< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ما يحرم بيعه لحرمة ما قصد به.

لا زلنا في هذا القسم - النوع الثاني - وهو ما يقصد منه المحرم ، والمثال الآخر الذي يذكره الشيخ من ضمن أمثلة المسألة الدراهم المغشوشة أو العملة المغشوشة عملة ورقية أو معدنية إذا كانت مغشوشة ، هذه طبعاً مسألة مستقلة في نفسها وهي أنه هل يجوز التعامل بها أن يجب قطع مادة الفساد ؟

توجد نصوص أنه نعم لابد من اتلاف هذه المادة الفاسدة ، لأنَّ تزوير العملة فالغش بعبارة عصرية هو تزوير العملة ، ترزيها إما بقلة الذهب في الدينار او قلة الفضة أو غير ذلك ، فالمهم نوع من التزوير يعبّر عنه سابقاً بالعملة المغشوشة ، ويمكن التعبير عنه بالتعبير المعاصر العملة المزورة ، هذه العملة المزورة فتوى المشهور والنصوص الواردة فيها أنه يجب اتلافها ، الآن مادّتها كيف هي سواء كانت مادّة ورق أو مادّة معدن ، لأنَّ هذه الهيئة أو العملة النقدية قوامها بهذه الهيئة نوع من تزوير العملة نوع من أكل للمال بالباطل أو ، هذا أكل المال بالباطل من أبرز صوره العصرية ما يسمّى بغسيل الأموال أو تبييض الأموال ، يعني من لا شيء يحدث لنفسه ثروة بشكل باطل ومن لا شيء ، وهذه التعابير العصرية مراراً مرّ بنا من الضروري على أهل الفضيلة إن يعلموا ترجمانها القانوني ، وإلا يصير الموكب البشري المسيرة البشرية في ناحية ونحن نمشي في ناحية أخرى وهذا لا يمكن ، فمن ضمن التسميات لهذا المبحث أيضاً يسمى بالمعاملة التمويهية ، التعبير العصري الآن المعاملة التمويهية ، أو التمويهيات أو أكل المال بالباطل أو التماهي يعني لا ماهية أو غسيل الأموال أو تبييض الأموال أو التحايل وهذ تعبير آخر وهو التحايل والخداع والغش ، وهذا ليس غشاً في السلعة في صفاتها وفي كميتاها وإنما هو نوع من نهب وسرق أموال وثروات الآخرين ولو من حصيلة المال العام أو مجموع مال من مجموع الناس ، ولذلك التعبير في الآية الكريمة دقيق ﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ ، وهذه الآية الكريمة ملحمة كبيرة ، فأكل المال بالباطل هو نوع من النهب والسرقة والخداع والغش والنصب فـ( بالباطل ) هو هذا أي بالنصب والتحايل وبالتمويه وبالتزوير ، أحياناً يقول شخص هذا غشَّني فأنا سوف أغش آخر !! ، وهذا ليس بصحيح فصحيح هو غشك ولكن لماذا أنت تغش الآخر وهو نهب منك فأنت لماذا تنهب من الآخرين ؟!! ، أنت اعطيته عوض حقيقي وهو أعطاك عوض متماهي أصلاً لا يوجد عوض سراب بقيعة فهو نهب منك فأنت إذا أردت هذه الطريقة مع الطرف الآخر فأنت تنهب كما نهبت وتسرق كما سُرِقت وهذا لا يسوغ ، بل عمَّم حتى الفقهاء حرمة التعامل بالعملات المغشوشة حتى مع اهل الحرب لا من جهة حرمة أموالهم بل من جهة أنهم يتعاملون بشكلٍ متداعٍ مع محترم المال ، فبالتالي يصير ترويج مادّة الفساد وهي نوع من نهب الأموال بشكلٍ متداعٍ.

إذاً حكم الفقهاء بأنَّ العملة المغشوشة والمزورة بعبرة عصرية يجب اتلافها ، لذلك الآن القوانين الوضعية في كل الدول تجريم الفاعل وعقوبته صارمة ، فهنا الشيخ الأنصاري يقول هذه العملة المغشوشة لا توجد فهيا منفعة محللة فلا يصح التعامل بها ، وبحثها المفصّل في الصرف يعني حتى حرّموها في اعطائها للظالم ، مثلاً الظالم يفرض ضريبة معينة أو قاطعوا طريق فهنا لا يصح اعطاؤها لهم بعنوان أنها مال أو ما شابه لذك ، ولا أقول الكل أفتى بذلك ، ولماذا ؟ لأنه لا من جهة احترام هذا السارق أو هذا الظالم وإنما من جهة أنَّ هذه مادة الفساد ترويجها المالي كسيولة متحركة مالية يسبب سرقة لأموال الآخرين.فعلى كلَّ هذا بحثه المفصّل ولو أنه مذكور في باب الصرف يعنونه الفقهاء ، وفي البا العاشر من أبواب الصرف وردت روايات في ذلك.نعم الذهب بحث آخر فخصوص الذهب نعم المادة الباقية منه لها قيمة ولكن افترض نحاس أو ورق حتى الروق الوثائقي هنا المادة ليست ملحوظة ، هذه أمثلة ذكرها الشيخ الأنصاري وهي في محلها تبحث مفصّلاً.طبعاً هنا الشيخ يثير مبحث لا بأس به كبحث في المثال وهو أنه لو بيعت عين مثل الروق النقدي الآن المزور أو آلات كذا هل فهنا البيع فاسد لأنَّ العين منافعها محرمة فإذا كان التحريم في هذه العين المحرمة آتٍ من المنافع المحرمة من الهيئة مثل آلات الهو كما مرّ آلات الغناء آلات العبادة الباطلة أو الورق المزور العملة المزورة فهذا البطلان آت من الهيئة لأنَّ الهيئة منافعها محرّمة فهذه المالية باطلة لهذا الشيء والمعاملة باطلة.

وهنا سؤال طرحه الشيخ:- هل يمكن الالتزام بأنَّ البيع يتبعض كتبعّض الصفقة بأن يقال العوض الذي بإزاء المادة يصح أما العضو الذي بإزاء الهيئة يبطل فهل يمكن ذلك ؟ يقول الشيخ هذا لا يمكن ، فيوجد فرق بين أجزاء العوض في المعاوضات سواء البيع أو الهبة أو الاجارة أو أمور أخرى ، ويوجد فرق بين الهيئة والمادة وجزء وجزء ، مثلاً خمسين كيلو من الرز هو أتى له بهذا الرز ووضع معه حنطة ، فالحنطة ليست محلَّ البيع ، فهل يبطل البيع هنا بأكمله ؟ كلا ، بل ثلاثين كيلو التي هي رز يصح البيع فيها ، لأنه وقع التعاقد عليها أما العشرين كيلو من الحنطة لم يحصل التعاوض عليها وبالتالي لا ينعقد البيع عليها ، هاهنا في الأجزاء للعوض يمكن تبعض الصفقة لأنَّ الثمن في المثليات انحلالي أو تعدد القيميات ، فينحل الثمن ويتجزأ ، في الأبعاض التي هي كالأجزاء الثمن يتجزأ ، أما في الأبعاض التي الثمن فيها ليس من قبيل الجزاء بل هو من قبيل هيئة ومادة هنا لا يصار إلى تبعض الصفقة ، حتى في الذهب ، دينار من الذهب هذا مغشوش نصفة ذهب ونصفه نحاس أيضاً لا يمكن أن يقع تبعض الصفقة لأنَّ الهيئة وهي السكَّة والمسكوكية للنقد لها دور في أصل المالية فهنا لا يصار إلى تبعض الصفقة وهذا مبحث مهم وله آثاره ، أنه في كل المسائل التي سبقت أليس قد فرض أنه توجد منافع محرَّمة ومنافع محللة والمتعاقدان افترضته صلحاً أو اجارة أو بيع ما شئت فعبّر ، فهما أوقعا العقد بلحاظ المنافع المالية المحرَّمة فلماذا لا يقال تتبعض المعاوضة وتقع صحيحة بلحاظ قدر من المالية الذي يقابل بإزاء المنافع المحلَّلة فهل يمكن المصير إلى هذا الشيء ؟ الشيخ يقول لا يمكن المصير إلى هذا الشيء ، نعم إذا كان من قبيل الأجزاء فهذا يمكن أما إذا كان من قبيل هيئة ومادة فيمكن ، عين نجسة مثلاً كما مرَّ بنا البحث فيها مثلاً الإلية المقطوعة من الأغنام وهي حية فهي ميتة هذه إذا صارت ميتة فإلية طاهرة الأكل والشرب قيمتها أين وقيمة الإلية للاستصباح أين فهل يمكن القول بتبعّض الصفقة ؟ يقلو الشيخ لا يمكن هنا ، ولماذا ؟ لأنَّ المنافع المحللة للإلية النجسة والأكل ليس من قبيل الأجزاء قسم من أجزاء هي الأكل تبطل وقسم من المنافع كالأجزاء للمنافع المحلَّلة تحل فتتبعض الصفقة فيتبعض الثمن ، وهذه قاعدة عامة مهمة ، يقول لا تتبعض الصفقة لا بلحاظ الهيئة في الموارد التي فيها هيئة ولا بلحاظ تعدد حيثيات المنافع فلا تتبعض الصفقة بل تبطل كلّها ، المشتري اشترى جارية مغنّية فثمنها سحت ، التعبير في الرواية ( لعن من علَّمها من تعلَّمها ) وسيأتي متن الرواية ، فهذه تقول بهذا المال الكبير مال بمقدار نجمي حسب التعبير العصري أو مال متزايد ثروته نقول هذا باطل ويلزم أن يسترجعه المشتري ولكن يصح بيعها بما هي امرأة خادمة وغير ذلك وهل يصح تبعيض الصفقة ؟ لا يصح لأنها ليس من قبيل الأجزاء فإذا لم يكن من قبيل الاجزاء لا تتبعض الصفقة سواء في البيع أو الاجارة أو الصلح أو في غير ذلك ، وهذه نكتة مهمة وكلام الشيخ صحيح أنَّ التبعّض في الصفقة هو فقط بلحاظ الأجزاء وليس بلحاظ الصفات أو المنافع أو بلحاظ الهيئة والمادة إلا في الأجزاء الخارجية فهنا يصير تبعض في الصفقة ، وهذا كلام متين وصحيح وهي قاعدة عامة.

بعد ذلك الشيخ يدخل في قسم آخر مما يباع لأجل المنفعة المحرمة:- من قبيل العنب الذي يصنع خمراً أو عصير العنب الذي يصنع خمراً هذا أيضاً الشيخ الأنصاري يقسمه إلى صور تارةً من الابتداء يبيع العنب ليستخدم في التخمير ، يبيع هذا العصير العنبي لكي يغلي ويتخمّر ، أو يؤجر هذا المنزل ليصير حانوتاً للخمر والعياذ بالله ، فأصلاً هو لا يخصص ، هذا باطل سواء أو اجارة أو بيع هو باطل ، ولكن وقع الكلام عند الأعلام الآن مثلاً الاجارة قابلة للتخصيص تقول أنا آجرتك هذا المكان ليكون حانوتاً فهنا لا يستطيع المستأجر أن يستخدمه في منافع أخرى ، لأنه أي منفعة استأجرت وتملكت ؟ هي منفعة الحرام ، ولكن في بيع الأعيان هل هذا التحصيص متصوّر بغضّ النظر عن كونه حرام أو ليس بحرام فهل هو قابل للتصوير ؟ يبيع العنب ليصنع خمراً ، هذه ( ليصنع خمراً ) هل هي شرط ؟ فلو كان شرطاً فالشرط فاسد ولكن لماذا يكون بيع العين فاسداً ؟ لأنَّ البيع ماهيته تختلف عن ماهية الاجارة ، الآن أنت حينما تبيع العنب فهل تبيع منافع العنب أو أنك تبيع العنب نفسه ؟ أنت تبيع العب نفسه ، لا أنك تملّك المنافع فكيف يتحيَّث البيع بالإجارة او بالمنافع ؟ هذا سؤال يطرح وقد ذكره الشيخ وهو أنه كيف يحيَّث فلو كان البيع اجارة فنعم ، فإنَّ الاجارة المفروض فيها أنماط أنواع المنافع ، أما العين فليس ملحوظاً فيها أنواع المنافع ، لذلك حتى في المسألة السابقة وربما هذا المثال ذكره الشيخ في المسألة السابقة وهنا الآن لو كان شيئاً له منافع محرّمة ومنافع محرمة ومتقاربة لا أنه مشترك فقط ، فتارةً مشترك نعم مثل السكين تقتل به وتستعمله في منافع مباحة ، كلا هذا الذي له منافع محرمة ومالية بلحاظ المنافع المحرَّمة متقاربة مع ماليته بلحاظ المنافع المحللة فهل هذه العين الآن حينما تباع للمنافع المحرمة يقال بالبطلان أو أن يقال إنَّ هذه العين لا تتحيث بالمنافع لأنَّ طبيعة العين هي مجموع المنافع فيها وليست العين تتلون بالمنفعة أو تتعدد بالمنفعة أو تتجزأ بالمنفعة أو تتغير ماهيتها بالمنفعة.

فيوجد تساؤل هكذا ، وهو تساؤل بغضّ النظر عن صحة المعاملة وبطلانها وغير ذلك ، فهذا بحث معاملي بحث عقلائي لغوي تكويني بغضّ النظر عن الأحكام الشرعية التي تترتب عليها ، وهو أنه هل بيع العين بلحاظ المنافع المحرمة يحِّص البيع وينمّط البيع بنمط كأنما يحص العين ويعددها أيضاً أو أن يقال إنَّ العين لا تتكثّر ولا تتعدد ولا تتحصص وبالتالي أيضاً البيع لا يتحصص ولا يتعدد فيقال البيع صحيح ، لأنَّ هذه العين لها منافع محللة ولها مالية بلحاظ المنافع المحللة أما شرطه بأن يصنع خمراً أو غير ذلك هذا الشرط فاسد أما نفس البيع فصحيح وما المانع في ذلك ؟!! ، والبيع ليس يدور مدار القصد الشخصي بل البيع لا يدور مدار القصد الشخصي الخاص للمتعاقدين ، وتتذكرون قاعدة ( البيوع تابعة للقصود ) مرّ بنا أنَّ هذه القاعدة ليس قاعدة واحدة وإنما هي مجموع قواعد المعاملات قصدية والمعاملات تابعة للقصود هذا كله صحيح ولكن أيّ قصود فهل القصود النوعية العقلائية أو القصود الشخصية للمتعاقدين ؟ المعاملات تابعة للمعاملات الماهية الارتكازية التي أراداها المتعاقدين أو تابعة للألفاظ والأسماء التي ذكرها المتعاقدين ؟ مرَّ بنا هذا المثال ، الآن البنوك يسمون ايداع المال في البنك فهم يسمونه وديعة ، الودائع البنكية وهلم جرا والحال أنَّ هذا ليس وديعة ولا إيداع ، في الوديعة المستودع هل يتملك الوديعة ؟ إنه لا يتملكها والحال أنَّ البنك يأخذ المال ويتصرف بها فأيّ وديعة هذه ، إنما هذا قرض ، والشيخ محمد أمين زين الدين يصرّ على أنها وديعة.فلاحظ هنا الفقهاء مع العقود تابعة للقصود فهل هي تابعة لواقع ماهية القصود أو أنها تابعة لأسماء الألفاظ التي تذكر كمحددات للقصود ، قاعدة العقود تابعة للقصود مرَّ بنا أنها ليست قاعدة واحدة وإنما يه قواعد كثيرة معقدة ومتشابكة ونحن الآن ليسنا بصدد الخوض فيها وإنما في صدد هذا المطلب وهو أنَّ المتعاقدان إذا باعا عيناً كالعنب وقالا إنَّ هذا لأجل التخمير هل هذا شرط زائد على ماهية المعاملة فيكون فاسداً ولا يفسد المعاملة أو أن يقال إنَّ هذا البيع يحصِّص العين ؟ فالوجه الأوّل أنه كيف تتحصَّص العين ؟ وهل تحصص العين تابع لقصد المتبايعين أو أن العقد تابع للقص النوعي للعقلاء وهنا لا يحكّم القصد الشخصي للمتعاقدين ، إذا كان القصد النوعي فالعقلاء لا يرون أنها تتحصَّص غاية الأمر يقال هنا الشرط فاسد ولا يفسد العقد ، بينما الشيخ الأنصاري يقول إنه حتى لو قلنا الشرط الفاسد غير مفسد لكن هنا نقول هو مفسد ، ولماذا هو مفسد ؟ يقول الشيخ الأنصاري لأنه هنا البيع وقع للعين لجهة محرمة ، ولكن التساؤل قائم على حاله وهو أنه هل البيع اجارة أو ليس بإجارة ؟ في الاجارة المنافع يمكن أن تتعدد أنت تستأجر هذه المنفعة دون تلك المنفعة وهذا صحيح استأجرت العربة والسيارة لأجل حمل البشر أما أنك الآن تريد حمل الحديد لأنك استأجرتها ، فهذه منافع متعددة ، ففي الاجارة المنافع تتعدد ، أما في البيع كيف يتعدد بلحاظ المنافع وكيف يحب عنه الشيخ الانصاري ؟ الآن هذا قصد محرّم تكليفاً ولكين ذلك ، ولكن الكلام أنه صحّة المعاملة أيّ ربط لها بالحرمة التكليفية هذه حرمة تكليفية افترض أنها مقارنة ولكن البيع لماذا هو باطل ، فإنَّ المالية بلحاظ العين لا بلحاظ المنافع ، نعم المنافع لها دور في مالية العين ، نعم إذا فرض أن العين لها ماليتان ، وقد مرّ بنا مالية أعلى بلحاظ المنافع المحرّمة ومالية أدنى بلحاظ المنافع المحللة هنا لو بيع بالمالية الأعلى فهذا يصير باطلاً لأنَّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه ، أما إذا كانت المالية المفروض أنها واحدة ولكنهما قصدا الجهة المحرَّمة فلماذا تبطل المعاملة فهنا لا توجد ماليتان ، هذه نقطة نقف عندها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo