< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

 

قوله: (ولا يُقبل رُجوعه)

المعروف بين الأعلام أنَّه لا يُقبل رُجوعه عن الإقرار السَّابق، وإن أقام بيّنة على ما رجع إليه من دعوى الحُريّة، لأنَّه كذَّبها بإقراره السَّابق، فلم تثبت حُجيّتها في هذا الحال.

هذا، إذا لم يذكر تأويلاً محتملاً لرجوعه.

وأمَّا لو ذكر تأويلاً محتملاً، كأن يقول: كنتُ أرى أنَّ رقيّة أحد الوالدَيْن يقضي برقيّة الولد، أو لم أعلم بانعتاق أحد أبويّ حال الانعقاد أو نحو ذلك، أمكن قبول البيّنة، كما صرَّح به جماعة في المقام، وغيره؛ لعموم دليل حُجيّتها، وارتفاع معارضة الإقرار لها يذكر الاحتمال المزبور الَّذي به ترجّح قبولها عليه، كما أنَّ الإقرار أرجح منها إذا لم يذكر.

ثمَّ لا يخفى أيضاً أنَّه لو اشترى عبداً صغيراً أو كبيراً ساكتاً حين الشِّراء والتَّعريض للبيع، فادَّعى الحرية، بعد ذلك لم تقبل منه، بل يحكم عليه بالرّقيّة؛ لأصالة صحّة فعل المسلم.

نعم، تقبل دعواه بالحُريّة هنا مع البّينة؛ لعدم تكذيبه إيّاها بالسَّابق، بل لا تقبل دعوى الحُرية بدونها إذا كان معرّضاً للبيع في الأسواق مشهوراً في الرّقيّة أو لا، حملاً للتّعريض -الَّذي هو فعل المسلم- على الصِّحّة، فلا تقبل دعوى الحُريّة منه، ولو كان قبل الشِّراء.

أقول: يدلّ على عدم قبول دعواه الحُريّة بدون بيّنة بعض الرِّوايات:

منها: صحيحة العيص بن القاسم عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: سألتُه عن مملوك ادَّعى أنَّه حُرٌّ، ولم يأتِ ببيّنة على ذلك، أشتريه؟ قَاْل: نعم)(1).

ومنها: رواية حمزة بن حمران (قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه‌السلام)، أدخل السُّوق وأُريد اشتري جاريةً، فتقول: إنِّي حُرّة، فقال: اِشترها، إلَّا أن يكون لها بيّنة)(2).

ولكنَّها ضعيفة بجهالة حمزة بن حمران، فالتَّعبير عنها بالصَّحيحة في غير محلِّه.

والخُلاصة: أنَّه متى كان للمسلم على آخر يد، وتصرُّف ملكٍ، أُخذ به حتَّى تقوم البيّنة على خلافه، وأصالة الحُريّة لا تعارض يد المسلم وتصرّفه، والله العالم.

قوله: (سواء كان المُقرّ مسلماً، أو كافراً لمسلم، أو كافراً)

المعروف بين الأعلام أنَّه لا فرق في قبول إقراره بين كون المُقرّ مسلماً أو كافراً، وسواء كان المُقرّ له مسلماً أو كافراً، ولا محذور فيما لو كان المقر مسلماً والمُقرّ له كافراً؛ لأنَّه إخبار عن ملك لا تمليك مبتدأ، فيُجبر حينئذٍ على بيعه، والله العالم.

***

قوله: (ولو أقرّ مالك العبد ببيعه، ثمَّ أنكر العبد البيع بعد موت البائع، لم يقبل منه، سواء كان عليه يدٌ أم لا)

يقع الكلام في أمرَيْن:

الأوَّل: ما لو أقرّ مالك العبد ببيعه، ثمَّ أنكر العبد البيع حال حياة البائع.

الثَّاني: ما لو أقرّ مالك العبد ببيعه، ثمَّ أنكر العبد البيع بعد موت البائع.

أمَّا الأمر الأوَّل: فإنَّ مالك العبد، وإن كان يملك بيعه، إلَّا أنَّ إقرار المالك بذلك، مع إنكار العبد للبيع، ليس نافذاً في المقام؛ لأنَّ قاعدة مَنْ ملك شيئاً ملك الإقرار به، وإن كانت متسالماً عليها بين جميع الفقهاء مع اختلافهم الشَّديد في موارد تطبيقها، إلَّا أنَّهم متّفقون عليها في بعض الموارد، إلَّا أنَّها دليل لبيّ يقتصر فيه على القدر المُتيقّن، ولم يعلم تمسُّكهم بهذه القاعدة في مثل هذا المورد الَّذي أنكره مَنْ يتعلق به الإقرار، ولا يوجد دليل لفظيّ يتمسّك به عند الشَّكّ.

وأمَّا الأمر الثَّاني: فإقرار مالك العبد ببيعه نافذٌ؛ لأنَّه صدر من أهله، ووقع في محلِّه، ولا ينفع إنكار العبد للبيع بعد ترتُّب الأثر عليه، فإنكاره بعد موت البائع لا أثر له، فقاعدة مَنْ ملك شيئاً ملك الإقرار به نافذة في المقام، والله العالم.

***

قوله: (ويملك غير الآدميّ من الحيوان بالاصطياد في الوحشيّ، ثمَّ التّولُّد، وباقي أسباب الملك)

هذا هو المعروف بين الأعلام، فإنَّه يملك الوحشيّ من الحيوان بالاصطياد، أو بأحد العقود النَّاقلة، أو بالتّولُّد.

***

 

قوله: (وبالاستغنام والمعاوضة والتّولُّد في غيره والإرث)

أمَّا غير الوحشيّ من الحيوان، فيملك بالاستغنام، أو بأحد العقود النَّاقلة، أو بالتّولُّد وبالإرث، وقد يتحقّق الملك بغير هذه الأمور، كالالتقاط للبعير في الجهد في غير الكلأ والماء، وشبهه.

____________________

(1)و(2) الوسائل باب5 من أبواب بيع الحيوان ح1و2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo