< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

99/06/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: قد رجّح صاحب الحدائق ره روایات الاعتبار بالنافلة و أوّل روایات التحدید بالاقدام

کان الکلام فی کیفیة الجمع العرفی بین الاخبار الواردة فی تعیین مبدء وقت فضیلة الظهر التی هي متنافیة بحسب الظاهر و قد نقل صاحب الحدائق ره جمعا عن صاحب المعالم ره و ناقش فیه بعدّة مناقشات ثم نقل جمعا و حملا اخر عن صاحب الذخیرة المحقق السبزواری ره حیث قال ره انه یمکن الجمع بین الاخبار بوجوه و الوجه الراجح الوقوف على ظاهر الأخبار الدالة من أن الاعتبار بالنوافل و أن وقت فضيلة الظهر إذا فرغ من النوافل سواء كان الفي‌ء على ذراعين أو أقل و إذا صار الفي‌ء على قدمين و لم يصل النوافل فعليه بالفريضة و حينئذ لا بد من التأويل في الأخبار المتأخرة بأن يقال ما دل على أن النّبي ص كان يصلي الظهر على ذراع و العصر على أربعة مبني على أن النبي ص كان يطيل النوافل بحيث يفرغ في ذلك الوقت لغرض انتظار الجماعة أو يقال إنّه قد يفرغ قبل ذلك لكن ينتظر اجتماع الناس بهذا المقدار أو ينتظر فراغ الجماعة من النوافل بهذا المقدار‌[1]

اذن تمام الاعتبار فی هذاالجمع بالنافلة و لاموضوعیة لبلوغ الظل الی ذراع بل لابد من تأويلها کما حملها المحقق السبزواری ره علی هذه المحامل .

و ناقش فیه صاحب الحدائق ره بثلاث مناقشات .

المناقشة الاولی انه على تقدير تمامیته انما يتمشى في الظهر خاصة اما العصر الواقعة بعد اجتماع الناس فلا يجرى فيها ما ذكره مع ان الاخبار قد دلت على التأخير فيها ايضا بذلك المقدار، اللهم إلا ان يقال انه يفرق بين الوقتين‌ بالمثل و المثلين فلا يصليهما في وقت واحد. إلا ان فيه مع الإغماض عن المناقشة فيه كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى ان الحكم لا يتم حينئذ كليا لانه ربما فرق و ربما جمع.[2]

فلایتم هذا الجمع لانه علی تقدیر تمامیته انما یتمشی و یجری فی خصوص الظهر و لا ینطبق علی العصر .

المناقشة الثانیة منه علی جمع صاحب الذخیرة هی ان دعوی اطالة النبیّ الاکرم « صلّی الله علیه و اله » نافلته تحفظا علی فضیلة الجماعة تنافی ما یدل علیه بعض الاخبار من ان المسارعة الی أداء الفریضة فی اول وقتها أفضل من انتظار الجماعة و هو‌ ما رواه القطب الرواندي في كتاب الخرائج و الجرائح بسنده عن إبراهيم بن موسى القزاز قال «خرج الرضا (عليه السلام) يستقبل بعض الطالبيين و جاء وقت الصلاة فمال الى قصر هناك فنزل تحت صخرة فقال اذن فقلت ننتظر يلحق بنا أصحابنا فقال غفر الله لك لا تؤخرن صلاة عن أول وقتها الى آخر وقتها من غير علة عليك أبدا بأول الوقت فأذنت فصلينا قال شيخنا المجلسي (طاب ثراه» في كتاب البحار ذيل هذا الخبر: يدل على انه لا ينبغي التأخير عن أول الوقت لانتظار الرفقة للجماعة أيضا. [3] »

أقول : تمامیة هذه المناقشة تتوقف علی تمامیة دعوی صاحب الحدائق ره من أفضلیة المسارعة الی اول الوقت بالنسبة الی انتظار الاجتماع للصلاة استنادا الی هذه الروایة لکنه لایصح لان عمل الاصحاب قد استقر علی عکسه و قد افتوا بترجیح انتظار الجماعة و لو استلزم تأجیل الصلاة عن اول وقتها .

المناقشة الثالثة هی ان حمل روایات الاعتبار بالذراع علی ان النبی الاکرم ص کان یطیل النافلة علی وجه یستوعب هذا المقدار من الزمان مخالف للاخبار المتعددة الدالة علی رجحان تخفیف النافلة ومزاحمة الفریضة لها في ذلک المقدار و هکذا یخالف الروایات الدالة علی أفضلیة اتیان الفریضة کلما اقترب من الزوال اذن لا ینبغی حمل الروایات الدالة علی اعتبار الذراع علی تقدیر تطویل النافلة و لا یتم استناده الیه .

ان بعض مناقشاته علی جمع صاحب الذخیرة ره محل اشکال و تأمل کمناقشته الثانیة لمنافاته للاخبار الدالة علی افضلیة انتظار الاجتماع و کما ان هناک اشکال اخر علی هذا الجمع و هو انه جمع تبرعی لا شاهد و لا دلیل علیه اذ الروایات فی المقام بحسب الظاهر علی نحوین حیث جعلت العبرة فی احدیهما بالنافلة و فی الاخری بالذراع و الظاهر ان العنوان المأخوذ فی الدلیل ای عنوان الذراع أخذ بنحو الموضوعیة ، وعليه فحتی لو فرضنا ان التنافی بین الطائفتین یرتفع بهذا النحو من الجمع الذی ذکره المحقق السبزواری ره و فرضنا عدم ورود اشکالات صاحب الحدائق ره علیه لکن حیث انه لا شاهد علی هذا الجمع فبالتالی لا یعدّ جمعا عرفیا .

ان صاحب الحدائق ره بعد ما ناقش فی المحملین ای جمع صاحب المعالم ره و جمع صاحب الذخیرة قال بان الاولی و الاظهر عندی ان منشأ هذا الاختلاف في الاخبار انما هی التقية التي هي أصل كل محنة في الدين و بلية كما يدل عليه‌ مثل ما رواه الشيخ في الصحيح- على الظاهر- عن سالم ابي خديجة عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: «سأله إنسان و انا حاضر فقال ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلي العصر و بعضهم يصلي الظهر؟ فقال انا أمرتهم بهذا لو‌ صلوا في وقت واحد لعرفوا فأخذ برقابهم»[4]

و قد ذکر عدّة من الروایات تدل علی ان الاصحاب قد أمروا بانحاء مختلفة و فی اوقات مختلفة رعایة للتقیة و تحفّظا علی رقابهم اذن لیست کلتا الطائفتین لبیان الحکم الواقعی بل لابد من حمل احدی الطائفتین علی انها صدرت علی وجه التقیة .

و فی مقام تعیین ما هو الصادر عن تقیة عما صدر لبیان الحکم الواقعی ادعی صاحب الحدائق ره ان الاظهر عندی حمل اخبار الذراع علی التقیة فالعبرة و تمام العبرة عنده بالنافلة لا بالذراع .

لکن حیث انه توجد فی المقام طائفتان احدیهما تحدد بالنافلة و الاخری بالذراع و کلتاهما متکافئتان فما هو الدلیل و الشاهد علی حمل احدیهما المعین علی التقیة فقد ذکر وجوها تبرر حمل اخبار التحديد بالاقدام والاذرع علی التقیة .

الوجه الاول : اعتضاد اخبار التحديد بالنافلة بعمل الأصحاب قديما و حديثا وانه لم يقف على قائل بظاهر ترجيح أخبار الاقدام‌ سوى المحقق المذكور

الوجه الثانی اعتضادها باخبار استحباب تخفيف النافلة و اخبار أفضلية ما قرب من أول الوقت.

و الوجه الثالث انه الأقرب الى جادة الاحتياط

ثم اضاف صاحب الحدائق ره بانه ان قلت حمل احدی الطرفین علی التقیة یتوقف علی ان یکون المحمول موافقا لآرائهم فان ثبت انه موافق لآرائهم یصدق الترجیح بما خالف العامة اما لو لم یکن آراء العامة موافقا لاحد طرفی التنافی فلا محل حینئذ للحمل علی التقیة . واجاب عنه بان الحمل على التقية لا يتوقف على وجود القائل علی وفقه من العامة و ان اشتهر بين أصحابنا (رضوان الله عليهم) تخصيص الحمل على التقية بذلك إلا ان ظاهر اخبارهم يرده فان المستفاد من الاخبار المذكورة في المقام و كذا نحوها مما تقدم ذكره في المقدمة الأولى ان منشأ التقية انما هو من حيث ان اتفاقهم على أمر واحد و اجتماع كلمتهم على ذلك يوجب الأخذ برقابهم و دخول الضرر عليهم و إذا كانت كلمتهم متفرقة و تقولهم عن الامام (عليه السلام) مختلفة هانوا في نظر العدو و نسبوهم الى عدم الدين و المذهب فلم يعبأوا بهم و لا بمذهبهم. هذا ما ادى اليه الفكر القاصر في المقام و الله سبحانه و أولياؤه اعلم بالأحكام[5] .

تمامیة جمع صاحب الحدائق ره تتوقف علی امکان حمل هذه الروایات المختلفة علی التقیة و ان لم يکن آراء العامة موافقا لها لکن هذا المبنی من صاحب الحدائق ره یکون علی خلاف ما هو المعهود و المشهور بین الاصحاب من اختصاص الحمل علی التقیة بما اذا کان احدالطرفین موافقا للعامة و عليه ففی المقام اذا رأينا ان کل واحد من الطائفتین واجد لشرائط الحجیة و لم یمکن الجمع العرفی بینهما و لم یکن هناک دلیل علی ترجیح طرف و طرح الاخر فبالتالی تصل النوبة الی ما یقتضیه القاعدة الاولیة بحسب الادلة الاولیة و الادلة الثانویة فی تعارض الادلة و هو التساقط(حیث انه لا یستفاد من الاخبار العلاجیة تخییر المکلف بینهما) و ما ثبت بالادلة من المرجحات هو الترجیح بماخالف العامة استنادا الی روایة عمر بن الحنظلة و غیرها.

نعم ان الحمل علی التقیة لا یختص بموارد المتعارضین بل یصح الحمل علی التقیة حتی فی بعض الموارد التی لا تعارض فیها لکن حمل الرواية علی التقیة في غير مورد التعارض بین الادلة یحتاج الی قرینة خاصة .

فربما تحف بالروایة قرینة داخلیة او خارجیة تدل علی انها صادرة علی وجه التقیة و لو لم یکن مضمون الروایة معارضا بروایة اخری او لم یکن موافقا للعامة .

اما القرینة الداخلیة فکما قد اشير الیها فی الاخبار کقاعدة عامة من ان فی کلمات الائمة علیهم السلام تارة نواجه تعابیر یشبه قول الناس في الاخذ بالقیاس و کیفیة استدلالاتهم او الموافقة للاحکام العامة المختصة بهم کالالتزام بالعول و التعصیب فهذه امارة علی انها صدرت علی وجه التقیة ومن امثلة ذلک انه وردت فی الروایات اذا اصاب ثوبک خمر لایلزم غسله لان الثوب لایسکر فان هذا التعلیل الوارد فی لسان الدلیل لا یرتبط بنجاسة اللباس و عدمه و التعلیل بهذه العلة امارة علی عدم کون الحکم حکما واقعیا بل الامام علیه السلام ذکره کعلامة علی کونه فی مقام التقیة .

و القرینة الخارجیة نظیر ما ورد فی حکم الخمر من حيث الطهارة والنجاسة حيث ورد فی حدیث ان الخمر نجس و فی الاخر انه طاهر و فی صحیحة علی بن مهزیار انه سأل الامام علیه السلام عن ان لدیه روایتین احدیهما عن الامام الباقر و الامام الصادق علیهما السلام تدل علی انه طاهر و الروایة الثانیة عن الامام الصادق علیه السلام تدلّ علی انه نجس فقال الامام علیه السلام في جوابه خذ بقول ابی عبد الله علیه السلام فهذه قرینة خارجیة علی ان الروایة الثانیة تتضمن الحکم الواقعی لکن الروایة الاولی صدرت علی وجه التقیة .

واما لو لم تکتنف الروایة بقرینة داخلیة او قرینة خارجیة علی التقیة ینحصر الحمل علی التقیة بما اذا کان احد الطرفین موافقا للعامة و الطرف الاخر مخالفا للعامة .

 


[1] ـ ذخیرة المعاد ج2ص207.
[2] ـ الحدائق ج6ص142.
[3] ـ بحار الانوار ج80ص21ح38.
[4] ـ الحدائق ج6ص143.
[5] ـ الحدائق ج6ص144.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo