< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: مُفسِداتُ الصَّوم

 

وتدلّ عليه أيضاً: حسنة زرارة ومحمد بن مسلم ©قالا: قال أبو عبد الله عليه‌السلام: أيّما رجل كان له مالٌ، وحال عليه الحول، فإنّه يزكّيه، قلتُ له: فإن وهبه قبل حلّه بشهر أو بيوم؟ قَاْل: ليس عليه شيءٌ أبداً، قَاْل: وقال زُرارة عنه: إنّه قال: إنّما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوماً في إقامته، ثمَّ خرج في آخر النَّهار في سفر، فأراد بسفره ذلك إبطال الكفَّارة الَّتي وجبت عليه، وقَاْل: إنّه حين رأى هلال الثَّاني عشر وجبت عليه الزَّكاة، ولكنّه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز، ولم يكن عليه شيء، بمنزلة من خرج ثمَّ أفطر...®(4).

حيث شبَّه (عليه‌السَّلام) من حال على ماله الحول فوجبت فيه الزَّكاة فلا تسقط حينئذٍ بهبة المال بعدما حال عليه الحول: بمَنْ أفطر في شهر رمضان فوجبت عليه الكفَّارة، ثمَّ سافر آخر النَّهار، فكما أنَّ السَّفر اللَاحق لا يُؤثِّر في سُقوط الكفَّارة السَّابقة، فكذلك مَنْ وجبت عليه الزَّكاة بعد حولان الحول على ماله فلا تسقط الزَّكاة بهبة المال بعد ذلك.

ومنه تعرف، أنَّ اسم الإشارة في قوله (عليه‌السَّلام): ©إنَّما هذا بمنزلة ... ®، راجع إلى الصَّدر، أي الَّذي حال الحول على ماله بقرينة قوله (عليه‌السَّلام): ©وجبت عليه®.

مضافاً إلى أنَّه هو موضع البيان دون ما بعده الَّذي فرض فيه الهبة قبل حُلول السَّنة؛ لأنَّ هذا إنَّما ذُكِر حكمه عرضاً بعد السُّؤال عنه فليس مقصوداً إلَّا عرضاً.

نعم، قد يُستشكل في هذه الحسنة: بأنَّ موردها السَّفر بعد الزَّوال آخر النَّهار، ولا إشكال في عدم إسقاطه للكفَّارة؛ لأنَّ السَّفر بعد الزَّوال لا يمنع من بقاء وجوب الصَّوم، بخلاف السَّفر قبل الزَّوال، فإنَّه لو أفطر ثمَّ سافر بعد الزَّوال، فتأتي شُبهة أنَّه غير واجب الصَّوم عليه في علم الله تعالى فتسقط الكفَّارة.

ولكنَّك عرفت أنَّه لا فرق في عدم سُقوطها بين كون السَّفر بعد الزَّوال أو قبله، وبين كون العذر اضطراريًّا أو اختياريًّا، وبين كون الاختياريّ لأجل الفرار من الكفَّارة أم لا، والله العالم بحقائق أحكامه.

 

قوله: (والكفَّارة عِتْق رقبة أو صيام شهرَيْن متتابعَيْن أو إطعام ستِّيْن مسكيناً، وقال الحسن والمرتضى: مرتَّبة)

المعروف بين الأعلام أنَّ الكفارة في شهر رمضان مخيرةٌ بين عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً، بل عن الانتصار والغنية الإجماع عليه، وممَّنْ ذهب إلى ذلك أيضاً الشَّيخان، والسّيِّد المرتضى في أحد قولَيْه، وأبو الصَّلاح الحلبيّ، وابن إدريس، وصاحب المدارك، وصاحب الجواهر، والسّيِّد محسن الحكيم، والسّيِّد أبو القاسم الخُوئيّ (قدِّس سرُّهم)، وكثير من الأعلام المتأخِّرين ومتأخِّري المتأخِّرين، وهو الصَّحيح عندنا.

وبالمقابل، حُكي عن ابن أبي عقيل، والسّيِّد المرتضى في قوله الآخر، أنَّها مرتبة: العتق أوَّلًا، فإن لم يجد فالصِّيام، فإن لم يستطع فالإطعام.

وأمَّا القول الأوَّل -وهو المشهور بين الأعلام-: فتدلّ عليه جملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©في رجلٍ أفطر من شهر رمضان مُتعمِّداً يوماً واحداً من غير عُذْر، قَاْل: يعتق نسمةً، أو يصوم شهرَيْن متتابعَيْن، أو يطعم ستِّين مسكيناً، فإن لم يقدر تصدَّق بما يطيق®(2).

ومنها: موثقة سُماعة المرويَّة عن نوادر أحمد بن مُحمّد بن عيسى ©قَاْل: سألتُه عن رجلٍ أتى أهله في شهر رمضان مُتعمِّداً؟ قَاْل: عليه عِتْق رقبةٍ، أو إطعام ستِّين مسكيناً، أو صوم شهرَيْن متتابعَيْن، وقضاء ذلك اليوم، ومن أين له مثل ذلك اليوم؟!®(3).

ومضمرات سُماعة مقبولة، وهي موثَّقة أيضاً في التَّهذيب.

ومنها: رواية أبي بصير ©قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجلٍ وضع يده على شيءٍ من جسد امرأته فأدفق؟ فقال: كفَّارته أن يصوم شهرَيْن متتابعَيْن، أو يطعم ستِّين مسكيناً، أو يعتق رقبةً®(4).

ولكنَّها ضعيفة بعليّ بن أبي حمزة البطائنيّ، وعدم وثاقة القاسم بن مُحمّد الجوهريّ.

ومنها: موثَّقة سُماعة الأُخرى الواردة في المعتكف عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©قَاْل: سألتُه عن معتكفٍ واقع أهله؟ قَاْل: عليه ما على الَّذي أفطر يوماً من شهر رمضان مُتعمِّداً: عتق رقبةٍ، أو صيام شهرَيْن متتابعَيْن، أو إطعام ستِّين مسكيناً®(5).

_____________

(1) الوسائل باب12 من أبواب زكاة الذَّهب والفضَّة ح2.

(2)و(3) الوسائل باب8 من أبواب ما يُمسِك عنه الصَّائم ح1و13.

(4) الوسائل باب4 من أبواب ما يُمسِك عنه الصَّائم ح5.

(5) الوسائل باب6 من أبواب الاعتكاف ح5.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo