< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الصَّوم

قوله: (ولا صيام يوم الشَّك بنيَّة شهر رمضان على الأظهر، وقال الحسن، وابن الجنيد، والشَّيخ في الخلاف: لا يحرم، ويُجزئ)

ذكرنا هذه المسألة بالتَّفصيل عند قول المُصنِّف (رحمه‌الله) سابقاً: ©ويتأدَّى رمضان بنيَّة النَّفل مع عدم علمه®.

وقلنا هناك: عندنا صُورتان:

الأُولى: إذا نوى الوجوب -أي وجوب شهر رمضان- في صوم آخر يوم من شعبان مع الشَّكّ.

الثَّانية: إذا صام يوم الشَّكّ ندباً من شعبان.

أمَّا في الصُّورة الأُولى: فقد قلنا هناك: إنَّه إذا صام آخر يوم من شعبان مع الشَّكّ، مع قصده وجوب شهر رمضان، كان الصَّوم فاسداً، ولا يُجزئ عن رمضان لو ظهر منه، ولا يُحكم بكونه مندوباً لو لم يظهر أنَّه كذلك.

وفي الجواهر: ©على المشهور بين الأصحاب، بل في الرِّياض نسبته إلى عامَّة مَنْ تأخَّر، بل عن المبسوط نسبته إلى الأصحاب مُشعراً بدعوى الإجماع عليه...®(1)، وفي المدارك: ©وإلى هذا القول ذهب المعظم®(2).

وبالمقابل، حُكي عن ابن أبي عقيل وابن الجنيد (رحمهما الله)، والشَّيخ (رحمه الله) في الخلاف، القول: بأنَّه يُجزيه.

وذكرنا هناك أدلَّة الطَّرفَيْن بالتَّفصيل.

وكانت النَّتيجة: أنَّ ما ذهب إليه المشهور والمُعظم هو الصَّحيح، فراجع، فإنَّه مهمّ.

***

 

قوله: (ولا صيام اللَّيل)

قد عرفت سابقاً اختصاص الصَّوم بالنَّهار، قال في المدارك: ©أمَّا اختصاص الصَّوم بالنَّهار دون اللَّيل، فقال في المنتهى: إنَّه لا خلاف فيه بين المسلمين، والأدلَّة عليه من الكتاب والسُّنة كثيرة®(3).

وفي الجواهر: ©بل ضرورة من المذهب، بل الدِّين®.

ولا حاجة حينئذٍ للإطالة؛ لوضوح المسألة.

***

 

قوله: (فإنْ ضمَّه إلى النَّهار فهو الوِصال المنهيّ عنه، وكذا لو جعل عشاءه سُحوره حرم)

يقع الكلام في أمرَيْن:

الأوَّل: في معنى صوم الوِصال.

الثَّاني: في حُكمه.

أمَّا الأمر الأوَّل: فقد ذهب كثير من الأعلام إلى أنَّ صوم الوِصال معناه أن يجعل عشاءه سُحوره.

كما في صحيحة الحلبيّ عن أبي عبد الله (عليه‌السَّلام) ©قَاْل: الوِصال في الصِّيام أن يجعل عشاءه سُحوره®(4).

والعشاء -بفتح المهملة والمد-: طعام العشيّ.

والسُّحور -بالفتح-: ما يتسحّر به.

والمراد بجعل العشاء سُحوراً: أن يأكل طعامه وقت السَّحر، ويُؤخّر إفطاره إلى ذلك الوقت بنيّة الصُّوم، والسَّحر هو قبل الصُّبح، كما ذكرناه مُفصّلاً في مبحث أوقات الصَّلاة.

وكما في حسنة حفص بن البختريّ عن أبي عبد الله (عليه‌السَّلام) ©قال: المواصل في الصِّيام يصوم يوماً وليلةً، ويُفطر في السَّحر®(5).

وبالجملة، فإنَّ مَنْ ذهب إلى أنَّ صوم الوِصال بهذا المعنى إنَّما استند إلى هاتَيْن الرِّوايتَيْن المعتبرتَيْن.

وهناك قول آخر، وهو أنَّ الوِصال أن يصوم يومَيْن مع ليلة بينهما بنية الصَّوم كذلك.

ذهب إليه ابن إدريس (رحمه الله) حاكياً له عن اقتصاد الشَّيخ، وقال المُحقِّق (رحمه الله) في المُعتبر: ©ولعلّ هذا أولى...®.

وقد ورد تفسيره بذلك في رواية مُحمّد بن سليمان عن أبيه ©قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه‌السَّلام): ما تقول في الرَّجل يصوم شعبان وشهر رمضان، قَاْل: هما الشَّهران اللَّذان قال الله تبارك وتعالى: {شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ}[النِّساء: 92]، قلتُ: فلا يفصل بينهما؟ قَاْل: إذا أفطر من اللَّيل فهو فصل، وإنَّما قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله): لا وِصال في صيام، يعني: لا يصوم الرَّجل يومَيْن متوالَيْن من غير إفطارٍ، وقد يُستحبّ للعبد أن لا يدع السُّحور®(6).

وهي ضعيفة بالإرسال، وبمُحمّد بن سُليمان بن عبد الله الدَّيلميّ، وأبيه.

أقول: بناءً على كون حُرمة صوم الوِصال تشريعيّة فلا مانع من تفسير صوم الوِصال بكلٍّ منهما؛ ضرورة حرمة الصَّوم كذلك في كلٍّ منهما.

فلو أخَّر عشاءه إلى وقت السُّحور لا بنيّة الصَّوم أو ترك الأكل يومَيْن بليلة بينهما لا بنيّة الصَّوم فلا يدخل حينئذٍ في الوِصال.

نعم، تظهر الثَّمرة بين القولَيْن لو قلنا: بالحرمة الذَّاتيّة، أي يحرم الصَّوم، وإن خلا عن التَّشريع.

فبناءً على ذلك يكون المُحرم هو الوِصال بالمعنى الأوَّل؛ لصحّة الرِّوايتَيْن، ولا يحرم على المعنى الثَّاني؛ لضعف الرِّواية المُفسّرة له بهذا المعنى، وبما أنَّ حرمة الصَّوم كذلك عندنا تشريعيّة لا ذاتيّة، فيكون شاملا لكلا المعنيَيْن.

الأمر الثَّاني: قال في المدارك: ©أجمع الأصحاب على تحريم صوم الوِصال؛ لأنَّه تشريع مُحرّم، وللنَّهي عنه في رواية الزُّهريّ المُتقدِّمة...®(7).

أقول: تدلّ على الحُرمة -مضافاً للتَّسالم بين الأعلام؛ إذ لا يظهر من ابن الجنيد (رحمه الله) أنَّه مخالف، وعلى فرض ثبوت مخالفته فهي لا تضرّ بالتَّسالم- جملةٌ من الرِّوايات بلغت حدّ الاستفاضة:

منها: صحيحة زُرارة عن أبي عبد الله (عليه‌السَّلام) ©قال: لا وِصال في صيام®(8).

ومنها: حسنة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه‌السَّلام) -في حديث- ©قال: لا وِصال في صيامٍ، ولا صمتَ يوماً إلى اللَّيل®(9).

ومنها: رواية الزُّهريّ عن عليّ بن الحسين (عليه‌السَّلام) -في حديث- ©قال: وصوم الوِصال حرامٌ®(10).

وهي ضعيفة بجملة من الأشخاص مذكورَيْن في السَّند، وكذا غيرها من الرِّوايات.

***

 

>> الدَّرس 71، مُفسِدات الصَّوم

قوله: ((درس 71)

يفسد الصَّوم بفعل الثَّمانية عمداً لا سهواً)

المعروف بين الأعلام أنَّ المفطرات التي ذكرناها سابقاً -ما عدا البقاء على الجنابة الَّذي يُوجب بطلان الصَّوم، وإن كان من غير عمدٍ، كما في النَّومة الثَّانية- إنَّما تُوجب البطلان إذا وقعت على وجه العمد والاختيار، وأمَّا مع السَّهو، وعدم القصد، فلا توجبه.

أقول: يقع الكلام في ثلاثة أُمورٍ:

الأوَّل: إذا وقعت هذه الأُمور بدون بقصد واختيار.

الثَّاني: إذا وقعت هذه الأُمور سهواً عن الصِّيام،أي ناسياً له.

الثَّالث: إذا وقعت هذه الأُمور عن عمد، أي قصد واختيار، سواء أكان عالماً بالحكم، أي بكونه مُفطِّرا أم جاهلاً به.

_______________

(1) الجواهر: ص16، ص207.

(2) المدارك: ص6، ص33.

(3) المدارك: ص6، ص134.

(4) الوسائل باب4 من أبواب الصَّوم المُحرّم والمكروه ح7.

(5) الوسائل باب4 من أبواب الصَّوم المحرم والمكروه ح9.

(6) الوسائل باب29 من أبواب الصَّوم المندوب ح3.

(7) المدارك: ص6، ص282.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo