< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

99/03/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: القول الثانی فی تحدید منتهی وقت صلاة الجمعة

القول الثانی فی منتهی وقت الجمعة هو ان وقتها مضیق من زوال الشمس الی ان یمضی مقدار اتیان رکعتی الجمعة مع الخطبیتن والاذان . و قد نقل هذا القول عن ابی الصلاح الحلبی و قد ادعی ابن زهرة الحلبی الاجماع علیه فی الغنیة .

قد استدل علی هذا القول بنصوص من الروایات بعضها صحیحة کصحیحة الفضلاء : ربعی بن عبد الله و فضیل بن یسارجَمِيعاً عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَشْيَاءَ مُوَسَّعَةً وَ أَشْيَاءَ مُضَيَّقَةً- فَالصَّلَاةُ مِمَّا وُسِّعَ فِيهِ تُقَدَّمُ مَرَّةً وَ تُؤَخَّرُ أُخْرَى- وَ الْجُمُعَةُ مِمَّا ضُيِّقَ فِيهَا- فَإِنَّ وَقْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَاعَةُ تَزُولُ- وَ وَقْتَ الْعَصْرِ فِيهَا وَقْتُ الظُّهْرِ فِي غَيْرِهَا .[1]

وصحیحة زرارة قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ إِنَّ مِنَ الْأُمُورِ أُمُوراً مُضَيَّقَةً وَ أُمُوراً مُوَسَّعَةً- وَ إِنَّ الْوَقْتَ وَقْتَانِ- وَ الصَّلَاةُ مِمَّا فِيهِ السَّعَةُ- فَرُبَّمَا عَجَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ رُبَّمَا أَخَّرَ- إِلَّا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ- فَإِنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ مِنَ الْأَمْرِ الْمُضَيَّقِ- إِنَّمَا لَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ حِينَ تَزُولُ- وَ وَقْتُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ . [2]

و صحیحة ابن مسکان ( ابن سنان ) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ: وَقْتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الزَّوَالِ- وَ وَقْتُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ- وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ- وَ يُسْتَحَبُّ التَّكْبِيرُ بِهَا . [3]

حیث حدد فیها وقت الجمعة بالزوال .

وصحیحة الحلبی عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: وَقْتُ الْجُمُعَةِ زَوَالُ الشَّمْسِ- وَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي السَّفَرِ زَوَالُ الشَّمْسِ- وَ وَقْتُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْحَضَرِ- نَحْوٌ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ .[4]

تقریب الاستدلال بهذه النصوص علی القول الثانی واضح باعتبار ان مفادها ان وقتها حین الزوال قدر مايسع الاتيان بها من الرکعتین و الخطبتین مع الاذان الذي يؤتی به اول الوقت .

هل یتم استناد القول الثانی الی مفاد هذه النصوص .

قد نوقش فی الاستدلال بها علی القول الثانی و هناک مناقشتان مذکورتان فی کلمات السید الحکیم ره والسید الخوئی ره کما ذکر اصل المناقشة فی الجواهر و فی مصباح الفقیة و قد اضاف السید الخوئی ره وجها زائدا یمکن احتسابها مناقشة ثالثة .

المناقشة الاولی هی ان هذه النصوص وان جعلت وقت صلاة الجمعة مضیقا ولکن هناک روایات اخری تدل علی تضیق وقت الظهر یوم الجمعة او تضیق مطلق المکتوبة یوم الجمعة الاعم من الظهر و صلاة الجمعة و هذه القرینة ـ تضیق مطلق الفریضة التی تعم الظهر و صلاة الجمعة ـ شاهدة علی انه ارید بالتضیق التضیق فی وقت الفضیلة لا التضیق فی وقت الاجزاء و وجه القرینیة هی معلومیة عدم تضیق الظهر بلحاظ وقت الاجزاء اذن ارید بتضیق الجمعة تضیقها بلحاظ وقت الفضیلة حیث انه لا نافلة للظهر یوم الجمعة فیبدء وقت فضیلته من الزوال بلا فصل من الزمان .

هذا هو الوجه الاول فی لزوم رفع الید عن ظهور النصوص المتقدمة المستدل بها علی القول الثانی .

فقال فی المستمسک : لكن فيه أن أكثر النصوص الواردة بهذا اللسان موردها صلاة الظهر يوم الجمعة أو ما يعمها و الجمعة،ففي خبر أبي سيار قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع) عن وقت الظهر في يوم الجمعة في السفر. فقال (ع): عند زوال الشمس و ذلك وقتها يوم الجمعة في غير السفر» و‌صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (ع) أنه قال: «وقت الجمعة زوال الشمس و وقت صلاة الظهر في السفر زوال الشمس، و وقت العصر يوم الجمعة في الحضر نحو من وقت الظهر في غير يوم الجمعة و ‌مصحح ابن سنان: «إذا زالت الشمس يوم الجمعة فابدأ بالمكتوبة» و‌خبر إسماعيل بن عبد الخالق: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الصلاة فجعل لكل صلاة وقتين إلا الجمعة في السفر و الحضر فإنه قال: وقتها إذا زالت الشمس» و نحوها غيرها و المتعين حمل الجميع على استحباب المبادرة إلى الصلاة من جهة عدم المزاحمة بالنافلة لتقديمها على الزوال .[5]

هذه النصوص دلت علی تضیق وقت الظهر یوم الجمعة و حیث ان تضیق وقت الظهر لا یفترض الا بلحاظ وقت الفضیلة لا وقت الاجزاء فلابد من حمل تلک النصوص الاربعة الدالة علی تضیق وقت الجمعة بحین الزوال علی بیان تضیق وقت فضیلة الجمعة لا وقت الاجزاء .

المناقشة الثانیة التی ذکرها السید الحکیم ره و هکذا السید الخوئی ره مع زیادة بیان انه لا یمکن استفادة القول الثانی من النصوص الواردة فی تضیق وقت الجمعة لان المراد بالتضیق الوارد فیها اما هو التضیق الحقیقی الدقی بان تبدء صلاة الجمعة من حین الزوال الحقیقی او ان المراد بهذا العنوان هو التضیق العرفی اما التضیق الحقیقی فلایمکن الالتزام بها لعدم تیسّره لعامة الناس بحسب العادة بحیث لا تتقدم و لا تتأخر عن حین الزوال اما لو کان المراد به هو التضیق العرفی فلایمکن الالتزام به لکون حمله علی التضیق العرفی حملا علی خلاف الظاهر اولا و لکون الحمل علی التضیق العرفی منافیا لروایات تدل علی توسعة وقت الجمعة فلا یمکن الالتزام بکل واحد من التضیقین و لهذا السبب لایمکن الالتزام بظهور هذه النصوص فی تضیق وقت الجمعة بالزوال من حیث وقت الاجزاء نعم یمکن الالتزام بها بلحاظ وقت الفضیلة و المتحصل من المناقشة الثانیة هو وجود قرینة داخلیة تشهد بان المراد بالتضیق الوارد فی هذه النصوص هو تضیق وقت الجمعة بلحاظ وقت الفضیلة لا وقت الاجزاء لعدم تمکن عامة الناس من احراز الوقت بالتضیق الحقیقی و لان التضیق العرفی ایضا علی خلاف الظاهر و علی خلاف النصوص الدالة علی توسعة وقت الجمعة .

ففی المستمسک : مع أن التضييق الحقيقي- كما هو ظاهرها- مما لا يمكن الالتزام به، و التضييق العرفي- مع أنه خلاف ظاهرها، و أنه مما يصعب جداً الالتزام به أيضاً- مناف لبعض النصوص،

ففي رواية زرارة عن أبي جعفر (ع)- المحكية عن المصباح-: «قال: أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة فحافظ عليها، فان رسول اللّه (ص) قال: لا يسأل اللّه عز و جل عبد فيها خيراً إلا أعطاه اللّه» . و نحوها غيرها. فان التحديد بالساعة فيها ظاهر في كون الوقت أوسع من الفعل بنحو معتد به . [6]

اما السید الخوئی ره [7] فقد استشهد بروایات اخر علی ان التضیق الوارد فی لسان هذه النصوص المتقدمة لیس تضیقا عرفیا فقد استشهد بصحیحة عبد الله بن سنان التی دلت علی «ان رسول الله صلّی الله علیه و اله و سلم کان یصلی الجمعة حین الزوال قدر شراک » [8] حيث ان التأخير عن الزوال بمقدار شراک النعل لايجامع الضيق .

وهکذا برواية مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَرَ « عمیر» قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ- فَقَالَ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ مُضَيَّقَةً- إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلِّهَا- قَالَ قُلْتُ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ- صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّيْتُهَا- فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَمَّا أَنَا- فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ لَمْ أَبْدَأْ بِشَيْ‌ءٍ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ . [9]

موضع الاستشهاد من الروایة قوله علیه السلام « اما انا اذا زالت الشمس لم ابدء بشیء قبل المکتوبه » فانه یدل علی مرجوحیة النافلة قبل الفریضة فینکشف بالالتزام عدم تضیق الوقت .

فبملاحظة هذه النصوص الاخیرة ترد ثلاث مناقشات علی الاستدلال بالنصوص الاربعة المتقدمة لاثبات القول الثانی .

المناقشة الاولی : ان هناک روایات متعددة تدل علی تضیق وقت الظهر یوم الجمعة او تضیق وقت مطلق الفریضة الاعم من الظهر و الجمعة و هذه قرینة علی ان التضیق الوارد فی هذه النصوص الاربعة بالنسبة الی صلاة الجمعة لیس التضیق فيها بلحاظ وقت الاجزاء بل المراد به التضیق بلحاظ وقت الفضیلة .

المناقشة الثانیة ان التضییق سواء کان تضییقا حقیقیا او تضییقاعرفیا لا یمکن الالتزام به .

المناقشة الثالثة هی وجود روایات تدل علی عدم تضیق وقت صلاة الجمعة و یجوز تأخیرها بفاصل من الزوال و هذه هی قرائن ثلاثة علی عدم تمامیة الاستدلال بالنصوص الاربعة علی القول الثانی .

هل هذه الشواهد و المناقشات تامة ام لا ؟

یبدو بالنظر عدم تمامیتها اما المناقشة الاولی ـ التي ورد في کلام السید الحکیم ره في بيانها ان أكثر النصوص الواردة بهذا اللسان موردها صلاة الظهر يوم الجمعة أو ما يعمها و الجمعة، فبموجب هذه النصوص یحمل التضییق الوارد فی صحیحة الفضلاء و صحیحة الحلبی علی تضیق وقت الاستحباب فی صلاة الجمعة ـ فیجاب عنها بانه لا قرینية فی هذه النصوص للحمل علی هذا المعنی اذ لااشکال فی ان نلتزم بان التضیق الثابت للظهر یوم الجمعة یکون بلحاظ وقت الفضیلة بخلاف التضیق فی وقت الجمعة فانه یکون بلحاظ وقت الاجزاء و مجرد ثبوت التضییق للظهر فی تلک النصوص بلحاظ وقت الفضيلة لايکون شاهداً علی حمل التضیق فی النصوص الاربعة علی التضیق بلحاظ وقت الفضیلة .

اما المناقشة الثانیة _ من ان التضیق الحقیقی او العرفی لا یمکن الالتزام بهما لعدم التحامهما مع الروایات _فیجاب عنها بان التضیق الوارد فی هذه النصوص محمول علی التضیق العرفی وما ادعی السید الحکیم ره و السید الخوئی ره من ان ظاهر التضیق الوارد فی هذه النصوص انه تضییق حقیقی دقی محل المنع اذ یمکن ان یقال التضیق الوارد فی هذه النصوص محمول علی التضییق العرفی لوجهین .

الوجه الاول ان عنوان التضییق الوارد فی هذه النصوص نظیر سائر العناوین المأخوذة فی الخطابات کعنوان القدرة او العجز او عنوان الاستطاعة محمول علی المصداق العرفی اذن عنوان التضیق الوارد فی صحیحة الفضلاء و صحیحة الحلبی و غیرها محمول علی التضیق العرفی لا التضیق الحقیقی حتی یفضی الی الاشکال فیه بانه غیر صالح للتطبیق و الامتثال بالنسبة الی عامة الناس .

الوجه الثانی انه علی فرض کون التضییق الوارد فی هذه النصوص تضیقا حقیقیا لکن حیث ان عامة الناس لا یتمکنون من تطبیق التضییق الحقیقی بل هم عاجزون عن رعايته فی مقام الامتثال فان هذا العسر و الصعوبة الموجودة فی التضییق الحقیقی قرینة علی ان المراد به هو التضیق العرفی کما اشيراليه فی تعلیقة الموسوعة فی مقام الاشکال علی السید الخوئی ره حيث ذکر ان امتناع ارادة التضییق الحقیقی کما اعترف به قدس سره قرینة واضحة علی ارادة التضییق العرفی . [10]

اذن لا وجه لان یقال ان ظاهر عنوان التضیق هوالتضیق الحقیقی فلاوجه لحمله علی التضیق العرفی.

اما ما ادعی السید الحکیم ره من انه لا وجه لحمله علی التضیق العرفی لمنافاته لبعض الروایات نظیر روایة زرارة ـ ساعة تزول ـ و ما ذکره السید الخوئی ره من منافاته لروایة ابن سنان و روایة محمد بن عمر ـ عمیر ـ فقد یجاب عن هذا الاستشهاد بان هذه النصوص تلائم التضیق العرفی لعدم ارادة النجومیة من عنوان ـ ساعة تزول ـ بل المراد به هی الفرصة المتاحة له بحیث یتیسرله اتیان الجمعة فیها اذن لا تأبی هذه الروایات عن الحمل علی التضیق العرفی .

 


[1] - الوسائل الباب8 من ابواب صلاة الجمعة ح1.
[2] - نفس المصدر ح3.
[3] - نفس المصدر ح5.
[4] - نفس المصدر ح11.
[5] - المستمسک ج5ص50.
[6] - المستمسک ج5ص50.
[7] - الموسوعة ج11 ص139.
[8] - الوسائل الباب8 من ابواب صلاة الجمعة ح4.
[9] - نفس المصدر ح16.
[10] - الموسوعة ج11ص138.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo