< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

قوله: (ويجوز النَّظر إلى وجه مَنْ يريد شرائها ومحاسنها، وهل له النَّظر إلى جسدها من تحت الثِّياب، وبل وإلى العورة، نظرٌ، أقربه مراعاة التَّحليل من المولى، وفي رواية أبي بصير: لا بأس أن ينظر إلى محاسنها ويمسّها، ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي له النَّظر إليه)

المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز النَّظر إلى وجه المملوكة إذا أراد شراءها، ويجوز النَّظر أيضاً إلى محاسنها، وهي مواضع الزِّينة، كالكفَّيْن والرِّجلَيْن والشَّعر، وإن لم يأذن المولى، سواء أراد شراءها لنفسه أو لغيره.

وفي الجواهر: ©بلا خلاف أجده فيه، بل في المسالك في باب النِّكاح أنَّ جواز النَّظر إلى الوجه والكفَّيْن والمحاسن والشَّعر موضع وفاقٍ؛ وإن لم يكن بإذن المولى صريحاً؛ لأنَّ عرضها للبيع قرينة الإذن في ذلك...®(1).

وذكر جماعة من الأعلام أنَّه لا تجوز الزِّيادة عن ذلك إلَّا بإذنه، ومع الإذن من المولى يكون تحليلاً يتبع ما دلّ عليه لفظه حتَّى العورة، فقد يحلّل له اللَّمس فقط، أو يحلّل له التَّقبيل، وقد يحلّل له الوطء، بأن يقول له: أحللت لك وطؤها، ويكون التَّحليل عقداً من المولى الأمة، ومَنْ يريد شراءها، فيملك مَنْ يريد شراءها الانتفاع، وليس له هو إباحة فقط.

وبالجملة، فهذه الأبحاث محلّها في باب نكاح الأمة.

هذا، وحُكي عن العلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة جواز النَّظر إلى ما دون العورة مع عدم الإذن، واستقربه صاحب الحدائق (رحمه الله)، وردّه جماعة كثيرة من الأعلام.

أمَّا المُصنِّف (رحمه الله)، فقد تردَّد في جواز النَّظر إلى ما دون العورة، بل وفي العورة، ثمَّ استقرب مراعاة التَّحليل من المولى.

أقول: لابُدّ من ذكر الرِّوايات الواردة في المقام، ثمَّ نرى ما هو المستفاد منها:

من جملة الرِّوايات: رواية أبي بصير ©قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عَنِ الرَّجل يعترض الأمة ليشتريها؟ قَاْل: لا بأس بأن ينظر إلى محاسنها، ويمسها، ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي النَّظر إليه®(2).

وقد دلَّت على جواز النَّظر إلى محاسنها، وجواز مسّها، ونهت عن النَّظر إلى ما لا ينبغي النَّظر إليه.

وهل المراد ممَّا لا ينبغي النَّظر إليه هو خُصوص العورة، أو ما دونها أيضاً، فهي مطلقة من هذه الجهة.

والَّذي يهوِّن الخطب: أنَّها ضعيفة بطريق الشَّيخ بعليّ بن أبي حمزة البطائنيّ، وضعيفة بطريق الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) بعليّ بن أبي حمزة البطائنيّ، وبعدم وثاقة القاسم بن مُحمّد.

ومنها: رواية حبيب بن المعلَّى الخثعميّ ©قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السَّلام): إنِّي اعترضتُ جواري المدينة، فأمذيت؟ فقال: أمَّا لِمَنْ يريد الشِّراء فليس به بأس، وأمَّا لِمَنْ لا يريد أن يشتري فإنِّي أكرهه®(3).

ويُستفاد من هذه الرِّواية جوان النَّظر مع التّلذُّذ، حيث قال: ©فأمذيت®، بل قد يدّعى لزوم التّلذُّذ للإباحة غالباً إذا كانت المنظورة من الجواري الحسان.

لكن صرّح ابن إدريس (رحمه الله) في السَّرائر بالحرمة حينئذٍ.

والَّذي يهوِّن الخطب: أنَّها ضعيفة؛ لأنَّ مُحمّد بن زياد الموجود في السَّند مشتركٌ بين عدَّة أشخاص، فيهم الثِّقة والضَّعيف والمجهول، كما أنَّ حبيب بن المعلّى الخثعميّ مجهول.

والظَّاهر أنَّه غير حبيب بن معلّل الخثعميّ الثِّقة.

ومنها: رواية الحارث بن عمران الجعفري عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©قال: لا أحبّ للرَّجل أن يقلب إلَّا جارية يريد شراءها®(4).

وما في الوسائل عن الحارث عن عمران الجعفريّ في غير محلِّه؛ إذِ المعنون هو الحارث بن عمران الجعفريّ الثِّقة، ولكنَّها ضعيفة لاشتراك أبي جعفر الموجود في السَّند بين جملة من الأشخاص، ولا مُميِّز في البين.

ويُستفاد منها جواز النَّظر إلى ما دون العورة، كما حُكي ذلك عن العلَّامة (رحمه الله).

وأمَّا النَّظر إلى العورة، فلا يجوز بالاتِّفاق إلَّا مع تحليل مولاها.

ومنها: معتبرة الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عليه السَّلام) ©أنَّه كان إذا أراد أن يشتري الجارية يكشف عن ساقيها، فينظر إليها®(5).
وهذه الرِّواية هي أصحّ ما وصل إلينا في هذا الباب، وفيها دلالة على جواز النَّظر إلى السَّاق زيادةً على ما ذكره الأعلام.

__________________

(1) الجواهر -ط إحياء التُّراث العربيّ، بيروت-: ج24، ص168.

(2) الوسائل باب20 من أبواب بيع الحيوان ح1.

***

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo