< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

 

أقول: إنَّ المسألة هنا ليست مبنيَّة على الأقوال في الحضانة؛ لأنَّ المشهور هناك أنَّ حضانة البنت للأمّ إلى سبع سنين، والذَّكر إلى سنتَيْن، بخلاف هنا، فالمشهور بينهم أنَّ الاستغناء يحصل ببلوغ سبع سنين من غير فرق بين الذَّكر والأُنثى، فكيف تكون المسألة هنا مبنيَّةً على الأقوال في الحضانة؟!

والإنصاف: أنَّ المدار على الاستغناء عرفاً بدون تحديد بسنة معيّنة؛ لأنَّ الأدلَّة مطلقة لا يوجد فيها تحديد أصلاً، والاستغناء المذكور في صحيحة عَمْرو بن أبي نصر مطلقٌ لم يُحدد بشيءٍ ©حيث قال (عليه السَّلام): إن كانت استغنت عن أبويها فلا بأس®.

وقد عرفت أنَّ بناء المسألة على الأقوال المذكورة في الحضانة ليس تامّاً، فلم يبقَ إلَّا الرُّجوع إلى العرف في تحقُّق الاستغناء، ولعلّ من أطلق التَّحديد بالاستغناء -كالمقنعة، والنِّهاية، والمراسم- مراده ما ذكرنا من الإيكال إلى العرف.

وأمَّا المشهور الَّذي ذهب إلى حصول الاستغناء بالسَّبع، من غير فرق بين الأُنثى والذكر، فلعلّ ذهابه إلى ذلك باعتبار حصول الاستغناء غالباً بالسبع، وإلَّا فلا وجه له، والله العالم.

الأمر الثَّالث: هل يختصّ النَّهي عن التَّفرقة بالولد مع الأمّ، أم يعمّ الأرحام المشاركة في الشَّفقة والاستيناس، كالأُخت والعمّة والخالة؟

ذهب جماعة من الأعلام إلى التَّعميم، منهم الشَّهيد الثَّاني، والمُحقِّق الثَّاني(رحمهما الله)، وصاحب الرِّياض (رحمه الله)، حيث قال: © الأصلح التَّعدية إلى غير الأمّ من الأرحام المشاركة لها في الاستيناس والشَّفقة، كالأب والأخ والأُخت والعمّة والخالة، وفاقاً للإسكافيّ وجماعة؛ لتصريح الصَّحيح الأوَّل والمُوثّق بمَنْ عدا الأخيرَيْن، وظُهور الحكم فيهما بعدم القائل بالفرق...®(1).

والشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط طرد الحكم في أمّ الأمّ، حيث قال: ©وكذلك لا يفرق بينه وبين الجدّة أم الأم؛ لأنَّها بمنزلة الأم في الحضانة، وأمَّا التَّفرقة بينه وبين الوالد فإنَّه جائزٌ؛ لأنَّ الأصل جوازه -إلى أن قال:- ومَنْ خرج عن عمود الوالدَيْن من فوق وأسفل، مثل الإخوة وأولادهم والأعمام وأولادهم لا يمنع من التَّفرقة...®(2).

وقال الشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في حاشية الإرشاد: ©ويتعدَّى الحكم إلى غير الأمّ من الأرحام...®(3).

أقول: هذا هو الإنصاف؛ لأنَّ ظاهر موثَّقة سماعة، وصحيحة عبد الله بن سنان هو التَّعدية إلى غير الأمّ من الأرحام، فيفهم منهما التَّعدية إلى الأرحام المشاركة للأمر في الشَّفقة والاستيناس، والله العالم.

الأمر الرَّابع: ظاهر جماعة من الأعلام عدم المنع من الرِّضا منهما بالتَّفرقة؛ وذلك لموثَّقة سماعة المُتقدِّمة، حيث علّق ذلك على إرادتهما.

وفي صحيحة عبد الله بن سنان المُتقدِّمة علَّق ذلك على طيب نفسهما، حيث ورد فيها ©فإن كانت له أمّ، فطابت نفسها ونفسه، فاشتره إن شئت®.

وعليه، فلابُدّ من مراعاة رضاهما معاً، فلا يكفي رضا الأم خاصّة مع فرض كون الولد ممَّنْ يتأذّى بفراقها.

الأمر الخامس: ذهب جماعة من الأعلام إلى فساد البيع على القول بالتَّحريم، وعن الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط في باب الجهاد أنَّ البيع صحيح، حيث قال: ©إنَّه جائز على الظَّاهر من المذهب، بل عنه في الخلاف أنَّه قوَّاه®.

والإنصاف: هو البطلان بناءً على القول بالتَّحريم -كما هو الصَّحيح عندنا-؛ وذلك لا لأنَّ النَّهي عن المعاملة يقتضي الفساد، بل لأنَّ ذلك هو الظَّاهر من صحيحة معاوية بن عمّار، وحسنة هشام بن الحكم، من حيث اشتمالها على الرَّدّ من غير رضا المتبايعَيْن، وكأنَّ الوجه في ذلك أنَّ تحريم التَّفرقة أخرجها عن صلاحيّة المعاوضة، والله العالم.

 

________________

(1) الرِّياض -ط آل البيت (عليهم السَّلام)، قم المُقدّسة-: ج9، ص87.

(2) المبسوط -ط المكتبة المرتضويّة، طهران-: ج2، ص21.

(3) حاشية الإرشاد -ط دفتر تبليغات إسلاميّ، قم المقدَّسة-: ج2، ص65.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo