< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/07/26

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المعاملات/کتاب البیع/بیع الحیوان

 

قوله: (ويجوز شراء سبي الظَّالم، وإن كان كلّه للإمام (عليه السَّلام)، في صُورة غزو السَّريّة بغير إذنه، أو فيه الخُمس، كما في غيرها، ولا فرق بين كون الظَّالم مسلماً أو كافراً)

المعروف بين الأعلام أنَّ ما يُؤخذ من دار الحرب، أو من أهل الحرب في غير دارهم بغير إذن الإمام (عليه السَّلام) من أموال وأعراض وأراض وأشجار وأَناسيّ، ونحو ذلك، بسرقة أو خيانة أو خدعة أو أسر أو قهر من غير جيش، أو غير ذلك، فهو لآخذه كالمأخوذ بإذنه؛ لإطلاق ما دل من الكتاب المجيد والسُّنّة النَّبويّة الشَّريفة على جواز اغتنام مال الكفّار وسبيهم، بل ظاهره كونهم وما في أيديهم من المباحات الَّتي يملكها مَنْ يحوزها ويُستولى عليها، وإنَّما يلزم فيه الخُمس، كسائر الغنائم.

كما أُشير إلى ذلك في صحيحة حفص بن البختريّ عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©قال: قال أبو عبد الله (عليه السَّلام): خُذْ مال النَّاصب حيثما وجدته، وادفع إلينا الخُمس®(1).

وأمَّا ما يُؤخذ منهم بغير إذن الإمام (عليه السَّلام) بقهر جيش أو سرية، فالمعروف بين الأعلام أنَّ كلّه للإمام (عليه السَّلام) خاصّة، لا للغانمين، ولا لغيرهم.

وقدِ استُدلّ لذلك بجملة من الأدلَّة ذكرناها في مبحث الخُمس:

منها: مرسلة العبَّاس الورَّاق عن رجل سمَّاه عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©قَاْل: إذا غزا قومٌ بغير إذن الإِمام، فغنموا، كانت الغنيمة كلُّها للإِمام، وإذا غزوا بأمر الإِمام فغنموا كان للإِمام الخُمس®(2).

وهي، وإن كانت واضحة الدَّلالة، إلَّا أنَّها ضعيفة بالإرسال، وبجهالة الحسن بن أحمد بن يسار، أو بشَّار.

كما أنَّك عرفت في أكثر من مناسبة أنَّ عمل المشهور لا يجبر ضعف السَّند.

وقدِ استُدلّ بأدلَّة أُخرى ذكرناها في أوائل مبحث الخُمس عند قول المُصنِّف (رحمه الله) ©إلَّا ما غنم بغير إذن الإمام فله®، فراجع، فإنَّه مهم.

وكانت النَّتيجة هناك: أنَّ ما ذهب إليه جملة من الأعلام من أنَّه لا فرق في وجوب خُمس الغنيمة بين ما كان بأمر الإمام (عليه السَّلام)، وما لم يكن بأمره، هو الصَّحيح.

وأنَّ ما ذكره المشهور من أنَّه إذا كان الغزو بغير إذن الإمام فالغنيمة للإمام (عليه السَّلام) ليس تامّاً.

ثمَّ إنَّه لو سلَّمنا أنَّ كلَّه للإمام (عليه السَّلام)، إلَّا أنَّه يجوز لخصوص الإماميّة تملّكه في حال الغيبة رُخصةً منهم (عليهم السَّلام) في ذلك؛ اتّفاقاً بين الأعلام، وللرِّوايات الدَّالّة على إباحتهم (عليهم السَّلام) ذلك للشِّيعة لتطيب ولادتهم.

وعلى كلّ حالٍ متى تملّكه الشِّيعيّ جاز لغيره تملّكه منه، ولو كان الغانم غير شيعيٍّ جاز الشِّراء منه والاتّهاب، ونحوهما من العقود المملكة، استنقاذاً لا شراءً حقيقيّاً -بناءً على أنَّهم غاصبون- والاستنقاذ هو رفع اليد العادية بعوض أو بدونه.

ولكنَّك عرفت أنَّه يصحّ الشِّراء منهم على ما ذهبنا إليه.

والخُلاصة: أنَّه يجوز الشِّراء من السَّابي الظَّالم، سواء كان الظَّالم مسلماً أو كافراً، وله حينئذٍ وطء الأمَة المُغتنمة إذا تملّكها باغتنام أو شراء من المغتنم، والله العالم.

***

 

قوله: (ولوِ اشترى حربيّاً من مثله جاز)

المعروف بين الأعلام أنَّ كلَّ حربيٍ قهر حربيّاً فباعه صحَّ بيعه؛ لأنَّ القاهر مالك المقهور بقهره إيَّاه، فيصحّ بيعه له؛ وذلك للاتِّفاق بين الأعلام على كون الاستيلاء من بعضهم على بعض مُملّكاً كاستيلاء المسلم.

***

 

قوله: (ولو كان ممَّنْ ينعتق عليه، قيل: كان استنقاذاً؛ حذراً من الدُّور لو كان شراءً)

ذكر جماعة من الأعلام أنَّه يجوز أن يشتري من الكافر الحربيّ بنته وأخته وزوجته.

وقدِ استُدلّ لذلك بروايتَيْن:

الأُولى: رواية عبد الله اللَّحام ©قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه السَّلام) عن رجلٍ يشتري من رجلٍ من أهل الشِّرك ابنته، فيتّخذها؟ قال: لا بأس®(3).

ولكنَّها ضعيفة بجهالة عبد الله اللَّحام.

الثَّانية: روايته أيضاً ©قال: سألت أبا عبد الله (عليه السَّلام) عن رجلٍ يشتري امرأة رجلٍ من أهل الشِّرك يتّخذها؟ قَاْل: فقال: لا بأس®(4)، وهي ضعيفة أيضاً بعبد الله اللَّحام.

وقد عرفت أنَّ كلّ حربيٍّ قهر حربيّاً فباعه صحّ بيعه؛ لأنَّ القاهر مالك المقهور بقهره إيّاه.

نعم، هذا كلُّه فيمَنْ لا ينعتق عليه، كالزَّوجة، ونحوها.

وأمَّا لو كان ممَّنْ ينعتق عليه، كالبيت، ونحوها، فقدِ استشكل في صحة البيع.

وجه الإشكال عند المُصنِّف (رحمه الله): هو لُزوم الدَّور، ولعلّ مراده من الدَّور هو توقُّف دوام الملكيّة على عدم حُصول العِتق، وعدم حُصول العِتق يتوقَّف على دوام الملكيّة وبقائها؛ لأنَّه لو لم نقل بدوام الملك لحصل العِتق.

وأمَّا العلَّامة (رحمه الله)، فقدِ استشكل في صحَّة البيع من حيث أنَّ دوام القهر مبطلٌ للعتق لو فرض، ودوام القرابة رافعة للملك بالقهر.

ثمَّ قال: ©والتَّحقيق صرف البيع إلى الاستنقاذ، وثُبوت ملك المشتري بالتَّسلط...®.

والمراد بالاستنقاذ هو رفع اليد العاديّة بعوض أو بغيره.

وتوضيح إشكال العلَّامة (رحمه الله): هو أنَّ قهر الحربيّ من ينعتق عليه يُوجب تملّكه في أوَّل زمان القهر؛ لأنَّ قهر الحربيّ يقتضي الملك، لكنَّه ينعتق عليه حينئذٍ للقرابة؛ باعتبار أنَّ القرابة تقتضي العِتق، وإذا انعتق صلح للتّملك ثانياً بالقهر، والقهر حاصل بالاستدامة الَّتي هي أقوى من الابتداء، فيتحقّق الملك، وهو يُوجب العِتق ثانياً للقراءة الدَّائمة، واللَّازمة من ذلك تعاقب العِتق، والملك في جميع الآنات الَّتي يتحقّق فيها القهر.

ومن ذلك يتّضح لك الإشكال في صحَّة البيع؛ إذ لا يوجد وقت يستقرّ فيه الملك على وجه يمكن فيه البيع.

وبالجملة، لا يوجد بيع حقيقةً؛ لأنَّ شرطه الملك، وملك البائع هنا غير معلومٍ وغير مُتحقّقٍ.

وعليه، فيكون بيعه وتسليطه لغيره عليه استنقاذاً، لا بيعاً حقيقة؛ لعدم تحقُّق شرط البيع الَّذي هو ملك البائع حالة البيع.

______________

(1) الوسائل باب2 من أبواب ما يجب فيه الخمس ح6.

(2) الوسائل باب1 من أبواب الأنفال ح16.

(3)و(4) الوسائل باب3 من أبواب بيع الحيوان ح2و3.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo