< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

 

وكذلك فيما إذا أتمَّ الصَّلاة في موضع التَّقصير، حيث ورد أنَّه من فعل ذلك جاهلاً بأصل وجوب التَّقصير في السَّفر، ولو كان جهله عن تقصيرفقد صحَّت صلاته.

كما في صحيحة زُرارة ومحمد بن مسلم ©قالا: قلنا لأبي جعفر ( عليه السلام ): رجلٌ صلَّى في السَّفر أربعاً، أيعيد أم لا؟ قَاْل: إن كان قُرئت عليه آية التَّقصير، وفسّرت له، فصلّى أربعاً أعاد، وإن لم يكن قُرئت عليه، ولم يعلمها، فلا إعادة عليه®(1).

وهذا يكشف عن أنَّ موضوع وجوب القصرمقيّدٌ بالعلم به.

قلتُ: إنَّ عدم وجوب الإعادة في المثالين السّابقَيْن لا يلزمه كون الحكم مختصًّا بالعالم، بل يكون من باب جعل البدل المُفوِّت لبقيّة المصلحة، فيكون تصرُّف الشَّارع في مرحلة الإطاعة تسهيلاً منه، كتصرُّفه في موارد الشَّكّ التي تجري فيها قاعدة التَّجاوز أو الفراغ مع العلم بدخول المشكوك فيه شطراً أو شرطاً وحكم العقل بلزوم العلم بإتيانه في تحقُّق الامتثال لولا حكم الشَّارع بالإجزاء.

والنَّتيجة في نهاية المطاف: أنَّ ظواهر الأدلَّة الدَّالّة على وجوب الإمساك عن الأشياء المذكورة كون الإمساك من حيث هو معتبراً في ماهية الصَّوم الشَّرعيّ، وأنَّه يبطل بارتكاب شيءٍ منها، ولا يصحّ تقييد ذلك بالعلم به، إلَّا أن يدّل دليل شرعيّ عليه، كما في المثالَيْن السّابقَيْن، فيتكلف في توجيهه بما عرفت، والله العالم.

وقدِ استدلّ أيضاً: بإطلاقات الأوامر الواردة بالقضاء عند تناول شيء من المفطِّرات، فإنَّ مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين العالم والجاهل بقسميه.

وأمَّا القول الثاَّني -أي أنَّه ليس على الجاهل القضاء-: فقدِ استدلّ له بروايتَيْن:

الأولى: موثَّقة أبي بصير وزُرارة ©قالا جميعاً: سألنا أبا جعفر عليه‌السلام عن رجلٍ أتى أهله في شهر رمضان، وأتى أهله، وهو مُحرِم، وهو لا يرى إلَّا أنَّ ذلك حلالٌ له؟ قَاْل: ليس عليه شيءٌ®(2).

فإنَّها مطلقةٌ تشمل الجاهل القاصر والمُقصِّر.

كما أنَّها بإطلاقها تنفي القضاء والكفَّارة، أي لا شيء عليه من القضاء والكفَّارة.

الثَّانية: صحيحة عبد الصَّمد الواردة في مَنْ لبس قميصاً حال الإحرام جاهلاً، حيث ورد فيها ©وأيُّ رجلٍ ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه®(3).

وهي مثل المُوثَّقة من حيث الإطلاق، وقد ذكرناها بالتَّفصيل في كتاب الحجّ والعُمْدة هي الموثَّقة، وحَمْلها على الجاهل القاصر خلاف الظَّاهر، كما أنَّ حَمْلها على نفي خُصوص الكفَّارة، خلاف الظَّاهر أيضاً.

____________________

(1) الوسائل باب17 من أبواب صلاة المسافر ح4.

(2) الوسائل باب9 من أبواب ما يمسك عنه الصَّائم ح12.

(3) الوسائل باب45 من أبواب تروك الإحرام ح3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo