< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/08/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : المكاسب المحرمة _القسم الثالث ما يحرم لتحريم ما يقصد منه شأناً بيع السلاح من أعداء الدين.

أمس كنا في ذيل الرواية الثانية وهي رواة هند السراج ، ومرّ بنا أن العناوين المذكورة في الرواية أو في كلمات الفقهاء هي موضوعات لقواعد فقهية ولعناوين لموضوعات قواعد فقهية وهذه القواعد تجري في أبواب فقهية عديدة الالتفات إليها بالغ الأهمية وبصراحة نف الفقهاء يذكرون أنه كلما اكتشف الفقهاء من قواعد فقيهة فتلك القواعد لا تمثل كل القواعد الموجودة في الأدلة والأبواب وإنما اكتف وتنبه الفقهاء إلى جملة منها ولا يعني أنهم التفتوا إليها كلها ، لذلك بحب ترامي الزمن يكتشف الفقهاء جيلاً بعد جيل قواعد بعد قواعد ومن يتخيل أنَّ القواعد الفقهية هي التي دونت من قبل الهيد الأول ، فعله أول من بدأ ذلك ولعله يوجد من هو قبله ثم السيوري الحلي ثم بعده ، طبعاً توجد قواعد فقهية كتبها أقدم من الشهيد الأول ولكن ليس بعنوان قواعد وإنما قاعدة واحدة في رسالة وهي موجودة ، لأنَّ تدوين القواعد الفقهية تارة يكون برسالة مستقلة في القاعدة وتارة مجموع القواعد إلى أن صلت النوبة إلى تلميذ الشيخ جعفر كاشف الغطاء عنده كتاب العناوين ، وكتاب العناوين هو مجلدان طبع الآن هو عبارة عن تقرير الدرس الفقهي للمير فتاح وهو تقرير للدروس الفقهية للشيخ كاشف الغطاء وهو كتاب جزل وعوائد الأيام للنراقي كذلك لغة الفقيه للسيد محمد وشرح ابنه أو حفيده السيد محمد تقي بحر العلوم وهو من اربع مجلدات وتسيد الخوئي كان يوصي بمباحثة هذا الكتاب ، فإنَّ المعروف عن السيد الخوئي أنه معجب هذا الكتاب وفعلاً هذا الكتاب هو من أربع مجلدات ، وكذلك قواعد السيد البجنوردي من تسع مجلدات هي جيدة ، فعلى كلٍّ مقدار ما كتاب الفقهاء من قواعد فقهية هذا لا يعني نهاية المطاف ، رحمة الله السيد عبد الأعلى السبزواري في كتابه المهذب من عناصر القوة في ذه الدورة وإن كان البعض يرى زوايا أخرى متوسطة مثلاً في الدورة ولكن هذه زاوية قوة في كتابه أنه يتنبه بسرعة لقواعد لم يعنونها الفقهاء هو يذكرها وإن كان هو لا بسط الكلام فيها ولكنه يشير إلى أنَّ هذه تصلح قاعدة فيجد عنده حس التنبه لذلك فهذه روية توجد عند جملة من الفقهاء وهي الالتفات والتنبه إلى اكتشاف القواعد ، وهذا له ثمرة ، لأنَّ الكثير من القواعد في الأدلة ربكما مثل ما مرّ تأتي أجيال من الفقهاء يرون هذه النصوص الخاصة تعبدات خاصة بينما هي تطبيقات للقواعد وهذه نكتة مهمة فإذا اكتشفت القاعدة فتلك القاعدة التي تكتشف تجري في تللك المسألة ومسائل ومسائل أخرى مثل العلة تعمم كما تخصص ، والعلة يعني هي الضابطة والقاعدة فالالتفات إلى القواعد امر مهم ، فعلى كلٍّ هذه بداية ونعود إلى نفس الحديث.

لاحظ من العناوين أمس مرّ بنا تارةً لاحظ الفقهاء تارةً يعبرون محارب وكافر حربي وكافر معاهد وكافر مسالم مصالح مهادن ذمي فهذه اصطلاحات كلّها موضوع عناوين وقواعد ومرّ بنا ولي وموالي والشيخ المفيد كتابه الفقهي شاهر ظاهر وفي بعض الأبواب يقول هذه الأحكام هي للموالين وليس أحكام كل الملة والنحل كل بل هو مخصوصو ، لأنَّ كتاب المقنعة للشيخ المفيد كأنه كتاباً ليس ففقهياً ، نعم هو فقهي ولكنه بلغة كلامية ، ومن الجيد الأنس بكتاب المقنعة للشيخ المفيد زعيم الطائفة فهو كتاب لغته لغة كلامية ليست فقط فقهية وإنما هي فقهية ممزوجة بشيء من الكلام وهذا مهم جداً ، فمن المهم الالتفات إلى البعد الكلامي في المائل الفقهية في الموضوعات وفي المحمولات ، اقتصاد الشيخ الطوسي نفس اللغة للمقنعة ، مقنعة الشيخ المفيد من هذا القبيل ، انتصار السيد المرتضى إلى حدّ ما ، أصلاً عموماً القدماء إلى ابن إدريس لغتهم الكلامية في الفقه أكثر من المتأخرين من المحقق الحلي والعلامة أما ما قبلهم لغتهم الكلامية في الفقه صرحة جداً ، وهذه نكت مهمة ، بينما اللغة الكلامية عند المتأخرين ليس كذلك لحكمة أو لأمر آخر وهذه نكتة مهمة ، الوحد البهبهاني أيضاً لغته بالفقه يشبعها بلغ كلامي يعني الزوايا الكلامية المؤثرة الموضوعات والمحمولات الفقهية يركز عليها ، وهذه نكت ومهمة يلزم الالتفات إليها ، إذاً هناك عدة من عناوين القواعد الفقهية يلزم الالتفات إليها محارب ذمي مهادن حربي ما هو معنى هذه العناوين ، مثل هناك قلنا ولو كان عدواً ، العدو عند الفقهاء ليس معناه المحارب فإنَّ موضوع العدو غير المحارب وإن كان بمعنى العدوان وأنه يبيت العدوان الاعتداء فهذا تفسير للمحارب إذا كان يبيت عدواناً عسكرياً أمني فهذا يسمونه محارباً ، لكن هنا التعبير لا تعبير الروايات ( فإنَّ الله يدفع به عدونا وعدوكم ) قد أخذ هذا العنوان أنَّ المراد به ليس خصوص المحارب وإنما يشمل حتى المهادن والمسالم والمصالح لذا أمس مرّ الآن لأنَّ هذه القواعد الفقيهة مغفول عنها في التنظير الفقهي والأبواب وف الابتلاءات المعاصرة صير خلط ، يعني بعبارة أخرى أنتم أيها الباحثون في الفقه الشرعي لا تنظروا فسيكون الذهن في الساحة الثقافي أو الساحة العلمية شاغر سيملأها منظرون آخرون علمانيون حداثيون أو أياً ما كان ، العلامة الطباطبائي وأيضاً الشهيد المطهري ينقل عنه وغيره أن القرآن الكريم كل اربعين سنة يحتاج إلى تفسير حتى تتفتق معاني القرآن أكثر فأكثر ويتم الاستهداء بالقرآن على البيئات المعاصرة أكثر فأكثر ، نوع من مداخلة في القرآن الكريم في فيصلة نزاعات البشر واختلافاتهم ورؤى البشر فهذا هو معناه ، نوع من تحكيم وتفعيل وتنشيط القرآن في البيئات المعاصرة ، فكما أنَّ هذا هو الحال في القرآن الكريم كذلك الحال في أبواب الفقه ، إذا كانت أبواب الفقه لا فعلها تنظيرا على البيئة المعاصرة بلا شك سيكون نوع من الموت للفقه وسيشغل هذه البيئات المعاصرة تنظيرات وضعية بشرية ما أنزل الله بها من سلطان بديل عن الرؤية الشرعية لا محالة أما تنظير الفقه فقط بأمثلة اصطلاحية قديمة ومصاديق قديمة فهذا بلا شك هذا نوع من حجب وحجز الفقه وعدم تفعيله في الحيلة المعاصرة والحال أن أهم أغراض الفقه هو عملية الالتزام بتلك الأحكام الشرعية بتلك الهداية الشرعية في التشريع الاسلامي فهذا الالتفات إلى العناوين والقواعد أمر مهم.

وهذه لست توصيات ندبية وإنما هي توصيات نخاعية سمعناها من أكابر صراحة وليس أن القضية ندبية ، كلما نحن نقصر في التنظير سيحل عليه تنظير وضعي بشري بدل التنظير الوحياني ، وهذا أمر منافسة وتسابق لا هوادة فيه ولا كلل ولا توقف ، لأنَّ عطش البشرية موجود فإذا لم تنظّر أنت فسوف يأتي غيرك ينظّر ويسوق المسيرة.

نضيف إلى ما ذكرناه سابقاً من بعض العناوين هذا المطلب وهو الان لاحظوا هذا المنطق في القرآن الكريم وهو منطق ابتلائي وهو العلاقة بين النبي إبراهيم عليه السلام وعمّه آزر الذي يسميه القرآن الكريم أبوه ﴿ إذ قال إبراهيم لأبيه آزر ﴾ فالقرآن الكريم قال ( أبيه ) ولم يقل ( والده ) فإنَّ والده هو الذي ولّده ﴿ ووالدٍ وما ولد ﴾ فالقرآن الكريم قال ( لأبيه ) لأنه ليس والده لأنَّ الأب يطلق توسعاً على العم أو غيره بخلاف الوالد ، وهذه نكتة مهمة في باب الروايات ، الفرق بين الابن والولد أيضاً كذلك ، الآن مثلاً سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم بالنسبة إلى رقية وزينب وأم كلثوم ولو أنَّ ظاهر الروايات أنه أب ولكن التعبير هل هو والد وولد أو أب وبنات ، فأب وبنات كما يقال هو أعم ، فإذاً كان في الرواية الموجود وهو ولد والد فهذا نصّ في المعنى ، أما الأب فإنه حتى في القرآن الكريم يستخدم ليس بمعنى الوالد بل بمعنى أعم وهو مطلق الرعاية والنسب ، وهذه نكتة مهمة ، ﴿ إذ قال إبراهيم لأبيه ﴾ هذه العلاقة بين البني إبراهيم عليه السلام وعمّه آزر ، وعمّه يجوز أنه زوج والدته وليس عمّه وهذا ليس ببعيد ، فقال لآزر ﴿ سأستغفر لك ﴾ وهو كان كافراً وفي نهاية المطاف القرآن الكريم يعبر هكذا ﴿ فلما تبين أنه عدو لله تبرأ منه ﴾ ، وهذا تقسيم من قبل القرآن الكريم فإنه يقول إنه يوجد كافر عدوا ويوجد كافر ليس بعدو ، والكافر العدو تارة محارب يعني عداوته اشتدت وتارة غير محاب ، فهذه التقسيمات يجب أن نلتفت إليها فهي قواعد فقهية لها آثار ، مثلاً الفقهاء قالوا إذا كان الأب أو الرحم أو غير الأب والرحم يريد الورثة أو غير الورثة هل يجوز لهم إذا كانوا من غير أهل الايمان هل يجوز لهم أن يقضوا عنه الصوات أو حج النيابة أو لا ، وهذا البحث بحثه الفقهاء في أبواب وجوب الحج ، وهو موجود في العروة ، ولماذا ؟ قالوا لأنه ﴿ ما كان للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ﴾ ، فهذا إذا صلوا عنه فها استغفار والاستغفار غير جائز فصار محل كلام بين الفقهاء فراجعوها في العروة في أبواب وجوب الحج ، فالمهم تترتب عليها آثار وأبواب فقهية الآن هذه آثار فردية ولكن توجد آثار أكثر من الفردية كالآثار السياسية والاجتماعية وغيرها ، هنا القرآن الكريم يقسم وينوع لنا ﴿ فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه ﴾ فما معنى البراءة ؟ البراة الدينية أو البراءة السياسية وهل البراءة تقسّم ؟ البراءة غير الاستباحة ، فرق البراءة عن التبري عن الاستباحة ، ما هو الفرق بين التبري والحذر ؟ ، وأمس مرّ بنا بحث الحذر ، وللأسف هذه قواعد كلها منسية مع أنها عقائدية فردي وفقهية فردية وفقهية سياسية وفقهية شعائرية ولكنها متروكة تماماً ، ولذلك في مقام العمل يوجد خلط على الطبقات المختلفة ، لأنَّ هذه القواعد لم تنقح ولم تحرر فإنها تحتاج إلى تنظر علمي ( العلم إمام العمل ) ، مهما بلغ الانسان من العلم توجد أبوبا إلى الآن متوركة تحتاج إلى جهود أجيال صراحة ولا توجد فيها مجاملة ، ومتى تنقَّح ؟ إنها تحتاج إلى مسؤولية كبيرة علمية اجتهادية.

فالمهم أنه لاحظوا القرآن الكريم في سورة الممتحنة يعني هذه عناوين صدقوني إلى الآن لم تنقح لا في كتاب آيات الأحكام ولا في الأبواب الفقهية والقواعد الفقهية فهي إلى الآن خام متروكة ، ﴿ لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادَّ الله ورسوله ﴾ وحاد الله غير عدو وغير محارب ، فتعال خذ العناوين وخذ القواعد ، من هو المحادد ، وما فرق المحادد عن العدو عن المشاقق ؟ ، هذه التقسيمات ابتلائية في نظام التعامل ابداً نحن لم ننقحها ، ﴿ لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون ... ﴾ ، فهذه ليس أحكاماً استحبابية وإنما هي أحكام الزامية وليست هي أحكاماً عقائدية فقط وإنما هي أحكام عملية ، أما التنظير فهو مبهم عندنا فكيف العمل بها ، فهل يصير عمل بدون علم ؟ إنه لا يصير ، أصل العلم بها في الأوساط العلمية مبهم وإلى الآن هذا الجهد لم ينجز ، واقعاً مداد العلماء أعظم من دماء الشهداء هو هذا فإنَّ هذا طريق المسير فإنَّ المسير يحدده العلم ، حتى لو تبذل الدم الذي هو اعظم شيء وأنفس شيء ولكن المسيرة إذا لم تكن واضحة تصير النتائج وتستغل وتستثمر لغير الصحيح فلاحظ إذاً ﴿ لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون ما حادَّ الله ورسوله ﴾ من هو المحادد ؟ بعد ذلك ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم ولم خرجوكم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ﴾ ما هو البر ؟ ، فهو لم يقل توالوهم ، يعني يقسّم الكفار سواء كان كفر الاسلام أو كفر الايمان بل أعم من ذلك مخالف أو غير ذلك ، ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم ولم يظاهروا عليكم أن تبروا إليهم وتقسطوا لهم عن الله يحب المقسطين ﴾ ما هو فرق البر عن الموادّة ؟ هو التعامل بإنصاف ، فنحن الآن نخلط بين التعامل بإنصاف وبين الموادّة فإنَّ الموادّة شيء آخر ، المداراة أيضاً شيئاً آخر ، والمواددة شيئاً آخر ، ولكن هذه الملفات مخلوطة عملاً ، يخرج شخص مثلاً يخطأ طبعاً ولكن صحيح لا بأس الانتقاد صحيح ولكن الكلام إذا لم يكن أصل التنظير واضحاً يعني مسؤولية التقصير أولاً على التنظير الفقهي فإنه ليس بموجود ، هذه أبواب وهذه القواعد لا أحد ينقحها ولم يشر إليها ، ما هو الفرق بين ﴿ لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادَّ الله ﴾ فإذا لم يحادد الله فهل تصير مواددة لديه ؟ ، توجد روايات عديدة الموادَّة للرحم من جهة الرحم تختلف عن موادّة الرحم من جهة أنه كافر ، هل يسوغ موادة الرحم ولو كان ضالاً من جهة الرحم أو لا يجوز ؟ صلة الرحم موجود عندنا حتى لو كان الأبوان كافران ، صلة الرحم واجبة حتى بين المسلم أو المؤمن وغير المؤمن والمؤمن والكافر وكلن كيف بالموادَّة فهل تصير حيثوية فهل هي من هذه الحيثية نعم أو ما حيثية أخرى فلا ، مثلاً المؤمن الفاسق لا يجوز لك أن تتبرأ قلباً منه من جهة إيمانية أما عمله تبرأ منه أما إيمانه فلا يجوز لك أن تتبرأ منه فإنَّ إيمانه صحيح ، فلاحظ كيف هو التفكيك في الحثيات هذه كلها قواعد تختلط فيما بينها تعال ميز بينها في مقام التطبيق وفي مقام النظير ، أولاً في مقام التنظير فضلاً عن مقام التطبيق ، وهذه هم الفقهاء اعترفوا في بحث الحج النيابي وفي النيابة عن الميت وفي بحث صلة الأرحام في بحث النفق وفي بحث النكاح اعترف الفقهاء أن هذه القواعد هي محل ابتلاء ، وصراحة أقول لكم هي إلى الآن ليست منقحة وإنما هي منقحة شذرات وبع الخيوط العامة ، كم قاعدة مرت بنا أمس واليوم في لسان الأدلة ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين ..... أن تبروهم تقسطوا إليهم إنَّ الله يحب المقسطين ﴾ ، لاحظ أنَّ بعض القواعد والضوابط القسط والعدل والانصاف هذه لا ربط لها هذه موضوعها الطرف الآخر مها كان إن لم يكن باغياً وإن لم يكن معتدياً ، بعض العناوين موضوعها الموالي وبعض العناوين موضوعها المهادن هذه كلّها موجودة في البواب الفقهية ولا يصير أن نخلط بينها ولكنها ليست منقحة ، فعلى كل هذه بحوث كثيرة ، فلاحظ ﴿ ما كان للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا آباءهم ﴾ فالاستغفار غير صلة الرحم ، فلاحظ كيف هو التفكيك بين العناوين ، جملة من محشي العروة في الحج عن الميت إذا كان مخالفاً وضالاً مثلاً قال السيد الكلبايكاني لا يجوز الحج عنه بأن تستنيب عنه فإنَّ هذا استغفار والاستغفار حرام حتى لو كان رحماً ، نعم بعضهم هكذا قال في حواشي العروة في الحج أو صلاة الميت أو الصوم عنه قال إذا لم يكن بقصد الاستغفار فإنَّ الاستغفار حرام وإنما كان بقصد دقع العقوبة عنه - أما أنه ما الفرق بين الاستغفار وبين دفع العقوبة فهذا بحث آخر - هكذا فصّلوا ، قال بعضهم هكذا تفصيل وهو أنه إذا كان بداعي صلة الرحم ولس بداعي الاستغفار فهذا جائز ، فلاحظ أن الأعلام حينما يريدون أن ينقّحوا مسألة فإنهم يحتاجون إلى هذه القواعد ، وهذه محل بحث مهم.

ومعذرة أنا أطيل عليكم لأنَّ هذه كما يقال هي ديون فقهية لم تنجز إلى الآن ، ومسير البحث الفقهي يجب أن يسدد هذا الدين العلمي فينظّر حيث يخرج أشاوس ينظّرون ، من ضمن هذا البحث الخلط الذي يصير الآن والتلاعب على ذهنية العقل الايماني أو العقل المسلم ثقافة الكراهية ، هل مقابل الكراهية المحبة والمودة وهل المقصود من المودة عدم الذر من الطرف الآخر ، فإنه ﴿ أن تقسطوا إليهم ﴾ لا يعني ذلك أنك تحبهم وتذوب فيهم فهما ليس خيارات لا ثالث لهما ، ومن قال لك أنهما خياران لا ثالث لهما ؟! بل يوجد ثلاثين خياراً فلا تكره ولا تبغض لا أنَّ معناه تحب وتوادد فإنَّ هذا كله استدراج إلى عدم الحذر والسبات لكي يمكروا ، ونحن في سبات ، والذي مرّ بنا أمس الفرق بين العدو هذا أحد الأحكام ، فالقرآن الكريم يذكر لهما حكمان في آيات عديدة في الروايات وفي الزيارات ، فلاحظ أنَّ الزيارات مبدأ هوية هذ المحاربة للزيارات وأسانيد الزيارات خلفيتها واضحة أسبابها لأن الزيارات تعطي هوية عقائدية وسياسية ، وهذا واضح ، ولذلك مرَّ بنا أنَّ الزيارة ليست طقساً عبادياً روحياً عادياً بل الزيارة تحمل هوية عقيدة الزيارة تحمل مساراً سياسياً ايمانياً لمجموع مسار الطائفة وليس بناءنا أنَّ الزيارة عمل مستحب فردي ، كلا بل مضمون الزيارة خطير يحتاج إلى برهان عقائدي وبرهان قواعدي للمذهب وهي معلم المذهب ، والمعلم غير الجزئي التفصيلي المندوب ، الزيارة معلم مذهب ، فيه مذهبية ، من ضمن الأمور التي تشر إليها الزيارة هي عملية نظم الفرق بين الحذر فهو شيء في لسان الآيات والروايات أقل شيء في العدو والعدو ليس بالضرورة أن يكون محارباً ، بل أقل شيء ﴿ هم العدو فاحذرهم ﴾ وليس قاتلهم فالحذر لابد منه ، وسبحان الله أنا كنت اتصفح بعض الروايات المرتبكة بهذه القواعد أمس توجد رواية عن الامام الحن العسكري نفيسة ولعلها رويت عنه بعدّة ألفاظ.

وأذكر مشروعا كفائدة معترضة:- وهو أنه لو تؤلف العتبات الشريفة أو الأقلام ذات الهمة كيف أنَّ أمير المؤمنين عدَّة من علماء الطرف الآخر ألفوا حكم أمير المؤمنين عليه السلام ، مثل درر الحكم للآمدي فهو من ذاك الطرف ، والليثي أو هيثم الليثي أيضا عنده حكم أمير المؤمنين عليه السلام وهو أضخم من كتاب الآمدي ، ونهج البلاغة شرحه ابن أبي الحديد - كلامي عن الحِكَم - ، فأتصور أنَّ هذا النمط من الـتأليف ضروري في الأئمة علهم السلام ، وهو كتابة حكم كل إمام حكم الامام الرضا حكم الامام الجواد حكم الامام الهادي حكم الامام الحسن العسكري حكم الامام الكاظم صحيح أنهم نور واحد ولكن لكي تبيّن الكيان العلمي لذلك الامام كيف هو وبأيّ مستوى فهل هو بمستوى البشر أو ليس بمستوى البشر ، وهي برهان لإمامة ذلك الامام ، فهذا النمط من التأليف من الضروري أنَّ تنبري له أقلاماً ، عزل كل حكم إمام عن حكم الامام الاخر - صحيح أنَّ الأئمة لا يعزل بعضهم عن بعض ولكن هذا التأليف ضروري - ، لأنه بمثابة نصّ علمي اعجازي على إمامة ذلك الامام.

نعود إلى نفس المطلب:- فهذه الرواية نذكرها فقط وثمرتها ، فإنَّ الامام الحسن العسكري عليه السلام يقول مثلاً ( لكل شيء حدّ فإذا تجاوز حدّه ..... ) ، مثلاً السخاء إذا تجاوز صار اسرافاً والحزم إذا تجاوز حدّه يصير جبناً والشجاعة إذا تجاوزت حدّها تصير تهوراً وذكر عليه السلام أموراً عديدة عجيبة في الحكمة ، فهنا فضيلة تنقلب إلى رذيلة ، ولكن الحذر لم يجعل له حدّ وهذه نكتة مهمة جداً ، قد قرأنا الرواية أمس وهي مطابقة لما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:- ( أحذر الناس من الناس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) ، إذا لم يجعل الشارع للحذر سقفاً فلاحظوا أنه مرتبط بالسياسة بالقوة بالبناء السياسي بالأمن السياسي بأمن حومة الدين ، فهو حذر فكيف تتكاسل انت في الحذر ؟! وكيف تدعها وردية ؟!! وهذا المرض متفشي بشكلٍ عجيب ، بصراحة سنذكرها لو أنَّ الايان هي أيام ميلاد صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، الموجود أنَّ سبب تأخر ظهور فرج أهل البيت عليهم السلام هو سذاجة المؤمنين ، وهذا المرض لا يزال ، فإذا أزيل فقد يتحقق الفرج.

فالمقصود أنَّ الحذر في الأدلة وفي القواعد الفقهية هو مثل ﴿ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ﴾ ليس به حدّ ولا نهاية ، فهو لا بداية له ولا نهاية لأنه مرتبط بالكيان السياسي أو الكيان الولائي أو كيان حومة الدين ، والحذر أيضاً هكذا ولكن للأسف هذا مغفول عنه ، لأنَّ تنظير البحث الفقهي متروك في هذه الأبواب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo