): ج1، ص397.

 

وتدل عليه الروايات الكثيرة البالغة حد الاستفاضة:

منها: صحيحة بريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) -في حديث- ©قَاْل: كلُّ عملٍ عمله وهو في حال نُصبِه وضلالته، ثمَّ مَنَّ الله عليه وعرَّفه الولاية، فإنَّه يُؤجر عليه، إلَّا الزَّكاة فإنَّه يعيدها؛ لأنَّه وضعها في غير مواضعها، لأنَّها لأهل الولاية، وأمَّا الصَّلاة، والحجّ، والصِّيام، فليس عليه قضاء®(1).

ونحوها حسنة ابن أذينة(2)، ولكن ترك فيها ذكر الحج.

ومنها: حسنة الفضلاء عن أبي جعفر (عليه السَّلام) وأبي عبد الله (عليه السَّلام) ©أنّهما قالا في الرَّجل يكون في بعض هذه الأهواء الحَرُوريَّة والمُرجِئة والعثمانيَّة والقدريّة، ثمَّ يتوب ويعرف هذا الأمر ويُحسن رأيه، أيعيد كلَّ صلاةٍ صلَّاها أو صومٍ أو زكاةٍ أو حجٍّ، أوليس عليه إعادة شيءٍ من ذلك؟ قَاْل: ليس عليه إعادة شيءٍ من ذلك غير الزَّكاة، لابُدّ أن يُؤدِّيها؛ لأنَّه وضع الزَّكاة في غير موضعها، وإنَّما موضعها أهل الولاية®(3).

والحروريَّة: طائفة من الخوارج نسبوا إلى حرور بالمد، والقصر، وهو موضع قريب من الكوفة، وكان أول مجتعهم وتحكيمهم فيه.

والمرجئة: فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنَّه لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وتسميتهم بالمرجئة لاعتقادهم أنَّ الله تعالى أرجأ تعذيبهم عن المعاصي، أي أخره عنهم.

والعثمانية: طائفة من النواصب يفرطون في محبة عثمان بن عفان.

والقدريّة: قد تطلق على المفوض، وهم فرقة من المعتزلة يزعمون أنَّ الله تعالى أقدر عباده على أعمالهم على وجه الاستقلال، بحيث أخرجهم ذلك عن الانقياد له، وأبطل تصرفه في تلك الأعمال، حتَّى لا يكون لقضائه وقدرته وإرادته وتدبيره، فدخل فيها.

وقد تطلق أيضاً على الجبرية، وهم الذين يعتقدون أن لا مدخل للعباد في أفعالهم، وأنَّ الله تعالى يفعل الفعل، ويجريه على أيديهم.

وقد روي أنَّه (عليه السَّلام) قال: ©القدرية مجوس هذه الأمة ®.

والخلاصة: أنَّه لا إشكال في عدم وجوب قضاء الصَّوم الَّذي أتوا به موافقاً لمذهبهم، وكذا سائر العبادات ما عدا الزكاة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo