< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/01/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع العذرة.

كنا في الروايات المتعارضة في بيع العذرة وأن الأعلام لهم فذلكات في الجمع مختلفة عن بعضها البعض ونكتة صناعية مرّت بنا وهي أنَّ الفذلكات الصناعية حينما مثلاً لا يعول عليها أو يقدم غيرها عليها لا يعني أنَّ تلك الفذلكات في الجمع في نفسها ليست صحيحة ، وهذه نكتة مهمة لكي تزول الحيرة عند الباحث عن وجوه الجمع المختلفة وأنَّ المسح البحثي لدى الباحث عن وجوه مختلفة ليس عبطاً أو ليس بوجب البلبلة بل كلّ وجه في نفسه إن رآه تاما يحتفظ به ولكن لا يسارع بالجزم به والمضي على وفقه إلا بعد أن يستعرض وجهاً وجهاً من الوجوه التي ذكرت من قبل الأعلام ثم تأتي هناك مرحلة صناعية اجتهادية فذلكية أعلى كيف يميز بين قوة وضعف الوجوه ففي المرحلة الأولى يقيم كل وجه في نغسه تام أو ضعيف وهلم جرا ، وفي المرحلة الثانية يقارن بين هذه لوجوه والمقارنة تستدعي تدقيق في مراتب الظهور وهلم جرا.

فإذاً التدريب أو الفحص أو المعاناة أو الممارسة للإلمام بالوجوه المختلفة لا يزعج الإنسان ولا يبلبل فكرة بل بالعكس هذا نوع من التمرس والتدريب على كيفية الموازنة بين الوجوه القوية مع بعضها البعض وهذا يعطي الإنسان مهارة صناعية أكثر خبرة وأكثر حذاقة وإلا الكثير يقول المسألة فيها بلبلة ومسألة ذات حيرة لا يخرج منها رأس خيط ، طبعاً إذا لم يتمس الانسان فسوف لا يخرج منها رأس خيط أما إذا دقق في المراتب ووازن فسوف يراها واضحة.

من الوجوه التي ذكرت في الجمع بين لسان النهي ولسان الجواز قيل هكذا وقد اختاره جمع من الأعلام أن روايات الجواز تحمل على التكليف وروايات المنع والحرمة تحمل على الوضعي ، فالبيع للعذرة بال ولكنه ليس حرام تكليفاً ، وقد اختاره غير واحد من الجهابذة.

وقد سجلت على هذا الوجه ملاحظة:- وهي أنَّ لسان الدليل أو لسان السؤال مقتضى تطابق الجواب مع السؤال ، فالسؤال عن الجانب الوضعي - أي تكليفي بلحاظ الوضعي - لا أنَّ السؤال عن الجانب التكليف كي يحمل هذا على التكليفي وذاك على الوضعي ، بل اللسان واحد فإنَّ هذا في نفسه في تأمل وإن كان هذا وجهاً محمولياً وليس موضوعياً.

السحت يعني بلحاظ المال ، إنّ المال لا يملك لا مالية له.

نعيد ما نسيتموه في الأعوام السابقة:- أي في شهر رجب أو في شهر شعبان ، هذه المباحث لابد أن يكررها الإنسان عشرات المرات إلى أن ترسخ ، قد أثرنا بحث أن حرمة الربا فالربا حرام تكليفاً ووضعاً فالتصرف في الزيادة الربوية في القرض لأن الصحيح في القرض الربوي قولان كليهما مشهوران قول يقول في القرض الربوي أصلاً القرض الربوي باطل فأصل القرض باطل والزيادة باطل أيضاً ، اختار هذا صاحب الشرائع ، ويوجد قول آخر في القرض الربوي يقول أصل القرض صحيح أما الزيادة الربوية باطلة ، طبعاً هذا في القرض أو الديون الربوية ولا يخفى عليكم ، الديون الربوية أعم من القرض الربوي ولكنها تتدرج في القرض الربوي ، فتوجد عندنا ديون من غير القرض من بيع أو من اجارة أو صلح أو من مهر أي من عقود أخرى ، فحينما يقولون القرض الربوي يقصدون مطلق الديون فإن الديون الربوي هي مثل القرض الربوي ، هذا كله قسم واحد قرض ربوي أو دوين ربوية والديون أعم من القرض ، فلاحظ هذا من أبجديات باب المعاملات يجب أن يلتفت إليه الإنسان ، ولدينا قسم ثانٍ في الفقه وهي المعاوضة الربوية غير القرض والديون الربوية ، معاوضة ربوية مثل البيع أو قل الصلح ، الآن المعاوضة الربوية هل هي مطلقة حرام أو خصوص البيع الربوي حرام في المكيل والموزون أو البعض القليل من الامامية يعممه إلى المعدود ، المهم المعاوضة الربوية أو البيع الربوي هذا من أصله باطل لا أنَّ أصل البيع صحيح لكن الزيادة الربوية باطلة ، فالربا قسمان ربا قرضي الذي يشمل الديون وربا معاوضي ، ونحن نفصّل لأنه لا يوجد مفرّ ، لأننا لابد أن نوضح الموضوع حتى يتضح محل البحث.

فإذاً يوجد فرق بين القرض الربوي والمعاملة الربوية ، وهذا يلزم أن نلتفت إليه ، قسمان رئيسيان في باب الربا ، طبعاً عندنا بيع الصرف فهذا بحث آخر الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة وأنه أين يندرج فهذا بحث آخر لا نري أن ندخل فيه الآن ، لأن هيكل باب المعاملات إذا لم يصر واضحاً عند الانسان كيف يدخل فيه ؟!! ، مراراً مرّ بنا أننا لا نستسهل بالفهرست سواء الفهرست التفصيلي أو الاجمالي ، لأي علم هو العمود الفقري لذلك العلم ، وإذا أردت أن تعرف أن شخصاً مسيطراً على علم معين امتحنه في الفهرست الاجمالي لتفصيلي فإذا تلعثم فاعلم أنه ليس مسيطراً بعد ، الفهرست عبارة عن خارطة شريانية في العلم ، في أي علم من العلوم بلا استثناء سواء الفهرست الاجمالي أو التفصيلي ، فالإنسان يلزم أن يمتحن ويدرّب نفسه على هذا.

ففي القرض الربوي أوق ل الديون الربوية ﴿ أحل الله البيع وحرّم الربا ﴾ حرمة تكليفية ووضعية ، الآن إذا أراد الانسان أن يتصرف في الزيادة الربوية هل هذه الحرمة في التصرف في الزيادة الربوية هي من باب أنها حرمة ربوية أو من باب أنها مال الغير أو لكيهما أو أحدهما وأيٌّ منها ؟ ، هذه حرمة الربا حرمة تكليفية ووضعية ، وهذا السؤال قد طرحناه ونعلم أنه مرّ وتبخر لأن البحث صعب ونفس الأعلام بينهم سجال الآخوند والشيخ والنائيني في أصل مبحث البيع والعقود ، لكن لأجل توضيح خارطة البحث في المعاملات واستنطاق الأدلة الروائية والقرآنية الواردة في المعاملات ، هذا في جانب الحرمة ، تعال في جانب الوجوب ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ أوفوا أمر تكليفي ووضعي ، فحينما البائع لا يعطي المبيع للمشتري فهل عصى ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ أو عصى ( لا يحل مال امرئ إلا بطيبة نفسه ) ؟ ، الآن هذا المبيع يتصرف فيه البائع معصية من أي باب فهل هي من باب مخالفة ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ تكليفاً أو من باب التصرف في مال الغير ( لا يحل مال امرئ إلا بطيبة نفسه ) ؟ ، هذا في جانب العقود الصحيحة نفس الكلام حرمة الربا في العقود الفاسدة ، وجوب الوفاء بالعقد يسمّى وجوباً تكليفياً معاملياً ، حرمة الربا تسمى حرمة تكليفية معاملية ، أما التصرف في مال الغير فهذه ليست حرمة معاملية وإنما هي حرمة تكليفية مجرّدة ، فهي أسناخ ، ولكن هنا سنخان ، فتارة الحكم التكليفي معاملي سواء كان وجوبي أو تحريمي يسمى معاملي ، وما معنى معاملي ؟ يعني أصلاً هو نابع من المعاملة سواء كان وجوب أو حرمة هو نابع من المعاملة سنخه معاملي ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ، ﴿ وحرّم الربا ﴾ هذا تحرم معاملي سنخه من باب المعاملات مفسدته في المعاملة ، غير شرب الخمر فإن شرب الخمر حرمته ليس من جهة المعاملة ، طبعاً الخمر له معاملة معاملية أخرى فهذا بحث آخر أما شرب الخمر هو نفسه حرام ، نعم يحرم الترويج المعاملي والنشر المعاملي للخمر ، يعني بعبارة أخرى الحكم التكليفي المعاملي ملاكه اقتصادي نستطيع أن نسميه بالعبارة العصرية أو نسميه ملاكه اقتصادي تجاري ما شئت فسمّ وله أبعاد اخرى ، أما حرمة التصرف في مال الغير هذا ليس ربط بالمعاملة والمعاوضات بل هل ربط بالتعايش المدنية في الحقوق المدنية لبعضهم البعض ، فإذاً يوجد سنخان ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ و ﴿ حرم الربا ﴾ من نفس السنخ شيء ، أما ( لا يحل مال امرئ إلا بطيبة نفسه ) شيء آخر ، والشيخ الأنصاري تتذكرون في بداية المكاسب المحرمة وحد بين السنخين ، بينما صاحب الكفاية عنده حاشية على المكاسب طبعاً يوجد عنده حاشية على البيع وليس على المكاسب المحرمة ولكن نفس البحث أثير في البيع والسيد اليزدي وفحول محشي المكاسب لم يرتضوا هذا المبنى من الشيخ بل قالوا سنخان ، فيوجد عندنا حكم تكليفي معاملي سواء وجوب أو حرمة ويود عندنا حكم تكليفي مجرد ، قد يجتمعا ولكن هذا بحث آخر ولكنهما حكمان وحيثيتان وسنختن يجب أن لا نخلط بينهما ، للك من كل درهم ربا كسبعين زنية بذات محرم في الكعبة ، فلاحظ كيف هو تغليظ ، وهذا ليس مثل ما يقولون شعر يقوله الدين ، الآن ويلات الربا في العالم فالعالم يئن ويعترف بأنَّ الربا مدمّر.

وترى الكثير ممن يريد أن يتأثر بالغرب شواء على الوسط الخاص أو من الوسط المثقف الآن إلى الآن لا يدري أخبار بيئات العالم ما هي ، ففي الحقيقة الكثير ممن يتأثر بالغرب هو كهوفي لأنه لا يتابع الأخبار اليومية التفصيلية للغرب صراحة وإلا لا لا يعلم ما هو الأمر.

فلاحظ أنَّ الشارع حرمة الربا يجعلها كسبعين بذات محرم في الكعبة ، أما حرمة الغصب فلم يعبر عنها بهذا التعبير ، نعم عبّر عنها بأنها حرمة أخرى ولها مفسدة أخرى ، وهذا شيء آخر ، فلاحظ أين هذه الحرمة سنخها أين وتلك الحرمة ، سنخها أين ؟! ، فهما سنخان ، فيجب أن لا نخلط بين الأمور.

حينئذٍ نأتي إلى ما نحن فيه:- أنَّ القائل بالسحت فالسحت غاية الأمر هو بطلان وحرمة معاملية قد تصير غير حرمة الغصب ، فهي تختلف عن بعضها البعض ، حينما نقول فقط حرام من باب الغصب يختلف عن حرام من باب المعاملات ، إذا كان سحتاً بمعنى حرمة تكليفية معاملية ووضعية فهذا شيء ، وبين أن نقول السحت فقط حرمة وضعية وحرمة أخرى من باب الغصب فهذا يختلف ، فهما سنخان وليس سنخاً واحداً.

فإذاً هذا وجه الجمع يقول بأنه من جهة التكليف المعاملي جائز ولكن من جهة الوضع ليست معاملة صحيحة فهي كالعدم ، وهذه نكتة مهمة يلزم أن نلتفت إليها وهي من نواميس المعاملات وهي أنه ليس كل معاملة باطلة وضعاً حرام تكليفاً ، مثلاً البيغ الغرري باطل ولكنه ليس حرام تكليفاً مثل حرمة الربا أو حرمة بيع الخمر أو الاجارة على المحرّمات ، وهلم جرا فتلك أصلاً حرام معاملياً ، فإذاً يوجد فرق بين البطلان الوضعي والحرمة التكليفية فلا يوجد تلازم ، فعل كلٍّ هذا وجه من الوجوه.

وهناك وجه آخر قيل في الجمع ين الروايات المتعارضة في العذرة:- وهو أنه قيل وهذا قواه الميرزا علي الايرواني ووافقه عليه السيد الخوئي وكثيرين وربما قبل الميرزا علي الايرواني وهو أن الصحيح حمل روايات المنع والنهي على التقية وروايات الجواز نحملها على الحكم الواقعي ، ولماذا ؟ لأنَّ العامة تقول بهذا ، يعني تقول بالحرمة الوضعية والتكليفية ، فعند التعارض يوجد ترجيح جهات الصدور.

والبعض ربما يشكل:- بأنَّ أبو حنيفة قال بالجواز ، وهو بالتالي تلميذ معاصر للامام الصادق عليه السلام ، فليس إذن كل العامة قائلين بالحرمة.

وقد أجيب عن هذا:- بأنَّ أبو حنيفة القائل بالجواز لم يقل بالجواز ، وإنما قال إذا خلط بالتراب يجوز وإلا فأصل العذرة عنده نفس مبنى العامة فهو حرام ، فبالتالي هم يبنون على الحرمة ، مع أن أبو حنيفة حينما كان متصدياً لم تكن فتواه يتبناها السلطان ولكن حينما هلك أبو حنيفة تبنى السلطان عبر تلميذيه ، وإلا حينما كان في البداية لم يتبنَّ السلطان فتاواه ، ومالك كان مقدّماً على أبو حنيفة ، يعني أكثر مذهب السلطان وهو المنصور الدوانيقي عن مالك ، وهو الذي أمر مالك أن يكتب كتاباً تعتمده الدولة العباسية الذي هو الموطّأ ، طبعاً هذا كتاب الموطأ من هذه الزاوية فيه ما فيه لكن هذه نقطة قوة أيضاً من جهة أنَّ الفضائل التي ذكرها مالك لأهل البيت في الموطأ ليس فقط هي متواترة بل ما استطاعت الدولة العباسية أن تنكرها وهذه نكتة مهمة ، يعني منن شيوع هذه الفضائل أنه حتى الدولة العباسية المعادية السفاكة لدماء أهل البيت فالمنصور كم قتل من العاسيين فهو بشكل بشع جداً قتل فيها أبناء الامام الحسن - أحفاده - ، فمع ذلك هذا كتاب رسمي روجته الدولة لكنه لا يستطيع أن ينكر هذه الفضائل ، وهذه نكتة مهمة في الفضائل المذكورة في كتاب موطأ مالك أعظم من المذكورة في البخاري فإن البخاري أولاً لم يكن في زمن المنصور العباسي ، بل كان في زمن المتوكل وفي زمن الامام الهادي والحسن العسكري ، ومع ذلك تبنته السلطة ، وهذا ليس بالشيء السهل ، فهو بقدر ما كان متسالماً عليه بحيث تبنته السلطة وهذه نكتة مهمة في فضال أهل البيت عليهم السلام التي هي عظيمة جداً مذكورة في كتاب موطأ مالك يلزم الالتفات إليها.

فالمقصود هذا وجه في الجمع في أنَّ روايات الجواز خلاف التقية وروايات المنع موافقة للتقية بغض النظر الآن عن أنَّ هذا الوجه مقدّم أو غير مقدّم هو في نفسه صحيح ، والعذرة كما مرّ بنا لا تستخدم في السرجين حتى نؤوّل تأويل الشيخ الطوسي أو غيره.

زيادة على ذلك هناك مطلب صناعي:- وأنا أصرّ كثيراً على أنَّ الصناعيات الإنسان بغض النظر عن تماميتها في المسألة أو عدم تماميتها لابد أن تمرس فيها هذا مهم جداً ، لأنها تنفعه في أبواب ومسائل عديدة ، هناك نكتة صناعية أخر مهمة في هذا الوجه الآن رتبته ودرجته كيف تكون سنأتي إلى هذه الحيثية ، فهناك نكتة صناعية في هذا الوجه.

ولتوضيحه لابد أن نوضح هذا المطلب الصناعي في التقية:- التقية أو قل موافقة الكتاب والسنَّة ، أو قل مخالفة الكتاب أو سنة المعصومين ، فصارت ثلاث أمور ، تقية ومخالفة الكتاب والسنَّة أو موافقة الكتاب والسنَّة ، وتستطيع أن تجعل مخالفة الكتاب والسنَّة وموفقتهما واحدة أو تجعلها اثنين ، أضف اليها الشهرة ، فصارت أربعة أو خمسة ، ما شئت فعبّر ، هذه الأمور بالدقة لها قسمان أو قل سنخان ، يعني تارة التقية مرجح ، وتارة التقية ليست مرجحاً وإنما التقية مأخوذ عدمها في أصل حجية الخبر ولو لم يكن للخبر معارض ، فالفرق السنخي صار واضحاً بين القسمين ، فتارة التقية مرجحاً يعني بين الخبرين المتعارضين ، فالتعارض معناه أنَّ كل منهما في نفسه حجة لولا المعارض ، فالتقية التي هي مرجح تختلف عن التقية التي عدمها شرط في أصل حجية الخبر ، إنه يوجد فرق ، فهذه نكتة مهمة يلزم أن نلتفت إليها ليس في التقية فقط بل في بقية العناوين التي مرت بنا ، فتارة الشيء وجوده أو عدمه مرجح وتارة الشيء وجوده أو عدمه مأخوذ في أصل حجية الخبر ، وهذا فرق بينهما ، وما هو الفرق ؟ مرجّح يعني أنَّ أصل هذا الخبر في نفسه حجة ولكن لأنه يوجد تعارض أنت تتمسّك بالتقية فما يوافق التقية مرجوح وما يخالف التقية راجح ، وتارة بغضّ النظر عن التعارض أنت ترى هذا الخبر عندك دليل على أنه صدر تقيةً فهذا ليس بحجة ولو كان ليس له معارض.

وما الفرق بين هذين النمطين من التقية ؟

السيد محسن الحكيم وحّد بين القسمين غفلةً في أبواب عديدة من المستمسك ، في موارد عديدة يعترض على المشهور ، منها أنه قال:- لماذا لم يفت المشهور بأن الوضوء مستحب إذا خرج الدم .

تعلم أنَّ الدم مبطل للوضوء هذا مبنى العامة فقال توجد روايات صحيحة حتى لو كانت موافقة للعامة ولكن ليس لها معارض أو نستطيع أن نحمل المعارض على عدم لزوم الوضوء فهذه نحملها على استحباب الوضوء ، وكذلك تقليم الأظفار في الوضوء العامة يقولون هو مبطل للوضوء أما نحن فنقول أصلاً ليس مبطلاً ولا حتى الوضوء مستحباً هذا هو المشهور وهو الصحيح ، إذا لمس الزوج فرج الزوجة مبطل للوضوء عندهم وتوجد روايات في ذلك ، أما نحن فلا مستحب ولا لازم عندنا ، وغير ذلك ، من كل هذه عندهم مبطل للوضوء أما نحن فليس عندنا مبطلاً ، فعندهم موارد هي من مبطلات الوضوء ولكنها عندنا ليست من مبطلات الوضوء ، أما النوم فليس مبطلاً عندهم لكنه مبطل عندنا ، فيوجد تعاكس في الموارد ، والسيد رحمة الله عليه أشكل على المشهور لماذا أنتم لم تفتون بالاستحباب فإنه يوجد جمع عرفي ، فالتي تقول لا وضوء يعني لا لزوم والتي تأمر بالوضوء يعني هو مستحب . وقد التزم بذلك علمياً وأقول فتوائياً بالاستحباب ، حيث قال إنَّ الترجيح بالتقية فرع التعارض ، والتعارض هنا ليس مستحكماً بل يوجد جمع عرفي.

هنا الغفلة التي سجلت على السيد:- وهي أنَّ هذه التقية ليست من باب التقية المرجح ، بل هذه التقية التي تبيّن وجود خللٍ في أصل حجية هذه الروايات التي تأمر بالوضوء في هذه الموارد ، الشاهد أنها صدرت تقية لا لأجل المعارض ، فلاحظ التمييز بين نوعي التقية وأبواب عديدة رحمة الله السيد التزم في المستمسك كلّه على هذا الاشكال ولكن سجلت عليه مؤاخذة وهي أنَّ المشهور يفرّق بين نمطين في التقية ، ليس التقية فقط وإنما الشهرة وموافقة الكتاب ومخالفة الكتاب وموافقة السنَّة القطعية ومخالفتها ، هذا بحثٌ سنستمر فيه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo