< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/09/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مُفسِداتُ الصَّوم

 

قوله: (أو جلست المرأة في الماء)

المعروف بين الأعلام أنَّه يُكره للمرأة الجُلوس في الماء، وفي الجواهر: على المشهور بين الأصحاب نقلاً وتحصيلاً...[1]

وعن الحلبيّ (رحمه الله) وجوب القضاء عليها، وعن القاضي وابن زُهرة (رحمهما الله) وجوبه مع الكفّارة.

وقد يستدلّ للحلبيّ: بموثَّقة حنَّان بن سدير أنَّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عَنِ الصَّائم، يستنقع في الماء؟ قَاْل: لا بأس، ولكن لا ينغمس، والمرأة لا تستنقع في الماء؛ لأنَّها تحمل الماء بقبلها[2]

قال المحقق في المعتبر: و حنان المذكور واقفي، لكن روايته حسنة مشهورة، فيحمل على الكراهية كما اختاره الشيخان...[3]

أقول: نعم، تحمل على الكراهة، ولكن لا لأجل كون حنَّان واقفيًّا، بل لأجل قُصور الدَّلالة من جهة التَّعليل، فهذا يكشف عن كون ذلك مكروهاً.

مضافاً إلى عدم العلم بوصول الماء إلى الجوف، ولعلّ الاستنجاء أعظم منه، ومع ذلك لم يستشكل أحد في استنجاء النّساء.

فما ذهب إليه المعظم من عدم القضاء هو الصَّحيح.

وحكم المصنِّف (رحمه الله) في اللُّمعة بكراهة جُلوس المرأة والخُنثى في الماء، وقال: والظَّاهر أنَّ الحصى الممسوح كذلك....

ولعلَّه لمساواتهما لها في العلّة، أي قُرب المنفذ إلى الجوف.

وفيه: ما لا يخفى.

قوله: (أو أكرهها الزَّوج على الجُماع)

ذكرنا المسألة سابقاً عند الكلام عن تحمُّله للكفَّارة عنها.

وقد عرفت أنَّ مقتضى الإنصاف: هو الوجوب القضاء عليها، إلَّا إذا وصل الإكراه إلى حدّ سلب الاختيار عنها، ففي هذه الحالة لا يجب عليها لقضاء، فراجع.

قوله: (أو أمذى عن ملاعبة بغير قصدٍ)

ذهب ابن الجنيد (رحمه الله) إلى وجوب القضاء خاصَّة في صورة الإمذاء عن ملاعبة بغير قصدٍ، كما ذهب إلى وجوب القضاء والكفَّارة معاً في صُورة قصد الإمذاء.

وقد عرفت عدم وجوب شيءٍ في الحالتَيْن معاً.

قوله: (والأشبه: عدم القضاء في الجميع)

أي جميع فروض التِّسعة المذكورة في ذيل قوله: واختلف في وجوب القضاء....

وقد عرفت أنَّ الصحيح: عدم وجوب القضاء فيها، إلَّا في صُورة ما لو أكرهها الزَّوج على الجماع، فإنَّ الصَّحيح: هو وجوب القضاء عليها، إلَّا إذا وصل الإكراه إلى حدّ سلب الاختيار عنها، فلا يجب حينئذٍ، والله العالم بحقائق أحكامه.

قوله: (وتتكرَّر الكفَّارة بتكرّر الوطء مطلقاً، ويتغاير الأيام مطلقاً، ومع تخلّل التَّكفير على الأقرب، وفي تغاير الجنس قولان، أحوطهما: التَّكرر، ومع اتِّحاده لا تكرار قطعاً)

ذكر المُصنِّف (رحمه الله) أنَّ الكفَّارة تتكرّر بتكرُّر الوطء مطلقاً، سواء تغاير الأيام أو لا -كما لو كان في اليوم الواحد-، وسواء تخلّل التَّكفير -كما لو دفع الكفَّارة بعد الجماع الأوَّل، ثمَّ جامع مرّةً ثانيةً- أم لا.

وذكر أيضاً أنَّها تتكرَّر بتغاير الأيام مطلقاً، سواء كان الموجب للكفَّارة وطأً أم غيره، اتَّحد جنسه -كما لو أكل في اليوم الأوَّل، ثمَّ أكل في اليوم الثَّاني، ثمَّ أكل في اليوم الثَّالث- أو اختلف -كما لو أكل في اليوم الأوَّل، ثمَّ شرب الماء في اليوم الثَّاني، ثمَّ وطأ في اليوم الثَّالث، وهكذا- تخلَّل التَّكفير أم لم يتخلَّل.

وذكر أيضاً أنَّه تتكرَّر الكفَّارة على الأقرب مع تخلُّل التَّكفير وإنِ اتَّحد اليوم وجنس الموجب.

ثمَّ ذكر أنَّ في تكرُّرها لو تغاير الجنس -كما لو أكل ثمَّ شرب ثمَّ تقيّء مثلاً- واتَّحد اليوم، ولم يتخلَّل التَّكفير قولَيْن، أحوطهما: التّكرُّر.

ثمَّ ذكر (رحمه الله) أنَّه معَ اتِّحاد جنس الموجب المُتكرِّر في اليوم الواحد، مع عدم تخلُّل التَّكفير -كما لو أكل ثلاث مرّاتٍ في اليوم الواحد، ولم يدفع الكفَّارة بعد كُلّ أكل- لا تكرار في الكفَّارة قطعاً.

أقول: لا خلاف بين الأعلام في تكرّر الكفَّارة بتكرّر الموجب إذا كان في يومَيْن أو أزيد من غير فرقٍ بين تخلّل التَّكفير وعدمه، واتِّحاد جنس الموجب وعدمه، والوطء وغيره.

وفي الجواهر: إجماعاً منَّا بقسمَيْه....

أقول: يدلّ عليه -مضافاً للتَّسالم بينهم- إطلاق ما دلّ على وجوب الكفَّارة بالإفطار، ومن المعلوم صِدْق الإفطار هنا على الجميع.

هذا كلُّه إذا تكرَّر الموجب في يومَيْن أو أزيد، وأمَّا لو تكرَّر الموجب في اليوم الواحد، فهناك أقوال سبعة:

القول الأوَّل: أنَّها لا تكرّر مطلقًا.

ذهب إليه الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، وابن حمزة (رحمه الله) في الوسيلة، والمُحقِّق (رحمه الله) في المعتبر، والعلَّامة (رحمه الله) في المنتهى.

وقال المُحقِّق (رحمه الله) في الشَّرائع: وهو الأشبه، سواء كان من جنس واحد أو مختلفاً، واختاره أيضاً بعض الأعلام.

القول الثَّاني: أنَّها تتكرَّر بتكرُّر الموجب مطلقاً، كما عن المُحقِّق الثَّاني (رحمه الله)، ومال إليه الشَّهيد الثَّاني (رحمه الله).

القول الثَّالث: ما حكاه الشَّيخ (رحمه الله) عن ابن الجنيد (رحمه الله)، وهو التّكرُّر مع تخلُّل التَّكفير، وعدم التّكرُّر إن لم يتخلّل.

القول الرَّابع: قول السّيِّد (رحمه الله) بتكرُّرها مع تكرُّر الوطء، دون غير على الظَّاهر.

القول الخامس: قول المُصنِّف (رحمه الله) بالتّكرُّر مع تكرُّر الوطء، أو تغاير الجنس، أو تخلُّل التَّكفير، وعدم التّكرُّر في غير الوطء، مع اتِّحاد الجنس، وعدم تخلُّل التَّكفير.

القول السَّادس: قول العلَّامة (رحمه الله) في بعض كتبه بالتّكرُّر مع اختلاف جنس المفطر، والاتِّحاد مع اتّحاده.

القول السَّابع: قول العلَّامة (رحمه الله) في المختلف بالتّكرُّر مع تغاير الجنس مطلقاً، وتتكرَّر أيضاً مع اتِّحاد الجنس، وتخلُّل التَّكفير، وعدم التّكرُّر مع اتِّحاده، وعدم التّخلُّل.

وهناك قول ثامن: وهو التّكرُّر مع تكرُّر الوطء، ويُلحق به الاستمناء، وعدم التّكرُّر في غيره.

ذهب إليه السّيِّد أبو القاسم الخُوئيّ (رحمه الله)، وجملة من طلابه الأحياء منهم والأموات، وهو الصَّحيح عندنا، كما سيتَّضح لك -إن شاء الله تعالى-.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo