< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/09/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

ما المراد بالحدّ هنا، هل خُصوص الجَلْد؟

الأمر الثَّالث: ظاهر الرِّوايات والفتاوى أنَّ الحدّ هنا إنَّما هو بالجلد، وإن كان محصّناً؛ لأنَّ الرَّجم لا يقبل التَّبعيض.

وبالجملة، فلا يُتصوَّر السُّقوط في القتل والرَّجم، وقد عرفت من الرِّوايات والفتاوى تبعّضه هنا.

وأمَّا ما في صحيح الحلبيّ في التَّهذيب قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلٍ وقع على مكاتبته، قَاْل: إن كانت أدَّت الرُّبع جلد، وإن كان محصّناً رجم، وإن لم تكن أدّت شيئاً فليس عليه شيءٌ[1]

فهو معارضٌ بالرِّوايات السَّابقة.

مضافاً إلى ما فيه من التَّقييد بالرُّبع؛ إذ لا خُصوصيَّة لذلك.

إن قلت: يمكن الجمع بين الرِّوايات السَّابقة، وهذه الصَّحيحة، بحمل الرِّوايات السَّابقة المُبعِّضة على ما إذا كان الحدُّ قابلاً له، كما إذا كان الواطئ غير محصٍ.

قلتُ: إنَّ حَمْلها جميعها على ذلك مخالفٌ لما هو المتَّفق عليه بين جميع الأعلام.

أضف إلى ذلك: أنَّ وجوب الرَّجم في المحض إنَّما هو فيما إذا كان الزَّاني مُحصِناً، وهذا ليس كذلك من حيث تملُّكه لبعض الأمَة، ولأجل ذلك يُلحق به الولد، وتصير أمّ ولد، وإن كان عالماً بالتَّحريم، مع أنَّ الزَّاني العالم لا يُلحق به الولد.

- لُحوق أمّ الولد للجارية إذا حملت من الواطئ.

الأمر الرَّابع: ظاهر الرِّوايات والفتاوى هو لُحوق أحكام أمّ الولد لهذه الجارية الَّتي حملت من الواطئ، وإن كان عاصياً بالنِّسبة إليه.

وذكر الأعلام أنَّ الاستيلاد بمنزلة الإتلاف لتحريم بيعها، وانعتاقها بموت سيِّدها.

وكذا بالنِّسبة للشُّركاء، فإنَّه ليس لهم بيعُها، ولا نقلها بأحد النَّواقل.

وذكر الأعلام أنَّ الاستيلاد بمنزلة الإتلاف لتحريم بيعها، وانعتاقها بموت سيِّدها.

وكذا بالنِّسبة للشُّركاء، فإنَّه ليس لهم بيعُها، ولا نقلها بأحد النَّواقل.

الأمر الخامس: ظاهر جماعة من الأعلام منهم الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية أنَّ الأمَة تقوم على الواطئ بنفس الوطء.

قال: إذا كانت الجارية بين شُركاء، فتركوها عند واحدٍ منهم، فوطأها، فإنَّه يُدرأ عنه من الحدّ بقدر ما له منها من الثَّمن، ويُضرب بمقدار ما لغيره من القيمة، وتُقوَّم الأمة قيمةً عادلةً، ويلزمها، فإن كانت القيمة أقلّ من الثَّمن الَّذي اشتُريت به، ألزم ثمنها الأوَّل، وإن كانت قيمتها في ذلك اليوم الَّذي قُوِّمت فيه أكثر من ثمنها، أُلزم ذلك الأكثر، فإن أراد واحد من الشُّركاء الجارية، كان له أخذها، ولا يلزمه إلَّا ثمنها الَّذي يسوى في الحال[2]

وكلام الشَّيخ (رحمه الله) هو نفس مضمون روايتي عبد الله بن سنان المُتقدِّمتَيْن.

ولكنَّ ظاهر كلام كثير من الأعلام أنَّه لا تقوّم عليه، ولا يلزمه ثمنها، إلَّا مع الحَمْل، لا بمجرَّد الوطء، ومنهم ابن إدريس (رحمه الله)، والعلَّامة (رحمه الله) في المختلف.

قال ابن إدريس (رحمه الله): والأَولى أن يُقال: لا يلزم الواطئ لها شيئاً، سوى الحدّ الَّذي ذكرناه، على ما صوَّرناه، إلَّا أن تكون بكراً، فيأخذ عُذرتها، فيلزمه ما بين قيمتها بكراً، أو غير بكرٍ، ويسقط عنه ما يخصّه من ذلك، ويستحقّ الباقي باقي الشُّركاء، فأمَّا إن كانت غير بكرٍ، فلا يلزم ذلك، هذا إذا لم يحبلها، فأمَّا إذا أحبلها بولد، فإنَّه يغرم ثمنها الَّذي تساوى يوم جنايته عليها، وثمن ولدها يوم يسقط حيّاً، إن لو كان عبداً، ويسقط من ذلك بمقدار حصّته من الثّمنَيْن[3]

وقال العلَّامة (رحمه الله) في المُختلف: ولا تُقوَّم عليه بنفس الوطء، بل مع الحَمْل، وعليه تحُمل الرِّواية، وقول الشَّيخ أيضاً، وعليه حِصص الشُّركاء من القيمة، ويُطالب بأعلى القِيم من حين الإحبال إلى وقت التَّقويم...[4]

وفيه: أنَّ ما ذكره من حَمْل روايتي ابن سنان، وكلام الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية، على صُورة الحَمْل ليس تامّاً؛ إذ ليس في شيءٍ منهما ما يُشير إلى الحَمْل، بل ما في الَّذيل من جواز البيع على الشُّركاء صريح في خلافه؛ لعدم جواز بيعها مع الحَمْل قطعاً، بل قوله في الرِّواية: لا يجوز أن تشتريَها حتَّى تستبرئ، صريحٌ أيضاً في عدم كونها حاملاً.

وعليه، فالصَّحيح هو التَّقويم عليه بنفس الوطء الَّذي يخشى منه الحَمْل -لا الحَمْل فعلاً- لأنَّه قد عَّطل مال الشُّركاء عليهم، فإذا لم يُقوِّموها عليه حتَّى استبرأت، وعلم عدم حَمْلها، كان حال الوطء حينئذٍ كحالهم لا يستحقون عليه تقويماً، ولا غيره، إلَّا العُقر -أي: ما يُؤخذ من الواطئ ثمناً لبضعها- بعد إسقاط نصيبه.

وأمَّا احتمال التَّقويم على الواطئ، وإن لم يتعقبه حمل، فهو يعتقه، في غاية البُعد.

وإن توهَّم من كلام الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية، ومن زُرارة بن سنان، بل التَّعليل في رواية عَمْرو بن عثمان، ورواية عبد الله بن سنان بنفسه، ظاهرٌ في أنَّ المراد الواطئ الَّذي يخشى منه الحَمْل؛ إذ هو ظاهر في أنَّه صيَّرها بالوطء فراشاً له، بحيث يُلحق به الولد، وإلَّا فلو أُريد منه ذلك بمجرَّد الوطء، وإن كانت آيسةً، لم يكن للتَّعليل به وجه، كالتَّعليل بالإفساد في روايته ابن سنان الثَّانية -الَّتي هي صحيحة- إذ لا وجه للإفساد بمجرَّد الوطء.

خُصوصاً في الثَّيب، بل وبالبِكْر بعد غرامة أرش البكارة، فليس المراد من الإفساد حينئذٍ إلَّا احتمال الحَمْل الَّذي يُلحق به، ويمتنع على الشُّركاء بسببه نقلُها بسائر النواقل، وإن لم تكن أمّ ولد بالنسِّبة إليهم.

وعليه، فيكون المراد من الرِّوايات أنَّه للشَّريك شراؤها بعد الاستبراء، والعلم بخلّوها عن الحَمْل، ولا يجب التَّقويم على الواطئ بمجرَّد وطئه.

وبالجملة، فإنَّ رواية عَمْرو بن عثمان، عن عدَّة من أصحابه، دالّةٌ على التَّقويم على الواطئ بمجرَّد الوطء، مُعلِّلة بخوف الحَبَل، لا بوجوده بالفعل.

ومعتبرة إسماعيل الجعفيّ، دالّةٌ على عدم التَّقويم مع عدم الحَبَل، حيث ورد في ذَيْلها ويغرّم نصف القيمة إذا أحبل، وهي دالّة بمفهوم الشَّرط على عدم القيمة مع عدم الحَبَل.

وأمَّا روايتا ابن سنان، فهما مطلقتان، وقالوا يقع التعارض بين رواية عمرو عن العدة من أصحابه ، ورواية إسماعيل الجعفي.


[1] التَّهذيب، ج10، ص29.
[2] النِّهاية -ط قدُس مُحمّديّ، قم المُقدّسة-، ص411.
[3] السَّرائر -ط جماعة المدرّسين، قم المُقدّسة-، ج2، 352.
[4] المُختلف -ط جماعة المدرّسين، قم المُقدّسة-، ج5، ص232.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo