< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

98/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: القول الخامس وجوب اقامة صلاة الجمعة تعیینا عند وجود سلطان عادل

انتهی الکلام فی وجوب صلاة الجمعة فی زمن الغيبة الی ان الاقوال فيها خمسة و الرابع منها هو الوجوب التخييري فی اصل اقامتها و الوجوب التعييني بعد انعقادها فاذا أقيمت مع الشرائط يجب الحضور و الاجتماع فيها کما اختاره السيد الخوئی وشيخنا الاستاذ قدهما .

(القول الخامس): ما ذهب اليه السيد الصدر ره فی الفتاوی الواضحة من انه تجب اقامة صلاة الجمعة تعييناً في حالة وجود سلطان عادل و اما في حالة عدم توفر السلطان العادل فصلاة الجمعة واجبة أيضا‌ً، و لكنها تجب على وجه التخيير ابتداء، وبعد اقامتها بشرائطها يجب الحضورفيها تعييناً

هذه هي الاقوال الخمسة في حکم صلاة الجمعة في زمان الغيبة فلابد من البحث في مستند هذه الاقوال ،ولکن قبل الورود في ادلة الاقوال لابد من تعيين القائلين بهذه الاقوال حيث انه وقع الاختلاف فی انتساب بعض الاقوال الی الفقهاء المتقدمين .

اما القول الاول (القول بالوجوب التعييني لاقامة صلاة الجمعة) فاول من صرح باختياره هوالشهيد الثانی ره في رسالته في صلاة الجمعة و اختاره صاحب المدارک و المحدث الکاشاني و المجلسيان وصاحب الحدائق قدهم لکن الشهيد الثانی ره ادّعی فی رسالته ان القول بالوجوب التعيينی هو قول اکثر الامامية من الصدر الاول و طعن فيها علی بعض الفقهاء الذين ترکوا هذه الفريضة العظيمة ،مع انه قده ذهب في بقية کتبه الی الوجوب التخييري واعترف بوجود الاجماع علی نفي الوجوب التعييني ففي المسالک حيث ذکر المحقق ره في الشرائع >انه اذا لم يکن الامام موجوداً ولامن نصبه للصلاة وامکن الاجتماع والخطبتان قيل يستحب ان يصلي جمعة وقيل لايجوز والاول اظهر< علق عليه الشهيدالثاني ره بقوله >المراد باستحباب الجمعة هنا كونها أفضل الفردين الواجبين تخييرا و هما الجمعة و الظهر، فعلى هذا ينوي بها الوجوب و يجزي عن الظهر، و ليس المراد استحبابها بالمعنى المتعارف لأنّها. متى شرعت أجزأت عن الظهر، و المندوب لا يجزي عن الواجب. و هذا القول هو أصح القولين و شرطه ما ذكره المصنف من إمكان اجتماع العدد و باقي الشرائط غير الامام و من نصبه.<[1] .

وذكر في روض الجنان ذيل قول العلامة ره في الارشاد(وفي استحبابها حال الغيبة و إمكان الاجتماع قولان): >أحدهما: المنع. و هو قول المرتضى و سلار و الشيخ في الخلاف و ابن إدريس لفقد الشرط، و هو الإمام أو مَنْ نصبه، فينتفي المشروط. و لأنّ الظهر ثابتة في الذمّة بيقين، فلا يبرأ المكلّف إلا بفعلها. و لأنّها لو شُرّعت حال الغيبة، لوجبت عيناً، فلا يجوز فعل الظهر، و هو منتفٍ إجماعاً.و وجه اللزوم: أنّ الدلائل الدالّة على الجواز دالّة على الوجوب العيني في حال الحضور، فلا وجه للعدول إلى التخييريّ حال الغيبة.

و الثاني: الجواز المعبّر عنه بالاستحباب بمعنى كونه أحد الفردين الواجبين على التخيير. و هو قول أكثر الأصحاب، لعموم قوله تعالى "إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ" و الأمر للوجوب، و لصحيحة زرارة قال: حثّنا أبو عبد اللّه عليه السلام على صلاة الجمعة حتى ظننت أنّه يريد أن نأتيه، فقلت: نغدو عليك، قال: «لا، إنّما عنيت عندكم» .و موثّقة زرارة عن عبد الملك عن الباقر عليه السلام قال: «مثلك يهلك و لم يصلّ فريضة فرضها اللّه عليه» قال: قلت: كيف أصنع؟ قال: «صلّوا جماعة» يعني صلاة الجمعة.و صحيحة [منصور] عن الصادق عليه السلام «يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسةً فما‌زاد .. و الجمعة واجبة على كلّ أحد لا يعذر الناس فيها إلا خمسة: المرأة و المملوك و المسافر و المريض و الصبي» و مثلها أخبار كثيرة مطلقة،و هذا القول هو الواضح.و الجواب عن حجّة الأوّل: أنّ شرط الإمام أو مَنْ نصبه إنّما هو حال الحضور و الإمكان، لا مطلقاً، و أين الدليل عليه؟، و لو سلّم، لا يلزم سدّ باب الجمعة في حال الغيبة و تحريمها؛ لأنّ الفقيه الشرعي منصوب من قِبَل الإمام عموماً؛ فلا يتمّ القول بتحريمها مطلقاً في حال الغيبة، و نمنع تيقّن وجوب الظهر في صورة النزاع؛ فإنّه عين المتنازع. و الدليل الدالّ على الوجوب أعمّ من الحتمي و التخييري، و لمّا انتفى الحتمي في حال الغيبة بالإجماع تعيّن الحمل على التخييري، و لو لا الإجماع على عدم العيني، لما كان لنا عنه عدول[2] .

وقال في الروضة البهية:>و أما في حال الغيبة- كهذا الزمان- فقد اختلف الأصحاب في وجوب الجمعة و تحريمها: فالمصنف هنا أوجبها مع كون الإمام فقيها لتحقق الشرط و هو إذن الإمام، و بهذا القول صرح في الدروس أيضا، و ربما قيل بوجوبها حينئذ و إن لم يجمعها فقيه، عملا بإطلاق الأدلة،و اشتراط الإمام عليه السلام، أو نصبه إن سلم فهو مختص بحالة الحضور، أو بإمكانه، فمع عدمه يبقى عموم الأدلة: من الكتاب و السنة خاليا عن المعارض، و هو ظاهر الأكثر و منهم المصنف في البيان، فإنهم يكتفون بإمكان الاجتماع مع باقي الشرائط، و ربما عبروا عن حكمها حال الغيبة بالجواز تارة، و بالاستحباب أخرى، نظرا إلى إجماعهم على عدم وجوبها حينئذ عينا، و إنما تجب‌ على تقديره تخييرا بينها، و بين الظهر، لكنها عندهم أفضل من الظهر و هو معنى الاستحباب، بمعنى أنها واجبة تخييرا، مستحبة عينا كما في جميع أفراد الواجب المخير إذا كان بعضها راجحا على الباقي و على هذا ينوي بها الوجوب و تجزي عن الظهر. و كثيرا ما يحصل الالتباس في كلامهم بسبب ذلك حيث يشترطون الإمام، أو نائبه في الوجوب إجماعا، ثم يذكرون حال الغيبة، و يختلفون في حكمها فيها فيوهم أن الإجماع المذكور يقتضي عدم جوازها حينئذ بدون الفقيه، و الحال أنها في حال الغيبة لا تجب عندهم عينا، و ذلك شرط الواجب العيني خاصة، و من هنا ذهب جماعة من الأصحاب إلى عدم جوازها حال الغيبة لفقد الشرط المذكور. و يضعف بمنع عدم حصول الشرط أولا لإمكانه بحضور الفقيه، و منع اشتراطه ثانيا لعدم الدليل عليه من جهة النص فيما علمناه. و ما يظهر من جعل مستنده الإجماع فإنما هو على تقدير الحضور.أما في حال الغيبة فهو محل النزاع فلا يجعل دليلا فيه مع‌إطلاق القرآن الكريم بالحث العظيم المؤكد بوجوه كثيرة مضافا إلى النصوص المتضافرة على وجوبها بغير الشرط المذكور ، بل في بعضها ما يدل على عدمه.نعم يعتبر اجتماع باقي الشرائط و منه الصلاة على الأئمة و لو إجمالا و لا ينافيه ذكر غيرهم.و لو لا دعواهم الإجماع على عدم الوجوب العيني لكان القول به في غاية القوة، فلا أقل من التخييري مع رجحان الجمعة[3] . ومن هنا ذکرصاحب الجواهرفي مقام الطعن علی رسالة الشهيدالثاني ره في صلاة الجمعة انه قد يظن صدورها منه في حال صغره، لما فيها من الجرأة التي ليست من عادته على أساطين المذهب و كفلاء أيتام آل محمد (عليهم السلام) و حفاظ الشريعة، و لما فيها من الاضطراب و الحشو الكثير، و لمخالفتها لما في باقي كتبه من الوجوب التخييري و نسأل الله أن يتجاوز له عما وقع فيها و عما ترتب عليها من ضلال جماعة من الناس فإنّه قد بذل جهده في تصفّح عبارات الأصحاب، فما وجد إلّاظاهر مقنعة المفيد وكتاب الإشراف له <.[4]

وقدکتب المحدث الکاشاني ره رسالة سماها بالشهاب الثاقب فی وجوب صلاة الجمعة العينی فقال في مقدمته : >يقول خادم العلوم الدينية محمد بن مرتضى المدعو بمحسن أحسن اللّه حاله. هذه رسالة في رفع الشبهة التي وقعت لبعض متأخري أصحابنا في حتمية وجوب صلاة الجمعة في زمان الغيبة ابتغيت بتأليفها وجه اللّه سبحانه لما رأيت أنه قد ابتلى بالبلية أهل الايمان في هذا الزمان و خذلهم بحسده و عداوته الشيطان حتى هدمت‌أعظم قواعد الدين بالشبهة لا بالبرهان و حرمت أهم العبادات بالجهل و الخذلان و إخواننا السالفون رحمهم اللّه و إن كانوا قد أكثروا في هذا الشأن كتبا و دفاتر إلا أن الأمر كما قيل كم ترك الأول للآخر، و سميناها (بالشهاب الثاقب) و من اللّه التأييد<.[5]

کما ان المحدث المجلسي الاول کتب رسالة مستقلة في وجوب صلاة الجمعة التعييني وقداشار صاحب الحدائق ره الی هذه الرسالة ومافيها من القول بالوجوب التعييني حينما يعدّ القائلين بالوجوب التعييني بقوله:> الثاني عشر- الفقيه المحدث محمد تقى المشهور بالمجلسي‌ والد شيخنا صاحب البحار في رسالة مبسوطة ألفها في تحقيق هذه المسألة و إثبات الوجوب العيني من غير اشتراط، و قد أبلغ الكلام فيها غايته و جاوز نهايته بنقل آيات باهرة و اخبار كثيرة ظاهرة و ذكر وجوه دلالتها متعاضدة متكاثرة، قال (قدس سره) فذلكة: فصار مجموع الأخبار مائتي حديث، فالذي يدل على الوجوب بصريحه من الصحاح و الحسان و الموثقات و غيرها أربعون حديثا، و الذي يدل بظاهره على الوجوب خمسون حديثا، و الذي يدل على المشروعية في الجملة أعم من أن يكون عينيا أو تخييريا تسعون حديثا، و الذي يدل بعمومه على وجوب الجمعة و فضلها عشرون حديثا ثم الذي يدل بصريحه على وجوب الجمعة إلى يوم القيامة حديثان، و الذي يدل على عدم اشتراط الاذن بظاهره ستة عشر حديثا بل أكثرها كذلك كما مرت الإشارة إليه في تضاعيف الفصول، و أكثرها أيضا يدل على الوجوب العيني كما أشير إليه، فظهر من هذه الأخبار المتواترة الواضحة الدلالة التي لا يشوبها شك و لا يحوم حولها شبهة من طرف سيد الأنبياء و المرسلين و الأئمة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) ان صلاة الجمعة واجبة على كل مسلم عدا ما استثنى.و ليس في هذه الأخبار مع كثرتها تعرض لشرط الامام و لا من نصبه و لا لاعتبار حضوره في إيجاب هذه الفريضة العظيمة، فكيف يليق بالمؤمن الذي يخاف الله إذا سمع مواقع أمر الله و رسوله و أئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) و إيجابها على كل مسلم و على كل مؤمن و على كل عاقل ان يقصر في أمرها و يتعلل بخلاف سلار و ابن إدريس فيها مع اتفاق كافة العلماء على وجوبها؟ و أمر الله تعالى و رسوله و أئمته (صلوات الله عليهم أجمعين) أحق و مراعاته أولى «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ‌ يُخٰالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ» انتهى <.[6]

وادعی صاحب الحدائق ره ان ان الظاهر من الأخبار حتى كاد ان يكون كالشمس الساطعة‌على جميع الأقطار هو الوجوب العيني الذي لا يختلجه الشك منها و الإنكار متى لوحظت في حد ذاتها بعين الإنصاف و الاعتبار إلا ان الشبهة قد دخلت على جل أصحابنا (رضوان الله عليهم) في هذه المسألة من وجهين فاسقطوا بذلك فيها الوجوب العيني من البين: (أحدهما) عدم جواز العمل بخبر الواحد فان بعضا منهم منع من العمل به و بعضا توقف في ذلك و تحقيق ذلك في الأصول. و (ثانيهما) من أخذ الإجماع مدركا شرعيا كالكتاب و السنة النبوية و جعله دليلا مرعيا يعتمد عليه في الأحكام الشرعية<. [7]

وقد ناقش صاحب الجواهرره في الاستدلال بالوجوه المذکورة في کلمات القائلين بالوجوب التعييني وفي نسبة هذا القول الی متقدمي الاصحاب کالمفيد وابي الفتح الکراجکي وابي الصلاح الحلبي وغيرهم فقال ره في موضع من الجواهر:> و من مضحكات المقام دعوى بعض المحدثين تواتر النصوص بالوجوب العيني و أنها تبلغ مأتي رواية، و قد تصدى والد المجلسي إلى جمعها في رسالة مستقلة قد أجاد في ترتيبها، لكن العمدة من نصوصها ما أشرنا إليها، و كثير منها لا دلالة فيها على ذلك بوجه من الوجوه، نعم قد اشتملت على لفظ الجمعة و على بيان كيفيتها كما لا يخفى على من لاحظها، و أغرب من ذلك دعوى بعض مصنفي الرسائل في المسألة كالكاشاني و غيره الإجماع على الوجوب العيني، مع أن متعمدهم في هذا الخلاف ثاني الشهيدين في رسالته في المسألة التي قد يظن صدورها منه في حال صغره... (الی ان قال : ما حاصله ان ظاهر بعض کلمات المتقدمين من الاصحاب وان کان يوهم القول بالوجوب التعييني لکن حيث انهم ذکروا فی کلماتهم شرائط لاقامة صلاة الجمعة منها اعتبار اذن الامام فی ذلک او وجود سلطان عادل او من کان منصوباً من قبله فنستکشف من مجموع کلماتهم عدم التزامهم بالوجوب التعيينی لصلاة الجمعة ، اذن فلايکون القول بالوجوب التعييني ثابتاً بين قدماء الاصحاب) <. [8] وقال في موضع آخر:> و لقد وقفت على جملة من الرسائل المصنفة في المسألة نسجوا فيها على منوان هذه الرسالة، و قد أكثروا فيها من السب و الشتم خصوصا رسالة الكاشاني التي سماها بالشهاب الثاقب و رجوم الشياطين، و لو لا أنه آية في كتاب الله لقابلناه بمثله، لكن لا يبعد أن تكون هذه الرسالة و ما شابهها من كتب الضلال التي يجب إتلافها، اللهم إلا أن يرجح بقاءها أنها أشنع شي‌ء على مصنفيها لما فيها من مخالفة الواقع في النقل و غيره، بل فيها ما يدل على أنهم ليسوا من أهل العلم كي يعتد بكلامهم و يعتني بشأنهم، و لو أن الشهيد يعلم وقوع هذه البلوى ما احتمل الوجوب في الذكرى معترفا بأن عمل الطائفة على خلافه و من ذلك ينبغي أن يترك الإنسان ذكر بعض الاحتمالات في المسائل القطعية و لو معلقا له على فقد القاطع، فإنه ربما كان ضلالا لغيره، و نسأل الله تعالى أن يكون ما صدر من هؤلاء من شدة المبالغة في الوجوب، حتى حكي عن بعضهم أنه لا يحتاط في فعل الظهر معها ناشئا من حب الرئاسة و السلطنة و الوظائف التي تجعل له في بلاد العجم، و إن كان قد يومي اليه أن أكثر الذاهبين إلى ذلك من أهل هذه النواحي، و لقد قيل: إن بعضهم كان يبالغ في حرمتها حال قصور يده و لما ظهرت له كلمة بالغ في وجوبها، بل يحكى عنهم‌ أشياء كثيرة في أمثال ذلك، منها أنه قد ورد علينا في أيام كتابة المسألة من هو في غاية الوثاقة من أصحابنا ممن تشرف بزيارة سيدنا و مولانا الرضا (عليه السلام) فأخبرنا بوقوع فتنة عظيمة في أصبهان على مسجد خاص لفعل صلاة الجمعة، و كل محلة انتصرت لإمامها، و كان ما كان، و الله العالم، نسأل الله العفو و العافية و الستر في الدنيا و الآخرة و ما أبرئ نفسي، إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، و لولا خوف الملل و كون المسألة من الواضحات لنقلنا أكثر كلماتهم في هذه الرسائل، و أوقفناك على ما فيها من الفضائح و المعايب، و لكن الله ستار يحب الستر، على أنه كفانا مؤنة ذلك كله الأستاذ الأكبر في حاشية المدارك و شرح المفاتيح و رسالته في المسألة، فإنه أكثر و أجاد جزاه الله عن الإسلام و أهله خير الجزاء<.[9]

والظاهر انه صدر من طرفي النزاع في هذه المسألة ما لايتوقع صدوره من مثل هؤلاء الاجلاء الاتقياء الذين بلغوا المرتبة العلياء في العلم والتقوی وان کان الداعي علی صدور هذه التعابير من کل من الطرفين العمل بما يراه تکليفاً لانفسهم الشريفة في حفظ الشريعة المقدسة والدفاع عن مذهب اهل البيت ^،والا فهم قدس الله اسرارهم مبرّؤون من ان يکون الداعي منهم علی ذلک حب الذخارف الدنيوية والجهات النفسية .

اما(القول الثاني) اي الوجوب التخييري لصلاة الجمعة في زمن الغيبة فهومختار کثير من المتأخرين وکذلک من المتقدمين وقد تقدم ان الشهيد الثاني ره فی کتاب الروضة البهية و المسالک وروض الجنان اختارهذا القول کما انه اختاره صاحب العروة ره واکثرالمعلقين علی العروة ومنهم السيد الامام ره وبعض الاعلام مدظله .

اما (القول الثالث) فقد نقل صاحب الجواهر ره هذا القول عن السيد المرتضی و السلار و الشيخ في الخلاف و ابن ادريس قدهم ومن الفقهاء المتأخرين ذهب السيد الحکيم ره و السيد البروجردي ره الی هذا القول وقدتقدم ان هذا القول له تقريبان التقريب الاول کون الحرمة تشريعية لاذاتية ولذا تجوز اقامتها برجاء المطلوبية وهوالذي اختاره السيدالحکيم ره والتقريب الثاني کون الحرمة ذاتية والظاهرمن تقريرات بحث السيدالبروجردي وان کان هو القول بالحرمة التشريعية حيث انه بعد ذکر ثلاث طوائف من الروايات التي يستدل به علی الوجوب التعييني والمناقشة في دلالتها وان صلاة الجمعة من شئون منصب الامامة و اذنه عليه السلام لم يثبت ولم يحرز بعد قال ره :> فلا بدّ لمن يدّعي مشروعيتها في هذه الأعصار من التماس دليل آخر، و مقتضى ما ذكرناه إلى الآن أنّه لو فرض إقامتها في هذه الأعصار احتياطا أو رجاء للمطلوبية فالاكتفاء بها عن صلاة الظهر مشكل،[10] ولکنه ينقل عنه القول بالحرمة الذاتية باعتبار ان التصدي لهذا المنصب مع عدم احراز اذن الامام × غصب للمنصب .

و(القول الرابع): الوجوب التخييري فی اصل اقامتها و الوجوب التعييني بعد انعقادها فاذا أقيمت مع الشرائط يجب الحضور و الاجتماع فيها اختاره السيد الخوئی وشيخنا الاستاذ قدهما .

و(القول الخامس)_ الوجوب التعييني لاقامة صلاة الجمعة في حالة وجود سلطان عادل والوجوب التخييري في الاقامة والوجوب التعييني في الحضوربعد اقامتها بشرائطها في حالة عدم توفر السلطان العادل_ الذي هو جمع بين القول الاول و الرابع _ فمن السيد الصدر ره و قد ذکره فی ضمن المسألتين من کتاب الفتاوی الواضحة فقال ره في (مسألة 49):ـو تجب إقامة صلاة الجمعة وجوبا حتميا في حالة وجود سلطان عادل‌متمثلا في الإمام أو فيمن يمثله.. و هذا الحكم الأول لصلاة الجمعة يعبر عنه (بالوجوب التعييني لإقامة صلاة الجمعة).وقال في (مسألة 50):- و اما في حالة عدم توفر السلطان العادل فصلاة الجمعة واجبة أيضا‌، و لكنها تجب على وجه التخيير ابتداء، و تجب على وجه الحتم انتهاء.و ذلك ان المكلفين في هذه الحالة يجب عليهم أن يؤدوا الفريضة في ظهر يوم الجمعة، اما بإقامة صلاة الجمعة جماعة على نحو تتوفر فيها الشروط السابقة و اما بالإتيان بصلاة الظهر. و أيهما أتي به المكلف أجزأه و كفاه، غير أن اقامة صلاة الجمعة أفضل و أكثر ثوابا و هذا هو الحكم الثاني لصلاة الجمعة و يعبر عنه ب‌ (الوجوب التخييري لإقامة صلاة الجمعة).[11]

 


[1] - مسالك الأفهام ج1ص246.
[2] - روض الجنان ج2ص770 -.
[3] - الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج1ص663-665 -‌.
[4] - جواهر الكلام ج11ص174 -.
[5] - الشهاب الثاقب في وجوب صلاة الجمعة العيني ص7-8.
[6] الحدائق ج9ص390-391 -.
[7] الحدائق ج9ص355-356 -.
[8] الجواهر ج11ص174-176 -.
[9] - الجواهر ج11ص178-179.
[10] ـالبدر الزاهر ص70.
[11] ـالفتاوی الواضحة ص381.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo