< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/01/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع_العذرة .

هناك رواية رابعة أو خامسة لم نذكرها واردة في العذرة أيضاً وهي رواية دعائم الاسلام ، وري عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ( نهى عن بيع الاحرار وعن بيع الميتة والخنزير والاصنام وعن عسب[1] الفحل وعن ثمن الخمر وعن بيع العذرة وقال هي ميتة ) ، هذه رواية أخرى وهي رواية الدعائم نقلت في المستدرك.

طبعاً بالنسبة إلى استخدام العذرة اجمالاً لغة العذرة تستخدم فما يخرج من الانسان أما ما يخرج من الحيوان إما نادراً أو قلة يستعمل فيه العذرة ، توجد رواية صحيحة واردة في البئر وهي صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع وهي واردة في أبواب المياه في الوسائل باب تطهير البئر وكذلك في الكافي المجلد الثالث الحديث الخامس ، وابن بزيع قيل إنه وزير في الدولة العباسية مع أنه من حواريي الرضا ومن الفقهاء الكبار وكان كأنما يمتلك قصراً أخضر وهو فقيه ووزير مخترق في النظام العباسي مع أنه من حواريي الرضا وهو من أصحاب الاجماع فيوجد اجماع على جلالته ووثاقته ولكنه كعلي بن يقطين ، قال ( كتبت إلى رجل أساله أن يسأل ابا الحسن الرضا عليه السلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء فتقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة ونحوها ) ، الآن تعبيره ( كالبعرة ) هل هو تمثيل إلى مصاديق العذرة أو من جهة الحجم لأنَّ البعرة هي مدفوع الدواب يقال له بعرة فهنا يريد أن يقول حجم العذرة الذي سقط هو كالبعرة ونحوها أو أن مراده أنَّ البعرة من مصاديق العذرة ؟ فإن كان مراده أنها من المصاديق فهذا يعني أنها تستعمل حتى في غير الانسان .

فعلى أي حال إنه حتى باستعمال واحد لا يمكن التعويل عليه في استعمالات كثيرة ، وإلا العذرة في اللغة تستعمل في مدفوع الانسان لا مدفوع الحيوانات ، والمتأخرين في العذرة أو غيرها من أعيان النجاسات كالأبوال وفي كل أعيان النجاسات الروايات الخاصة فسّروها على مقتضى القاعدة ، كل هذه الموارد التي استعرضها الشيخ بنوا على أنه إن كانت فيها منافع محللة فالمالية لها بلحاظ المنافع المحللة صحيحة ويمكن التعامل عليها الآن مكروه أو ليس بمكروه فهذا بحث آخر فالحلية الوضعية أو الحلّية التكليفية على حالها وإن كانت بلحاظ المنافع الحرمة فلمالية باطلة والتعاوض عليها باطل هذه الضابطة والقواعد بنى عليها مشهور متأخري هذا العصر من دون استثناء مورد من الموارد الكثيرة التي ستأتينا والتي مرّ بعضها من دون استثنائها حتى برواياتها الخصة بل حملوا هذه الروايات الخاصة على أنها بلحاظ المنافع المحرمة وهذه نكتة مهمة وهي أنَّ رواية خاصة أنت لا تعمل بإطلاقها ، وأنتم لابد أنكم سمعتم بها البحث الأصولي عند دوران الأمر بين اطلاق الخاص أو عموم العام أيهما المقدم ؟ وما هو اطلاق الخاص وما هو الفرق بين اصل الخاص واطلاق الخاص ؟ أصل الخاص خص العام ، أما اطلاق الخاص يعني ماذا وهذا بحث مهم ، أمس مرّ بنا دوران الأمر بين أن الخاص الوارد مخصص أو ليس بمخصص وليس بمخصص يعني داعم للقاعدة الألية فهو مطابقة للعام في مقابل عام آخر ، فهم يعبرون عنه مخصص يعني يخصص العام أو أن الخاص مؤصل يؤصل نفس العام ، يقولون يدور الخاص - فلاحظ في مطلبين الآن مرّ بنا - اطلاق الخاص أو التمسك بالعام واطلاق الخاص غير أصل الخاص غير اصل التخصيص ، دوران الأمر بين العام أو اطلاق الخاص ، هذا مبحث ، اطلاق الخاص يعني أصل التخصيص مفروغ منه وإنما الكلام في اطلاق الخاص ، وهذا المبحث يعبرون عنه بتعبير آخر وهو دران الأمر بين عموم العام أو عموم الخاص ، العموم الأزماني للخاص أو العموم الأحوالي للخاص ، وهل هو خاص أو هو عام ؟ فماذا يعبرون عن الخاص بالعموم الأزماني للخاص العموم الأحوالي للخاص أو اطلاق الخاص فهل الخاص خاص أو هو اطلاق ؟ فلاحظ نفس المسألة بعدم تسميات بعدة أمثلة وموارد يعبرون عنه ، دوران الأمر بني عموم العام واطلاق الخاص ، أو قل نفس هذه المسلة قد يعبرون عنها في موارد وأمثلة أخرى دوران الأمر بين عمون العام والعموم الأحوالي للخاص أو العموم الأزماني للخاص ، نفس هذه المسألة وهي دوران الأمر بين العام واطلاق الخاص.

ونحن نذكر هذه ألأمور حتى نلتفت إلى أنَّ الأعلام لا يعملون بالخاص كيف ما كان وإنما توجد ضوابط وزوايا وقالب ونكات مهمة.

وهناك مسألة أخرى في الخاص يذكرونها:- وهي دوران الأمر بين أن يكون الخاص خاصاً يعني مخصّصا ًأو يكون الخاص مؤصّلاً ، ومؤصل يعني يدعم العموم لا أنه يخصصه بل يزيده ، وهذه المسألة لماذا أثرناها في المقام ؟ لأنَّ متأخري هذا العصر في القرنين الأخيرين خالفوا فيها الكثير من الطبقات المتقدمة في هذه الجهة وهي أنَّ هذه الأدلة الخاصة الواردة في العذرة أو في الدم أو في المني وفي الأعيان النجسة حتى في المينة قالوا هي ليست مخصصة لعوم ﴿ أحل الله البيع وحرّم الربا ﴾ و﴿ أوفوا بالعقود ﴾ و ( الناس مسلطون على أموالهم ) ، فهم يقولون هي ليست مخصصة وإنما هي على القواعد ، فأصلاً لا يوجد فيها تخصيص ، فهي ليست مخصصة وإنما هي مؤصلة ، فإذا أنت تنساق مع ظاهرها فهي كأنها مخصصة ولكن بالدقة هي مؤصلة ، ولماذا ؟ قالوا:- لأنه من الأوّل البيع بلحاظ المالية المنفعة المحللة وهذه الروايات ناظرة إلى المالية المحرمة والمالية المحرمة هي على القاعدة حتى لو لم تكن هذه الأدلة الخاصة المنفعة المحرمة ماليتها محرمة ( إن الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه ) ، يعني ماليته التي مرّت بنا بلحاظ المنفعة المحرّمة ، هذه النصوص لا نتعامل معها بأنها مخصّصة ، فأصل التخصيص فيه كلام ، بل هذه مؤصلة ، ومؤصلة هي نفس القواعد وهذه القواعد حررها الأعلام في اول المكاسب المحرمة ، حينما يشدد الشيخ الأنصاري من أن رواية تحف العقول ورواية دعائم الاسلام والروايات الأخرى الخمس أو الست أو البع روايات نحن أخرجنا لها طرق متعددة هذه مؤثرة ومهمة من هذه الجهة ، فأنت أصل القواعد حتى بعد ذلك نعرف كلام المحقق الحلّي حينما يقول هذا اشبه بأصول المذهب وقواعده ، فهو ملأ كتاب الشرائع بأشبه أو مطابق للقواعد ولأصول المذهب ، ومراده هي هذه العمومات التي هي قوية متينة ولا يرفع اليد عنها بسهولة.

فإذا هذه الروايات الخاصة الأعلام قرأوها فسّروها بأنها ليست مخصصة وإمنا هي مؤصلة لحود العمومات المفترقة عن بعضها البعض وهذه نكتة صناعية مهمة جداً خلافاً لما عمل به المتقدمون ، هذه نكتة ترجع إلى المسألة الثانية التي مرّت بنا الآن ، اقرأ المخصص حلل وافهم المخصص ولا تجمد عليه حرفياً ، ظاهر التخصيص نعم ولكن التفت إليه هل هي قاعدة جديدة وتعبّد جديد أو أنَّ هذا منبه وارشاد من الشارع إلى أن نفس الضوابط العامة التي أسسها الشارع في القواعد العامة في الماليات وفي المعاوضات هي نفسها فهو ينبهك على هذا المصداق ، فهي حتى لو كانت تعبداً فهي تعبد على منبه على المصداق لبّاً.

أو لا اقل إن كان تعبّد خاص تأتي المسألة الأولى التي مرّت بنا وهي أنه هل نتمسك بإطلاق المخصص ، الآن افترض بغض النظر عن المسألة الثانية فإن مبنى الأعلام الأن هو المسألة الثانية في الأعيان النجسة ، فهم لا يتمسكون بأدلة كثيرة في ﴿ حرّم عليكم الميتة ﴾ مع أنه دليل قرآني وعموم قرآني تحريم الخمر ، حرّمت الميتة أكلها وشربها وبيعها ولمسها سواء الميتة أو الخمر ، والمشهور استفاد حتى النجاسة من ( حرم عليكم الميتة والدم ولحكم الخنزير والخمر والميسر وما أهل به لغير الله ) ، فالمقصود أنَّ الأعلام استفادوا النجاسة وعدّة أحكام وضعية وعدة أحكام تكليفية ومنها هذا التحريم فلماذا لا نعتبره دليلاً خاص ، نفس هذا الدليل القرآني لم يعتبرونه مخصّصاً أي مؤسساً ، وإنما اعتبروه مؤصلاً يعني يؤصل نفس العمومات والضوابط الأخرى التي فوقه ، فلو غضضنا النظر عن المسألة الثانية واعتبرناه مؤسساً يعني يؤسس لتعبّدٍ جديد أي تخصيصٍ فهل نعلم بإطلاق المخصّص ( حرّم الميتة ) سواء لكان لها منافع محللة أو محرّمة ، ( حرّم الخمر ) التعاطي مع الخمر مطلقاً ؟ الآن الخمر يستخدم في قضايا طبّية ، الحمد الله الغرب يعترفون الآن بأنَّ الخمر والمشروبات الكحولية والروحية وهذا الذي يسمونه بماء الشعير ويباع في السواق الايمانية مع الأسف هو بيرة كاملاً فلو حللتموه في المختبر لوجدتم نسبة الكحول موجودة فيه على التمام ، باسم ماء الشعير من بلاد اسلامية ، على كلٍّ هذه غفلة موضوعية ، ولو أن هذا بحث موضوعي ولكن على كلٍّ البيرة منتشرة بهذه الطريقة ، فالمقصود يستطيع أن يبحث شخص عن هذا ، فالمهم أنهم يعترفون بأنَّ هذه الأمور تدمّر الكبد أو غير ذلك ، فهذا العموم القرآني لو غضضنا النظر عن المسألة الثانية أنها مؤصلة وليست مخصّصة فسلّمنا أنها مخصّصة يدور الأمر بين أن نعمل بإطلاق المخصّص ( حرمت الميتة ، حرم الخمر ، حرّم الدم .... ) نعمل بإطلاقها بلحاظ المنافع المحرّمة والمحللة أو نعمل بعموم العام من ﴿ أحل الله البيع ﴾ أو غير ذلك فالمالية موجودة بلحاظ المنفعة المحللة ؟ فلاحظ أنه يدور العمل بين العمل بالعمومات وبين العمل بإطلاق الخاص لي سأصل التخصيص.

فإذاً لابد لباحث في الفقه أن يميز بين أصل الخاص أصل المقيد وبين اطلاق الخاص واطلاق المقيد وإذا لم يعرف هذا فسوف لا يلتفت إلى أبجديات الصناعة الفقهية أو الأصولية ، إذاً فرق بين أصل تخصيص المخصص وبين اطلاق المخصص ، أصل المخصص قدر متيقن منه في المناف المحرمة وهل يسمل المناف المحللة أم لا وهذا يسمّونه اطلاق المخصص ، شبيه الآن بـ﴿ أوفوا بالعقد ﴾ يدل على اللزوم ولكن ( البيّعان بالخيار ما لم يفترقاً ) مخصِّص ، أو مثلاً المغبون له الخيار أو غير ذلك من أدلة الخيار ، تمرّ مدة نشك فيها أنَّ الخيار على الفور أو على التراخي والتراخي بلغ ما بلغ أو لا ؟ وهذا الشك موجود دائماً ، افترض الزوجة لها خيار الفسخ لعيوب الرجل أو بالعكس وهذا محل ابتلاء ، فالزوج كان له الفسخ لكنه غفل عن أن يسارع في الفسخ فهل خيار العيب هذا الموجود بين الطرفين هل هو على الفور أو على التراخي ؟ وكم هو التراخي ؟ فإنه يوجد دليل هذا الدليل يقف أمام لزوم النكاح أو لزوم البيع أو الصلح أو الاجارة أو أيّ عقد لازم فهل نتمسّك بإطلاق دليل الخيار فهذا دليل مخصّص فهل نتمسك بإطلاقه الأزماني أو نتمسك بعموم العام فنقول إنَّ القدر المتيقن من الخاص هو الفورية أو التراخي ولكن التراخي ليس بشكلٍ متساهل فيه ومتماطل فيه والباقي نتمسّك بعموم اللزوم في النكاح أو في البيع أو في الاجارة ؟ فهنا يدور الأمر بين التمسّك بعموم اللزوم كمثالٍ أو بالاطلاق الأزماني للخاص - أو قل الاطلاق الأحوالي - ، فأيهما يقدّم فهل الخاص دائماً مقدّم على العام أو أنَّ الخاص مقدّم على العام فقط في أصل التخصيص لا في سعة التخصيص السعة الزمانية أو السعة الأحوالية ؟ إنه يوجد خلاف بين الأعلام لا نريد الدخول فيه ، ولكن يوجد عندهم شبه توافق وهو أنه إذا كان العموم قاعدة من القواعد المتينة مثل لزوم العقود ولا يوجد شاهد على سعة الخاص فهم يتمسكون بالعموم ويقدمونه على سعة الخاص ، يعني بعبارة أخرى أنَّ الفقهاء دوماً ميّالون - وهذا الميل ليس استذواقي كلا بل هو انضباطي وبضوابط - لتحكيم العمومات دائماً سيما العمومات التي هي قواعد مؤصلة سيما إذا كانت قوية ولا يرفع عنها إلا في موارد ونوادر فهم لا يرفعون اليد عنها بهولة لذلك في المسألة الثانية التي ذكرناهاً بنوا على أنَّ هذه المخصّصات هي ليست مخصّصات وإنما هي مؤصّلات ليس مخصّصات لأنهم لا يرفعون اليد عن العموم فقالوا هي تشير إلى المنافع المحرّمة ولا تشير إلى المنافع المحللة.

فإذاً هذا اجمالا منهج فقهاء متأخري هذ العصر وهو نعم المهج وهو أنَّ الروايات والأدلة الخاصة هي مؤصلة وليست مخصصة.

لكن الآن نحن في صدد استعراض الفذلكات العلمية والعزلة العلمية التي عالجوا بها التعارض بين روايات العذرة وإلا فهم ملتزمون بأنه حتى العذرة لو كانت لها منافع محللة كالتسميد بها ولا يلزم منه تلوث بيئي لنكم تتذكرون الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، ونحن وفاقاً منه لمشهور القدماء أنَّ التلوث والمقصود من التلوث أنه يؤدي بك إلى تصلي بنجاسة من يحث لا تشعر أو يؤدي إلى تنجّس الأكل والشرب والبيئة المحيطة بك سواء وضعاً أو تكليفاً ، أي يؤدي إلى الاهمال ، يعني التلوث الشرعي فهذا لا يجوز ، بل يجب أن تحصّن بيئتك ، صحيح أنه في باب الطهارة ( كل شيء لك طاهر ) ولكن لبيس بهذا المعنى وهو أنك تتساهل ، مثل ( أكثر عذاب القبر من عدم التوقي من البول ) ، مما يدل على أنَّ الشارع مع أنه كلّه يبني على الطهارة ولكن ليس بمعنى أنَّ مقدمات التوقي عن النجاسة يتمادى بها الانسان ، كلا فإنّ الشارع لا يتساهل بهذا المعنى ، ولا يقول قائل أنا لا أعلم أنَّ هذا ماء استنجاء أو بول ، كلا فإنَّ هذا وسواس وهو باطل ، ولكن التساهل والتمادي ، أي واضح أنَّ هذا الشخص ليس عنده تورّع في الطهارة والنجاسة.

فإذاً توجد ضوابط وموازين أين تجري قاعدة الطهارة وأين يمنع من التساهل بهذا المقدار من التعاطي مع الأعيان النجسة ممنوع أما أكثر من هذا بحيث أنت تتوقى ومنافع محللة ، لذلك متأخري العصر قالوا إنَّ التسميد بالعذرة أمر مشهور وربما يكون أمراً متسالماً ، وهذه نفعة محللة ، وإذا افترضنا أنَّ لها مالية فالمالية أيضاً هي ليست تعبّد شرعي ، أما منع المالية وإزالتها نعم هو بيد الشارع ولكن وجودها وجود عرفي على القاعدة فيصير البيع والتعاوض بلحاظها لا إشكال فيه.

إذاً أصل القاعدة هم حكّموه حتى في العذرة ، ولكنهم أبدوا فذلكات عليمة في كيفية الجمع بين الروايات التي مرت بنا من موثقتي سماعة ورايتي يعقوب بن شعيب ومعتبرة محمد بن مضارب - مصادف - ، فالبعض جميع بهذه الطريقة ، ونحن نذكر جموع متعددة ثم فلندقق هل هذه الجموع عبارة عن احتمالات علمية وطرق قانونية نحن مخيرون فيا لأنها كلّها ضمن موازين وضوابط فهل الفقيه في خيار في اتباع أي منها لأنها كلّها على الموازين ولها شواهد أو أنه لابد من ترجيح أحدها على الآخر ؟ طبعاً إذا كان موازين بعضها مقدّم عل موازين الأخرى فلابد أن يصري تعني أما إذا كانت الموازين في عرض بعضها البعض فنعم يمكن أن يقال بالخيار لأنها كلّها لها شواهد ومنافذ قانونية فإنَّ القوانين والموازين هي تتحمل السعة والتوسع ولا مانع من ذلك ولكن إذا كان يوجد ترجيح وتقديم في بعض الموازين على بعض فالمفروض أنه يقدم ، الآن نذكر أربع أو خمسة وجوه في الجمع:-

الجمع الأول:- البعض قال بالجمع المحمولي ، فلاحظ أنه يوجد جميع بلحاظ المحمول ويوجد جميع بلحاظ الموضوع ويوجد جمع بلحاظ جهة الصدور فهذه جموع متعددة فأيهما مقدم ، الجمع بلحاظ المحمول قال إنه يوجد نهي ويوجد تجويز ، فالنهي ظاهر في الحرمة وليس نصاً في الحرمة لا التكليفية ولا الوضعية والتجويز هو نصٌّ في الجواز وإذا كان نصا في الجواز ، فإذاً نبني على الكراهة وما المانع في ذلك ؟!! ، وهذا الوجه وجه محمولي.

والشيء بالشيء يذكر تتميماً:- دائماً في الحمل المحمولي يعني بين اللفظين الدالين على الحكمين يعني الأضعف دلالة وإن كانت الدلالة تامة لكن أضعف فيحمل الأضعف دلالة على الأقوى دلالة سواء كان نصّاً وظهوراً قوياً فالنص أقوى من الظهور القوي ، والظهور الصريح أقوى من الظهور القوي ، والظهور القوي أقوى من الظهور المتوسط ، والظهور المتوسط أقوى من أدنى الظهور نظير ما قالوه في السياق ، حيث قالوا صحيح أنَّ ظهور السياق تام لكنه أضعف دلالات الظهور ، وهذه مسألة لابد من الالتفات إليها وهي أنَّ مراتب الظهور ليست واحدة.

الجمع الثاني:- البعض حمل بوجه موضوعي ، الشيخ الطوسي قال أنا أحمل العذرة التي يجوز بيعها على عذرة الحيوانات مأكولة الحكم الطاهرة وأحمل المنع على عذرة الانسان.

وهذا جمع موضوعي.

الجمع الثالث:- وهناك جمع آخر قال بأن نحمل المنع على التقية - جهة الصدور الموافق - والتجويز على الامامية.

ويوجد جمع رابع وخامس ، وهل نحن بالخيار أو لا ؟ غداً نخوض فيه وكيف يكون صناعياً.


[1] يعني المني قبل يلقى به إلى الخارج يقال له عسب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo