< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

98/09/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: المناقشة فی القول الرابع

کان الکلام فی القول الرابع الذی قوّاه السید الخوئی و شیخنا الاستاذ التبریزی قدهما من ان مقتضی الجمع بین الروایات هو القول بالوجوب التخییری فی عقد صلاة الجمعة و ایجادها والوجوب التعیینی للحضور فیها بعد ما إنعقدت و نودی الیها .

وقد نوقش فیه بان بعض القرائن المانعة عن الأخذ بظهور روایات الطائفة الاولی الدالة علی الوجوب التعیینی تمنع عن الالتزام بظهور روایات الطائفة الثانیة التی استدل بها علی وجوب الحضور فی الصلاة المنعقدة کالقرینة الاولی ( ای قاعدة لوکان لبان ) و القرینة الثانية (ترک اصحاب الائمّة علیهم السلام عقدصلاة الجمعة) فان هاتين القرینتين تمنعان عن الطائفة الثانیة کما ان هناک قرینة خاصة تجری بالنسبة الی الطائفة الثانیة دون الطائفة الاولی و هی التی ذکرها الشیخ الحائری ره فی مقام الاستدلال بالایة الکریمة علی اثبات الوجوب التعیینی لصلاة الجمعة من ان تعلیق وجوب صلاة الجمعة فیها علی اقامتها وعقدها باجتماع خمسة او سبعة نفر مخالف للارتکاز العقلائی .

وقد ذکرنا في توضيح هذا الایراد ان صلاة الجمعة یوم الجمعة اما ان تکون واجدة للمصلحة الملزمة التامة الموجبة لجعل الوجوب التعیینی او غیر واجدة لها ،فان کانت واجدة لها فهي تکون حاملة لها بالاطلاق ای فی مرحلة عقدها و فی مرحلة حضورها ایضا وهذا يقتضی وجوب عقدها تعييناً ، و ان لم تکن واجدة للمصلحة المذکورة بل کانت المصلحة الموجودة فيها علی مستوی جعل الوجوب التخییری لها فهي تقتضي ان يکون الوجوب المجعول للحضور فيها ايضاً وجوباَ تخييرياً لا تعيينياً .

فان قلت : یحتمل ان یکون اجتماع سبعة نفر علی إقامتها سببا لحدوث مصلحة ملزمة لجعل الوجوب بنحوالتعیین بان یفرض عدم وجود مصلحة ملزمة فی اصل ایجادها لکن بعد الانعقاد یصیر الحضور واجبا لحدوث مصلحة ملزمة بعد الانعقاد و لعل تلک المصلحة هی ان لاتنکسر هیبة صلاة الجمعة و عظمتها فقبل اقامتها لا یجب ایجادها ولکن اذا أقیمت یجب الحضور تعیینا للتحفظ علی مکانتها وعظمتها.

قلت : ان هذا احتمال غیر عقلائی لایعتمد علیه خصوصا بملاحظة ان صلاة الجمعة تنعقد بحضور خمسة نفرويکفي وجود سبعة نفر لوجوب الحضور فيها عند القائل بوجوب الحضور تعييناً .

.اذن لیس هناک نکتة فی توجیه تعلیق وجوب الحضورفيها علی انعقادها فلایمکن الالتزام بهذا التعلیق ، وهذا الاشکال یوجب حمل روایات الطائفة الثانیة علی الوجوب التخییری بالنسبة الی الحضور فیها ایضا وکون الحث فيها من الترغیب الی افضل الفردین .

وقد يناقش في هذا الحمل بان بعض روایات الطائفة الثانیة يأبی عن الحمل علی التخییر نحو الروایات التی تدل علی ان «من ترک الجمعة ثلاث مرات طبع الله علی قلبه او انه منافق» فانها لا یناسب الوجوب التخییری بالنسبة الی الحضور فیها بل هی ناظرة الی الوجوب التعیینی اما في العقد والحضور معاً کما هو معنی القول الاول او في الحضورفقط دون العقد کما هو معنی القول الرابع. ففی مدارک الاحکام ان هذه الاخبار صحیحة سندا و تامة من حیث الدلالة علی وجوبها عیناً ولا إشعار فیها بالتخییر بینها و بین الظهر فلوجاز ترکها الی البدل لم یحسن ان یقول بنحو الاطلاق « طبع الله علی قلبه او انه منافق ».

هل هذا الایراد تام ام لا ؟

قد أجیب عن هذا الایراد في کلمات الاعلام بوجوه

منها : ما ذکره السيد الخوانساری قدس سره في جامع المدارک حيث قال بان التوعّد الوارد فی بعض الروایات الصحیحة علی ترک الجمعة بانه یورث الطبع علی القلب او بخاتم النفاق لایناسب مع الوجوب التخییری بل یتطلب ان یکون وجوبها وجوبا تعیینیا مطلقا ولکنه لابد وان تنضمّ هذه الروایات الی روایات اخری واردة فی بیان شرائط اقامتها نظیر شرط النصب او شرط الاذن او انها ناظرة الی زمان بسط ید الامام علیه السلام .

و قال فی تقریب مدعاه بان هذه الروایات المرغّبة اما ان تکون بصدد الترغیب الی الحضور فی جمعة المخالفین و هذا لایصح لکون صلاتهم باطلة لفقد شرط الايمان و العدالة ، او انها ترغیب للاصحاب باقامتهم بينهم و هو مخالف للتقیة فلابد فلعلّ النظر في أمثال هذه الأخبار إلى لزوم صلاة الجمعة على كلّ أحد بأن يرجعوا إلى المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين كلزوم الرّجوع إليهم في جميع الأمور الدّينيّة كتعلّم الأحكام منهم و التحاكم إليهم و إن كان التكليف ساقطا مع إعراض الجمهور عن الحقّ و مقهوريّة من شذّ و ندر من المؤمنين و إن كان النظر إلى خصوص الشيعة فلا بدّ من تقييدها بصورة عدم الخوف و التقيّة فليقيّد بحضور الإمام عليه السّلام و تصدّيه للأمور [1]

والحاصل ان هذا الوعید الشدید فی هذه الروایات وان کان لايناسب مع کون وجوبها تخییریا وانما يناسب الوجوب التعييني و لکنه تحمل علی الوجوب التعیینی المقرون بشرائطه ، وهذا امر لاينکره القائل بالوجوب التخييري في زمان الغيبة فان القائلين بالوجوب التخییری یقولون بوجوبها عینا فی زمن حضور الامام علیه السلام وانما يقولون بالوجوب التخييري عند غیبته او عند عدم بسط یده مع حضوره الشریف.

ويشهد علی ما ذکره السيد الخوانساری ره ان طریقة الفقهاء المتقدمین استقرت فی ترتيب البحث فی صلاة الجمعة علی ان يذکروا اولاً اصل وجوبها ثم يذکروا شرائط اقامتها فمنهم العلامة قدّس سرّه قد تعرض فی المنتهی اولا لبیان ادلة وجوب الجمعة و یذکر من جملتها صحیحة محمد بن مسلم «من ترک الجمعة ثلاث متوالیات » ثم یذکر مسألة فی شرائطها من وجود امام عادل ای المعصوم علیه السلام او المأذون منه ثم یدعی الاجماع علیه . وکذا غيره من الفقهاء وهذا يدلّ علی ان الالتزام بالوجوب التعييني استناداً الی مثل النصوص المذکورة لاينافي القول باشتراطه باذن الامام عليه السلام بخصوصه والقول بالوجوب التخييري في زمان الغيبة او عن عدم بسط يد الامام عليه السلام .

ومنها : ما أفاده المحقق النراقی ره من هذا اللسان الشدید فی التوعید لایختص بترک الواجبات بل ربما یستعمل فی المکروهات اوترک بعض المستحبات المؤکدة الذی یورث کدرةالقلب ولذا ورد أشد من ذلک فی ترک بعض المستحبات . [2]

ولکنه يلاحظ عليه بانه بعيد بالنسبة الی ظاهر اللفظ نعم لاننکر استعمال مثله في المکروهات وترک المستحبات _ کما ورد من اللعن علی من اکل زاده وحده ومن نام وحده_ ، ولکنه لاينافی ظهوراللفظ في الالزام وعدم الترخيص وانه من السنة بيان الالزاميات وان رفع اليد عن ظاهر اللفظ يحتاج الی قرينة توجبه .

ومنها : ما أفاده السید البروجردی ره من ان نفس هذا التعبیر الوارد فی روایة الوعید أمارة علی عدم وجوبها لان الجزاء ـ طبع النفاق ـ مترتب علی ترک ثلاث جُمَع متوالیة و لم یرتّب الجزاءعلی ترک جمعة واحدة وهذا شاهد علی عدم وجوبها وان الوعيد الوارد في ترکها انما هو علی التهاون و الاعراض من قبيل ما دل علی عدم جواز التهاون و الاعراض عن الجماعة .

وقد اشير الی هذا الجواب في کلام المحقق النراقی ره حيث قال : « سيّما مع أنّه رتّب الطبع و ما بمعناه على ترك ثلاث جمع المتّصفة بالمتوالية، و سيّما مع التقييد في بعض تلك الروايات بتركها تهاونا بها» [3]

ولکنه يلاحظ عليه بان هذا الجواب وان کان يحتمله بعض نصوص توعید ترک الجمعة لکنه لايحتمل في مثل صحیحة زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ:صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَرِيضَةٌ- وَ الِاجْتِمَاعُ إِلَيْهَا فَرِيضَةٌ مَعَ الْإِمَامِ- فَإِنْ تَرَكَ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ ثَلَاثَ جُمَعٍ- فَقَدْ تَرَكَ ثَلَاثَ فَرَائِضَ- وَ لَا يَدَعُ ثَلَاثَ فَرَائِضَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ إِلَّا مُنَافِقٌ. [4]

فانها تدل علی ان ترک جمعة واحدة مصداق لترک الفريضة وموجب للفسق وان ترک ثلاث فرائض يوجب النفاق والفسق الشديد .

 

فالعمدة في الجواب عن الايراد المذکور هوالوجه الاول الذي نقلناه من السيد الخوانساری ره .

وقد تحصل مما ذکرناه انا نعترف بظهور روایات معتبرة في وجوب الحضور في الجمعة المنعقدة تعیینا لکنه لابد من رفع الید عن ظهورها لقیام القرائن علی خلاف ظهورها فتحمل علی بیان الوجوب التعیینی عند بسط يد الامام علیه السلام و فی غیرهذا المورد تحمل الروایات علی الوجوب التخییری مطلقا.

اما القول الخامس: الذي اختاره السید الصدر قدّس سرّه علی ما في الفتاوی الواضحة من انه تجب اقامة صلاة الجمعة تعييناً في حالة وجود سلطان عادل و اما في حالة عدم توفر السلطان العادل فصلاة الجمعة واجبة أيضا‌ً، و لكنها تجب على وجه التخيير ابتداء، وبعد اقامتها بشرائطها يجب الحضورفيها تعييناً ، وقدجمع فيه بین القول الاول و القول الرابع فالوجه فيه ان هناک طائفتين من الروایات فالطائفة الاولی مفادها وجوبها مطلقا حتی فی مرحلة العقد و الاقامة و الطائفة الثانیة مفادها وجوب الحضور فی الجمعة المنعقدة لکن قیام القرائن علی خلاف ظهور الطائفة الاولی فی الوجوب التعیینی اوجب رفع الید عنها الا ان رفع الید عن ظهورها لم یکن بالنسبة الی جمیع الظروف بل الوجوب التعیینی یرتفع اذا لم یکن هناک حکومة شرعیة إذ فی رفع الید عن ظهور الطائفة الاولی لابد من ملاحظة دلیل الرافع وحيث ان عمدة الدلیل علی رفع اليد هی الاجماع المنقول عن ابن ادریس وغيره علی عدم الوجوب التعیینی وهو دلیل لبی فلابد فیه من الاکتفاء بالقدر المتیقن و هو فرض عدم حکومة شرعیة ففی خصوص هذا الفرض ترفع الید عن الطائفة الاولی اما لوکان الفقیه مبسوط الید فلادلیل حینئذ علی رفع الید عن مقتضی الطائفة الاولی فنلتزم بمفادها ای الوجوب التعیینی لعقدها . اما اذا لم یکن الفقیه مبسوط الید ففی هذه الصورة لاتجب عقدها لکن لو أقیمت علی سبیل الاتفاق یجب الحضور فیها تعیینا بمقتضی الطائفة الثانية .

اقول : انما یتم هذا القول اذا انحصر دلیل رفع اليد عن ظهور الطائفة الاولی فی قرینة الاجماع فقط حیث یقتصر فیه علی القدر المتیقن، اما لو استندنا فی الرفع بقاعدة لو کان لبان او قرینة ترک اصحاب الائمّة علیهم السلام صلاة الجمعة فحینئذ یثبت اطلاق المنع حيث ان هاتين القرینتين تدلان علی عدم الوجوب التعييني لصلاة الجمعة لا للاقامة و لا للحضور فیها فتحمل الطائفة الاولی علی بیان افضل الفردین من الوجوب التخییری او الوجوب التعييني عند توفرالشرائط التي منها اذن الامام عليه السلام واما بسط ید الفقیه وعدم بسط یده فلا دخل له في حکم صلاة الجمعة .

و اما الوجوب التعیینی للحضور في الجمعة المنعقدة الذی ادعاه فی فرض عدم حکومة شرعیة استنادا الی الطائفة الثانية فيرد عليه نفس ما تقدم في مناقشة القول الرابع من قيام قرائن متعددة لرفع اليد عن ظهور الطائفة الثانية .

والذي تحصل مما ذکرنا في حکم صلاة الجمعة في زمان الغيبة هو ان مقتضی الصناعة بعد ملاحظة النصوص المختلفة الواردة في المسألة و القرائن الحافة بالنصوص هو الحکم بالوجوب التخییری لصلاة الجمعة فی غیبة الامام علیه السلام .

بقی مطلبان فی هذا البحث : الاول انه لو فرضنا عدم امکان الجمع بین هذه الادلة بهذه الکیفیات المستندة الی القرائن المذکورة و وقع التعارض بینها ولم نتمکن من اثبات احد الاقوال في المسألة (حيث ذهب بعض الی القول بالوجوب التعیینی فی إقامتها وبعض آخر الی الوجوب التعييني في الحضور بعد إقامتها و من جانب اخر ادعی اشتراطها بإذن الامام علیه السلام بحیث لایجب فی فرض عدم الاذن او لایکون مشروعا اذا لم یحرز اذنه فیها ) ففی تقدیر عدم امکان الجمع ما هو مقتضی الصناعة ؟ و المطلب الاخر فی مقتضی الاصل العملی فی المسألة .

 


[1] - جامع المدارک ج1ص522.
[2] -مستندالشيعة ج6ص42.
[3] - نفس المصدر.
[4] -الوسائل الباب1 من ابواب صلاة الجمعة ح12.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo