< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

ومنها: رواية قُتيبة الأعشى قَاْل: قَاْل أبو عبد الله (عليه‌السلام): نهى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) عن صوم ستّة أيامٍ: العيدَيْن، وأيام التَّشريق، واليوم الذي يُشكّ فيه من شهر رمضان®(1)، وهي ضعيفة بجهالة جعفر الأزديّ.

وأمَّا قُتيبة الأعشى، فهو ثقة، قال النَّجاشيّ (رحمه الله): ©قتيبة بن مُحمّد الأعشى المُؤدّب أبو مُحمّد المُقرئ، مولى الأزد، ثقة، عين...®(2).

ومنها: موثقة عبد الكريم بن عَمْرو ©قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه‌السلام): إنِّي جعلتُ على نفسي أنْ أصومَ حتَّى يقوم القائم، فقال : صُمْ، ولا تصم في السَّفر، ولا العيدَيْن، ولا أيام التَّشريق، ولا اليوم الَّذي يُشكّ فيه®(3).

وإنَّما قلنا: إنَّها موثَّقة؛ لأنَّ عبد الكريم بن عَمْرو المُلقّب بكرَّام واقفيّ، قال النَّجاشيّ (رحمه الله): ©عبد الكريم بن عَمْرو بن صالحٍ الخثعميّ، مولاهم، كُوفيّ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما‌السلام)، ثمَّ وقف على أبي الحسن (عليه‌السلام)، كان ثقةً ثقةً عيناً، يُلقّب كراماً...®(4).

ومنها: صحيحة أبي أيُّوب عن أبي عبد الله (عليه‌السَّلام) ©في رجلٍ كان عليه صوم شهرَيْن متتابعَيْن في ظهار، فصام ذا القعدة، ودخل عليه ذو الحِجّة، كيف يصنع؟ قَاْل: يصوم ذا الحِجّة كلّه، إلَّا أيام التَّشريق، ثمَّ يقضيها في أوَّل يوم من المُحرّم حتَّى يتم ثلاثة أيام، فيكون قد صام شهرَيْن متتابعَيْن...®(5).

وكذا غيرها من الرِّوايات، قال الشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في الرَّوضة: ©ولا يحرم صومها على مَنْ ليس بمنى إجماعاً، وإن أُطلق تحريمها في بعض العبارات كالمُصنِّف في الدُّروس...® (6).

وقصده: ما سيأتي من قول المصنف (رحمه الله) بعد ذلك: ©والمحظور صوم العيدين والتشريق...®.

ولا يخفى أنَّ تعويله في الإجمال إنَّما هو على التَّفصيل الَّذي ذكره هنا.

قال العلَّامة (رحمه الله) في المُختلف: ©أنَّ مَنْ أطلق مراده التَّقييد...®.

أقول: إنَّ الرِّوايات الواردة في تحريمها، والنَّهي عنها مطلقاً من غير تقييدٍ بمَنْ كان بمنى، وإن كانت كثيرةً، وقد تقدَّم بعضها، إلَّا أنَّه تُحمل على مَنْ كان بمنى.

وذلك لصحيحة معاوية بن عمَّار ©قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السَّلام) عن صيام أيام التَّشريق؟ فقال: أمَّا بالأمصار فلا بأس به، وأمَّا بمنًى فلا®(7).

وكذا صحيحته بالأُخرى ©قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السَّلام) عن صيام أيام التَّشريق؟ فقال: إنَّما نهى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) عن صيامها بمنى، وأمَّا بغيرها فلا بأس®(8).

***

 

قوله: (وألحق الشَّيخُ مكَّة)

ألحق الشَّيخ مكَّة بمنى في تحريم صوم أيام التَّشريق على مَنْ كان بمكَّة.

وفي الجواهر: ©وفي كَشْف الأستاذ أنَّ صومها مُحرّم لمَنْ كان بمنى، أو مكَّة على الأقوى...®(9).

أقول: لا دليل على هذا الإلحاق.

فالأقوى: الاقتصار على مَنْ كان بمنى.

***

 

قوله: (واشترط الفاضل كونه ناسكاً بحج أو عمرة، والرواية مطلقة)

اشترط العلَّامة (رحمه‌الله) في القواعد والإرشاد في تحريم صوم أيام التَّشريق على مَنْ كان بمنى أن يكون ناسكاً بحجٍّ أو عُمْرة، ولعلَّه باعتبار أنَّ الغالب لمَنْ كان بمنى تلك الأيام أن يكون ناسكاً.

وفيه: أنَّ الرِّوايات مطلقةٌ، ولم تُقيّد بكونه ناسكاً، والانصراف إلى النَّاسك منشؤه غلبة كونه كذلك، وهذا الانصراف لا يضرُّ بالإطلاق.

فالصَّحيح: ما عليه المشهور.

ثمَّ إنَّه قد أشرنا سابقاً أنَّه يُستثنى من تحريم صوم أيام التَّشريق حكم القاتل في أشهر الحرم، فإنَّه يجب عليه صوم شهرَيْن من أشهر الحرم، وإن دخل فيها أيام التَّشريق، ذكرنا الأدلَّة سابقاً عن الكلام عن حرمة صوم العيدَيْن، فراجع.

**

 

قوله: (ولو نذر هذه الأيام بطل)

لو نذر صوم العيدَيْن، وأيام التَّشريق، بطل نذره باتِّفاق جميع علمائنا، وأكثر العامَّة؛ لأنَّ صومها معصيةٌ.

وهناك جملة من الرِّوايات دلَّت على أنَّه لا نذر في معصية:

منها: حسنة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه‌السَّلام) ©قَاْل: قَاْل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله): لا رضاع بعد فطام، ولا وصال في صيام، ولا يتمّ بعد احتلام، ولا صمت يوماً إلى اللَّيل، ولا تعرُّب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح، ولا طلاق قبل نكاح، ولا عِتْق قبل ملك، ولا يمين للولد مع والده، ولا للمملوك مع مولاه، ولا للمرأة مع زوجها، ولا نذر في معصية، ولا يمين في قطيعة®(10).

والشَّاهد هو قوله (عليه‌السَّلام): © ولا نذر في معصية ®.

ومنها: رواية الزُّهريّ عن عليِّ بن الحسين (عليه‌السَّلام) -في حديث- ©قال: وصوم نذر المعصية حرامٌ®(11).

وهي ضعيفة بعدم وثاقة الزُّهريّ، وكذا غيره.

ومنها: ما في وصيّة النَّبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لعليّ (عليه‌السَّلام) ©قَاْل: وصوم نذر المعصية حرامٌ®(12).

وهي ضعيفة؛ لأنَّ في إسناد الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) إلى حمَّاد بن عَمْرو، وأنس بن مُحمّد، عدَّةٌ من المجاهيل.

كما أنَّ حمَّاد بن عَمْرو مجهولٌ، وأيضاً أنس بن مُحمّد وأبوه مجهولان.

وكذا يحرم صوم وفاء نذر المعصية، بأن ينذر الصَّوم إذا تمكَّن من الحرام، أو ترك الواجب الفُلانيّ، بأن يقصد بذلك الشُّكر على تيسُّره.

ومهما يكن، فلم يخالف في المسألة إلَّا أبو حنيفة، فإنَّه ذهب إلى انعقاد النَّذر، وعليه قضاؤه، ولو صامه أجزأ عن النَّذر، وسقط القضاء.

ولا ريب في بطلان قوله.

***

 

قوله: (ولو وافقت نذره لم يصمها)

لو وافقت هذه الأيام نذره، كأن نذر كلّ سبتٍ، فاتَّفق الفطر، أو الأضحى، لم يصمها؛ لتحريم صومها، وأدلَّة الوفاء بالنَّذر لا تشمله.

_________________

(1) الوسائل باب6 من أبواب وجوب الصَّوم ونيّته ح2.

(2) رجال النَّجاشيّ: ص317.

(3) الوسائل باب6 من أبواب وجوب الصَّوم ونيّته ح3.

(4) رجال النَّجاشيّ: ص245.

(5) الوسائل باب3 من أبواب بقية الصَّوم الواجب ح8.

(6) الرَّوضة -ط جامعة النجف، ت السّيِّد كلانتر، سنة 1967م-: ج2، ص138.

(7)و(8) الوسائل باب2 من أبواب الصَّوم المحرم والمكروه ح2.

(9) الجواهر: ج17، ص123.

(10) الوسائل باب5 من أبواب ما يحرم بالرضاع ح1.

(11)(12) الوسائل باب6 من أبواب الصوم المحرم والمكروه ح1و2.

***

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo