< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/08/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

قوله: (وإن أنزل كره بيع الولد)

ذهب جماعة من الأعلام، منهم المُصنِّف (رحمه الله) إلى أنَّه لو لم يعزل عنها لكره بيع ولدها.

وعن جماعة أخرى، منهم الشَّيخان والحلبيّان والشَّيخ الطُّوسيّ والدَّيلميّ، حُرمة البيع، بل ظاهر ابن زُهرة (رحمه الله) الإجماع على الحرمة.

أقول: لعلَّ مَنْ ذهب إلى الكراهة حمل النَّهي في موثَّقة إسحاق المُتقدِّمة على الكراهة.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّ النَّهي ظاهرٌ في الحرمة، والحمل على الكراهة يحتاج إلى القرينة، وهي مفقودة في البين.

وعليه، فالقول بالحرمة هو الأقوى.

قوله: (واستُحبّ عَزْل قسطٍ له من ماله)

ذكر جماعة من الأعلام، منهم المُصنِّف (رحمه الله) أنَّه يُستحبّ عَزْل قسطٍ من ماله له.

ولكنَّ الأقوى: هو الوجوب؛ وذلك لأنَّ ظاهر الأمر في موثَّقة إسحاق المُتقدِّمة ويجعل له شيئاً من ماله يعيش به...، هو الوجوب، ولا قرينة على الاستحباب.

قوله: (وكما يجب الاستبراء في البيع يجب في كلّ ملكٍ زائلٍ وحادثٍ بغيره من العقود بالسَّبي والإرث، وقصره ابن إدريس على البيع)

المعروف بين الأعلام عدم اختصاص الاستبراء بالبيع، بل كلُّ مَنْ ملك أمَةً بوجهٍ من وجوه التّملُّك، من بيع أو هبة أو إرث أو صُلح أو استرقاق، أو غير ذلك، وجب عليه الاستبراء قبل وطئها، وعن الخلاف الإجماع عليه.

وخالف في ذلك ابن إدريس (رحمه الله)، فخصَّه بالبيع دون غيره من الوجوه المُشار إليها.

قال العلَّامة (رحمه الله) في المختلف: قَاْل الشَّيخ في الخلاف: إذا ملك أمةً بابتياع أو هبة أو إرث أو استغنام لم يجز له وطؤها إلَّا بعد الاستبراء، وقال ابن إدريس: لا يجب في غير البيع؛ لأنَّ الَّذي رواه أصحابنا في تصانيفهم الخالية من فُروع المخالفين وقياساتهم ونطقت به أخبار الأئمَّة (عليهم السلام) أنَّ الاستبراء لا يجب إلَّا على البائع والمشتري، ولم يذكروا غيرهما، والأصل براءة الذِّمّة والتّمسُّك بقوله تعالى: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}، وهذه ملك يمين، والحقُّ ما قال الشَّيخ، لنا: إنَّ المقتضي لوجوب الاستبراء في صُورة البيع ثابتٌ في غيره، وهو العلم باستفراغ رحمها والاحتياط على الأنساب والتّحفُّظ من اختلاطها، وأيّ فرقٍ بين قوله: (بعتك)، وقوله: (وهبتك)، بحيث يُوجب الأوَّل الاستبراء دون الثَّاني، ولا يخفى ذلك على محصّل، وأسند النَّقل إلى كتاب الخلاف، ونسبه إلى أنَّه من فُروع المخالفين، ولعلَّه لم يقف في النِّهاية على باب السَّراري وملك الأيمان، فإنَّ الشَّيخ نصّ فيه على ذلك أيضاً، بل هو نفسه قال في هذا الباب: متى ملك الرَّجل جاريةً بأحد وجوه التَّمليكات من بيع أو هبة أو سبي، أو غير ذلك، لم يجز له وطؤها في قُبلها، إلَّا بعد أن يستبرئها، فلعلَّه بعد ذلك قد وقف على شيءٍ لم يقف عليه في الأوَّل حتَّى خرج من كونه فروع المخالفين، وبالجملة فهذا الرَّجل يخبط ولا يبالي أين يذهب، ويتجرّأ على شيخنا (قدس الله روحه) بما لا يجوز، انتهى كلام العلَّامة (رحمه الله) في المختلف.

والإنصاف: هو ما ذكره المشهور من عدم اختصاص الاستبراء بالبيع؛ وذلك لأنَّ البيع المذكور في الرِّوايات لا موضوعيَّة له، بل ذكره فيها إنَّما هو من باب المثال.

خُصوصاً في حسنة الحلبيّ أو صحيحته عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) في رجلٍ اشترى جاريةً لم يكن صاحبُها يطؤها يستبرّأ رحمها؟ قَاْل: نعم...[1]

ويدلّ على عدم الاختصاص أيضاً: رواية الحسن بن صالح المُتقدِّمة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) قال: نادى منادي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في النَّاس يوم أوطاس أنِ استبرؤوا سباياكم بحيضة[2]

وهي، وإن كان موردها السَّبيّ، إلَّا أنَّها تشمل غيره من باب عدم القول بالفصل.

ولكنَّ الَّذي يرد على هذه الرِّواية: أنَّها ضعيفة بعدم وثاقة الحسن بن صالح.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّ إغلاظ القول من العلامة (رحمه الله) لابن إدريس (رحمه الله) لا داعي له، ونسأل الله سبحانه وتعالى الرحمة لهما، ولجميع علمائنا الأبرار.

قوله: (وأوجب استبراء أمَة المرأة، ولم يكتفِ بأخبار البائع، وهو ضعيف)

تقدَّم الكلام سابقاً وبيّنا أنَّ ما ذكره ابن إدريس (رحمه الله) من وجوب استبراء أمة المرأة، ومن عدم الاكتفاء بإخبار البائع الثِّقة أنَّه استبرأها، ليس تامّا، فراجع، ولسنا بحاجة للإعادة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo