< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/09/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

 

قوله: (وفي رواية كليب: إطلاق الصِّحّة إذا اغتسل، وتحمل على المُعيّن أو النَّدب؛ للنَّهي عن قضاء الجُنب في رواية ابن سنان)

قال المصنف (رحمه الله): وفي رواية كليب إطلاق الصحة إذا اغتسل، قال: وتحمل على المُعيَّن أو الندب.

ومراده بإطلاق الصحة، أي بالنسبة للواجب المُعيَّن والموسع والندب.

أقول: ذكر جميع الأعلام أنَّه لا يوجد لكليب هنا رواية بهذا المعنى.

نعم، ما أسنده إلى رواية كليب هو مضمون رواية ابن بكير الثانية عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) قال: سُئل عن رجل طلعت عليه الشمس، وهو جنب، ثمَّ أراد الصيام بعد ما اغتسل، ومضى ما مضى من النَّهار؟ قال: يصوم إن شاء، وهو بالخيار إلى نصف النَّهار(3)، وهي ضعيفة بجهالة أبي عبد الله الرازي.

ثمَّ إنَّه مع قطع النظر عن ضعيفة السند، فهي مطلقة تشمل جميع أفراد الصَّوم.

وقد ذكر المُصنِّف (رحمه الله) أنَّها -أي رواية كليب، والتي هي مضمون رواية ابن بكير الثانية- تحمل على المُعيَّن، أو الندب؛ للنهي عن قضاء الجنب في رواية ابن سنان.

أقول: هي تشمل جميع أفراد الصَّوم الواجب المُعيَّن، والمندوب، والواجب غير المعيّن، إلَّا قضاء شهر رمضان، فقد عرفت أنَّه لا يصح الصَّوم فيه إذا أصبح جنباً؛ وذلك لصحيحتي عبد الله بن سنان المتقدمتين، والله العالم بحقائق أحكامه.

__________________

(1)و(2)و(3) الوسائل باب20 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح2و1و3.

    

قوله: (ولو احتلم نهاراً لم يفسد مطلقاً)

المعروف بين الأعلام أنَّه لو احتلم الصائم نهاراً لم يفسد صومه مطلقاً ندباً كان أو واجباً معيناً، أم موسعاً.

وفي المدارك: هذا قول علمائنا أجمع قاله في التذكرة، وقال في المنتهى: لو احتلم نهاراً في رمضان نائماً أو من غير قصد لم يفسد صومه، ويجوز له تأخير الغسل، ولا نعلم فيه خلافاً....

وفي الجواهر: بلا خلاف، بل الإجماع بقسميه عليه من غير فرق بين أقسام الصوم....

يدل عليه -مضافاً للتسالم بين الأعلام- جملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) قال: ثلاثة لا يفطرن الصائم القيء، والاحتلام، والحجامة(1).

ومنها: موثَّقة ابن بكير -في حديث- قال: سألت أبا عبد الله (عليه السَّلام) عن الرجل يحتلم بالنهار في شهر رمضان يتم صومه كما هو؟ فقال: لا بأس(2).

ومنها: صحيحة العيص بن القاسم أنَّه سأل أبا عبد الله (عليه السَّلام) عن الرجل ينام في شهر رمضان ، فيحتلم، ثمَّ يستيقظ، ثمَّ ينام قبل أن يغتسل؟ قال: لا بأس(3).

ثمَّ اعلم أنَّه لا يجب عليه المبادرة إلى الغسل، وفي المنتهى: لا أعلم فيه خلافاً....

نعم، يظهر من رواية إبراهيم بن عبد الحميد المُتقدِّمة وجوب المبادرة إلى الغسل، وهذه الرِّواية رواها عن بعض مواليه قال: سألته عن احتلام الصائم؟ قال: فقال: إذا احتلم نهاراً في شهر رمضان، فلا ينام حتَّى يغتسل...(4).

ولكنَّها ضعيفة بالإرسال، وبالإضمار لو قطعنا النظر عن ضعف سندها، وعن مخالفتها الفتاوى الأعلام، فإنَّها تحمل على الكراهة.

قوله: (ولو نسي الغسل، فالوجه وجوب قضاء الصَّوم، كالصلاة)

إذا نسي غسل الجنابة في شهر رمضان حتى مر عليه الشهر كله أو أيام منه، فالمعروف بين الأعلام أنه يجب عليه قضاء الصلاة والصوم.

ووافقه المحقق (رحمه الله) في الشرائع والنافع، وقال: إنَّه أشبه

أقول: ما ذهب إليه المشهور من وجوب القضاء، فقد استدل لهم بجملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة الحلبي ©قال: سئل أبو عبد الله (عليه السَّلام) عن رجل أجنب في شهر رمضان، فنسي أن يغتسل حتَّى خرج شهر رمضان؟ قال: عليه أن يقضي الصَّلاة والصيام ®(5).

_________________________

(1)و(2)و(3)و(4) الوسائل باب35 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح1و2و3و5.

(5) الوسائل باب30 من أبواب من يصح منه الصَّوم ح3.

ومنها: رواية إبراهيم بن ميمون ©قال: سألت أبا عبد الله (عليه السَّلام) عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان، ثمَّ ينسى أن يغتسل حتَّى يمضي لذلك جمعة، أو يخرج شهر رمضان، قال: عليه قضاء الصَّلاة والصَّوم ®(1)، وهي ضعيفة بعدم وثاقة إبراهيم بن ميمون.

ومنها: مرسلة الشيخ الصدوق (رحمه الله) في الفقيه ©قال: وروي في خبر آخر أنَّ من جامع في أول شهر رمضان، ثمَّ نسي الغسل حتَّى خرج شهر رمضان أنَّ عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه، إلَّا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنَّه يقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم، ولا يقضي ما بعد ذلك®(2)، وهي ضعيفة بالإرسال.

ويفهم من هذه المرسلة صحة تداخل الأغسال، ولو كان المنوي هو المندوب، وهو الصحيح عندنا، وذكرنا ذلك في محله، فراجع.

والخلاصة: أنَّ العمدة في المقام هي صحيحة الحلبي.

وأمَّا من ذهب إلى عدم وجوب قضاء الصَّوم ، فقد يستدل لهم ببعض الأدلة:

منها: ما ذكره ابن إدريس (رحمه الله) ، وهو أنَّ الأصل براءة الذِّمّة من القضاء، وقد عرفت في أكثر من مناسبة أنَّ ابن إدريس (رحمه الله) لا يعمل بالخبر الواحد، والروايات المُتقدِّمة بما أنَّها من أخبار الآحاد، فيجب طرحها.

وفيه: ما عرفت من عدم صحة هذا الكلام.

ومنه، تعرف عدم صحة الاستدلال بالأصل مع وجود الدليل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo