< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الدرس: 67 الأستاذ: الشيخ محمد تقي الشهيدي =

موضوع: حمل الخطاب المطلق على المقيّد / المطلق والمقيّد/

الدرس: الأصول

التاريخ: السبت، 4 شعبان المعظم، 1444 ه

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

 

كان الكلام في حمل الخطاب المطلق على المقيّد، ووصلنا إلى الصورة الثالثة وهي ما إذا كان الخطابان بدليّين متوافقين:

كما لو قال المولى "إن أفطرت فأعتق رقبة" وقال في خطابٍ آخر "إن أفطرت فأعتق رقبةً مؤمنة".

ينبغي أن ألفت نظركم إلى سهوٍ في عبارة البحوث:

حيث ورد فيها في بيان هذه الصورة الثالثة أنّه إذا كان الخطابان أو أحدهما بدليّين، إذا كان الخطابان بدليين أو كان أحدهما بدليا، ثم تكلم عن حكم هذه الصورة الثالثة، وهذا سهوٌ فإنّه لو كان أحد الخطابين شموليا فيخرج عن هذه الصورة الثالثة.

مثلاً: إذا قال المولى "أكرم عالماً" وقال في خطابٍ آخر "يجب عليك أن تكرم الفقهاء" فلا موجب لحمل الخطاب المطلق على المقيّد؛ لأنّ مفاد هذين الخطابين ثبوت حكمين: أحدهما بدليٌّ وهو وجوب إكرام عالمٍ، والآخر شموليٌّ وهو وجوب إكرام كلّ فقيه، وطبعاً يكون هذا الوجوب الشمولي بملاك آخر غير ملاك ذلك الوجوب البدلي ولا يلزم من اجتماعهما اجتماع المثلين؛ لأنّ الواجب البدلي موضوعه صرف وجود العالم ولا يسري هذا الحكم إلى أفراد العالم كالفقهاء، فلا علاقة له بسريان وجوب إكرام الفقهاء إلى كلّ فردٍ من أفراد الفقيه.

وهكذا لو قال "أكرم العلماء" وقال "يجب عليك أن تكرم فقيها" فإنّه لا موجب لحمل الخطاب الشموليّ المطلق على هذا الخطاب البدلي، "أكرم العلماء" فكل عالم يجب إكرامه، وهناك وجوبٌ آخر لإكرام فقيه على نحو صرف الوجود.

فإذاً هذه الصورة الثالثة موردها ما إذا كان الخطابان أي الخطاب المطلق والمقيّد متوافقين في النفي والإثبات وبدليّين كما ذكرنا في مثال "إن أفطرت فأعتق رقبة" و"إن أفطرت فأعتق رقبة مؤمنة"، وقلنا أنّه مع فرض إحراز وحدة الحكم فلا بدّ من حمل المطلق على المقيّد، يعني إذا أحرزنا أنّ الحكم الظاهر من خطابٍ وهو الوجوب واحدٌ فلا محالة هذا الوجوب الواحد له متعلّقٌ واحد، فإمّا أن يكون متعلّقه الخطاب المقيّد فهو المطلوب، أو يكون متعلّقه الخطاب المطلق فيلزم من ذلك حمل الخطاب المقيّد على الاستحباب وبيان أفضل الأفراد، وهذا جمعٌ حكميّ ومع إمكان الجمع الموضوعي لا تصل النوبة إلى الجمع الحكمي كما أفاد الأعلام.

وهكذا إذا فُرض إحراز تعدد الوجوب؛ فإنّه لا موجب لحمل المطلق على المقيد بل نلتزم بوجوبين: أحدهما متعلّقٌ بالطبيعة والثاني متعلّقٌ بالحصة.

إنّما الكلام فيما إذا شُكّ أنّ هناك وجوب واحد أو وجوبين؟

في البحوث قال رحمه الله: إذا كان الخطاب المقيّد ظاهراً في الإرشاد إلى الشرطية فلا كلام لنا فيه "إن أفطرت فأعتق رقبةً مؤمنة" كان ظاهراً في الإرشاد إلى شرطية الإيمان إلى الرقبة التي يجب عتقها، ولكن إذا كان الخطاب المقيّد ظاهراً في التكليف في بيان وجوب المقيّد فمع احتمال تعدد الوجوب لا وجه لحمل الخطاب المطلق على المقيّد، كلٌّ منهما ظاهرٌ في وجوبٍ: أحدهما متعلّقٌ بالطبيعة كعتق الرقبة والثاني متعلّق بالحصة أي عتق رقبة مؤمنة، فإن أعتق المكلف رقبةً مؤمنةً امتثل كِلا الوجوبين ما دام لم يكن هناك قرينةٌ تقتضي تعدد الامتثال. وإذا أعتق رقبةً كافرةً امتثل الوجوب المتعلّق بالطبيعة وبقي في ذمته وجوب الحصّة أي وجوب عتق رقبةٍ مؤمنة.

هناك كلامان؛ أحدهما للسيد الخوئي رحمه الله والآخر للسيد السيستاني ':

السيد الخوئي رحمه الله قال أولاً: هناك فرضان:

أحدهما أن يقتضي الوجوبان الإتيان بفردين: عتق رقبةٍ وعتقٌ آخر لرقبةٍ مؤمنةٍ، فهذا يحتاج إلى قرينة وإلا ما دام ليس هناك قرينة ينطبق على عتق رقبةٍ مؤمنة كِلا العنوانان: عنوان عتق رقبةٍ وعنوان عتق رقبةٍ مؤمنة، فلماذا لا يتحقق امتثال كلا الوجوبين.

وأمّا الفرض الآخر وهو تداخل الإمتثال والإكتفاء في عتق رقبةٍ مؤمنة في امتثال كلا الوجوبين: فهذا يعني لغوية الأمر بالمطلق في حق من يحرّكه الأمر بالمقيّد، مكلّفٌ إذا وصل إليه أنّ المولى طلب منه عتق رقبة مؤمنة يتحرّك نحو امتثال عتق رقبةٍ مؤمنة، ما هي فائدة الأمر بعتق رقبةٍ مطلقةٍ في حقه؟ لغوٌ محض. فلا بدّ أن يكون الأمر بالمطلق على نحو الترتب، بأن يقول: إن أفطرت فأعتق رقبةً مؤمنة وإن لم تفعل ذلك فأعتق رقبةً غير مؤمنةٍ.

ثم قال: مآل ذلك إلى التخيير بين الأقلّ والأكثر؛ لأنّه مخيّرٌ حينئذٍ بين عتق رقبةٍ مؤمنة أو عتق رقبةٍ كافرة ثم عتق رقبةٍ مؤمنة.

يا ليت السيد الخوئي رحمه الله هذا الرجل العظيم اكتفى بكلامه الأول الذي قال: إطلاق الأمر بعتق رقبة لغوٌ في حقّ هذا المكلف الذي يحرّكه الأمر بالمقيّد، فلا بدّ من تقييد إطلاق الأمر بمن لا يحرّكه، بمن لا يمتثل الأمر بعتق رقبةٍ مؤمنة. ثمّ كمّله –يعني يا ليت اكتفى بهذه بل ثمّ كمله- بأن يقول: هذا يرجع إلى التقييد الحكمي والجمع الحكمي وقلنا بأنّه ما دام يمكن الجمع الموضوعيّ بحمل عتق رقبة -هذا الموضوع- على رقبةٍ مؤمنة، العرف لا ينتقل إلى الجمع الحكمي، كان يكفيه هذا المقدار.

وأما ما ذكره بعد ذلك من أنّ مآل ذلك إلى التخيير بين الأقلّ والأكثر: هذا لم نفهم وجهه. هو في البداية قال هذا خلاف الظاهر، ثمّ يربط الكلام بقضيّةٍ عقلية، فإنّه صرّح في أبحاثه باستحالة التخيير بين الأقلّ والأكثر.

اللغوية شيءٌ واستحالة التخيير بين الأقلّ والأكثر شيءٌ آخر. اللغوية توجب تقييد الإطلاق، اللغوية برهانٌ غير برهان امتناع التخيير بين الأقلّ والأكثر؛ امتناع التخيير بين الأقلّ والأكثر تابعٌ لحكم العقل النظري، يعني العقل النظر يُدرك أنّه لا يمكن إيجاب الجامع بين الأقلّ والأكثر، لماذا؟ لأنّ إيجاب الجامع التخييري يعني جواز ترك كل عِدلٍ منه إلى عدله الآخر، بينما أنّه في الأقلّ والأكثر الأقلّ لا بدّ من الإتيان به وما يزيد عليه يجوز تركه مطلقاً، بينما أنّا اللغوية تابعةٌ لحكم العقل العملي وهو قبح إتيان المولى بفعلٍ لا ثمرة له.

مضافاً إلى ما ذكرناه: من أنّ مآل هذا المطلب ليس إلى التخيير بين الأقل والأكثر في مقام الجعل حتى يستحيل وإنّما هو تخيير بين الأقل والأكثر في مقام الإمتثال؛ هناك وجوبان متعددان، في مقام الإمتثال يمكن للعبد أن يختار عتق رقبةٍ مؤمنة ويمتثل كلا الوجوبين التعيينيين، أين امتناعه؟

نرجع إلى الدعوى الأولى وهي دعوى اللغوية، نقول:

يا سيدنا الخوئي، مصحح الجعل للأمر المطلق، نعم، هو تحريك الأمر بالمطلق لمن لا يحرّكه الأمر بالمقيّد، إمّا لضعف إيمان المكلّف أو لعدم وصول الأمر بالمقيّد إليه أو لعجزه عن امتثاله ونحو ذلك، ولكن مصحح الجعل شيء ولزوم تقييد الحكم به شيءٌ آخر، ليس دائماً يلزم تقييد الحكم بفرض وجود ذلك المصحح.

أذكر لكم مثالاً: المصحح للأمر التوصلي العقلائي تحريك من ليس له محرّكٌ نفساني نحو الفعل، العقلاء، الموالي العقلائية حينما يلزمون عبيدهم بشيء يقول المولى لعبده "أحضر الماء، اشترِ الخبز"، غرضه أنّه إن لم يكن له محرّكٌ نفسانيٌّ نحو الفعل فيكون أمر المولى محرّكاً له نحوه. ولأجل ذلك يُستهجن أمر المولى بشيءٍ يوجد للعبد داعٍ نفسانيٍّ إليه، بأن يقول له مثلاًً: اُستر عورتك؛ يخاطب العبد الشريف، أما إذا عبدٌ بذيءٌ لا يبالي بأن يُرى عرياناً يأمره المولى استر عورتك، وأما إذا كان العبد إنساناً شريفاً ولا أحد قد رأى فخذه، المولى يستهجن أن يقول له "استر عورتك عن الناس". لكن هذا مصحح الجعل، أنّه إذا لم يكن للعبد محرّكٌ نفسانيّ فيكون أمر المولى محرّكاً إليه.

ولكن هل التكاليف مقيّدةٌ بخصوص من لم يكن له محرّكٌ نفسانيٌّ نحو الفعل؟ من لا يكون له داعيٍ نفساني إلى أداء الدين فهو الذي يجب عليه آداء الدين؟ لا، يجب أداء الدين على كلّ مديون، سواءً كان له محرّك نفساني أو لم يكن له محرّك نفساني نحو أداء الدين. نعم، لو كان كلّ الناس عندهم محرّك نفساني نحو الفعل بحيث لا يوجد من لا يكون له محرّك نفساني نحو الفعل لكان التكليف بالنسبة إلى هذا الفعل لغوٌ عرفاً.

وعليه: لا حاجة إلى ما ذكره السيد الخوئي رحمه الله من أنّ المصحح للجعل حتى في الواجبات التوصليّة الأثر الاستنادي، يعني هذا الذي له محرّكٌ نفسانيٌّ نحو آداء الدين، بعد أن أمر المولى أن يؤديّ دينه يُسند عمله إلى الله سبحانه وتعالى، يقول: بعدما أمرني ربي بأداء الدين فأنا حتى لو لم يكن لدي محرّكٌ وداعيٍ نفساني فكنت سوف أؤدي ديني امتثالاً لأمره تعالى! لا، هذا إنّما يختص في الأوامر الشرعيّة ولكن في الأوامر العقلائية نرى أنّ الخطاب ليس مستهجناً بالنسبة إلى من يوجد له محرّكٌ نفسانيٌّ نحو الفعل.

ولو لم يكن هناك من ليس محرّك نفساني له نحو الفعل كان كلّ الناس ملتزمين ويوجد لديهم محرّك نفساني نحو الفعل كالتنفس؛ ليس مناسباً أن يخاطب المولى الناس "يجب عليكم التنفس""يجب عليكم فتح عيونكم في النهار ولو في بعض الأحيان" يكون مستهجناً، مجرد الأثر الاستنادي لا يرفع الاستهجان.

فإذاً، جوابنا على السيد الخوئي رحمه الله:

الأمر بالمطلق وإن كان مصححه أن يكون محرّكاً لمن لا يُحرّكه الأمر بالمقيّد، لكن هذا لا يوجب تقييد الإطلاق، لا يوجب تقييد إطلاق التكليف، وإلا فمن نذر أن يؤدي صلاة الفريضة في أول الوقت أو في المسجد فوجب في حقه المقيّد، أي الصلاة في المسجد أو الصلاة في أول الوقت، هل يكون أمر بطبيعي الصلاة لغواً؟ لا، ليس لغواً.

فإذا هذا الكلام للسيد الخوئي رحمه الله غير متجه.

وأما كلام السيد السيستاني ' فهو:

قال =: إذا تتكلمون عن حكم العقل: فالعقل لا يمنع من تعدد الوجوب أبداً، يكون على نحو تعدد المطلوب، يقول المولى لعبده "اذهب واشترِ الخبز"، بعد عشر دقائق يقول له "اذهب واشترِ خبز الصمون مثلاً" على نحو تعدد المطلوب، لأنّ أصل شراء الخبز مطلوب وشراء الصمون مطلوب أتمّ. ولكن السيد السيستاني = يقول: هذه الطريقة ليست طريقةً عقلائيّة، هذا المنهج ليس منهجاً عقلائياً؛ العقلاء في موارد تعدد المطلوب يختارون منهجاً آخر، وهو: الأمر بالمقيّد أولاً والأمر بالفاقد للقيد ثانياً لمن لا يأتي بالمقيّد.

يعني ما ذكره السيد الخوئي رحمه الله كمنهج عقلي السيد السيستاني = يقبله كمنهج عقلائي؛ ولأجل ذلك لمّا كان الحمل على تعدد الوجوب على خلاف المنهج العقلائي فالعرف ينصرف ذهنه عن قبول هذا المنهج ويختار الوجوب الواحد ما دام لم يكن هناك قرينةٌ واضحةٌ على تعدد الوجوب.

طبعاً، في البحوث لم يُجب رحمه الله عن كلام السيد السيستاني =، لعلّه لم يصل إليه كلامه ولكنّه اتجاهه مخالفٌ لاتّجاه كلٍّ من السيد الخوئي رحمه الله والسيد السيستاني '.

السيد الخوئي رحمه الله يقول: الأمر بالجامع –أي الطبيعة- والأمر بالمقيّد في عرضٍ واحد مستحيلٌ عقلاً للزوم اللغويّة.

السيد السيستاني ' قال: هو خلاف المنهج العقلائي.

السيد الخوئي رحمه الله يقول: هو خلاف المنهج العقلي. السيد اليستاني يقول: خلاف المنهج العقلائي. في البحوث يقول: لا، موافق للمنهج العقلي والعقلائي.

وقد يُدافع عن كلام البحوث فيقال:

نعم، هذا منهجٌ عقلائيٌّ، قد يقول المولى "أكرم عالماً يوم الجمعة" ويقول قي وقتٍ آخر "أكرم فقيهاً يوم الجمعة"، فلعلّ ملاك وجوب إكرام عالم احترام العالم وملاك وجوب إكرام الفقيه أنّه يحتاج إلى فقهه؛ يكرمه حتى يستفيد من فقهه، "اعزم يوم الجمعة عالماً" حتى يُري للناس أنّ العالم محترم، ويعزم هذا العبد فقيهاً حتى يسأله عن المسائل الشرعية، "اعزم عالماً إلى البيت وأكرمه يوم الجمعة""اعزم فقيهاً إلى البيت وأكرمه يوم الجمعة". فإذا دعى هذا العبد عالماً إلى بيته، المولى يقول له: امتثلت أحد الأمرين ولكنك لم تمثل الأمر الآخر، ولو عزم عالماً وعزم فقيهاً يقول المولى لعبده: امتثلت كِلا الأمرين. ولو عزم فقيهاً حيث إنّه عالم: يقول لعبد: من أين تعلّمت هذه الفطنة؟ عزمت فقيهاً وأكرمته وبذلك امتثلت كِلا الأمرين؛ احترمت العالم وعزمت فقيهاً وسألته عن مسائلك الشرعيّة.

فيُدّعى: أنّه إذا كان هناك يُحتمل ثبوت ملاكين فليس تعدد الوجوب على خلاف المنهج العقلائي.

ولكن الصحيح عدم تماميّة هذا البيان؛ في هذا المثال: ليس هناك تعدد المطلوب بمعنى أصل المطلوب وكمال المطلوب، في هذا المثال مطلوبان متباينان، يعني ملاكان متباينان؛ ملاك إكرام العالم شيءٌ وملاك إكرام الفقيه شيءٌ آخر، هنا نحن لا ننكر أنّ هذا المنهج –تعدد الأمر- منهج عقلائي، لكن الظاهر أنّ السيد السيستاني ' ينظر إلى موارد اختلاف مراتب الملاك، يعني: الملاك الأتمّ، يعني للملاك مئة درجة، الملاك بمقدار مئة درجة يوجد في المقيّد. "اذهب واشترِ الصمون الحار" الصمون عند جماعة واجدٌ للملاك الأتمّ، ولكن شراء الخبز -أصل الخبز ولو كان يابساً أو بايتاً أو غير الصمون- أيضاً يُشبع الإنسان. في هذا المثال السيد السيستاني ' يدّعي أنّ يأمره أولاً بشراء صمون حارّ. يقول:"إن لم تأتِ بالصمون –لأي سببٍ- الحار فأتِ بخبزٍ"، هذا هو المنهج العقلائي، وهذا الكلام غير بعيد.

"إن أفطرت فأعتق رقبة" "إن أفطرت فأعتق رقبة مؤمنة" ظاهرٌ في أنّ عتق الرقبة المؤمنة واجدٌ لملاك واحدٍ لكن ملاك تامّ، وعتق رقبة غير مؤمنة واجدٌ لبعض ذلك الملاك لا أنّه له ملاك آخر أجنبي عن ذلك الملاك.

فهنا دعوى السيد السيستاني ' قويّة وقريبةٌ إلى الذهن، ولأجل ذلك نلتزم بظهور الخطاب المطلق والمقيّد في وحدة الوجوب –لا تعدد الوجوب- فيكون حمل الخطاب المطلق على المقيّد حملاً عرفياً وأمّا حمل المقيّد على الاستحباب فهو جمعٌ حكميٌّ لا تصل النوبة إليه.

لكن هذا يختصّ بالواجبات وأمّا في المستحبات فالمشهور على عدم حمل الخطاب المطلق على الخطاب المقيّد فيها كالأمر بزيارة الحسين علیه السلام والأمر بزيارته مغتسلاً متطهراً، فهم حملوا الأمر بالمطلق والمقيد في الخطابات الاستحبابية على تعدد مراتب الاستحباب، وقد يُقال ما هو السبب في التفريق بين الواجبات والمستحبات؟ سنتكلم عن ذلك غداً إن شاء الله وننتقل إلى مباحث القطع بحول الله وقوته.

 

والحمد لله ربّ العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo