< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

99/06/31

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: تقریب العلامة الثالثة لمعرفة زوال الشمس بالدائرة الهندیة

کان الکلام فی تقریب العلامة الثالثة لمعرفة زوال الشمس بالدائرة الهندیة و وجه التسمیة بها لان منجمی الهند هم الاصل فی اختراع هذه العلامة وان کان هناک خلاف فی صحة هذه الدعوی صغرویا .

تقریب الاستفادة من الدائرة الهندیة علی ما ذکر فی المستمسک و الجواهر و الحدائق هو ان ترسم دائرة علی ارض مسطحة بشعاع خاص نحو مترین و ان ینصب شاخص معتدلا فی مرکز الدائرة و طریق احراز اعتدال الشاخص بان تکون الخطوط المرسومة من رأس الشاخص الی خط محیط الدائرة متساویة النسبة و المقدار من ثلاثة مواضع فیراقب الناظر عند طلوع الشمس ظل الشاخص المنصوب فی الوسط فیری عند الصباح انه حدث ظل طویل الی جهة الغرب بحیث یکون الظل طویلا وخارجا عن محیط الدائرة و کلما تتصاعد الشمس الی کبد السماء یصیر الظل مقبوضا اکثر فاکثر فینتظر حتی یصل رأس الظل الی خط المحیط فیُعلم علامة علی تلک النقطة ای علی مدخل الظل و مازال ینقص الظل حتی ینتهی الی غایة نقصانه من الشاخص ثم یفتؤ یزداد الظل الی جهة الشرق حتی یصل فی مسیره الی خط المحیط فیُعلم علی نقطة خروج الظل الشرقی عن المحیط علامة فیرسم خطا مستقیما من مدخل الظل الغربی الی مخرج الظل الشرقی ثم یُعلم علامة علی وسط هذا الخط الممتد بین النقطتین ثم یرسم خطا من مرکز الدائرة الی وسط الخط الممتد بین النقطتین و بهذا الخط قد حصلنا علی خط نصف النهار ثم نراقب ظل الشاخص من الغد فاذا انتهی فی مسیره الی خط نصف النهار و انطبق علیه ففور ما مال الظل عن هذا الخط قد زالت الشمس _ و لذا عرّفوا الزوال بمیل الشمس عن خط نصف النهار_ و بهذه الکیفیة یستکشف من العلامة الثالثة وقت الزوال وقد ظهر مما ذکر انه لاموضوعیة لرسم الدائرة بل کان رسم الدائرة مقدمة لتحصیل خط نصف النهار .

قال السید الخوئی ره : ان هذه الکیفیة تحدد وقت الزوال تحقیقا قطعیا وقال قدس سره : الظاهر أنّ شيخنا البهائي (قدس سره) بنى الضلع الشرقي من حائط الصحن الشريف العلوي على هذا الخط، و من ثم ترى أن الظل متى بلغ هذا الحائط و انعدم و حدث من الحائط الغربي، تحقق الزوال في تمام الفصول الأربعة على ما جرّبناه مراراً، فكأنه (قدس سره) راعى الدائرة الهندية عند تأسيس الصحن الشريف، اهتماماً منه بشأن الوقت و إن استوجب نوعاً من الإخلال بالاستقبال لولا البناء على الاكتفاء بالمواجهة في سبع الدائرة[1]

و لابد من البحث فی العلامة الثالثة من جهتین الجهة الاولی هل هذه العلامة تفید تحدیدا تحقیقیا او تحدیدا تقریبیا .

و الجهة الثانیة انه اذا حصلنا علی خط نصف النهار بالدائرة الهندیة هل یصح الاعتماد علیه فی کشف الزوال .

اما الجهة الاولی فهناک اشکال ذکره المحدث الکاشانی ره فی الوافی و قد نقله صاحب الجواهر ره فی الجواهر و قد أشار الی هذا الاشکال السید الحکیم ره ايضاً ، والاشکال هو ان هذه العلامة لاتفید الا تحدیدا تقریبیا لکون مدارات الشمس مختلفة بحسب ایام السنة لان میل الشمس عن خط نصف النهار لیس کل یوم علی نسق واحد حتی تکون النقطة الحاصلة بین نقطتی مدخل الظل و مخرجه نقطة ثابتة واحدة بالضبط فبالتالی لایصیر خط نصف النهار ثابتا واحدا بل یتفاوت الخط اختلافا یسیرا و هذا یوجب ان یکون التحدید تقریبیا ففی المستمسک فی التعلیق علی عبارة السید ره من کون العلامة الثالثة امتن و اضبط : « لکونها أقرب إلى الإحساس مما سبق، و مع ذلك ربما لا يستقيم هذا الطريق في بعض الأحيان، بل يحتاج إلى تعديل حتى يستقيم- كما عن الوافي- لاختلاف مداري الشمس حال مدخل الظل الغربي و مخرج الظل الشرقي. نعم يستقيم لو اتفق الميل حال الزوال فيتحد المداران حينئذ في الوقتين، لكن الأمر سهل. لأن اختلاف المدار كذلك يوجب الاختلاف بزمان يسير جداً.[2]

وليس المراد من اختلاف مدارات الشمس الاختلاف الناشيء عن طول النهار وقصره حتی يجاب عن الاشکال بان مقدار النهار وان کان يختلف في ايام السنة الا ان النصف الاول من النهار مساوٍ للنصف الثاني في جميع الايام ، لان الاختلاف الناشيء عن طول النهار وقصره کثير لا يسير بل المراد الاختلاف الذي نجده في بعض ايام السنة حيث ان النصف الاول يختلف عن النصف الثاني بدقيقة او اقل علی مايعلم بالرجوع الی التقاويم .

اما البحث عن الجهة الثانیة ای الاعتماد علی هذه العلائم فی تعیین وقت الزوال فقال فی الجواهر «إنما الكلام في اعتبار مثل هذا الميل في دخول الوقت بعد أن علّقه الشارع على الزوال الذي يراد منه ظهوره لغالب الأفراد حتى أنه أخذ فيه استبانته- كما سمعته في الخبر السابق- و إناطته بتلك الزيادة التي لا تخفى على أحد على ما هي عادته في إناطة أكثر الأحكام المترتبة على بعض الأمور الخفية بالأمور الجلية كي لا يوقع عباده في شبهة ..».

تقریب کلامه هو ان الشارع حیث لم یعین طریقا خاصا لتعیین الزوال فلامحالة یکون ظاهر تحدید الموضوع بعنوان مثل الزوال یراد به تبین ذلک الموضوع لغالب الافراد فبالتالی لا یکون ذلک الموضوع موضوعا تخصصیا یحتاج فی کشفه و احرازه الی تخصص و دقة خاصة و لا یکون ذلک الموضوع بحده الواقعی و وجوده الواقعی موضوعا للحکم ثم استشهد صاحب الجواهر ره علی ان الملاک ظهوره لعامة الناس بما ورد فی بعض الروایات ای روایة احمد بن محمد بن عیسی عن سماعة قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى وَقْتُ الصَّلَاةِ- فَأَقْبَلَ يَلْتَفِتُ يَمِيناً وَ شِمَالًا كَأَنَّهُ يَطْلُبُ شَيْئاً- فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ تَنَاوَلْتُ عُوداً- فَقُلْتُ هَذَا تَطْلُبُ قَالَ نَعَمْ- فَأَخَذَ الْعُودَ فَنَصَبَ بِحِيَالِ الشَّمْسِ- ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ كَانَ الْفَيْ‌ءُ طَوِيلًا- ثُمَّ لَا يَزَالُ يَنْقُصُ حَتَّى تَزُولَ فَإِذَا زَالَتْ زَادَتْ- فَإِذَا اسْتَبَنْتَ الزِّيَادَةَ فَصَلِّ الظُّهْرَ- ثُمَّ تَمَهَّلْ قَدْرَ ذِرَاعٍ وَ صَلِّ الْعَصْرَ[3] .

لانها تفید ان اصل الزیادة لم یکن کافیا فی الحکم بالزوال بل جعل الملاک بالاستبانة بحیث یتیسر لغالب الناس التعرف علیه فیستفاد من هذه الروایة ان اناطة دخول الوقت بتلک الزیادة المقیدة بالاستبانة التی لا تخفی علی احد .

کما هو هکذا فی باب رؤیة الهلال فی اثبات دخول الشهرحيث ان المراد بالرؤیة لیست الرؤیة بالتلسکوب او آلیة الطیران بل المدار بامکان رؤیته لعامة الناس و علی هذا الاساس لا یمکن الاعتماد علی هذا الطریق فی کشف الزوال لانه داخل فی موارد تشخیص الموضوع عبر اعمال التخصص بینما العبرة بظهور الموضوع واستبانته لعامة الناس ، هذا اشکال صاحب الجواهر ره .

لکن اجیب عن هذا الایراد فی کلمات السید الحکیم ره و غیره بان موضوع الزوال کسائر الموضوعات لیس المعیار فی وجودها و عدم وجودها ظهورها و استبانتها لعامة الناس لان الذی أخذ موضوعا للحکم فی المقام هو عنوان الزوال و هذا الموضوع عنوان عرفی کلما تحقق هذا الموضوع یتریب علیه حکمه فیکون وجوده الحقیقی موضوعا ولو لم یتبینه عامة الناس فان المفروض انه لم یؤخذ العلم فی موضوعه مثلا یکون الدم موضوعا للنجاسة فاذا علم انه اصاب الماء شیء یسیر من الدم بحیث لایستبینه الشخص عادة یحکم بنجاسته ان تیقن بالاصابة ، اذن تقیید الموضوع بکونه واضحا ظاهرا لعامة الناس یحتاج الی دلیل خاص .

نعم یستفاد من الدلیل الخاص فی بعض الموارد ان الحکم بتحقق الموضوع یتوقف علی ان یکون ذلک الموضوع ظاهرا لعامة الناس کما هو الحال فی باب رؤیة الهلال حيث یستفاد من الادلة (کقوله تعالی : يسئلونک عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج _البقرة :189_ وغيره ) ان المعیار رؤیة الهلال بالعين المجردة و ظهوره لعامة الناس فان کان هناک دلیل خاص و قرینة خاصة علی ان الموضوع للحکم هو الموضوع المتبین لعامة الناس فهو و الا فالقاعدة العامة هی ان الحکم یدور مدار الوجود الواقعی للموضوع سواء ظهر لعامة الناس ام لم یظهر و فی المقام لا یستفاد من الادلة ان الزوال و هو میل الشمس عن خط دائرة نصف النهار مقید بکونه مکشوفا لعامة الناس بل هذا الموضوع کما قاله السید الحکیم ره کسائر المفاهیم المأخوذة موضوعا للاحکام الشرعیة یترتب علیه حکمه بمجرد وجود الموضوع واقعا و لایعتبر فیه الاستبانة للجمیع اذن اشکال صاحب الجواهر فی الاعتماد علی علامیة العلامة الثالثة غیر وارد .

فالعبرة فی موضوع الزوال بأصل زیادة الظل واقعا و لا دخل للاستبانة فی الحکم بتحقق الزوال فبالتالی یحمل ما ورد فی الروایة « استبنت الزیادة » علی الاحتیاط الاستحبابی فالموضوع حقیقة هو اصل الزیادة لا استبانة الزیادة .

 


[1] ـ الموسوعة ج11ص167.
[2] ـ المستمسک ج5ص70.
[3] ـ الوسائل ابواب المواقیت ب11ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo