< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المعاملات/کتاب البیع/بیع الحیوان

 

قوله: (ولا يلحق به أحكام البيع بالنسبة إلى المشتري)

ثمَّ إنَّه بناءً على ما ذكرناه من عدم صحَّة البيع، فلا يلحقه حينئذٍ أحكام البيع بالنِّسبة إلى المشتري من الرَّدّ بالخيار، وأخذ الأرش، ونحوها؛ لأنَّه إنَّما ملكه بالتَّسلط عليه بعد الاستنقاذ.

وأمَّا البائع، فهل تلحقه أحكام البيع يظهر من المُصنِّف (رحمه الله) ذلك؛ لأنَّه قال: ولا يُلحق به أحكام البيع بالنِّسبة إلى المشتري، فيظهر منه أنَّه لا بأس بإلحاقها بالنِّسبة للبائع.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّه في غير محلِّه؛ لأنَّه بعد حُكمه بالاستنقاذ لا معنى لذلك؛ لأنَّه عقد واحد، ولا يمكن أن يكون بيعاً حقيقيّاً بالنِّسبة إلى البائع، وغير بيعٍ بالنِّسبة إلى المشتري.

والخُلاصة: أنَّ مقتضى ما ذكرناه من كون ذلك استنقاذاً لا بيعاً حقيقيّاً هو عدم تحقُّق بيعٍ شرعيٍّ، لا بالنِّسبة إلى البائع، ولا إلى المشتري، فأحكام البيع لا تلحقهما، والله العالم.

 

قوله: (وروى ابن بكير: تسميته شراءً)

الذي روى هو عبد الله اللَّحام.

نعم، ابن بكير روى عن عبد الله اللَّحام.

ومهما يكن، فإنَّ تسميته شراءً يُحمل على المجاز.

 

قوله: (وإذا هلك الرِّقّ في الثَّلاثة، فمن مال البائع إذا لم يُحدِث فيه المشتري حَدَثاً)

المعروف بين الأعلام أنَّه إذا تلف الحيوان قبل مضيّ ثلاثة أيامٍ، فإنَّه مضمون على البائع، ما لم يكن الحدث من المشتري، بل هو متسالم عليه بينهم؛ إذ لا خلاف في أنَّ التَّلف في زمن الخيار ممَّنْ لا خيار له.

وقد يُستدلّ أيضاً: برواية زُرارة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) قَاْل: إنْ حدث بالحيوان قبل ثلاثة أيامٍ فهو من مال البائع

وهي ضعيفة بجهالة الحسن بن عليّ بن رباطٍ إذا كان الرَّاوي عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) هو زُرارة، وإن كان الرَّاوي ابن رباط فهي ضعيفة به وبالإرسال، كما في التَّهذيب.

وأمَّا إذا كان الحدث من المشتري، فالتَّلف من ماله لا من مال البائع؛ لأنَّ الحدث من المشتري في زمان الخيار مُسقطٌ له فلا خيار له، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-

 

قوله: (والقول قوله بيمينه في عدم الحدث)

لأنَّ الأصل معه، فالبائع يدَّعي أنَّ المشتري أحدث في الحيوان، والمشتري منكر، فعلى البائع الإثبات، فإن لم يكن له بينةٌ فيحلف المنكر على عدم الحدث، كما هو المُقرر في مبحث القضاء.

 

قوله: (وفي رواية الحسن بن زيد عن الصَّادق(عليه السلام) (عليه السَّلام) عن النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) يحلف على عدم الرِّضا به، ويضمن البائع)

روى الحسن بن زيد بن عليٍّ بن الحسين عن جعفر بن مُحمّد (عليه السَّلام) قَاْل: قَاْل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في رجلٍ اشترى عبداً بشرط ثلاثة أيامٍ، فمات العبد في الشَّرط، قَاْل: يستحلف بالله ما رضيه، ثمَّ هو بريء من الضَّمان[1] ، وهي ضعيفة بجملة من المجاهيل.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّ المشتري له الخيار في الأيام الثَّلاثة بعد البيع، اشترط أم لم يشترط، وهي واضحة في أنَّه إذا حلف على عدم الرِّضا بالبيع في الأيام الثَّلاثة يكون الضَّمان على البائع.

ويُفهم منها -كما ذكره المُصنِّف (رحمه الله) (رحمه الله) – أنَّ الرِّضا بالبيع في الأيام الثَّلاثة يُسقط خيار الفسخ، وسيأتي الكلام بالتَّفصيل -إن شاء الله تعالى- عن أنَّ مجرّد الرِّضا بالبيع يسقط الخيار أم لا.

والَّذي يهوِّن الخطب: أنَّ الرِّواية ضعيفةٌ، كما أشرنا إليه.

 

قوله: (وفيها دلالة على أنَّه لو رضي به كان من ماله، وربَّما كان ذلك لأنَّ الرِّضا يسقط الخيار وإن لم يتلفّظ به، ولا يعلم ذلك إلَّا منه، فمن ثمَّ توجَّهت اليمين)

كما تقدّم.

قوله: (وقد يعلم منها سُماع دعوى التُّهمة، وأنكره المُحقِّق في النّكت، وضعَّف طريق الرِّواية، قلتُ: لأنَّ في رجاله مجاهيل، وقد ذكره في التَّهذيب)

قال المُحقِّق (رحمه الله) في نكت النِّهاية تعليقاً على قول الشَّيخ (رحمه الله) فيها «ومتى اشترى الإنسان حيواناً فهلك في مُدَّة الثَّلاثة أيام كان لصاحبه أن يحلفه بالله أنَّه ما كان أحدث فيه حدثاً»، كيف وجّه عليه اليمين هنا، والمُدّعي على غير يقينٍ من دعواه؟ والجواب: حقّ أنَّ الدَّعوى لا تسمع إلَّا جازمة، واليمين لا تتوجّه إلَّا كذلك، لا مع التّوهُّم، والشَّيخ ربَّما يكون تعويله على ما رواه مُحمّد بن أحمد بن يحيى عن أبي إسحاق عن الحسن بن الحسن الفارسيّ عن عبد الله بن الحسن بن زيد بن عليّ بن الحسين (عليه السلام) عن أبيه الحسن عن جعفر بن مُحمّد (عليه السلام) -ثمَّ ذكر الرِّواية، وقال:- وفي طريق هذه الرِّواية ضعف...[2]

أقول: ما ذكره المحقق من عدم سماع الدعوى إلَّا مع الجزم هو الصحيح.

وأمَّا الدَّعوى إذا كانت على نحو الاتِّهام والظَّنّ، فغير مسموعةٍ، والرِّوايةُ، وإن كان يظهر منها سماع الدَّعوى إذا كانت على نحو الاتِّهام، إلَّا أنَّك عرفت أنَّها ضعيفةٌ لا يُعمل بها، لاسيَّما مع مخالفتها للقواعد.


[2] نكت النِّهاية، ط جماعة المُدرّسين، ج2، ص202.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo