< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة وجوب دفع المنكر.

كان الكلام في قاعدة دفع المنكر وارتباطها بباب النهي عن المنكر ، والملف أن الأعلام قالوا هنا إن وجب دفع المنكر قاعدة متلازمة مع النهي عن المنكر فالملفت عند الأعلام أنه لماذا لم يقولوا بأن هناك تلاز بين الأمر بالمعروف ووجوب اقامة الأمر بالمعروف مع قاعدة رابعة أخرى أو سادسة وهي وجوب اقامة المعروف تهيئة اقامة المعروف اعداد المعروف ، يعني نفس الاستدلال الذي يذكرونه في جانب النهي عن المنكر يتلازم بتقريبات متعددة هذا الباب يلازم قاعدة دفع المنكر الآن الذين ينكروا قاعدة دفع المنكر فهم لا ينكرونها من جذر وإنما يضيقونها مثل ما مرّ بنا في حرمة الاعانة على الاثم حيث أن الذي ينكرون قاعدة حرمة الاعانة على الاثم لا ينكرونها من رأس وإنما يضيقونها ، ولكن بالتالي حتى ولو بدائرة ضيقة غير قاعدة حرمة التعاون على الاثم والعدوان ، فصارت عندنا ست قواعد لا أنها أربع ، لأنَّ النهي عن المنكر يلازم دفع المنكر الآن بأي دائرة كان ، والأمر بالمعروف أيضاً يلازم وجوب اقامة المعروف ، وبأيّ دائرة ؟ كلٌّ حسب ما يتبناه ، ولكن هذه بحوث مهمة وهي ممتعة عليماً لأنها تعطي بصيرة للفقيه والباحث في الأغراض التسريعية الشارع كيف يكون عند الفقيه أو الحاكم سياسة دينية سياسة فتوى أو سياسة تربية المجتمع أو سياسة اقامة بيئة اجتماعية صالحة ولو بدوائر صغيرة أو متوسطة أو كبيرة ، طبعاً من المهم أنَّ الانسان يعرف أنَّ هذه الأمثلة التي كما يقول السيد اليزدي في بداية المسألة اللاحقة في بيع السلاح يقول إنَّ هذه الأمثلة التي يذكرها الأعلام في المسائل تبعاً للنصوص لا يتخيل انها جزئية وإنما هذه أمثلة أما الموضوعات فهي كلية ، يعني أيها الباحث في الفقه عش وتعايش مع عقلية عصرك ما هي مصاديق المسائل التي يذكرها الفقهاء والنصوص في عصرك ولا تقتصر على الامثلة ، فإنَّ الوارد في الفتاوى والنصوص أمصلة جزئية وليس مراد لا النص ولا مراد الفقهاء هذ الأمثلة الجزئية ، بل حاول أنَّ تطبقها على مصاديق عصرك ، وإلا كان نوع من تجمد وإماتة الفقه ، إحياء الفقه أن يراها الانسان في عصره ، أصلاً هذه المسألة هي نوع من القوانين الاقتصادية والتجارية - نفس هذا البحث - بيع العنب على من يجعله خمراً.

يعني بعبارة أخرى يقول السيد اليزدي هذا ليس بيع العنب بل أي مبيع محلل أي تجارة مشروعة توظف للإفساد في الأرض فهنا محل الكلام ، ومن الجيد أنَّ يصير عند الانسان القدرة على أن يترجم الفقه التقليدي الموجود عندنا الآن إلى لغة قانونية عصرية ، وهذا ضروري جداً ولا معنى لأن لا نترجمه ، فإنه إذا لم نترجمه كأنه يكون الفقه ميت ، أحياء الفقه أهو أن تأتي بهذه الكلمات فلو سأل شخص ترجم لي بلغة عصرية قانونية يفهمها المجتمع الدولي فما هو تعبير هذه المسألة ؟ فتقول تجارة في الأمور المشروعة إلا أن توظّف في أمور افساد في الأرض وخراب في الأرض وما شاكل ذلك ، فلاحظ أن النطاق يصير واسع وكبير ، وسيأتي في المسألة اللاحقة وهي بيع السلاح على الاعداء أو ما شابه ذلك ، هذه المسألة التي ستأتي أيضاً هي الكلام وهي مسألة عبارة عن التجارة فيفي حقل عسكري أو أمني أو قوانين ، مع أنَّ الفقهاء يتدخلون في القوانين العسكري وقوانين السلم والحرب ، فهذه بحوث هل نحن نتعلمها ونتركها على الرفِّ ليأكلها الغبار ؟ كلا بل لابد أن تصير بصيرة وعمل ، وهذا ضروري جداً.

فهذه النكات من المهم الالتفات إليها وإلا كأنما يعيش الماضي من دون أن يعيش الحاضر علمياً فمن أراد أن يعيش الحاضر لابد أن يترجم ، الآن أنت سئلت عن مسألة عصرية تعرف أين يهي في أبواب الفقه باللغة التقليدية ، ولذلك هذه ضرورة ملحة لكتاب الفقه بأدلته التقليدية بمناكفاته الدسمة العلمية ولكن بأمثلة عصرية وبعناوين عصرية تردف وتقرن بالعناوين التقليدية حتى الرسائل العملية وغير ذلك عسى أن تنبري الهمم لذلك وكل محاولة ولو خجولة أو ضئيلة فيه بادرة خير لأنها إحياء للدين وإحياء لعلم الدين وإلا الوعي العصري سوف يغزوه الطرف الآخر العلمانية وغيرها وهلم جرا ، فيجب هذا الترجمان هو نوع من الاحياء لهذا الدين والتجديد لحياة الدين ، فهذا ضروري ، والله يوفق الجميع بالقيام بهذه المسؤولية لأنَّ نفس الوعي العلمي بالدين في راهنه العصري أمر مهم ، كيف أنَّ القرآن يجري كما يجري .... كذلك كل القرآن وكل الدين والفقه أيضاً هكذا ، فلابد من الالتفات إلى هذا المطلب.

إذاً هذه ملاحظة أولى مهمة في بحث القواعد ، وهي أنَّ لازم التزام جملة من الأعلام بأن باب النهي عن المنكر يلازمه قاعدة دفع المنكر ، يعني لابد أن يقولوا بين باب الأمر بالمعروف وإقامة المعروف والسعي لإقامة المعروف ، تمهيد البيئة والاعداد لإقامة المعروف ، نفس الاستدلال ، كيف استدلوا في النهي عن المنكر ؟ قالوا إذا نهى عن المنكر فالشارع إذاً عنده غرض الحيلولة عن وقوع المنكر ، والكلام هنا هو الكلام ، إذا أمرنا الشارع أمرنا في أن نأمر بالمعروف فعنده غرض في إقامة المعروف ، فالكلام هو نفس الكلام ، الآن هنا ضيقة او واسعة ويوجد اختلاف فهناك نفس الشيء ، أيضاً من الاستدلالات التي مرت بينا بين النهي عن المنكر وبين وجوب دفع المنكر أنَّ العقل ايضاً لأنَّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باب عظيم في لغة الصناعة يعني مهيمن ، وقد مرّ بنا أنه عظيم فإنه ليس أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله إلا كنفثة في بحر لجّي ليس فقط هذه العبارة مهيمنة وإما هي قطرة في محيط لا أنه ليس مهيمناً فقط بل مهيمن وأخطبوط وهذا تعبير دلالي في الأدلة أما التعبير الصناعي إذا أردنا أن نعبّر عنه هو أنَّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو مهيمن على الأبواب ومتداخل في الأبواب وحاكم على الأبواب كلها وله أهمية على الابواب كلها ، فإذا كان الباب له هذه الأهمية فيلزم أن نلتفت إلى أن هناك يوجد نقص عليم كبير في البحث في هذا الباب ، هناك مستشرق قانوني كتب كتاب بلغة فلسفة القانون حول باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد ترجم إلى العربية وهل أن دراسته سديدة أو لا وغث وسمين وما هو هدفه فهذا بحث آخر ، ولكن أقول كبحث مهم فإذاً هذا الباب باب مهم وإذا كان هذا الباب ذو أهمية فضوابطه وقواعده مقدمة على الابواب الأخرى ، هذا هو معناه وإلا ليس بحث مديح شعري وإنما هو عبارة عن ضابطة صناعية يذكرها لنا الشارع باللغة الفقهية الصناعية.

في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المشهور شهرة عظيمة هو الصحيح بناء على مبنى العدلية الامامية خلافاً للأشاعرة أنَّ العقل يحكم بحسن الأمر بالمعروف كما يحكم بحسن النهي عن المنكر لأن المنكر قبيح فالنهي عن المنكر حسن ، فالمهم أنَّ أحد أدلة باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي العقل العملي هذا عند مشهور فقهاء وعلماء الامامية ، علاوة على الأدلة النقلية قرآنية ورائية في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، نعم هناك قليل من الأعلام مثل الخوجة نصير الدين الطوسي ذهب إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجوبه شرعي وليس عقلياً ، طبعاً كلام الخواجة نصير الدين لأنه في البعد الفلسفي أو الكلامي لعله متأثر بابن سينا وابن سينا لعله تأثر بالأشعرية من حيث يشعر أو لا يشعر في أنه قال في الحسن والقبح بأنه آداب عامة لا أنه أمور تكوينية ، وقد بحثننا هذا مفصلاً في العقل العملي فهو خالف فيه المشّاء ، ولا نريد الدخول في هذا البحث.

وإجمالاً من لم يذهب إلى أن الحين والقبح العقليين بديهيين وذاتيين وليسا اعتباريين بل تكوينيين مع أن مشهور العدلية والامامية أن الحسن والقبح عقليين ذاتيين تكوينيين وليسا اعتباريين فقط ، طبعاً كل ما حكم به العقل حكم به الشرع هذا موجود ولكن ليس أنه الشرعي ليس عقلياً وإنما هو عقلي وشرعي كليهما ، فلذلك أكثر علماء الامامية على أنه في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دليله عقلي ووحياني وليس فقط عقلي وليس فقط وحياني ، نعم العقل أحكامه اجمالية ولا يهتدي إلى التفاصيل أما في التفصيل فيأتي دور الشرع رتب الأمر المعروف والنهي عن المنكر ودرجاته وآلياته وتفاصيله هذه نظمها بيد الشارع وهذا صحيح ، ولعل من ذهب إلى ا، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حكم شرعي ووجوبه شرعي ليس عقلي لعل مراده هو هذا وهو أن التفاصيل هي من الشار أما العقل فلا يهتدي إلى التفاصيل ، وهذا فرق بين أحكام العقل البشري واحتياج العقل البشري إلى الدين ، التفاصيل هي يطلع عليها خالق الخلق أما العقل إنما يهتدي إلى خطوط اجمالية عامة.

إجمالاً إنه بناءً على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حكم عقلي جماعة من الأعلام وجه آخر لقاعدة وجوب دفع المنكر قالوا العقل يحكم بها ، فكما يحكم العقل بوجوب النهي عن المنكر يحكم أيضاً بوجوب دفع المنكر ولو اجمالاً أما هل الدائرة ضيقة أو وسيعة فهذا بحث آخر.

هذا الوجه متين أيضاً ولكن اجمالي وليس عقلي لأن العقل لا يدرك التفصيل ، إنه بناءً عل هذا الوجه الذي ذكروه في قاعدة وجوب ودفع المنكر بعينه يأتي فإنَّ الأمر بالمعروف يلزمه عقلاً أيضاً لزوم اقامة المعروف أو الاعداد تهيئة الأرضية للمعروف هذا اجمالاً أما تفصيلاً فسيأتي البحث عن ذلك ، فإذاً قاعدتان وليس فقط وجوب دفع المنكر بل وجوب اقامة وتهيئة الأمر بالمعروف أيضاً كذلك.

وهنا وجه ثالث أيضا مر بنا:- وهو أيضاً يأتي في باب الأمر بالمعروف وهو الحسبيات وأن الحسبيات امور لا يرضى الشارع بتعطيلها ، فكما لا يرضى الشارع بالمنكر أما بعض المنكرات كم هي الدائرة فستأتي ضابطتها أما الآن فكأشياء اجمالية وليست حدوداً تفصيلية بلغ ما بلغ ، فكما أنَّ الشارع في باب المنكر هكذا حسبيات فالأمور الحسبية ليست تقتصر على المنكرات يعني دفعها أو النهي عنها أو غير ذلك بل كذلك في باب المعروف بعض أمور المعروف الشارع أيضاً ضرورات في الأغراض الشرعية أو الملاكات لا يرضى الشارع بتعطيلها.

فإذاً الأدلة التي ذكرت في قاعدة دفع المكر بعينها تأتي في قاعدة اقامة المعروف أو الاعداد لبناء أو تهيئة المعروف اجمالاً .

واللطيف أنه موجود في الآية الكريمة وهذا شاهد على التوسعة فتصير عندنا ست قواعد ، في سورة الانفال ﴿ المؤمنون بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف ﴾ فلاحظ التلازم ، كيف في ﴿ تعاونوا على البر والتقوى ﴾ ، فكما يوجد عندنا ﴿ ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ﴾ يوجد عندنا ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ﴾ فمن قال إنَّ التعاون على البر والتقوى مستحب ؟ جملة من الأعلام قالوا هناك الآية التي قبل من قال هي مستحبة فبعض البر إذا صار بر عقائدي لزومي أو بر في اركان الفروع من قال إن هذا التعاون مستحب بل هو لزومي ، فهذه ايضاً أحد الأدلة ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ﴾ بعض موارد البر لزومية سواء كانت عقائدية أو كانت من أركان الفروع فالتعاون عليها لازم لا أنه مستحب ، كذلك ايجاد وقاية ولا بأس أن تعاونوا على البر والتقوى التقوى هي دفع المنكر أو نوع من التقوى أيضاً اعداد اقامة المعروف فكل هذا تقوى ويصب فيها ، فـ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ﴾ يمكن أن يصلح دليلاً أيضاً ، فكما توجد عندنا حرمة في ﴿ ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ﴾ أيضاً يوجد تعاونوا.

إذاً هذه الست قواعد قابلة للتصوير ، إجمالاً هذا استدلال الأعلام ، فإذا ثبت وتقرر وجوب دفع المنكر هنا يقولون أنك تبيع مشروع بيه كالعنب ولكن لغرض محرّم أو فساد وهو صنع الخمر من باب المثال لا من باب الحصر فإذاً هذا تخلف عن قاعدة وجوب دفع المنكر فإنَّ مقتضى هذه القاعدة أنك تسدّ الطريق.

ومرّ بنا الاشارة إلى قاعدة المصالح المرسلة التي هي قاعدة عند العامة وسدّ الذرائع ، وسدّ الذرائع مثل دفع المنكر ، والمصالح المرسلة مثل اقامة مثل اقامة المعروف ، ولكن بين هاتين القاعدتين اللتين التزم بها لمذاهب الأخرى وأنكرها علماء الامامية وبين هذه الست قواعد يوجد فرق ربما نتعرض إليه في نهاية المطاف ، ولذلك أشكل على الالتزام بها جلّ علماء الامامية أو كلهم ، فهي غير قاعدة سد الذرائع وقاعدة المصالح المرسلة ، فإنه يوجد فارق جوهري ماهوي بين هاتين القاعدتين وهذه الست واقعد سنتعرض له إجمالاً فيما بعد وإن كان صورة يوجد تشابه ولكنه يوجد فارق موضوعي.

هم طبعاً نفس العامة خلطوا ، فالشيخ محمد حسين كاشف الغطاء يقول هم خلطوا بين قاعدة المصالح المرسلة وسد الذرائع وبين الأحكام الأولية ، فهو يقول أيضاً هم خلطوا مثلاً منع عمر عن المتعتين هذا المنع هو مارسه كنبي أو غير ذلك فهو مارسه من باب سدّ الذرائع - حسب ألزموهم بما ألزموا به انفسهم - والمصالح المرسلة فانت كيف تأخذه هذا تشريعاً ؟!! ومن هذا القبيل الأحكام التي ما أنزل الله بها من سلطان مارسها الثلاثة وأخذوها تشريعات ثابته فالشيخ كاش فالغطاء يشكل عيليهم بهذا فهم مارسوها من باب سدّ الذرائع أو المصالح المرسلة ، أو اجعلوها بأي قناة ولكن كيف تعتبرونها تشريعات ثابتة ، وحذف حيّ على خير العمل في الأذان وغير ذلك ، يعين هم حاولوا أن يصبغوها بأنها تشريعات ثابتة ، وهذا عجيب وكأنهم يريدون أن يصبغونها وكأنها نبوّات جديدة والحال أنها إذا كانت من باب سدّ الذرائع أو المصالح المرسلة يلزم أن تلتفتون إليها فإنكم لا تلتزمون بها لأنها شبيهة بالقضايا الثانوية ، فالمهم هذا هو اشكال الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء على مبنى القوم ، فهم يخلطون بين هذه القواعد الثانوية التطبيقية الاجرائية التنفيذية وبين ضوابط التشريع الأولي.

وهذه نكتة صناعية يلزم الالتفات إليها وهي أنَّ الشيء في نفسه يكون محللاً كتشريع ثابت أولي بطرو قاعدة ثانوية قد تكو حرمة لأجل طرو عنوان ثانوي ، هنا الأعلام أصل بيع العنب إذاً لا شيء فيه وهو تجارة مشروعة وسلعة مشروعة في التجارة والتعاوض ولكن أنه طرأ عليها أن المشتري سيوظفها في امر غير مشروع وهو صنع الخمر هنا لو يكتب قالب المسألة بعبارة عصرية جامعة يصير هكذا التعبير فتأتي حينئذٍ قاعدة دفع المنكر أو قاعدة حرمة الاعانة عل الاثم والتي يلتزم بها بأس دائرة أو قاعدة اتعاون على الاثم والعدوان كل حسب مبناه ، فإجمالاً هذا هو الاستدلال.

والآن نتعرض إلى إشكالات المستشكلين من الأعلام وهي التمسك بقاعدة دفع المنكر يلزم منه محذورات سواء في مسألتنا في المقام أو في مشال أخرى:- وهي جملة من الاشكالات الدقيقة المهمة:-

من ضمن الاشكالات التي ذكرت:- أنَّ هذه القاعدة وهي وجوب دفع المنكر لو التزم بها بإطلاقها هذا يلزم منه خلاف فلسفة الامتحان الإلهي والتكليف ، فهي تير خلاف فلسفة التكليف لأن دفع المنكر يعني سلسلة الحلقات المقدمية لوقوع المنكر من الأساس أنت تقفل عليها من البداية وقبل ذلك ، ولو كان الأمر هكذا فالباري تعالى لم يضع الشهوة في الإنسان ولم يضع الغضب في الإنسان وغير ذلك ، جنود الجهل التي خلقها الله تعالى في الانسان التي هي خمسة وسبعون كلها لا يخلقها ولا يعرف هذا البحث غير أئمة اهل البيت لا عارف ولا فيلسوف وإنما هم الذين كشفوا عن منظومة العقل ومنظومة الجعل ، فالمقصود أنَّ هذه من الاعجازات العلمية لأئمة أهل البيت عليهم السلام ، مهي معجزة صارخة علمية بنفسها على طول التاريخ ، حتى في الأدبيات الوحيانية للأنبياء السابقين وأنا لم أمر به ولا أعلم هل تتبعتم ذلك أو لا ولكن هذه فائدة معترضة.

فالإشكال الذي يذكره الأعلام هكذا هنا ، وهو أنه في وجوب دفع المنكر لو كان يبنى على أندفع المنك لابد منه بلغ ما بلغ يصير خلاف فلسفة الامتحان ، فلسفة الامتحان يعني ﴿ ونفسٍ وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ﴾ ، فلا يلهمها الفجور فتصير ملائكة وهذا ليس مجتمعاً ملائكياً وإنما هو مجتمع بشري ، وطبعاً هذا الامتحان ليس عبطاً ولذلك اعتراض الملائكة في الأصل ﴿ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قال إني أعلم ما لا تعلمون ﴾ هذه الأرض لا يحييها المقدَّس العابد وإنما يحييها العالم المفتتَن ، فهذا هو ( فعلّم ) ( فذاقا الشجرة ) هو رمز لشيئين عالم مفتتن هنا يتم إحياء الأرض ، فهذه القاعدة إذا كن البناء أننا نلتزم بها بلغ ما بلغ فهذا خلاف فلسفة التشريع ، أما إذا قلتم لا أنه بلغ ما بلغ بل بالدقة الشرع أمر بالنهي عن المنكر عند تلبّس الفاعل بالمنكر أو مشارفته أما قبل ذلك من المقدمات فهذا خلاف فلسفة الشارع للامتحان ، بل إذا أراد أن يقع فأنت انهاه لا أنك ألجئه ، وقد كر الفقهاء أنه ليس في كل مكان النهي عن المنكر يكون بالقوة وإنما باللسان أما أنه متى يصل إلى القوة وأين وما هو الضابط فهذا بحث آخر ، وهذا دليل على أن الدليل أنَّ الشارع صحيح يبغض المنكر ولكن إذا كان يبغضه كيف خلق أسبابه ، مثل حينما خلق إبليس وحينما خلق جنود الجهل ، فتوجد فلسفة حكيمة ، فنحن كأنما إذا أرنا أن نجعل هذا العالم البشري عالم ملائكي صار ليس عالم امتحان فلا يتواءم إذاً نظام الامتحان مع قاعدة دفع المنمر بلغ ما بلغ ، وغداً سنبين هذا الجانب ، فإذاً هذه القاعدة لاحظ أنه قليلاً قليلاً هذه القواعد تصير مثل فلسفة قانون أو عقائدية.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo