< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

98/08/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: هل هناک قرائن تصلح للمنع عن ظهور الروایات فی الوجوب التعیینی؟

کان الکلام فی ان عدّة من الروایات التی استدلوا بها علی وجوب صلاة الجمعة تعیینا کانت معتبرة من حیث الدلالة و السند ولم یکن کلها موردا للإیراد سندا او دلالة .

و لما انتهی الکلام الی هنا وقع البحث فی الفحص عن القرینة علی خلاف ظهور هذه الروایات فان قامت القرینة علی الخلاف فلابد من حمل هذه الروایات علی بیان الوجوب التخییری او غیرذلک من المحامل .

السید الخوئی قدّس سرّه ذکر ثلاث قرائن تصلح للمنع عن ظهور هذه الروایات فی الوجوب التعیینی لصلاة الجمعة .

القرینة الاولی هی التمسک بقاعدة لو کان لبان واشتهر و تقریب ذلک ان موضوع اقامة صلاة الجمعة یکون من المسائل الکثیرة الابتلاء من المکلفین فلو کان واجبا تعيینا لصار واضحاً ظاهراً للجمیع و لم یکن یختفی عن أحد فضلا عن العلماء بینما انا نری الخلاف بینهم فی ذلک بل ادعی بعضهم الاجماع علی عدم الوجوب التعیینی او قال بعضهم بالحرمة او بعدم المشروعیة .

هذا مع ان هذه الروایات الدالة علی الوجوب التعیینی رواها الاصحاب و المحدثین مثل الشیخ الطوسی ره و معذلک لم یعملوا بها فهذه أمارة علی ان مفاد هذه الروایات لم یکن مرادا جدیا عندهم او کان لدیهم حجة أقوی علی خلاف ظهور هذه الروایات ولذلک لم یفتوا بمضمونها و لم یلتزموا بها فی مقام العمل فلو کان صلاة الجمعة واجبا عندهم لم یکونوا تارکین لها بل لصار من الواضحات و المسلمات .

ان هذه القاعدة قد أشیرالیها فی کلمات المتقدمین ایضا ففی الجواهر یذکر عند القول باعتبار إذن الامام علیه السلام لإقامتها بانه مقتضی السيرة التي أشار إليها أساطين المذهب، ووافقتها فتاواهم وإجماعاتهم، واعترف بها المخالف في المقام وأنّه لو كانت تصلّى في ذلك الوقت مع‌غير النائب في رأس كلّ فرسخ لشاع وذاع وصار معلوماً عند الأطفال فضلًا عن العلماء الماهرين امناء الله في أرضه.[1]

و المحقق الهمدانی قدس سره کذلک یعتبر وجود الخلاف المعتد به فی الوجوب التعیینی لصلاة الجمعة شاهدا علی عدم وجوبها عینا لانه لو کانت واجبة لصار من المسلمات .[2]

فعدم صیرورتها من المسلمات کاشف عن عدم الوجوب تعیینا وان کانت الادلة اللفظیة وافیة بإثبات الوجوب التعیینی لکن ترفع الید عنها لهذه القاعدة کما طبّقوا هذه القاعدة فی مثل غسل الاحرام و الاقامة للصلوات الجهریة حیث ان الادلة اللفظیة دلت بالظهورعلی وجوبهما ولم یکن هناک نقص فی إفادتها للوجوب ولکن حیث کانت المسألة موردا لابتلاء العام کثیرا فلو کان الحکم فیهما لزومیا لبان وظهر للجمیع وبما انه لم يظهر ولم يتضح للجميع فهذا يدل علی عدم الوجوب . اذن القرینة الاولی الصالحة للمانعیة عندالمحقق الخوئی ره هی أن صلاة الجمعة لو كانت واجبة تعيينية لشاع ذلك وحینئذ لابد من حمل روایات المقام علی بیان الوجوب التخییری .

و بعض القائلین بعدم المشروعیة لاقامة صلاة الجمعة ذکروا هذه القرینة فی استدلالاتهم کالسید لبروجردی قدس سره فذکر ان عدم وضوح المسألة حاک عن کون هذا الموضوع من المناصب التی هی حقّ للامام علیه السلام ولایتصدّی لإقامتها الا المأذون من قبله فصار عدم الوضوح أمارة و قرینة علی انها مشروطة بإذن الامام علیه السلام .

 

هل الاستناد الی هذه القرینة لنفی الوجوب التعیینی تام ؟

الشیخ الحائری ره ناقش فیها بان مجرد وجود الخلاف و عدم الوضوح لایدل علی نفی الوجوب التعیینی لها اما اولاً فلانه ینقض هذا بمسألة الولایة التی لم یناد بشیء کما نودی الیها و مع ذلک صارت مختفية علی کثیر من المسلمین و هذا الخفاء لیس دلیلا علی عدم اللزوم او عدم الاهمیة لها و لیس بمعنی عدم وجود آیات کافیة او بینات واضحة فی امر الولایة و اما ثانياً فلان الحل لمسألتنا هذه هو ان ان البیانات المتعددة فی الامر اللزومی یقتضی ان یصیّره من الواضحات و المسلمات لکن فی بعض الموارد وجود المانع یمنع عن تأثیر المقتضی أثره واما الولایة فقد بلّغه النبی الاکرم صلّی الله علیه واله عن الله عزوجل ببیانات متعددة فی مواضع عدیدة بحیث لولا المانع لصارت من جملة الضروریات لکن المانع لهداية الناس وظلم الظالمين منع عن اشتهار ذلک و فی المقام لا یصح القول بانه لو کان واجبا لبان وجوبه لان عدم اشتهاره مستند الی امور منها هوعدم کون الائمة علیهم السلام مبسوطی الید بل ربما کانوا مجبورین علی الحضور فی جمعتهم ومنها ترک اصحابهم الاجلاء صلاة الجمعة حيث انهم کانوا لایشهدون جمعتهم لبطلانها مع ان إقامتها یحسب تدخلا فی امرالخلفاء و ربما کان احد اسباب خفاء الحکم وجود روایات توهم کون إقامتها من حقوق المنصب الخاص فلذلک مجرد عدم وضوحه عند الجمیع لایکشف عن عدم ثبوته في الشريعة وعدم صدور البیان الوافی في ذلک.

هل هذه المناقشة من المحقق الحائری ره تامة ام لا ؟

يمکن الجواب عن هذه المناقشة بانه لو فرضنا عدم تمکن الاصحاب و الشیعة من اقامة صلاة الجمعة فی کل الظروف و الازمنة حتی فی حال الخفاء بعیدا عن انظار المخالفین لکان هذا التوجیه لعدم الوضوح منه تاما لکن اثبات کون ترکهم لصلاة الجمعة فی الازمنة المتمادیة مستندا الی التقیة فی کلها غیر ممکن بل الظاهر ان ترکهم لها يستند الی غیر التقیة لان التقية لم تکن مستوعبة لجميع الظروف والشرائط فترک زرارة او أخیه لصلاة الجمعة لم يکن مختصاً بظروف التقية بل کان مطلقا والشاهد علی ذلک نفس الحث علی الفعل والتوبيخ علی الترک .

نعم ما ذکره الشیخ الحائری ره من ان ترک الاصحاب احد اسباب الخفاء للحکم صحيح لکن ما تحقق منهم لم يکن هو الترک عن تقیة بل کان ترکهم حتی مع تمکنهم من اقامتها وهذا أمارة عن عدم اللزوم و هذا هو الذی ذکر فی کلمات السید الخوئی ره بعنوان القرینة الثانیة و أضاف الیها شهادة صحیحة زرارة و موثقة عبد الملک بن اعین وهما من أجلاء اصحاب الائمة علیهم السلام وانه جرت سیرتهم علی عدم اتیانها فهل یحتمل ان یکونوا متجاهرین بالفسق بترکهم واجبا تعیینیا علیهم وعندئذ ينتقل الکلام الی القرينة الثانية وانه هل هذه القرینة الثانیة تامة ام لا ؟

یمکن الاشکال علیها بوجهين (الاول): انه لا دلیل علی ان اصحاب الائمة علیهم السلام لایقیمونها بشرائطها بل یحتمل ان يکونوا یقیمونها لکن لم یصل خبره الینا لکن جواب هذا الایراد واضح بعد ملاحظة التنصیص علی ترک مثل عبد الملک و زرارة فی متن الموثقة و الصحیحة هذا اولاً ،و ثانیاً لوکانوا اقاموها لشاع خبر ذلک فیما بعد للآخرین ولم يبق مخفياً علی الناس بینما ه لم ینقل فی روایة اوفي نقل تاريخي اجتماع الاصحاب لإقامتها .

اما الاشکال الثانی فهو انه لو سلّم کونهم تارکین لها ولکن کان ترکهم مستندا الی الخوف من الجائرین ومثل هذا الترک لايکشف عن عدم ثبوت الوجوب في الشريعة و الجواب عن هذا سیأتی ان شاء الله

 


[1] -الجواهر ج11 ص156.
[2] - قال في مصباح الفقيه (كتاب الصلاة ص437): «بل يكفي في الجزم بعدم الوجوب في مثل المقام وجود خلاف يعتد به فيه، لقضاء العادة بأنّه لو كانت الجمعة بعينها واجبة على كل مسلم لصارت من الصدر الأوّل من زمان النبي صلّى الله عليه و آله كغيرها من الفرائض اليومية من ضروريات الدين».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo