< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/09/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المعاملات/ كتاب البيع/

 

ويترتّب على ما ذكرنا: أنَّه يجب على أبيه قيمة حصصهم يوم ولد، وإن تأخَّر التَّقويم عنه إن لم تقوّم حاملاً، وإلَّا دخلت قيمة الولد معها، كما هو المعروف بينهم.

ثمَّ لا يخفى أنَّه يظهر من عبارات الأعلام اشتراط الحياة في ضمانه، فلو خرج ميتاً لم يكن عليه شيء أصلاً حتَّى قيمته حملاً، كما يقوّم يوم خروجه حيّاً على أي الأحوال كان من الصِّحّة والمرض والتَّمام والنُّقصان والذُّكورة والأُنوثة والخُنوثة، بل هو صريح المُصنِّف (رحمه الله) -فيما سيأتي إن شاء الله تعالى- في الأمة المُستحقّة؛ إذ لا فرق بينها وبين المقام بالنِّسبة إلى ضمان قيمة الولد، فقال -فيما سيأتي-: ©وعليه قيمة الولد إنْ سقط حيّاً®، كما أنَّه قال في المقام: ©وعليه قيمة نصيب الشَّريك يوم وُضِع حيّاً®.

وقال العلَّامة (رحمه الله) في القواعد في المقبوض بالبيع الفاسد لفساد الشَّرط إذا كان جاريةً: © وعليه المهر، وأرش البكارة، والولد حُرّ، وعلى أبيه قيمته يوم سقط حيّاً -ولا شيء لو سقط ميتاً-، وأرش ما نقص بالولادة®(1).

وقال في التَّذكرة في مبحث البيع الفاسد: © ويجب على الواطئ قيمته للبائع، لأنه نماء ملكه وقد حال بينه وبينه بالحرية، فكان عليه قيمته.

ولقول الصادق (عليه السلام) في رجل اشترى جارية فأولدها فوجدت الجارية مسروقة، قال: "يأخذ الجارية صاحبها، ويأخذ الرجل ولده بقيمته"(2) -إلى أن قال:- تُعتبر قيمة الولد يوم سقوطه حيّاً، لأنّه وقت الحيلولة بينه وبين صاحبه، ولو سقط ميّتا فلا شي‌ء؛ لأنَّه لا قيمة له حينئذٍ، ولا يقوّم قبل سُقوطه؛ لأنَّه لا قيمة له حينئذٍ، فإذا لم يكن له قيمة حين سقط لم يضمن، وهو قبل ذلك لا قيمة له®(3).

والرِّواية الَّتي أشار إليها هي رواية جميل بن درَّاج، وهي ضعيفة بالإرسال.

والخُلاصة: أنَّه لو خرج ميتاً أو لا قيمة له، فليس على الأب شيءٌ.

***

 

`قوله: (وفي دُخول أرش البكارة في المهر نظرٌ، وجمع الفاضل بينهما)`

تقدَّم الكلام عنه سابقاً، فلسنا بحاجة للإعادة.

***

 

`ذقوله: (ولو ظهر استحقاق الأمَة المُبتاعة وجب العُقْر إمَّا العُشر، أو نصفه -على تقديري البكارة والثَّيبوبة- أو مهر المثل، على خلاف)`

المعروف بين الأعلام أنَّه لو اشترى جاريةً، أو تزوَّجها، بناءً على أنَّها حُرّة، ثمَّ تبيَّن أنَّها أمَةٌ قد دلَّست نفسها، وأولدها، ثمَّ ظهر أنَّها مستحقّة لغيره، ببيّنة شرعيّة، أو نحوها، فإنَّه يجب عليه ردُّها إلى مالكها، كما أنَّ للمالك انتزاعها منه بلا خلاف ولا إشكال.

والمشهور بين الأعلام شهرةً عظيمةً أنَّه يجب على الواطئ عشر قيمتها إن كانت بكراً، وأزال بكارتها، ونصف العُشر، إن كانت ثيّباً للدُّخول بها.

ولكن عن بعض -منهم الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط في باب الغصب، وابن إدريس (رحمه الله)- أنَّ الواجب على الواطئ مهر أمثالها -لا العشر إن كانت بكراً، أو نصفه، إن كانت ثيّباً- الَّذي هو عِوض منفعة البضع شرعاً، مع عدم تسمية المهر من غير فرقٍ بين الحُرّة والأمة.

وتدلّ على ما ذهب إليه المشهور -من العُشر، أو نصف العُشر- جملةٌ من الرِّوايات:

منها: صحيحة الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©في رجلٍ تزوَّج امرأةً حُرّةً، فوجدها أمةً قد دلَّست نفسها له؟ قَاْل: إن كان الَّذي زوَّجها إياه من غير مواليها فالنِّكاح فاسد، قلتُ: فكيف يصنع بالمهر الَّذي أخذت منه؟ قَاْل: إن وجد ممَّا أعطاها شيئاً فليأخذه، وإن لم يجد شيئاً فلا شيء له، وإن كان زوَّجها إيَّاه وليٌّ لها ارتجع على وليِّها بما أخذت منه، ولمواليها عليه عُشر ثمنها إن كانت بكراً، وإن كانت غير بكرٍ فنصف عُشر قيمتها بما استحلّ من فرجها، قَاْل: وتعتدّ منه عدّة الأمة، قلتُ: فإن جاءت منه بولد؟ قَاْل: أولادها منه أحرارٌ إذا كان النِّكاح بغير إذن الموالي®(4).

ومورد هذه الصَّحيحة إنَّما هو تدليس المرأة نفسها بدعوى الحُرِّية، مع كونها أمَةً، مع أنَّ محلّ الكلام بين الأعلام هو ما لو ظهر استحقاق الأمَة المُتباعة، إلَّا أنَّه لا محذور في ذلك؛ لأنَّ الحكم بالعُشر أو نصف العُشر إن كانت ثيّباً مع جهل الواطئ بالحال حاصل في كلٍّ من المسألتَيْن لاتِّحاد طريق المسألتَيْن.

مع أنَّ عبارة بعض الأعلام، كالمحقِّق (رحمه الله) في الشَّرائع، والعلَّامة (رحمه الله) في القواعد، غير خاصّةٍ بالبيع.

ومن هنا، عبَّرنا في أول المسألة ©بأنَّه لو اشترى جاريةً أو تزوَّجها...®.

ومهما يكن، فالأمر سهل.

ومنها: صحيحة الفُضيل بن يسار ©قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه‌السلام): جعلت فداك، إنَّ بعض أصحابنا قد روى عنك أنَّك قلت: إذا أحلّ الرَّجل لأخيه جاريته، فهي له حلالٌ؟ فقال: نعم، يا فضيل، قلتُ: فما تقول في رجلٍ عنده جاريةٌ له نفيسةٌ، وهي بِكْر، أحلّ لأخيه ما دون فرجها، أله أن يفتضها؟ قَاْل: لا، ليس له إلَّا ما أحلّ له منها، ولو أحلّ له قبلةً منها لم يحلّ له ما سوى ذلك، قلتُ: أرأيت إنْ أحلّ له ما دون الفرج فغلبته الشَّهوة فافتضها؟ قَاْل: لا ينبغي له ذلك، قلتُ: فإن فعل أيكون زانياً؟ قَاْل: لا، ولكن يكون خائناً، ويُغرّم لصاحبها عُشر قيمتها إن كانت بكراً، وإن لم تكن فنصف عشر قيمتها®(5).

وهي واضحة الدَّلالة، وهي، وإن كانت واردةً في التَّحليل لا في شراء الجارية المُستحقّة، إلَّا أنَّ الكلام فيها من هذه الجهة كالكلام في الصَّحيحة السَّابقة.

وهناك قصَّة عن الفُضيل بن يسار، قال الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في المشيخة ما كان فيه عن الفُضيل بن يسار، إلى أن قال: © وكان أبو جَعْفَر عليه‌السلام إذا رآه قَاْل: بشِّر المخبتين، وذكر ربعي بن عبدالله، عن غاسل الفضيل بن يسار: أنَّه قَاْل: إنِّي لأغسل الفُضيل، وأن يده لتسبقني إلى عورته، قَاْل: فخبَّرت بهذا أبا عبد الله (عليه‌السلام)، فقال: رحم الله الفضيل بن يسار، هو منَّا أهل البيت®(6).

ومنها: صحيحة رفاعة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام)، وهي مثل الصَّحيحة السَّابقة، إلَّا أنَّه قال: ©الجارية النَّفيسة تكون عندي®(7).

وأمَّا مَنْ ذهب إلى أنَّه يجب عليه مهر المثل، فقد يستدلّ له: بأنَّ هذا هو القاعدة الكُليّة في عوض البضع مع عدم التَّسمية.

وفيه: أنَّ مع وجود النُّصوص المُتقدِّمة لا معنى للعمل بالقاعدة، وإلَّا يلزم طرح هذه النُّصوص المعمول بها عند الأعلام.

والخُلاصة: أنَّ الصَّحيح هو ما ذهب إليه المشهور.

 

_______________

(1) القواعد -ط جماعة المدرّسين-: ج2، ص93.

(2) الوسائل باب88 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح3.

(3) التذكرة -ط آل البيت (عليهم السَّلام)-: ج10، ص296و297.

(4) الوسائل باب67 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح1.

(5) الوسائل باب35 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح1.

(6) الفقيه -ط جماعة المدرّسين، قم المُقدّسة-: ج4، ص441.

(7) الوسائل باب35 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح2.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo