< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/09/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

 

قوله: (ولو وطأها أحد الشُّركاء حُدّ بنصيب غيره مع العلم، ولحق به الولد، وعليه قيمة نصيب الشَّريك يوم وُضِع حيّاً، وتصير أمّ ولد، فعليه قيمتها يوم التَّقويم، وثمنها، واختاره الشَّيخ)

يقع الكلام في ثمانية أُمورٍ:

الأوَّل: في سُقوط الحدّ عن الواطئ للشُّبهة، وعدم سُقوطه مع عدمها.

الثَّاني: في سُقوط الحدّ عنه بقدر نصيب الواطئ إذا كان الوطء مع العلم، وعدم الشُّبهة.

الثَّالث: ما المراد بالحدّ هنا، هل خُصوص الجَلْد؟

الرَّابع: لُحوق أمّ الولد للجارية إذا حملت من الواطئ.

الخامس: هل تُقوَّم الأمَة على الواطئ بنفس الوطء، وإن لم يظهر حَمْلُها، أم لا تُقوَّم عليه إلَّا مع الحَمْل؟

السَّادس: لا تدخل الجارية في ملك الواطئ بمجرَّد الحَمْل، بل لابُدّ من التَّقويم ودَفْع القيمة، وإجراء صيغة البيع.

السَّابع: هل يلزم العُقر -العُشر أو نصفه- مع القيمة أم لا؟

الثَّامن: في انعقاد الولد حرّاً، وعلى أبيه قيمة حصص الشُّركاء يوم ولد.

 

في سُقوط الحدّ عن الواطئ للشُّبهة...

إذا عرفت ذلك، فنقول:

أمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بين الأعلام أنَّه إذا وطأ أحد الشّريكَيْن، أو أحد الشُّركاء الأمة المملوكة بينهما أو بينهم، يسقط عنه الحدّ مع الشُّبهة.

وفي الجواهر: بلا خلاف، بل الإجماع بقسمَيْه عليه، لدرء الحُدود بها، وإن استحقّ التعزير بالعصيان بترك السُّؤال...[1]

أقول: لا خلاف بين الأعلام في سُقوط الحدّ عنه مع الشُّبهة، بل هناك تسالم بينهم في جميع الأعصار والأمصار.

مضافاً للنَّبويّ المشهور بين الفريقَيْن: ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ، وَلَا شَفَاعَةَ، وَلَا كَفَالَةَ، وَلَا يَمِينَ فِي حَدٍّ[2]

وهذا الحديث، وإن كان نبويًّا مرسلاً، إلَّا أنَّه اتَّفق الأعلام على العمل به، وعمل الكُلّ جابرٌ لضعف السَّند، بخلاف عمل المشهور.

هذا كلُّه مع الشُّبهة، وأمَّا مع عدمها فيثبت عليه الحدّ بالاتِّفاق بين الأعلام.

مضافاً للنُّصوص الكثيرة المستفيضة الَّتي سنذكرها -إن شاء الله تعالى- في الأمر الثَّاني.

نعم، يُستثنى من الحدّ ما لو كان الشَّريك ابن الواطئ، فإنَّه لا حدّ على الأب في نصيب ابنه، كما لا حدّ عليه لو كانت بأجمعها للولد.

 

- في سُقوط الحدّ عنه بقدر نصيب الواطئ...

الأمر الثَّاني: يسقط من الحدّ بقدر نصيب الواطئ من ملكه للأمَة نصفاً أو رُبعاً، أو نحو ذلك، مع العلم وعدم الشُّبهة؛ لعدم تحقُّق الزِّنا بالنِّسبة إلى حصّته، ويضرب الباقي الَّذي يتعلّق بنصيب الشُّركاء -غير الإبن- لكونه زنا بالنِّسبة إلى حصصهم.

وتدلّ على ذلك -مضافاً لاتِّفاق الأعلام- جملةٌ من النُّصوص المستفيضة:

منها: رواية عبد الله بن سنان قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجالٍ اشتركوا في أَمَةٍ، فائتمنوا بعضهم على أن تكون الأمة عنده، فوطأها؟ قَاْل: يدرأ عنه من الحدّ بقدر ماله فيها من النَّقد، ويضرب بقدر ما ليس له فيها، وتقوَّم الأَمَة عليه بقيمة ويلزمها، وإن كانت القيمة أقلّ من الثَّمن الَّذي اشتُريت به الجاريةُ أُلزِم ثمنها الأوَّل، وإن كانت قيمتها في ذلك اليوم الَّذي قُوِّمت فيه أكثر من ثمنها أُلزم ذلك الثَّمن وهو صاغر، لأنَّه استفرشها، قلتُ: فإن أراد بعض الشُّركاء شراءها دون الرَّجل؟ قَاْل: ذلك له، وليس له أن يشتريها حتَّى تُستبرأ، وليس على غيره أنْ يشتريها إلَّا بالقيمة[3]

ولكنَّها ضعيفة؛ لعدم وثاقة إسماعيل بن مرار.

ولا يخفى عليك أنَّ تقويم الأمَة عليه بقيمة يلزمها إنَّما هو مع احتمال الحمل، وإلَّا فمع العلم بعدم الحَمْل فلا تُقوّم عليه، بل تبقى شركةً فيما بينهم، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- التَّنبيه عليه.


[1] الجواهر -ط إحياء التُّراث العربيّ، بيروت-: ج24، ص243.
[2] الفقيه -ط جماعة المدرّسين، قم المُقدّسة-: ج4، ص74.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo