< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/08/09

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المعاملات/کتاب البیع/بیع الحیوان

 

الأمر الثَّالث: المعروف بين الأعلام أنَّه يسقط استبراؤها بالعلم ببراءة الرَّحم، كما أنَّه يسقط إذا أخبر الثِّقة أنَّه استبرأها، أو لم يطأها على المشهور بين الأعلام شهرةً عظيمةً، خلافاً لابن إدريس (رحمه الله)، وتبعه فخر المُحقِّقين (رحمه الله) في شرح القواعد، فأوجبا الاستبراء، وإن كان المُخبِر ثقةً.

وأمَّا ما ذهب إليه المشهور، فتدلّ عليه: جملة من الرِّوايات بلغت حدّ الاستفاضة:

منها: حسنة حفص بن البختريّ عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©في الرَّجل يشتري الأَمَةَ من رجلٍ، فيقول: إنِّي لم أطأها، فقال: إنْ وثَّق به فلا بأس أن يأتيها...®(1).

ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان المُتقدِّمة، حيث ورد فيها: ©وزعم صاحبها أنَّه لم يطأها منذ طهرت، فقال: إنْ كان عندك أميناً فمسّها®(2).

ومنها: صحيحة أبي بصير ©قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه‌السلام): الرَّجل يشتري الجارية، وهي طاهرٌ، ويزعم صاحبها أنَّه لم يمسّها منذ حاضت، فقال: إنِ ائتمنته فمسّها®(3).

والمراد من شعيب الموجود في السَّند هو العقرقوفيّ الثِّقة، والمراد بقوله: ©إنِ ائتمنه®، أي إن وثقت به.

ومنها: مرسلة الشَّيخ المفيد (رحمه الله) في المقنعة ©أنّه لا بأس أن يطأ الجارية من غير استبراء لها إذا كان بائعها قد أخبره باستبرائها، وكان صادقاً في ظاهره مأموناً®(4)، وهي ضعيفة بالإرسال.

وبهذه الرِّوايات نُقيِّد الرِّوايات المطلقة.

وأمَّا ما عن ابن إدريس (رحمه الله)، فليس تامّاً، حيث استند إلى بعض الرِّوايات، منها ما هو ضعيفة السَّند، ومنها ما هو ضعيفة الدَّلالة، ومنها ما هو مخالف للمتَّفق عليه بين الأعلام.

وأمَّا ما في رواية عبد الله بن سنان ©قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه‌السلام): أشتري الجارية مِنَ الرَّجل المأمون، فيخبرني أنَّه لم يمسّها منذ طمثت عنده وطهرت، قَاْل: ليس جائزاً أن تأتيَها حتَّى تستبرئها بحيضة...®(5).

ففيه أوَّلاً: أنَّه ضعيف جدّاً، ففي إسناد الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) إلى عبد الله بن القاسم جملةٌ من الأشخاص ضعفاء، أو مجهولي الحال، كما أنَّ عبد الله بن القاسم مشتركٌ بين عدَّة أشخاص، فيهم الضَّعيف وغيره.

وثانياً: مع قطع النَّظر عن ضعف السَّند، فيمكن حمله على الاستحباب، أي يُستحبّ أن يستبرأها وإن كان المُخبِر ثقةً.

________________

(1)و(2)و(3) الوسائل باب5 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح1و2و4.

***

 

قوله: (وإنَّما يحرم فيه الوطء دون مقدّماته؛ للرِّواية الصَّحيحة عن مُحمّد بن بزيع، وفي المبسوط: يحرم)

المعروف بين الأعلام أنَّ المعتبر في الاستبراء ترك الوطء، فلا يتعدّى الاستبراء إلى باقي وجوه الاستمتاعات، خلافاً للشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، حيث حُكي عنه أنَّه حرّم الجميع على المشتري حتى يستبرئها.

ووافقه العلامة (رحمه الله) في التَّحرير، حيث قال: ©مَنِ اشترى جاريةً حرم عليه وطؤها قُبلاً وغيره، وتقبيلها، ولمسها بشهوة، حتَّى يستبرئها...®(3).

وحكي عن حواشي الشَّهيد (رحمه الله): ©أنَّ العلَّامة حرَّم في الدَّرس القبلة خاصّة®(4).

والإنصاف: هو ما ذهب إليه المشهور من تحريم الوطء خاصَّة.

وتدلّ عليه جملةٌ من الرِّوايات:

منها: صحيحة مُحمّد بن إسماعيل المُتقدِّمة عن الرضا (عليه السَّلام)، حيث ورد في ذيلها: ©قلت: يحل للمشتري ملامستها، قال: نعم، ولا يقرب فرجها®(5).

ومنها: موثَّقة عمار الساباطي المُتقدِّمة أيضاً، حيث ورد في ذيلها: ©قلت: فيحل له أن يأتيها دون الفرج، قال: نعم، قبل أن يستبرئها®(6).

ومنها: رواية عبد الله بن مُحمّد -في حديث- ©قَاْل: دخلتُ على أبي عبد الله (عليه‌السلام) فقلتُ له: اشتريتُ جاريةً، ثمَّ سكتُّ هيبةً له، فقال: أظنُّك أنَّك أردتَ أنْ تُصيبَ منها، فلم تدرِ كيف تأتي لذلك؟ قلتُ: أجل، جعلت فداك! قَاْل: وأظنُّك أردتَ أن تفخذَ لها، فاستحييتَ أنْ تسأل عنها؟ قلتُ: لقد منعتني من ذلك هيبتك، قَاْل: فقال: لا بأس بالتَّفخيذ لها حتَّى تستبرئها، وإن صبرت فهو خير لك...®(7).

ولكنَّها ضعيفة بعدم وثاقة صالح بن عقبة، ووجوده في كامل الزِّيارات لا ينفع؛ لعدم كونه من المشايخ المباشرين، كما أنَّها ضعيفة بجهالة عبد الله بن مُحمّد، فإنَّه مشترك، ولا مُعارِض لهذه الرِّوايات، سوى موثَّقة إبراهيم بن عبد الحميد ©قَاْل: سألتُ أبا إبراهيم (عليه‌السلام) عَنِ الرَّجل يشتري الجارية، وهي حُبلى، أيطؤها؟ قَاْل: لا، قلتُ: فدون الفرج؟ قَاْل: لا يقربها®(8).

ومقتضى الجمع العرفي: حَمل النَّهي على الكراهة، مع أنَّ مورد هذه الموثَّقة الحُبلى، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- حكمها.

_______________

(1) الوسائل باب6 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح6.

(2) الوسائل باب11 من أبواب بيع الحيوان ح5.

(3) تحرير الأحكام -ط آل البيت (عليهم السَّلام) قديمة-: ج1، 191، وفي طبعة أُخرى – ط مؤسّسة الصَّادق (عليه السَّلام) ت البهادريّ-: ج2، ص407.

(4) مفتاح الكرامة للسّيِّد جواد العامليّ -ط جماعة المدرّسين-: ج13، ص410.

(5) الوسائل باب6 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح5.

(6) الوسائل باب18 من أبواب نكاح العبيد والإماء 5.

(7) الوسائل باب5 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح1.

(8) الوسائل: ج21، ص88.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo