< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

 

قوله: (وروى الحلبيّ في مشتري دابّةٍ يقول لآخر: انقد عنِّي والرِّبح بيننا، يشتركان إذا نقد)*

هذه الرِّواية صحيحة، رواها الحلبيّ عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *©في رجل اشترى دابّةً، ولم يكن عنده ثمنها، فأتى رجلاً من أصحابه، فقال: يا فلان، انقد عنِّي والرِّبح بيني وبينك، فنقد عنه، فنفقت الدَّابّة، قال: الثَّمن عليهما؛ لأنَّه لو كان ربح كان بينهما®(1).*

 

وروى نحوها مُحمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السَّلام) *©قَاْل: سألتُه عن الرَّجل يشتري الدَّابّة، وليس عنده نقدها، فأتى رجلٌ من أصحابه، فقال: يا فلان! انقد عنِّي ثمن هذه الدَّابة والرِّبح بيني وبينك، فنقد عنه، فنفقت الدَّابّة؟ قَاْل: ثمنها عليهما؛ لأَنّه لو كان ربحٌ فيها لكان بينهما®(2).*

وهي موثَّقة، كما أنَّها ظاهرة في تحقُّق الشَّركة بعد الشِّراء، وبعد نقد الثَّمن عنه، ولم يذكر فيها الرُّجوع عليه بما نقد، إلَّا أن يعلم ذلك بقرائن حاليّة.

    

 

*قوله: (ولو تلف في موضع ضمان المشتري فهو منهما)*

المعروف بين الأعلام أنَّه لو تلف الحيوان الَّذي اشتُري على الوجه المزبور كان بينهما؛ لما عرفت من كونه مشتركاً بينهما.

قال الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية: ©ومن قال لغيره: اشترِ حيواناً بشركتي والرِّبح وبيني وبينك فاشتراه، ثمَّ هلك الحيوان كان الثَّمن بينهما، كما لو زاد في ثمنه كان أيضاً بينهما، على ما اشترطا عليه...®.

أقول: ويدلّ على ذلك أيضاً صحيحة الحلبيّ، وموثَّقة ابن مسلم المُتقدِّمتَيْن.

    

 

*قوله: (ولو أراد الشَّركة بأقلّ من النِّصف أو الأكثر اتُّبع)*

قد عرفت سابقاً أنَّ الظَّاهر من الشَّركة هو التَّساوي؛ باعتبار إرادة الشَّركة في كلّ جُزءٍ جُزءٍ منه، فيُحمل عليه الكلام، إلَّا أن ينصب قرينةً على إرادة الأقلّ والأكثر، فيتبع حينئذٍ، وهذا واضح.

    

 

قوله: (فلو تنازعا في القدر، فإن كان في الإرادة حلف الآخر)

لأنَّ الأصل عدم إرادة الشَّركة بالأقلّ من النِّصف أو الأكثر، فإذا ادَّعى المأمور إرادة الشَّركة بذلك، ولا بيّنة، فإنَّ الآمر المنكر لذلك عليه الحلف.

    

 

قوله: (وإن كان في نيّة الوكيل حلف الوكيل إنْ نقص عمَّا يدَّعيه المُوكّل)

إن كان النِّزاع فيما نواه الوكيل، فقد ذكر المُصنِّف (رحمه الله) أنَّ الوكيل يحلف إن نقص عمَّا يدَّعيه المُوكّل؛ لأنَّ المُوكّل في هذه الحالة يدَّعي الزِّيادة في الشَّركة فعليه البيّنة، فإذا لم تكن ببيّنة، فيحلف الوكيل المنكر للزِّيادة.

    

 

قوله: (وإن زعم المُوكِّل أنَّه اشترى له الثُّلث، فقال: النِّصف، احتمل ذلك؛ لأنَّه أعرف، وتقديم المُوكّل؛ لأنَّ الوكيل مُدّعي زيادة، والأصل عدمها)

إذا كان النِّزاع فيما نواه الوكيل، وقدِ ادَّعى المُوكّل أنَّ الوكيل اشترى له الثُّلث، وقال الوكيل: اشتريتُ لك النِّصف، وهذه الصُّورة عكس الصُّورة السَّابقة.

وقد ذكر المُصنِّف (رحمه الله) أنَّه يحتمل أنَّ الحلف على الوكيل أيضاً مثل الصُّورة السَّابقة إذا ادَّعى المُوكّل الزِّيادة.

وعلَّل المُصنِّف (رحمه الله) ذلك: بأنَّ الوكيل أعرف؛ لقاعدة حُجِّيّة قول مَنِ ادَّعى شيئاً لا يعلم إلَّا من قِبله.

ثمَّ قال المُصنِّف (رحمه الله): ©ويحتمل تقديم قول المُوكّل مع يمينه؛ لأنَّ الوكيل مُدّعى الزِّيادة والأصل عدمها، فكان عليه البيّنة، ومع عدمها يحلف المُوكّل®.

 

وقد أشكل جماعة من الأعلام على المُصنِّف (رحمه الله): بأنَّ المفروض في هذه الصُّورة هو الحلف على الوكيل أيضاً، كما في الصُّورة السَّابقة الَّتي ادُّعي فيها المُوكّل الزِّيادة؛ وذلك لقاعدة تصديق الوكيل، ولقاعدة حُجِّيّة قول مَنِ ادّعى شيئاً لا يعلم إلَّا من قِبله.

 

وفيه: أنَّه لم يثبت عندنا بدليل أنَّ كلّ مَنِ ادَّعى شيئاً لا يعلم إلَّا من قِبله يكون قوله حُجّةً.

 

نعم، ثبت ذلك في خُصوص المرأة الَّتي تدَّعي الحيض وانتهاء العِدّة، كما في حسنة زرارة عن أبي جعفر (عليه السَّلام) ©العِدّة، والحيض للنِّساء، إذا ادّعت صُدقت®، وتسرية ذلك إلى كلّ مَنِ ادّعى شيئاً لا يعلم إلَّا من قبله يكون قياساً.

 

وأمَّا قاعدة: تصديق الوكيل فيما قوله، فهي صحيحة؛ باعتبار أنَّ الوكيل: أمين، وليس على الأمين إلَّا اليمين.

 

وعليه، فيحلف الوكيل هنا كما يحلف في الصُّورة السابقة، والله العالم.

_______________

(1)و(2) الوسائل باب1 من كتاب الشَّركة ح2، وذيله.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo