< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/10/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: آليات إنشاء الإلزام العرفي والشرعي.

مرَّ بنا أمس أنَّ أدلة الصحة وأدلة اللزوم أخذ فيها الوجود العقلائي العرفي للعقود أو الايقاعات وحينما تكون القضية القانونية الشرعية ملفقة من محمول شرعي وموضوع عرفي فهذا يعبرون عنه في علم الأصول بنافذة للتغير في التشريعات والبعد المتغير في الدين، فالبعد الثابت هو المحمول الشرعي وأما البعد الموضوعي سواء كان تكوينياً أو عرفياً عقلائياً يعبر عنه الاصوليون بالجانب المتغير في التشريع والجانب المتحرك، ولماذا؟ لأنَّ هذا قابل للتغير تكويناً وكذلك عرفاً هو قابل للغير أيضاً وكذلك عقلائياً هو قابل للتغير، ومن ثم هذه من أحد موازنات معادلة الثابت والمتغير في الدين هو هذا المطلب نفسه وهو أنَّ البعد المحمولي ثابت والبعد الموضوعي قابل للتغير، ومن ثم مر بنا أمس عناوين عديدة أخذت في المعاملات أو العقود وهي عناوين عرفية هذه العناوين العرفية الآن في العفر المعاصر تغير عما هو في الأعراف العقلائية العرفية في زمن النص أو ما قبل قرون، ومن ثم هذه الأمورلابد أن تلحظ، وهذه نكتة عامة وفي نكتة صاعية نفيسة عامة ومهمة جداً، وهذا ليس من باب نسخ الدين أو تغير الشريعة وإنما هذا يعبرون عنه بالجانب المتغير والمتحرك في الدين وهذا غير الجانب الثابت، وطبيعة الأدلة الامضائية هو هكذا غير الأدلة التأسيسية - وأنا أذكر هذه النكات الصناعية لأنه يغفل عنها وهي نكات صناعية فوقية مهيمنة يجب الالتفات إليها - فأدلة الصحة الشرعية إذاً أخذ فيها أحل الله البيع العرفي وليس أحل الله البيع الشرعي فإنه سوف يصير من تحصيل حاصل، وأوفوا بالعفود يعني العقود العرفية وليس أوفوا يالعقود الشرعية لأنه يصير من تحصيل الحاصل، ونفس الكلام يأتي في دليل تجارة عن تراض، فأدلة الصحة إذاً أخذت فيها الصحة العرفية وإذا تغيرت الصحة العرفية ولم يمانع دليل خاص أو عام عن هذا التغير من أدلة جارج أوفوا بالعقود أو تجارة عن تراض أو أحل الله البيع أو الناس مسلطون على اموالهم فلا محالة هذا التغيير سيضفي بتغييره على هذه القاعدة أيضاً، يعني لابد أن يستحصل الموضوع، فمثلاً لو جعل العقلاء أو العرف انشاء الصحة في البيع بآلية كذا فرأوا أن البيئة تتطلب أن يكون الأمر هكذا وإلا تصير فوضى في الجانب المعاملي فلا محالة حينئذٍ قيد الصحة هذا سوف يؤخذ، ولو قيل إنَّ علمائنا القدامى لم يذكروه قلنا إنهم وإن لم يذكروه إلا أنهم ذكروه بلحاظ العرف الموجود عندهم لأنَّ الكثير من القيود التي ذكروها هي قيود عرفية في زمانهم وأما الآن فالقيود العرفية تتبدل فنحو القبض يتبدل ونحو آلية انشاء الصحة تتبدل وهلم جرا وكذلك الحال في آلية انشاء اللزوم، وهنا توجد نكتة صناعية يجب أن الالتفات إليها وهي أنَّ عمومات اللزوم الشرعي مثل أوفوا بالعقود أو ايأً ما كان الدليل الذي يقرب للزوم الشرعي فهو مأخوذ في موضوعه الصحيح الشرعي، لأنَّ الشارع لا يصح أن يلزم شرعاً بغير الصحيح الشرعي عنده، وإن كان الصحيح الشرعي عند الشارع أخذ فيه الصحيح العرفي، فلاحظ هنا توجد مرتبتان وهما صحيح عرفي بحسب عرف كل زمان ثم تأتي أدلة الصحة الشرعية ثم بعد ذلك رتبة تأتي أدلة اللزوم، فادلة الزوم مأخوذ فيها كلّاً من الصحة العرفية والصحة الشرعية، فهما مأخوذتان طولاً وحسب تعبير الشيخ المظفر في الجزء الثالث هي موضوع وموضوع الموضوع وموضوع موضوع الموضوع وبالتالي هذه سلسلة كلها مأخوذة تلقائياً، وبالتالي أدلة اللزوم الشرعي مأخوذ فيها أدلة الصحة الشرعية والصحة العرفية وزيادة والزيادة هي أنه مأخوذ فيها اللزوم العرفي، يعني الصحيح الشرعي مع اللزوم العرفي فالشارع يمضي اللزوم العرفي لزوماً شرعياً، فكيف أنَّ أدلة الصحة الشرعية مأخوذ فيها أدلة الصحة العرفية موضوعاً كذلك ادلة اللازوم الشرعي أيضاً مأخوذ فيها أدلة اللزوم العرفي، وما هي ضابطة اللزوم العرفي؟ ضابطة اللزوم العرفي مأخوذ في اللزوم عند المتعاقدين، وقد سبق أنَّ مر بنا أنَّ الصحة العرفية مأخوذ في موضوعها الصحة عند المتعاقدين، فلاحظ أنَّ هذه سلسلة أسباب مسببات سبق وأن مرت بنا مراراً ولكنها تنسىى، فالصحة العرفية نفسها مأحوذ فيها الصحة عند المتعاقدين، واللزوم العرفي مأخوذ فيه الصحة العرفية واللزوم عند المتعاقدين، لأنه إذا كان نفس المتعاقدين لم ينشئا اللزوم فهل يلزمهما العرف بذلك؟ إنه لا يلزممهما به، فإذا كان نفس المتعاقدين لم ينشئا الصحة أو اللزوم كيف يلزمهما العرف بالصحة واللزوم؟!! وهذا مرَّ بنا وهو عقد المتعاقدين وهذا وجود اعتباري أولاً ثم العقد العرفي ثم العقد الشرعي، هكذا تكون السلسلة، أولاً اعتبار العقد أو الايقاع أو ما شئت فعبر اولاً وجوده عند المتعاقدين صحة أو لزوماً وهذا يسمونه بتعبير محشي المكاسب من المحققين الكبار بأنه عقدٌ عند المتعاقدين وهذا وجود اعتباري، ثم يأتي نفس المتعاقد إذا لم تكن لديه ارادة جدية واستعمالية وآلية إنشاء فالقانون الكلي للعرف يبقى فرضيةً كليةً لا مصداق لها وإنما الذي يوجد المصداق هما المتعقدان، فالمتعاقدان لابد من أن ينشئا ويقصدا ويلزما ويأتيا بآلية إنشاءٍ للصحة وآلية لزوم، فعندنا صحة ولزوم على صعيد المتعاقدين، ثم عندنا صحة ولزوم على صعيد العرف، ثم عندنا صحة ولزوم على صعيد الشرع، فهذه سلسلة، ومتى يصحح العرف عقد المتعاقدين؟ إنه يصححه إذا طابقت ضوابط العرف، فمثلاً العرف أغلب العرف يقول إنَّ القمار ليست عقدا صحيحاً إلا في بعض الاعراف المريضة في بعض بقاع البشر أو الدعارة هي عمل محظور وليس هو باب لكسب المال عند أغلب أعراف البشر إلا بعض الأعراف المريضة، فلو تعاقد المتعاقدين على عقدٍ باطل عند العرف فسوف لا يمضي العرف لهم هذا العقد كما لو كان عقد دعارة أو قمار أو اجرام فالعرف لا يمضي هذا العقد.

فإذاً إذا أوجد المتعاقدين آلية صحيحة لعقد صحيح صحةً ولزوماً فحينئذٍ العرف يمضيه، فإذاً لابد أولاً من انشاء عقد صحيح ولازم بآلية مسموح بها عند العرف يأتي بها المتعاقدين فحينذاك يأتي العرف يمضي ويلزمن هكذا هو منوال أنظار الاعتبار، فهو اعتبار صغير عند المتعاقدين ثم اعتبار نوعي عند العرف ثم اعتبار نوعي آخر عند الشرع صحة ولزوماً، وإذا لم نلتفت إلى نظام المعاملات في تعبير المحققين في حواشي المكاسب فسوف لا نعرف نظام باب المعاملات فليزم الالتفات إلى ذلك حتى نعرف أين يصير الثابت وأين يصير المتغير، فالمتغير إذا صار عند المتعاقدين ولم يصر عند العرف فالعرف لا يأبه بتغيير المتعاقدين، ومن الأمثلة العرفية على ذلك الزواج في الشعوب المسيحية، فإنه يوجد عندهم زواج كنيسي وإن كان هذا الزواج الكنيسي محرف في شريعة النبي عيسى عليه السلام لأنه لا طلاق فيه أبداً وهناك زواج قانوني وضعي للدولة وهذا عرف ثانٍ وهو عرف قانوني رسمي وهو غير العرف الكنائسي وهناك زواج آخر استحدثه العرف حتى البيوتات الثرية أو الشريفة – أي الشريفة بحسب مجتمعاتهم - وهذا الزواج يمارسونه خارج نطاق تقنين الكنيسة وخارج تقنين الدولة وهو زواج عرفي آخر وهو غير قضية الصداقة وإنما هو زواج عرفي آخر وهذا قد استحدثه العرف لأنه رأى أنَّ الزواج الكنيسي مكبّل للحياة الزوجية وكذلك الزواج القانوني الرسمي هو مكبل أيضاً فصار عند العرف تحرر عن هذين العرفين إلى عرف عقلائي ثالث تكون النفقة فيه على الاثنين كما توجد فيه توافقات وشروط ينتفقان عليها فيما بيتهم، وهذا يمارس بين عوائل كبيرة عندهم وهو ليس من باب الدعارة وليس من باب الشهوة ولا من باب النزوة وإنما هو التزام، فهو بيت زوجية ولكنه عرفي، فلاحظ أنَّ الاعراف تتعدد عرف كنيسي وعرف قانوني رسمي للدولة وعرف نوعي وعرف المتعاقدين فلاحظ أنه صار كم درجة.

نرجع إلى محل بحثنا:- فمحل البحث عندنا كان هو أنَّ أدلة اللزوم الشرعية موضوعها مثل ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ أو غيره ما هو موضوعها؟ إنَّ موضوعها هو الصحيح شرعاً واللازم عرفاً، فإذا كان العقد ليس لازماً عرفاً فهل الشارع يلزمه؟ إنه لا يوجد عندنا هكذا شيء بل لابد وأن يكون اللزوم قد انشئ أُريد وأُمضي عرفاً فحينئذٍ الشارع هنا يقول نعم أنا سأمضي هذا، ولذلك أدلة اللزوم عندنا هي امضائية وليست تأسيسة، ومن الواضح أنَّ الامضاء كما مر بنا مراراً هي مبحث صناعي مهم جداً، وهو أنَّ حقيقة الامضاء وفرقه عن التأسيس في باب التقنين أمر مهم وقد بحثوه في أوائل الحجج كبحث السيرة العقلائية والعقلاء والامضاء وهو محل معركة الآراء بين الاعلام، فحقيقة الامضاء ما هو والتشريع الامضائي ما هو؟، فهو تشريعٌ ولكنه إمضاء مع أنَّ الشارع يهذّب ويشذّب وهذا البحث يبحثونه بمناسبة في تنبيهات القطع ويبحثونه بمناسبة في حجية الظنون باعتبار أنها امضائية، فما هو فرقه عن التأسيس، وهو بحث معقد وصعب لأنه نوع من التزاوج بين التقنين العقلائي مع التقنين الشرعي وكيف يكون تصوير هذا الاقتران صناعياً فهو محل بحث صعب جداً، وهذا شبيه حجية العقل مع حجية الوحي أو النقل وكيف التزاوج بينهما، فأصل المعارك العلمية بين المتكلمين والفلاسفة وبين الاخباريين والاصوليين هي في هذا البحث إلى أن نضج، وبتعبير الشيخ المظفر أنَّ هذه المساجلات العلمية نضّجت البحث عند مذهب الامامية وهو أنه ما هي العلاقة بين الوحي بين العقل أو بين العقل والنقل أو بين العقل والعقلاء أو بين والعقل والوحي، فلاحظ أن َّهذه محاور لبحث نظام الحجية، وشبيه ما مرَّ بنا في مبحث الأصول يوم أمس وقبله من مباحث أنه ما العلاقة بين الحقيقة الشرعية فهل هي تأسيس مطلق أو ممزوج بين التأسيس والامضاء؟، وبحث الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية وهو بحث معقد ودقيق والذي لا يتقنه فسوف لا تنتظم عنده مراحل الاستنباط، ونفس مبحث الامضاء هو بحث معقد وليس بالسهل وقد تعرضنا إليه شيئاً ما في العقل العلي سيما في الخاتمة أو في الثلث الأخير من الكتاب ونقلنا كلمات الاعلام وتدقيقاتهم وتحقيقاتهم وهو بحث مهم جداً.

فإذاً الادلة الشرعية على اللزوم الشرعي موضوعها هو الصحيح شرعاً واللازم عرفاً، فحينما نقول لازم عرفاً فحينما ادخلنا العرف يعني أنه جانب متغير فأذا تغير العرف وجعل في البيوعات والمبيعات والسلع التي لها سجل عقاري أو سجل عجلات أو سجل مصانع أو سجل شركات فالشركة ليست عقاراً وإنما هي بوجود اعتبار لها وهي عندها سجل مثل الرقم المسلسل أو رقم الرخصة أو البنك مثلاً له رخصة معينة أو مصنع له رخصة معينة فهذه رخص السجل التجاري ، فعندنا السجل التجاري وعندنا السجل الزراعي وعندنا السجل العقاري وهكذا، فالسجل يعني ليس كتابة فقط وليس فقط شهود فقط بل لابد وأن يصير تسجيلاً رسمياً، ففي الأمور الخطيرة في العرف الآن إذا لم يكتب السجل ليس فقط ليس بقبض وإنما تكون لي الانشاء للإلزام في عرفنا المعاصر الذي هو فيه سجلات لا يكون بيعاً ، وبتعبير الشيخ لطف الله الصافي حيث كان متضلعاً في ابحاث السيرة المتشرعية الأخيرة وعارض الكثير من التغييرات التي تصير في قوانين الجمهورية الاسلامية في ايران لأنه قال نتمسك بهوية تراث مالي عاشه المؤمنون طيلة أربع قرون فقال كيف تبدلون ذلك؟!!، وإلى الآن في هذا الاسابيع والاشهر والسنين يوجد سجال قانوني من الجهات القانونية في ايران في قضية السجل القديم كيف يكون التصرف معه وذلك مثل السجل العثماني الموجود عندنا هناك أيضاً فعندهم السجل القاجاري وغيره، فالكلام في السجل سيما في قرننا الذي نعيشه صار السجل هو آلية إنشاء الإلزام في هذه الأمور الخطيرة، فمثلاً مصنع ضخم أو شركة ضخمة أو بنك له قدرة مالية كبيرة إذا لم تكتب السجل فأنت لم تنشئ الإلزام وإنما لازال هذا البيع مترهّلاً، فالسجل عبارته قانونية وأما الطابو فهو اسم للسجل العقاي، وأما الصيدلة فإنها لا يصير لها طابو وإنما يوجد لها سجل صيدلي أو طبي، فمثلاً طبيب يريد أن يفتح عيادة فنفس رخصتة العيادة هي سجل فيه رقم الرخصة ورقم العيادة فلو أراد بيع هذه الرخصة والعيادة إلى شخصٍ آخر فإذا لم يكتب السجل باسم ذاك الشخص فهذا ليس انشاءً للزوم، يعني أنَّ البيوعات الخطيرة المهمة وثّقت بهذا السجل، بل هذا ليس تثيقاً فقط وإنما صار هذا شرط آلية الإنشاء للزوم إن لم نقل في الصحة كما هو الحال في القبض حيث مر بنا مراراً ونبني عليه ونلتزم به في أجوبة الاستفتاءات أنَّ القبض في الاشياء ذات السجلات - السجل الرسمي من الرقم والرخصة أو رقم الايداع أو التعابير قانونية العديدة - هذه إذا لم تنقل باسم الطرف الآخر فأصلاً لم يحصل قبض ولا سجل لأنَّ آلية الإنشاء ليست موجودة، فإذاا كان الامر هكذا فإذاً آلية الانشاء في عرفنا المعاصر في البيوعات الخطيرة لم يؤخذ فيها اللفظ فقط فإنَّ اللفظ غير كافٍ، وكذلك الشهود فإن الشهود بمفردهم لا يكفون، وإنما يجب أن يكون هناك تدوين وكتابة، والكتابة وحدها لا تكفي أيضاً بل لابد وأن تكون كتابة رسمية وأقل شيء أن يكون كاتب عدل أو كاتب محكمة بخلاف تدوين السجل فإنَّ السجل لابد منه.

فإذاً آلية الانشاء تتبدل من بيئة إلى أخرى، فمادام هي بيئة عرفية كيف أن القبض وجوده العرفي يتبدل كما مرّ بنا مراراً وكيف استعلام قيمة السلعة إذا كانت ضخمة فإنَّ العقلاء توجد عندهم آلية معية لذلك وهلم جرا.

وبعبارة صناعية ونظم صناعي عام في باب المعاملات نقول:- إنه أي قيد عرفي يؤخذ فهو قابل للتغير، فأيّ شرط عقلائي عرفي امضائي يكون قابلاً للتغير وهنا الشارع لم يمنع العرف من التغيير والتبديل وإنما أمضاه، وبعبارة اخرى:- الشارع أعطى صلاحية تشريعٍ للعقلاء تتناسب مقتضيات بيئاتهم المختلفة، وهذا شبيه ما أقر به حتى القدماء حينما يقول الشارع المكيل يباع كيلاً والمعدود يباع عدّاً فهنا يوجد فسح مجال للنظام المالي العقلائي، أين عندك المعدود والمكيل؟ إنه بحسب متطلبات بيئتكم المالية ونظامكم المالي، فمثلاً العقلاء في الذهب عندهم الوزن يكون بالقيراط أو بالأونصة أو بالمثقال وأما اللزوم في أمور أخرى يكون بالطنّ مثلاً، فلاحظ حتى معايير الوزن عندهم تختلف لأنَّ الاغراض المالية عندهم تختلف وهذا ارجاعٌ من الشارع إلى العرف فمعنى الامضاء فيما يتحمل هو أنَّ الشارع فوّض قسماً ونافذةً من الشتريع بيد العرف وهذه قابلة للتغير، ونحن استعرضنا هذا البحث ومخرجه الصناعي وقولبته الصناعية لأجل أنَّ ندخل في بحث المعاطاة وآلية الإنشاء في الإلزام وما شابه ذلك فإن البحث في المعاطاة ليس في الآلية فقط وإنما هو في المسبب أيضاً، وليس في المسبّب مجرداً عن الآلية وإنما فيهما معاً، فقد يعتبر العرف أن هذه الآلية لإنشاء الصحة وليست آلية لإنشاء اللزوم فالشارع هنا لا يتدخل ولذلك أول ما بدأنا أننا بدأنا في هذه النقطة وهي أنَّ أصل المعركة في المعاطاة بالدقة هي موضوعية وليست محمولية كما ذكر ذلك الشيخ الانصاري في جملة كلماته والسيد الخوئي في كل كلماته حيث أراد أن يصور أنَّ المسألة هي في المحمول، ولكن الامر ليس كذلك، فهو قال مفروغ عنه أنه بيع ومفروع عنه أنه لزوم فيقال هل أدلة الصحة واللزوم الشرعي شمله أو لا، ونحن نقول إنَّ البحث ليس هنا وإنما البحث في المعاطاة ليس هو في أن أدلة الصحة في البيع وأدلة اللزوم في البيع فارغاً عن وجود البيع العرفي الصحيح اللازم وأن أدلة الصحة واللزوم تشمله أو لا تشمله وهل هناك دليل خاص مقيد لأدلة الصحة الشرعية واللزوم الشرعي على شرطية العقد اللفظي أم لا فالبحث ليس في هذا الجانب فإنَّ الكثير من المعاصرين قد صوّروا البحث في المعاطاة في الجانب وكأنما هو بحث محمولي وأنه هل هناك دليل مخصّص لأدلة الصحة الشرعية وأدلة اللزوم الشرعي أو لا ولكن هذا ليس هو حقيقة البحث بل حقيقته هو أنَّ أصل موضوع الصحة أو موضوع اللزوم هل أنشئء أو لم ينشأ أو ما هي آلياته عند العقلاء، فهذا هو حقيقة البحث في المعاطاة بالدقة.

وهذه نكتة مهمة جداً، وهناك نكنة مهمة أخرى مرت بنا أيضاً وهي أنَّ آلية إنشاء الصحة أو اللزوم ليست مجرد قضية تنويع في الآلية بقدر ما هي في المسبب، وليس في المسبب بمفرده فقط من دون الآلية، ونحن كررنا ذلك عدة مرات ولكن لازالت مبهمة وسنبسط الكلام فيها أكثر إن شاء الله تعالى لأجل توضيحها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo