< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

99/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مناقشات فی وجوه استدلال المشهور

قد تقدم الکلام فی ان المشهور اختار عدم جواز تقدیم الخطبتین علی الزوال و قد استدل له بوجوه و الوجه الاول من تلک الوجوه هو الاستدلال بالایة الکریمة « اذا نودی للصلاة من یوم الجمعة فاسعوا الی ذکر الله » باعتبار تعلیق وجوب السعی الیها علی النداء و علی تحقق الاذان الذی لا یجوز الا عند الزوال فان هذا التعلیق یقتضی عدم جواز تقدیم شیء من أجزاء صلاة الجمعة علی الزوال .

لکن هناک مناقشات فی الاستدلال بها علی المشهور فقد أورد فیه المحقق الحائری ره بثلاث مناقشات و قد تقدم الکلام في المناقشتين منها ، اما المناقشة الثالثة فی الاستدلال بالایة فهی ان ما یقتضیه التعلیق هوعدم وجوب السعی الی الصلاة المنعقدة قبل دخول الوقت لان المدلول المطابقی للایة هو وجوب السعی الی الصلاة المنعقدة و المفهوم لذلک عدم وجوب السعی الی الجمعة التی لم تنعقد و لم یناد الیها و لکنها لا تدل علی عدم وجوب اقامة صلاة الجمعة قبل الزوال فقال ره : ثالثا: إنّ الظّاهر من الآية عدم وجوب السّعي إلى الجمعة المنعقدة إلّا بعد دخول الوقت الّذي هو بزوال الشّمس، و ذلك لا يدلّ على عدم وجوب عقدها قبله بجمع العدد الكافي للخطبة و إلقائها . [1]

لکن یمکن الجواب عن هذه المناقشة الثالثة ایضا اولا بان هذه المناقشة تنافی مبناه المختار فی الاستدلال بالایة فی بحث الوجوب التعیینی لاقامة صلاة الجمعة حیث ادعی هناک ان مفاد الایة لیس هو تعلیق وجوب اتیان صلاة الجمعة علی تقدیر الانعقاد و ان کان هذا التعلیق مما یستدعیه ظاهر الالفاظ و لکنه لیس هو المراد الجدی من الایة بان یکون وجوب اتیان الجمعة معلقا علی الانعقاد و ذلک لوجوه عدیدة تقدمت الاشارة الیها . اذن مفاد الایة علی حسب ما اختاره قدس سره هو تعلیق وجوب اتیان صلاة الجمعة علی دخول الوقت و علی النداء الیها بحیث یکون النداء فی الایة کنایة عن دخول الوقت یوم الجمعة و لیس مفاد الایة تعلیق وجوب السعی علی انعقاد صلاة الجمعة حتی یفسح المجال لإبداع ذلک المفهوم علی خلاف قول المشهور ، و ثانياً لو بنينا علی ان مفاد الآية تعليق وجوب السعي الی صلاة الجمعة علی انعقادها فحيث ان الآية تدلّ علی ان وجوب الاتيان بصلاة الجمعة معلق علی تحقق النداء اليها اي عبر عن المعلق عليه _وهو الانعقاد_ بالنداء والاذان فهذا يقتضي ان انعقاد صلاة الجمعة لايکون الا بالنداء اليها والاذان لها وحيث انه لايجوز الاذان للصلاة قبل وقتها فيستفاد من الآية ان وجوب الحضور في الجمعة لايکون الا اذا انعقدت بعد الاذان وبعد الزوال و هذا يعني ان وقت صلاة الجمعة بمجموعها المشتمل علی الخطبتین یکون بعد زوال الشمس من یوم الجمعة .

(الوجه الثانی) لاثبات عدم جواز تقدیم الخطبتین علی الزوال هو الاستناد الی روایتین

الرواية الاولی : صحیحة ابن مسلم فهی قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ أَذَانٌ وَ إِقَامَةٌ- يَخْرُجُ الْإِمَامُ بَعْدَ الْأَذَانِ فَيَصْعَدُ الْمِنْبَرَ فَيَخْطُبُ- وَ لَا يُصَلِّي النَّاسُ مَا دَامَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ- ثُمَّ يَقْعُدُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ- قَدْرَ مَا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ- ثُمَّ يَقُومُ فَيَفْتَتِحُ خُطْبَتَهُ- ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ- ثُمَّ يَقْرَأُ بِهِمْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِالْجُمُعَةِ- وَ فِي الثَّانِيَةِ بِالْمُنَافِقِينَ. [2]

فقد استدل بها لصالح المشهور وتقریب الاستدلال بها واضح حیث أجاب الامام علیه السلام عن سؤال السائل بان یخرج الامام بعد الاذان فیصعد المنبر فیخطب فهذه الروایة تدل علی مدعی المشهور .

و قد استند صاحب الجواهر ره بعد صحیحة ابن مسلم الی موثقة سماعة ایضا قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَخْطُبُ يَعْنِي إِمَامَ الْجُمُعَةِ- وَ هُوَ قَائِمٌ يَحْمَدُ اللَّهَ وَ يُثْنِي عَلَيْهِ- ثُمَّ يُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ- ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ صَغِيرَةً ثُمَّ يَجْلِسُ- ثُمَّ يَقُومُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَ يُثْنِي عَلَيْهِ- وَ يُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ ص وَ عَلَى أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ- وَ يَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ- فَإِذَا فَرَغَ مِنْ هَذَا أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ- فَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ- يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ- وَ فِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةِ الْمُنَافِقِينَ .[3]

لکنه يرد عليه ان الموثقة لادلالة فيها علی مدعی المشهور لان العنوان الوارد فیها و ان کان هو « اقام المؤذّن » لکن لیس المراد منه ان المؤذّن أذّن آنذاک بل المراد منه ان المؤذن اتی باقامة الصلاة فما في کلمات شيخنا الاستاذ قده من ان ظاهره فرض وقوع الخطبتين بعد الاذان للصلاة [4] لم نفهم وجهه .

بل الروایة الثانیة التی صالحة للاستناد الیها لاثبات قول المشهور هی روایة عبد الله بن میمون القداح نقلها صاحب الوسائل بهذا السند وَ عَنْهُ _اي الشيخ ره باسناده عن محمد بن علي بن محبوب_ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا خَرَجَ إِلَى الْجُمُعَةِ- قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُونَ. [5]

والروایة معتبرة سندا لان المراد من جعفر بن محمد الواقع فی السند بقرینة روایة الحسن بن علی و بقرینة روایته عن عبد الله بن میمون القداح هو جعفربن مجمد بن عبید الله الاشعری و هو من المعاریف و وقع فی سلسلة أحادیث کثیرة و حیث لم یرد فیه قدح ولاذم بل نقل عنه الاجلاء فهذا يدلّ علی وثاقته .

فقد استدل بها لصالح المشهور و هل الاستدلال بها و بصحیحة ابن مسلم تام ام لا ؟

قد ناقش المحقق السبزواری ره فی الذخیرة فی الاستدلال بالصحیحة علی قول المشهور بنفس مناقشته فی الاستدلال بالایة لصالح قول المشهور حیث قال ره : بما ذكرنا يعلم الجواب عن الثاني، على ان الخبر غير دال على وجوب ما اشتمل عليه بقرينة ذكر ما لا خلاف في استحبابه

فهو ناقش فی الاستدلال بها بمناقشتین المناقشة الاولی هی نفس مناقشته فی الاستدلال بالایة اما مناقشته الثانیة فهی ان الخبر وان اشتمل علی السؤال عن کیفیة الجمعة و علی جواب الامام علیه السلام عن سؤاله بکیفیة خاصة لکن الخبر حیث اشتمل علی بعض امور لا خلاف فی انها من المستحبات لا یدل علی وجوب کل ما ذکر فیه .

اما تقریب تطبیق مناقشته فی الایة علی صحیحة ابن مسلم فالظاهر انه بملاحظة الاشکال النقضي لان المحقق السبزواری ره ادعی هناک ان الاستدلال بالایة یتوقف علی عدم جواز الاذان قبل الزوال و هو ممنوع اذ لا محیص للمشهور عن الالتزام بانه لا یتوقف جواز الاذان علی دخول وقت نفس الرکعتین لان هذا الاشکال یرد علیهم ايضاً حيث يحکمون بتجویز الاذان لصلاة الجمعة اول الزوال بینما ان الرکعتین إنما تؤتی بهما بعد عشر دقائق بعد الزوال ای بعد الخطبتین فما هو الحل عندهم هو الحل عندنا ايضاً و بعبارة اخری کما يقال هناک ان الآية تدل علی جواز الاذان عند الزوال لصلاة الجمعة بینما انه لم یحن الان وقت الرکعتین و لیس هذا الا لمکان لحاظ الخطبتین فی تجویز الاذان قبل دخول وقت الرکعتین کذلک ينطبق هذا التقریب بالنسبة الی الصحیحة فجواز الاذان حین الزوال انما هو لاجل الخطبتین فاذا ثبت بالدلیل الخارج دخول وقت الخطبتین قبل الزوال فحینئذ یثبت جواز الاذان لهما قبل الزوال ایضا لانه یکفی فی جواز الاذان دخول وقت الخطبتین .

اقول : ان مناقشته الاولی تتوقف علی ثبوت دلیل اخر علی جواز ایقاع الخطبتین قبل الزوال اما لو فرضنا عدم الدلیل علی جواز تقدیم الخطبتین علی الزوال کما تقدم سابقاً عن شيخنا الاستاذ قده من عدم معهودية ذلک وانه لو کان لبان فحینئذ لاترد علی الصحیحة مناقشته الاولی .

واما مناقشته الثانية وهي ان صحیحة ابن مسلم حیث تشتمل علی امور مندوبة فهذا یمنع عن استفادة الوجوب منها بالنسبة الی ما شک فی وجوبه و استحبابه فقد اتضح الجواب عنها بما تقدم مرارا ضمن المباحث السابقة من ان اشتمال الروایة علی فقرة تدل علی حکم نقطع باستحبابه بالدليل الخارجي لا یوجب رفع الید عن ظهور سائر الفقرات فی الوجوب کما کان الامر هکذا بالنسبة الی صحیحة حماد حیث اشتملت فی مقام بیان و تعلیم کیفیة اتیان الصلاة علی خصوصیات و اداب لیست من واجبات الصلاة لکن العلم باشتمالها علی الاستحباب فی بعض الفقرات لایستلزم رفع الید عن ظهور سائر الفقرات فی الوجوب مثلا جلسة الاستراحة لا دلیل من الخارج علی استحبابها وحینئذ لا وجه لرفع الید عن صحیحة حماد التی تدل بالظهور علی وجوب جلسة الاستراحة و فی المقام لا وجه لرفع الید عن ظهور صحیحة ابن مسلم فی عدم جواز تقدیم الخطبتین علی الزوال بمجرد اشتمالها علی ما ليس بواجب .

و هناک مناقشة اخری من المحقق الحائری ره علی الاستدلال بالصحیحة و هی انه لو فرضنا دلالة صحیحة ابن مسلم علی لزوم ایقاع الخطبتین بعد ما زالت الشمس فحيث ان فی مقابلها صحیحة ابن سنان تدل علی جواز الخطبتین قبل الزوال و عند دوران الامر بین الروایتین فلا بد من حمل صحیحة ابن مسلم علی ان الخطبتین یجب ایقاعهما بعد الزوال اذا ما سوّف او أخّرهما الی قبیل الزول فیجب حینئذ ایقاعهما بعد الاذان فقال ره : أمّا حسن ابن مسلم: فحمله على صورة تأخير الخطبة إلى الزّوال، و أنّه إن فرض التّأخير فليكن بعد الأذان تحرّزا عن إيقاع الخطبة قبل الأذان، حتّى يكون كالإقامة بعد الخطبتين أهون عند العرف من التصرفات البعيدة بل المقطوع خلافها في صحيح ابن سنان المتقدّم. و ترك التّقييد لعلّه لما كان معمولا في عصر صدور‌الخبر من التّأخير إلى الزّوال، و لعلّ وجه كون ذلك معمولا عدم حصول الاجتماع قبل ذلك، لعدم النّداء الّذي هو الأذان، على الظاهر.فتحصّل: أنّ الأقوى، وفاقا لعدّة من الأصحاب الّذين منهم الشّيخ و المحقّق قدّس سرّهما: جواز التقديم، بل لا يبعد القول بالاستحباب لدرك أوّل وقت صلاة الجمعة. و اللّه العالم. [6]

لکن یبدو بالنظر عدم تمامیة هذه المناقشة ایضا کما سيأتي ان شاء الله تعالی

 


[1] - صلاة الجمعة ص198.
[2] - الوسائل الباب25 من ابواب صلاة الجمعة ح3.
[3] -نفس المصدر ح2.
[4] - تنقيح مباني العروة کتاب الصلاة ج1ص56.
[5] - الوسائل الباب28 من ابواب صلاة الجمعة ح2.
[6] - صلاة الجمعة ص198-199.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo