< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ اقسام الواجب

نظريات ثمانية في التخييري والكفائي

كان الكلام في الواجب التخييري والواجب التعييني أو يقال الوجوب التعييني والوجوب التخييري. هل هذا التقسيم للواجب او للوجوب أو غيرهما؟ فبالتالي يستفاد الوجوب أو الواجب التعييني أو التخييري من خلال إطلاق الأمر، هل مقتضى الامر هو التعيينية او التخييرية؟ هذا الدوران كما ذكر الاعلام يتوقف على تحرير حقيقة الواجب التعييني او الواجب التخييري وأقوال كثيرة في حقيقة التخييري مثل عتق رعبة او صيام شهرين او اطعام ستين مسكينا. فهذه الخصال الثلاثة ما هو الواجب؟

القول الأول او النظرية الأولى أن الواجب ما هو واجب عند الله. طبعا في الواجب الكفائي هكذا نظرية لان البحث متقارب تقريبا فيهما غاية الامر انه في الكفائي بلحاظ المكلف والمكلف في علم الأصول من قيود الوجوب وموضوع. فهناك كلام في كيفية تصوير تعلق الأمر أو الوجوب بالمكلفين بشكل كفائي. هكذا الكلام في التخييري الوجوب بلحاظ المتعلق العتق او الصيام او الاطعام. فما يقال هنا يقال في الموضوع مما يدل على أن بحث تقسيم الواجب بلحاظ هو تقسيم للوجوب وبلحاظ هوتقسيم للواجب. فهذه النظرية الأولى نظرية قديمة ربما عند بعض العامة أن الواجب هو الواجب عند الله وعلم الله إذا اختاره المكلف. نظرية متروكة عند الأعلام.

النظرية الثانية: إن الواجب او الوجوب هو وجوب كل من الخصال بشرط ترك الآخر. كذلك في الكفائي وجوب متعلق بكل مكلف بشرط ترك الباقون. هذه النظرية سجلت عليها مؤاخذات. منها ان الترك مطلق أو في الجملة؟ في الترك في الجملة يكون الوجوب لكل الخصاص في التخييري ولكل المكلفين في الكفائي لأنه إن يتحقق الترك في الجملة سواء في الكفائي او التخييري سيتعين وجوب الخصال الثلاث تعيينا وهذا خلف الفرض لأنه ليس تعيينيا بل تخييري أو في الكفائي سيكون الوجوب عينيا وهذا خلف. وإذا أخذنا الترك المطلق فيفوت محل تدارك الواجب إلا إذا قيل أن الترك شرط متأخر فكيف يعرف المكلف. فالعمدة في الاشكال أن الترك في التخييري من المكلف هو ملاحظة مرحلة الامتثال وهي كيف تؤخذ في مرحلة الانشاء او الفعلية. قابل للتصوير لدفع الدور صحيح لكنه واضح كيف تؤخذ حالة من مراحل الامتثال في الفعلية او الانشاء. إذاً هذه النظرية ليس عملية لأنها بالتالي مستلزمة أن الوجوب التخييري في بعض صوره مثل ترك الخصاص الثلاث يستوجب ثلاث عقوبات وهذا لا يلتزم به. كذلك في الكفائي الكلام الكلام. طبعا في الكفائي العقوبة على الكل لكن يستلزم أن يكون الوجوب عينيا على الكل. هذا لا يلتزم به.

النظرية الثالثة والرابعة: قيل أن الواجب عنوان جامع ثم إما نقول أن الجامع اعتباري او نقول ان الجامع تكويني. أحد الخصال الثلاث عنوان اعتباري وهو خفيف المعونة وصادق على الثلاثة أو في الكفائي أحد المكلفين بالتالي في موارد الصفات التكوينية يمكن أن تتعلق بهذا العنوان الاعتباري كالعلم فكيف بك في الوجوب الذي هو معنى اعتباري. بعبارة أخرى ان الواجب التخييري هو الواجب التعييني لكن العنوان جامع وهذا العنوان الجامع عموم بدلي وصرف الوجود. كذلك الواجب الكفائي في الحقيقة عيني على العنوان البدلي الذي انطباقه بدلي وأصر عليه السيد الخوئي وربما يحتمل من كلام الاصفهاني او صاحب الكفائة في بعض احتمالاته.

المؤاخذة على هذه النظرية انه إذا كان بنحو البدلي فالمسئولية التي في الكفاية على الجميع كيف يكون بدليا. إذا ترك الكل في الكفائي على هذه النظرية إذا ترك الجميع فيعاقب واحد على البدل شبيه القصاص بين عشريتين لا اقل واحد على الواحد. عجيب أن السيد الخوئي ربما ملتفت الى هذا الاشكال وقال إن المراد هو البدلي المنتسب للجميع. فهذا تركيب بين العموم البدلي والعموم الاستغراقي أم ماذا؟ أيضا في التخييري يعني ان الواجب هو البدل والحال أننا نلمس أن الصيام بخصوصيته هو محل الوجوب والعتق بخصوصيته هومحل الوجوب والصدقة والإطعام بخصوصيته محل الوجوب وليس بدليا. لذلك في بعض الأقوال قالوا أن الواجب هو الجامع التكويني. فإذا هذه النظرية عليها مؤاخذات.

النظرية الخامسة والسادسة: سنبين آثار هذه النظريات في موارد الفقه السياسي والفقه الاجتماعي والعسكري حتى الفقه على صعيد الأسرة. النظرية الخامسة والسادسة أن يقال ان الواجب هو العموم المجموعي. ففي الكفائي مجموع المكلفين وفي التخييري يقال ان الواجب مجموع الخصاص الثلاثة غاية الأمر أنه إذا أتى بأحدها يسقط الغرض. هناك كذلك. هذه النظرية أيضا كالنظرية الثالثة نظريتان نظرية العموم المجموعي وفيه نظرية العموم الاستغراقي وعليهما مؤاخذات. أما الاستغراق فيصير الوجوب الكفائي عينيا والتخييري تعيينيا لأن الاستغراق يعني كل واحد على الاستقلال. خاصية الاستغراق شمول والاستقلال. إذا كان مجموعيا أيضا لا يمكن الالتزام به لأن في الخصال الثلاث ليس المجموع واجبا بماهو مجموع. المجموع يعني إذا حصل الخلل في البعض يختل الكل والحال انه لا يختل في التخييري. وهنا أيضا في المجموعي إذا أخل البعض في الكفائي سوف يحصل الخلل في الكل والحال ليس كذلك. إذًا أي النظريات ليست صحيحة.

النظرية السابعة: تبناه صهر كاشف الغطاء المحقق التقي صاحب كتاب هداية المسترشدين هو الأخ الأكبر لصاحب الفصول. تبع الان ثلاثة مجلدات والشيخ الانصاري قيل انه سئل لمااذ لم تكتب في الالفاظ قال كتابة المحقق التقي في الالفاظ أقوى من كتابنا. نظريته تبناه وبلورها بقوة المرحوم العراقي وهي عبارة عن أن الوجوب في التخييري أو الوجوب في الكفائي يتعلق بشخص الخصاص الثلاثة وفي الكفائي يتعلق بشخص المكلفين كل واحد واحد كأنما استغراقي لكن يفرقه عن الاستغراقي أن هذا الوجوب ليس وجوبا في الشدة شدة الباعثية والمحركية كالوجوب التعييني والعيني. يعني أن الوجوب التخييري هو وجوب تعييني لكنه مخفف لا من جهة الملاك بل مخفف من جهة المحركية وذمة المسئولية .الكفايي مثل العيني أن في العيني مسئولية الشخص تجاهه أشد ومحركية الأمر أشد. إذاً هذه النظرية نظرية تتبنى على أن الكفائي عيني لكنه خفيف لا من جهة الملاك بل من جهة المحركية او ذمة لمسئولية كذلك التخييري تعييني لكنه خفيف. الوجوب في التخييري والكفائي يحرك لسد العدم ويدفع نحو الايجاد شبيه التخييري يسد العدم اما من ناحية هذه الخصلة او تلك الخصلة او تلك. ليس يسد العدم بنحو تام. كأنما هذه النظرية فيها تقييد لكن التقييد ليس في الفعلية ولا في الانشاء بل في الفاعلية. بحيث لا يريدان الواجب يبقى على العدم بل يريد ايجاده لكن يحرك كل المكلفين.

النظرية الثامنة: إن الكفائي الغرض فيه واحد ليس الغرض فيه كثير بخلاف العيني أن الغرض فيه كثير. هذه النظرية جيدة لكن لا تعالج بقية الفراغات. العيني مثل الصلاة كل صلاة فيها ملاك وفي الكفائي ملاك واحد غسل ميت يجب أن يغسل. في التخييري غرض واحد من الخصال الثلاثة. نظرية تامة لكن لا تعالج بقية الزوايا. مثلا بالنسبة الى قالب وإطار الوجوب كيف هو؟ هل هو استغراقي او مجموعي او غيره لا تعالج.

اجمالا لتبيان الصحيح من هذه الوجوه هو التلفيق بين هذه الوجوه لبيان ما هو الصحيح. نكتة صناعية مهمة أهم من البحث في المقام وإن كان الكفائي بحثه حساس. هذه المقدمة فائدتها أكثر وشمولية أكثر. نقطة الحل.

مرت بنا مرارا ان طبيعة هندسة الوجوب او الواجب ليس من الضروري أن تكون استغراقيا او بدليا او مجموعيا أو امتداديا يعني أن هندسة الواجب والوجوب في هذه النظريات كل نظرية تلائم واقع التخييري او الكفائي من جهة ولا تلائمه من جهة. غالبا في أبواب الفقه الاحكام الشرعية ليس من الضروري ان تنضبط بالضوابط التي ذكرها علماء الأصول في الأصول. القضية أعمق من ذلك من جهة أن الذي في الأصول ليس تحريرا وتنقيحا لكل الضوابط. من باب التوضيح الأكثر. العموم في الأبواب الفقهية او العقائدية عبارة عن ضابطة رياضية هندسية هل هذا العموم محصور بالبدلي والاستغراقي والمجموعي او الامتدادي؟ الصوم يبتدأ من الفجر ويمتد الى المغرب او الخمر شربه حرام كل جرعة جرعة منه حرام وممتد. هل يقسم العموم الى هذه الأربعة؟ لا حد له. من يتوهم ان العموم على أربعة شاكلات أخطأ. لأن القوالب الهندسية قد يركبها التكوين او الشارع لتركيبات هندسة مختلفة. مثلا سقف المسجد هنا غير التركيبات الهندسية في مسجد آخر. يبدأ التركيبات من أشكال هندسية بسيطة لكن لما تتركب يصير شكلا آخر. العمومات هكذا.

العقد الموجودة في أبواب الفقه او أبواب العلوم الاخرى من الخطأ أن نحكم معيار العموم الاستغراقي او العموم المجموعي او البدلي او الامتدادي. الان فدرالية بعض الدول العظمى ما الفرق بين الفدرالية والكنفدرالية؟ فدرالية مجموع والكنفدرالية مجموع فما الفرق بينهما؟ الفدرالية تلفيق بين العموم المجموعي والجميع. من باب المثال الولايات المتحدة 51 ولاية وفدرالية وسوئيس يقال ستة وعشرون دولة وهي أصغر من لبنان وهي تعيش كنفدرالية. هذه هندسة معينة. روسية تجمع بين ولايات اتحادية وكنفدرالية فيها جمهوريات وفيها حكم ذاتي وفيها ولايات. المقصود ذكرت في الاجتهاد والتقليد هل الصلاحية التي أعطاه الائمة للفقهاء عموم استغراقي او عموم بدلي او عموم مجموعي او مركب من هذه الثلاثة وبأي صيغة من التركيب؟ وإذا تلاحظون في باب الاجتهاد والتقليد صاحب العروة ذكر 67 مسألة وهذه المسائل شمولية وكيف شمولية هذه الاحكام للفقهاء؟ «انظروا الى رجل منكم» بدلي او مجموعي او استغراقي او غير؟ بالتالي الجهاز الديني والجهاز القضائي والجهاز القضائي بحث مهم حساس. الان مثلا في نظام البشر الدول مستقلة وبينهم إتحاد وجعلوا منظمة الأمم المتحدة مع أنهم بنوا على الاستقلال. البشر يريد ان يهندس النظام السياسي من جهة ومن جهة يحس المسير مشتركا ومن جهة المصالح مختصة ولفق بين المجموعي والبدلي والاستغراقي حتى هم في حيرة على صعيد الدولي. في بعض الأمور لا يمكن أن يفرق. مثل العولمة وفرقه عن العالمية. والهوية المحلية والهوية الوطنية. أقصد ان يتبين ان العموم كثيرا ما مركب وليس بسيطا التركيب من باب يختلف عن باب. هذا لب المطلب الصناعي. من جهة يقول الباري تعالى: انا خلقناكم شعوبا وقبائل يعني الكثرة لكن لما يقول لتعارفوا يكون كنفدرال وفدرال. الاشتراك الإقليمي لابد منه مع الوطنية والمحلية أيضا لازم أن تراعي الجانب المحلي. هذا توازن في الجهات. أمر بين أمور. لب البحث الصناعي هذا اليوم. هذا اللب فيه لب آخر نقوله غدا.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo