< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: بيع الحيوان

 

قوله: (ولا يجب وضعها عند عدل، وإن كانت حسناء، ولو شرط الوضع لزم، إلَّا أن يتفقا على غيره)

المعروف بين الأعلام أنَّ الجارية إذا تلفت في مُدّة الاستبراء كان التَّلف من مال البائع إذا لم يقبضها المشتري، وإلَّا كان منه، إلَّا أن يكون الخيار للمشتري فمن مال البائع وإن تحقّق القبض؛ وذلك للقاعدة المعروفة التَّلف في زمان الخيار ممَّن لا خيار له، كما أنَّه من المعلوم إذا تحقَّق القبض، ولم يكن خيار للمشتري، فيكون التَّلف منه هذا ما تقتضيه القاعدة.

وأمَّا ما ذهب إليه الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية، والشيخ (رحمه الله) المفيد في المقنعة، من أنَّه إذا اشترى جاريةً، وعزلها عند إنسان للاستبراء، كانت من مال البائع إذا هلكت في مُدّة الاستبراء، فمحمولٌ على عدم قبض المُشتري، وعلى عدم توكيل الإنسان -الَّذي عند الجارية- في القبض عن المُشتري، وإلَّا كان كلامهما في غير محلِّه.

 

قوله: (ولا يجب وضعها عند عدل، وإن كانت حسناء، ولو شرط الوضع لزم، إلَّا أن يتفقا على غيره)

المعروف بين الأعلام أنَّه لا يجب وضعها عند عدلٍ في استبراء المشتري، سواء كانت جميلةً أو قبيحةً؛ لإطلاق الأدلَّة.

كما أنَّ مقتضى الأصل عدم الوجوب، بل يجب تسليم إلى المشتري مع الطَّلب؛ لأنَّها ملكه.

هذا، وقد خالف من العامَّة مالك، حيث ذهب إلى عدم وجوب تسليم الجميلة، وإنَّما توضع على يد عدلٍ إلى تمام مُدّة الاستبراء؛ للحوق التُّهمة فيها.

ولا يخفى عليك بطلان ما ذهب إليه لمخالفته للقواعد المتَّفق عليها عندنا.

هذا كلُّه إذا لم يشترط وضعها عند عدل، وإلَّا لزم الالتزام بالشَّرط، وكذا لو اتّقفا على بقائها عند البائع مثلاً، فإنَّه يجوز بلا إشكال.

______________

(1) الوسائل باب17 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح1.

* أوطاس: وادٍ في ديار هوازن، فيه كانت وقعة حنين المعروفة.

 

***

 

قوله: (والنَّفقة على البائع مدَّة الاستبراء عند الشَّيخَيْن، والفاضل تارةً: يقول به بشرط الوضع عند عَدْلٍ، وتارةً: يقول: النَّفقة على المشتري؛ لأنَّها تابعةٌ للملك)

ذهب الشيخ (رحمه الله) في النِّهاية، والشَّيخ المفيد (رحمه الله) في المقنعة، وابن حمزة (رحمه الله) في الوسيلة، إلى أنَّ النَّفقة مُدّة الاستبراء على البائع.

وأمَّا العلَّامة (رحمه الله) ، فقد فصَّل، فإن كانت موضوعةً عند عدلٍ، فالنَّفقة على البائع، وإلَّا فعلى المشتري.

وأمَّا المُصنِّف (رحمه الله)، فيظهر منه أنَّه مُتردِّدٌ، حيث نقل الأقوال فقط، ولم يبدِ رأيه في المسألة.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّها على المشتري حتَّى لو وُضِعت عند عدل؛ لأنَّ النَّفقة تابعةٌ للملك، فلماذا تكون تكون على البائع؟! والله العالم.

قوله: (ولو وطأ المشتري في مدَّة الاستبراء عُزِّر، مع العلم بالتَّحريم)

المعروف بين الأعلام أنَّه لو وطأها المشتري في مُدَّة الاستبراء مع علمه بالتَّحريم، أثم وعُزِّر؛ لما هو المعلوم عندنا من أنَّ كلّ مُكلّفٍ ارتكب المعصية عالماً عامداً يُعزّره الحاكم الشَّرعيّ بحسب ما يراه من أنواع التَّعزير، وكمّيته.

هذا كلُّه إذا لم يكن المورد مُستوجباً للحدّ، وإلَّا كان عليه الحدّ.

قوله: (ويُلحق به الولد)

المعروف بين الأعلام أنَّه لو وطأها في مُدّة الاستبراء لحق به الولد؛ لأنَّها فراشه؛ إذ الولد للفراش، وهو الصَّحيح.

قوله: (وفي سُقوط الاستبراء حينئذٍ نظرٌ، من عدم الخُروج عن عُهدته، وانتفاء ثمرته؛ إذ لو ظهر ولدٌ يمكن تجدُّده لحق به)

قد عرفت أنَّه يجب على المشتري استبراؤها، فلو وطأها في مُدّة الاستبراء، فهل يسقط استبراؤها؟

ذكر جماعة من الأعلام أنَّ هناك إشكالاً في المسألة ينشأ من انتفاء الفائدة فيه، وانتفاء الحكمة المطلوبة في المقام -لأنَّه قدِ اختلط الماءان، وأُلحق به الولد الَّذي يمكن تجدُّده- ومن إطلاق الأمر بالاستبراء في المُدّة.

والإنصاف: هو عدم سُقوط الاستبراء؛ للإطلاق المزبور.

وأمَّا انتفاء الحكمة من الاستبراء، فلا يمنع من الأخذ بالإطلاق؛ لأنَّ الحكمة لا يجب اطِّرادها.

نعم، لو كان ما ذكر علّةً للحكم، لا حكمةً، لانتفى الحكم بانتفائها، والله العالم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo