< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

تتمة للفائدة التي مرت أمس في المثال:- وهو أنَّ الورق النقدي الذي يطبع بغير مؤسسة النقد الولي كمحل ابتلاء مثلاً ، ونصطبح عليها طباعة محلية ، فلاحظ تنقيح أنَّ هذه الأوراق النقدية مشوشة أو غير مغشوشة يحتاج إلى مقدمات من علم المال ، وليس من الضروري أن يتخصص الإنسان في علم المال وغنما يستعين بموسوعات أو مصادر في علم المال ، فلاحظ هذا كمثال ومفردة في بحوث النقد التي مثل بها الشيخ الآن ، من ضمن المصداق الخامس الذي ذكره الشيخ الأنصاري في هذا النوع الثاني في قسم ما لا يقصد منه إلا وجه الحرام في تشخيص هذا المثال في يومنا الحاضر نحتاج في التنقيح له وفي أي باب نلوذ به من الفقه ؟ نلوذ في تنقيح أنَّ هذه العملة مغشوشة أو غير مغشوشة لابد من أن نلوذ ببحوث المال ، يعني خبراء المال تؤخذ اقوالهم وآراءهم لا بمعنى أن الإنسان يتبحر ويتخصص في علم المال فإنَّ المراد ليس هذا ، وإنما المراد الاستعانة بالآراء الرسمية ، وهذه نكتة مهمة نذكرها وهي أنه حينما يقال نرجع إلى أهل الخبرة المتخصصون ليس المراد كل من هب ودب من أهل التخصص ، كيف أنه في الفقه الأعلم فالأعلم ويشهد أهل الخبرة بأنه أعلم هذا ما هو معناه في اللغة العصرية ؟ معناه في اللغة العصرية هو أنَّ الرأي الرسمي الفقهي والذي يؤخذ به لا كل فضيلة في الفقه له صلاحية التصدّي ويؤخذ بقوله ، كذلك في العلوم الأخرى في الفيزياء أو في علم المال أو في علم الطب ، ولو كان طبيباً معيناً حتى لو كان عنده دكتوراه بل حتى بروفسور عنده نظر معين في ماء المرأة مثلاً أنه ليس بمني ولكن هذا لا يسوغ الرجوع إليه مالم يعتبر هو في باب الطب دولياً عالمياً اقليمياً يعتبر مرجعاً علمياً رسمياً ، فقضية الرجوع إلى أهل الخرة ليس المراد الرجوع إلى كل من هب ودب بكلوريوس أو ماجستير إلا أن يكون هؤلاء ينقل الرأي الرسمي لعلماء ذلك العلم فهذا صحيح ، لأنَّ هذا الذي ذكر في باب الاجتهاد والتقليد في الفقهاء بعينه يجري في أهل الخبرة في كل التخصصات وليس خاصاً بباب الفقه ، ولذلك هم يذكرون الأعلم فالأعلم والرسمي وأنَّ أهل الخبرة يشهدون له بأنه كذا وهلم جراً ، فهذه أيضاً نكتة لا نغفل عنها.

فلذلك لاحظ الآن هذه موضوعة من الموضوعات مصداق لما نحن فهي أنه كيف أشخص أنَّ هذا الورق مغشوش أو غير مغشوش فيحتاج أن يقرأ مقالات رسمية أو غير رسمية ينتقل منها إلى ما هو رسمي وإلا لا يستطيع أن ينقح الانسان كيف الغش ، ونذكر شيئاً من التوسع في النقد الورقي المغشوش أو حتى البتكوين ، فالبتكوين اسم لورق الكتروني ، وليس فقط البتكوين وإنما توجد عدة نقود الكترونية الآن في الساحة المالية الدولية بدأت تنتشر ربما أبرزها البتكوين.

ونذكر لمحة مالية عن هذا المطلب:- وهو أن هذا البتكوين ليست هناك جهة رسمية متبنية لماليته ، في بحث المال ما هو دور الجهة الرسمية لمالية النقد المالي سواء كان نقداً ورقياً او نقداً الكترونياً في مقابل النقد الذهبي ، النقد الذهبي مسكوك يعني نقد رسمي ، السكة هي طبه رسمي من جهة رسمية ، ولماذا الذهب المسكوك ، لماذا يسك الذهب ؟ يعين توجد جهة رسمية تبنت بأن هذا النقد الذهبي عياره 19 أو 22 وليس مغشوشاً ، فالجهة الرسمية في النقد فلاحظ هذه كلها من بحوث المال فالفقهاء لماذا لم ينقحوها ؟ إنَّ الفقهاء بنوا فيها على نفس الوجود العقلائي أنت يلزم أن تلتفت وتدرس المنظومة المالية الموجودة عند العقلاء حينئذٍ الفقيه يأخذ نتيجتها ويرتب عليها أحكام ، فمن دون اطلاع الباحث في الفقه ، والفقيه من دون اطلاعه على هذه البنيان العرفي العقلائي لا يستطيع ان يتصور ، فلاحظ إذاً النقد الذهبي مسكوك والسكة يعين جهة رسمية.

مثلاً سؤال ذكره الفقهاء من باب التوسع في هذا المقال الذي ذكره الشيخ أحد أنواع البحث في المقام:- هل النقد الذهبي له ماليتان ؟ يقول الفقهاء:- نعم له ماليتان ، حتى علماء المال يقولون له ماليتان وليست مالية واحدة ، ويكف له ماليتان ؟ قد مرت بنا أقسام المالية ، أقسام المالية التي مرت بنا قسم المالية التكوينية وقسم المالية الاعتبارية ، يقولون الذهب المسكوك غير ذهب الزينة والمجوهرات ، الذهب المسكوك له ماليتان مالية تكوينية مثل بقية أنواع الذهب وله مالية اعتبارية وهو السكة ، فله ماليتان مالية تكوينية ومالية اعتبارية ، الآن أونصة من الذهب أو غرام من الذهب أو مثقال شرعي من الذهب - ثلاث غرامات وستة مثلاً أو أربع غرامات وستة أو خمة المثقال الصيرفي من الذهب أو الفضة - فالمهم وزن من الأوان في الذهب خام ماليه أقل من الذهب المسكوك ، ولماذا ؟ لأنَّ المسكوك السكة مالية اعتبارية اضيفت إلى ماليته التكوينية ، فتلاحظ الذهب المسكوك والفضة المسكوكة ماليتها اكثر من الذهب الخام أو الفضة الخام ، هو السبب في هذا هو أنَّ الفضة والذهب المسكوكان فمسكوك يعني رسمنة جهة رسمية هذه الجهة موثوقة اعتبارياً في بيئة العقلاء وفي عرف العقلاء.

فإذاً هذه نكتة مهمة يلزم أن نعرفها في باب المال وهذه معلومات من الضروري للباحث الاطلاع عليها للباحث الفقهي في أبواب المعاملات ، وإلا تصير خدعة خديعة وسنذكر أمثلة وهو أنَّ عامل التحايل في باب المال من الأنواع العجيبة ، الخداع في باب المال قوي جداً ، وهذه أحد الغدد السرطانية التي من إعجاز الدين واعجاز القرآن وإعجاز شريعة سيد المرسلين وضعت الاصبع عليها ، فاكل المال بالباطل يعني بالتحايل ، الكثير من الفقهاء في هذه الآية الكريمة اختلف المفسرون والفقهاء في هذه الآية ﴿ لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ﴾ ، وهذه الآية الكريمة قاعدة عامة في كل المعاملات ، حتى في النكاح ، وحتى في المكاس بالمحرّمة ، ومن ضمن أهمية هذه القاعدة هو أنه ما هو معنى ( بالباطل ) توجد عدة أقوال لا نريد الخوض فيها الآن وسيأتي بعد قليل البحث فيها ولكن توجد زاوية جيدة في هذه القاعدة ولاتي هي قاعدة عقلائية قبل ان تكون قاعدة شرعية ، هذه ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم الباطل ﴾ يعني بالنصب والتحايل ، ودائماً النصب والتحايل هو تمويه غير الواقعي بصورة واقعية ، يعني تفسير عرفي سهل لـ ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ ، وفي اللغة العصرية الجديدة يسمونه غسيل الأموال وتبييض الموال وهو بهذا المعنى الأموال هي مأخوذة نهباً حراماً بالحيلة والخداع وبعد ذلك هذه الأموال تجرى عليها عمليات أخرى لكي تكون تلك العمليات التي تجرى عليها كأنها غسيل لها او تبييض لها ، وهذا اصطلاح مالي لا بأس أن نعرفه ، الآن سارق سرق اموالاً وبعد أن سرقها قام بتجارة حقيقية فهنا التجارة حقيقة أو ليست بحقيقية ؟ إنها بيع وشراء واستثمارات حقيقية هذه الاستثمارات الحقيقية يريد أن يبيض بها الأموال السوداء التي أخذها بالحرام ، وهذا يسمونه تبييض الأموال ، أو يسمونه غسيل الأموال ، يغسلها يطهرها والحال انها كيف تطهر إنها لا تطهر ، فذها يسمونه غسيل أموال يعني بعد عمليات تحايل ، فيقول إنَّ هذه الأموال تهاجر في السوق وعنده استثمارات ؟!! ، فنقول: هذا صحيح لكن بدايتها كلّها سرقة ، وهذا بحث مالي أيضاً ، فهل هذه التجارة باطلة أو صحيحة ؟ ، أصل أمواله من الغصب ، افترض أنَّ كل أمواله غصبية ولكن تجارته صحيحة ، الآن هذه التجارة صحيحة أو ليست بصحيحة ؟ إذا كانت تجارة في الذمة بالكلّي وليس بالجزئي هنا يوجد عند الفقهاء قولان المشهور ربما يقلون هي صحيحة وإن كانت ذمته لا تبراً ، ولا نريد التوسع في هذه القضية.

وإجمالاً الكلام في أنَّ المال والمالية المالية الاعتبارية لابد من جهة موثوقة معتبرة هي التي تمنح الشيء المعين صفة المالية لا أنَّ كل واحدٍ يضرب سكة ذهب ، بل لابد من جهة مقتدرة مالياً معتمد عليها موثوقة وهلم جرا ، الآن هذا النقد الالكتروني أحد الألاعيب فيه إنه لا توجد جهة رسمية تتبنى ماليته ، ما الجهة المصدرة له ؟ سكوت في مافيا الأموال.

ومن باب الفهرست وهو ينفع في المقام:- القرآن الكريم وسيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم وضع يده على غددة سرطانية عشرة أو اكثر أو اقل في الاقتصاد ، القمار حرام ، التحايل والنصب حرام ، الربا حرام ، الآلات اللهوية حرام ، الاحتكار حرام ، وغير ذلك هذه كلها غدد تقتل وتميت الاقتصاد الحقيقي ، أصلاً أنا لست في صدد هذا البحث ، ولكن أريد أن أقول إنَّ بحث المال وقواعده من المهم أن يلتفت إليها ، والآن إعجاز تشريع سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم على لسان المتخصصين في علوم الاقتصاد والمال والتجارة والنقد ، فهم يسبحون بعظمة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم ، مدة أكثر من عشر سنين توجد متابعة لتصريحات في الأزمة الاقتصادية المالية الدولية ، الآن أصلاً يسبحون بحمد تشريع سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه وقعاً هذه غدد سرطانية لا يمكن للبشر أن يتخلص منها ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ لأنه هذا البشر بدلاً من أن يهدي إلى الاقتصاد الحقيقي المثمر والمجدي للبشر يأتي يلتف ويتحايل ، وسبحان الله هذه الغدد السرطانية بالبرهان الاقتصادي هي معجزة للقرآن ومعجزة لسيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم ، الآن ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ هذا الغش الذي ذكره الشيخ ذكره الآن.

ونحن نريد أن نمثل الآن بأمثلة أحسن مما نبقى على الأمثلة القديمة ولا نعايش الوضع المعاصر ، مثلاً نشأت شركات موجودة إلى الآن وهي يسمونها شركات هرمية وهي نشأت تقريباً ربما أكثر من خمسة عشر سنة ولكن كل يوم هي بأسماء جديدة وموديلات جديدة هذه قائمة على التحايل ، حتى أنَّ جملة من الأعلام الموجودين أفتوا بحليتها ، أنا شخصياً سئلت صراحة فقلت هذه إما هي قمار أو تحايل أو ربا ، وفعلاً جماعة من المؤمنين وثّقوا هذا النظر القاصر الذي أدليت به وامتنعوا ، وجماعة كثيرين وقعوا به في بعض المحافظات وبعد كم سنة تورطوا بالتلاعب ، وفعلاً هو تلاعب ، وإلى الآن هي تأتي بأقنعة مختلفة من التحايل فتقول له جنا بزبائن والزبائن يجلبون زبائن والزبائن يجلبون زبائن ويخبرونه بأنه سوف يصير بيع سكك ذهبية أو بيع سيارات واو غير ذلك وسوف نعطيك السلعة التي تريدها ، ولكن كل هذه دعاوى جوفاء ، فمن أين يمكن هذا المقدار من تعداد السلع سواء كان سيارة أو سكة أو أي شيء تفرضه هذه الشركة وهكذا فوائد وهكذا إثمار وثمار في عالم التجارة ؟ عن هذا عالم خيالي ، فهو يرجع إلى التحايل - الغش - أو يرجع إلى قمار أو يرجع إلى الربا ، فالمهم إنهم هذه القوانين يضعونها في شركات يسمونها شركات هرمية او شركات قابضة بالاصطلاحات المالية الحديثة.وإجمالاً الآن ولا نريد أن نغوص في تفاصيل الأمثلة ، وإنما نريد أن نذكر هذه النكت المنهجية نريد أن نذكر بها وهي أنَّ الاطلاع على بنود المال والبيئة المالية في المصادر الحديثة أمر ضوري في تنقيح المصاديق حتى الفقهاء من دون هذا لا يمكنهم ذلك ، مثل ما مرّ بنا أمس ، إجمالاً هذا الذي أردنا أن نصل إليه في هذه الأمثلة التي ذكر الشيخ عنها الدراهم المغشوشة ، ومغشوشة يعني تحايل ، فباب التحايل في باب المال لا ينتهي ، احد الأمراض الاقتصادية الفتاكة هو باب التحايل ، وبصراحة هناك تحايل حتى من الدولة مع الشعب ، والدولة يعني الدول.الآن نفس بحث التضخم ، من أين يأتي التضخم ؟ إنه لابد أن نبحثه ، أحد أقسام التضخم هو عبارة عن سرقة الدولة المال من الناس ، لا المال العام والثروات العامة التي هي مثل النفط وغير ذلك ، كلا بل المال الخاص ، وكيف هي سرق ذلك؟ مثلاً هذا النقد الآن الدولة تطبع منه كمية زائدة فالقيمة المالية لهذا النقد تنخفض ، فالدولة في الحقيقة قد سرقت قسماً من أموال الناس الخاصة ، وهذا سبب من الأسباب المهمة في التضخم ، ولا أقول هو السبب الوحيد.فالمقصود أنَّ عالم المال إذا أردنا أن ندرسه فهذا ضروري ، يعني هذه البحوث إذا أردنا أن ندرسها ومصاديقها فيجب الاطلاع على المصادر المختلفة المتنوعة عن هذه البحوث ولا مفر من ذلك ، ولذلك بعبارة أخرى النظام السابق حينما كان يطبع ورقاً نقدياً ففي الحقيقة هو يمتص نفس ثروات الناس الخاصة لا أنه يبذل.

وهنا أمثلة أخرى في باب النقد:- الآن الدولة إذا تحافظ على العملة النقدية بالديون من البنك المركزي فهذا أيضاً نوع من بيع الدولة لمصير الشعب المستقبلي والأجيال وتجعلهم عبيداً أرقّاء إلى البنك المركزي ، فهو لا يخلص من الفوائد والسياسات وهذا يسمّونه باب الرقّ المالي ، الرقّ المالي هو الاستدانة من البنك الدولي ، وهذا البحث يلزم أن يقرأه الإنسان ويتعرف عليه الانسان ، تحافظ على النقد ، وإذا لم تحافظ على النقد مطلب ، أو تحافظ على العملة بالديون فإلى أين وثم إلى ماذا ؟

فعلى كلٍّ البحوث في هذه المجالات ضرورية ، ولا أقول لابد من التخصص ولكن لابد أن يعرف المصاديق ، يعني ليس الاقتصاد الذي نبحثه في المكاسب المحرمة ليس فقط هو مكاسب محرمة فردية والمعاملات الفردية ، ولكن المعاملات المحرمة للدولة كيف هي ؟ ما هي المكاسب المحرّمة على الدولة ؟ إنه لابد وأن ندرسها ، هل ابقاء الدولة الميزانية من النفط فقط لا الصناعة ولا الزراعة ولا التجارة فأصلاً هذا مكسب محلل أو لا ؟ ، فهذه البحوث يلزم أن يطلع عليها الباحث ، صحيح أنه لا يتخصص فيها ولكن لابد أن يطلع عليها ، فالمكاسب المحرمة ليس البعد الفردي فقط وإنما حتى مكاسب الدولة ، ماهي المكاسب المحرمة على الدولة وما هي المكاسب المحللة للدولة ؟ ، الزراعة مكسب محلل ، والديون مكسب محرّم ، هذه في العرف العقلائي الآن بشكلٍ مسلّم واضح الديون نوع من بيع لكل مقدرات وسيادة الشعب والملة والوطن ، وهي بجرّة قلم ، ليس قصة احتلال ووجود عسكري ، وليست قصة داعش ، وإنما باب الأموال دعوشتها أخطر وأكثر ، وتواجد إملاءات الارادة الأجنبية فيها أشد ، وأشد حتى من السلاح.فإذاً هذه الأمور يلزم أن يلتفت إليها وهي أن المكاسب المحرمة مصاديقها ليس بعداً فردياً وإنما البعد المؤسسي البعد الاجتماعي والبعد في الدولة اهم واخطر الوعي بها ، وإلا فهذه الأحكام ليست خاصة وأن المخاطب بها المكلفين والأفراد ، كلا بل المخاطب بها الوالي قبل أن يخاطب بها الأفراد.

نعود إلى النوع الثاني إلى ما كنا فيه ما لا يقصد من وجوده على نحوه الخاص إلا الحرام:- وكما ذكر الشيخ أنَّ الكلام ليس في البيع بل حتى في الاجارة والدين ، الدين باطل ولماذا هو باطل ؟ لأنك إذا أخذت هذا الدين من البنك الدولي يعني أنك تستعبد شعبك ، أصلاً نفس توقيع هذا الدين باطل ليس البيع باطل بل عندنا حتى الديون فاسدة واخذها ليس صحيحاً وضعاً ولا تكلياً لما مرّ أنَّ بحث المكاسب المحرمة أصلاً ليس خاصاً بالبيع ولا بالإجارة بل يشمل كل العقود بما فيها القرض.

ما لا يقصد من وجوده على نحوه الخاص إلا الحرام وهي أمور ، ومثاله الذي ذكره الشيخ الأنصاري هو هياكل العبادة وآلة أخرى لعملٍ محلل ، ومرّ بنا آلات القمار والات اللهو ،اوني الذهب والفضة وهي ليست منحصرة بهذه بل الأمثلة كثر.الآن ما الدليل على بطلان المعاملة إذا كان لا يقصد منها إلا الحرام ، فما هو الوجه في بطلان المعاملة ؟

الوجه في بطلان المعاملة:- المفروض أنَّ هذه العين كهياكل العبادة أو غيرها هذه العين مالية الهيئة فيها حرمة ، الهيئة لها دخالة في مالية هذه الهياكل كالصليب أو الصنم وإلا ليست المادة الخام فقط ماليتها ، بل هنا اشتركت المادة مع الهيئة في انتاج المالية ، والهيئة محرّمة باعتبار أنَّ منافعها محرمة ، ومرّ بنا أن الهيئة وإن كانت حيثية تعليلية للمادة وليست حيثية تقييدية لكن المالية التي تنتجها الهيئة ستكون مالية محرمة وضعاً عند الشارع ( إن اله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه ) ، لذلك هذه المالية باطلة ، بطلان البيع أو الاجارة أو ما شئت فعبّر بلحاظ ما لا يقصد منه إلا الحرام وضعاً باطل ، فإذاً قاعدة ( إذا حرم الله شيئاً حرّم ثمنه ) يدل على البطلان في جملة من هذه الأمثلة والأنواع التي ذكرها الشيخ.

وهناك قاعدة أخرى ، وهي النهي الخاص عن تداول هذه المواد والهيئات ، مثل المخدرات مثلاً ، فالمخدرات لها مالية طبية وهي محللة ولكن غالباً لا يقصد منها إلا الحرام هذه المالية الصاعدة لها مالية محرمة ، وأيضاً حتى في الأمور المغشوشة يوجد دليل ثانٍ للبطلان الوضعي وهو ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ أي بالتحايل ، ايضاً يوجد دليل ثالث في جملة من هذه الموارد والأمثلة الدالة على البطلان الوضعي هو نفس التحريم الخاص الذي يأتي من الشارع في بعض هذه الموارد ، مثل ما مرّ وهو استدانة رئيس دولة أو جهاز النظام دين يقعد اقتصاد البلد أو ثروات البلد تكون تحت وصاية أجنبية إلى عقود من السنين بضرر مالي ، فاصلاً هذا بنفسه باطل ومنهي عنه ، لأنه إضرار بالمال العام وبالصالح العام ، فنفسه هذا مصداق.

فإذاً هناك أدلة تحريم أخرى مثل الإضرار بالصالح العام ومثل جعل الوصاية للأجنبي على مقدرات المؤمنين ﴿ لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً ﴾ وغير ذلك ، أو حرمة الموسيقى وحرمة آلات اللهو حرمة عبادة الصنم هذه الدلة بنفسها قد يكون نقل العين مصداقاً لمتعلق الحرمة ، ولا أقول دائماً بل قد تكون كذلك ، فإذا كانت مصداقاً ، فهنا كما قالوا في علم الأصول بأن النهي يقتضي الفساد ، وسوف نبيّن غداً تتمة البحث في جهات عديدة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo