< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

99/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: المراد بمنتصف اللیل و کیفیة تحصیله

 

القول الاول : الذی ذکره فی العروة الوثقی ان المراد بنصف اللیل هو نصف ما بین غروب الشمس و طلوعها فبطبیعة الحال ینطبق النصف من ذلک علی12ساعة بعد زوال الشمس .

القول الثانی : المراد به نصف ما بین غروب الشمس و طلوع الفجر و هو ینطبق علی 11ساعة و ربع ساعة بعد زوال الشمس و المشهور اختار القول الثانی .

اما القول الاول فادعی السید الخوئی قدس سره انه الصواب و لم ینسب الا الی جماعة قلیلین .

و البحث هنا فی ان مقتضی الصناعة هل يثمر القول الثانی او القول الاول ؟ و لابد من دراسة ادلة کل واحد من القولین لغایة تعیین ما هی الحجة منهما .

انه استدل للقول الاول بوجوه .

الوجه الاول ان عنوان اللیل و النهار بحسب تفسیر بعض اهل اللغة و بحسب المتفاهم العرفی واضح فاللیل یطلق علی ما بین غروب الشمس الی طلوعها وبالتالی ینطبق نصفه علی 12ساعة بعد الزوال .

و حيث ان المرجع فی تعیین مفهوم هذا العنوان کسائر العناوین المأخوذة فی الخطابات هو المتفاهم العرفی فبطبیعة الحال یکون المرجع فی مقام تعیین مفهوم نصف اللیل ایضا هو العرف اذن مفهوم اللیل ونصفه واضح وقد اشار السید الحکیم قدس سره الی الوجه الاول بقوله : استدل له بما عن بعض أهل اللغة من تفسير النهار بما بين الطلوع و الغروب، و الليل بما بين الغروب و الطلوع[1]

و قد افاد السید الخوئی قدس سره ان القول الاول مطابق للمتفاهم العرفی .

هل هذا الوجه تام .

یوجب انقداح الاشکال فی هذا الوجه ما ادعی فی بعض الکلمات کالمستمسک و الجواهر من ان المتفاهم العرفی مغایر لما ادعی فی الوجه الاول .

و في الجواهر: «لا ينبغي أن يستريب عارف بلسان الشرع و العرف و اللغة أن المنساق من إطلاق اليوم و النهار و الليل في الصوم و الصلاة و مواقف الحج و القسم بين الزوجات و أيام الاعتكاف و جميع الأبواب أن المراد بالأولين من طلوع الفجر الثاني إلى الغروب و منه إلى طلوعه بالثالث، كما قد نص عليه غير واحد من الفقهاء و المفسرين و اللغويين فيما حكي عن بعضهم.. إلى أن قال - بعد نقل كلام جماعة من الفقهاء و المفسرين و اللغويين و الاستدلال عليه بجملة وافرة من الآيات و النصوص[2]

فادعی فی مقابل الوجه الاول ان عنوان اللیل بحسب القول اللغوی و الفهم العرفی و الشرعی ما بین غروب الشمس الی طلوع الفجر.

لکن الدارج والمتعارف فی زماننا من مفهوم اللیل مطابق للوجه الاول لاطلاق عنوان اللیل علی مايشمل بعد طلوع الفجر و بناء علی هذا یتم الوجه الاول نعم هناک بحث فی ان اللیل هل یطلق حتی بالنسبة الی بعد الاسفار او تنور السماء و تجلله ام لا؟ والصحيح ان العرف لا یری انتهاء اللیل بطلوع الفجر بل یطلقه علی بعد طلوع الفجرايضاً لکن لا الی ان تطلع الشمس بل ینتهی اللیل عند الاسفار و عند تجلل السماء .

الوجه الثانی لاثبات القول الاول یتشکل من اربع مقدمات .

المقدمة الاولی ان منتهی وقت العشائین حدّد علی ضوء الایة الاکریمة « اقم الصلاة لدلوک الشمس الی غسق اللیل » بغسق اللیل .

المقدمة الثانیة ان المراد من غسق اللیل بحسب الروایات المفسرة للایة هو منتصف اللیل کصحیحة زرارة « غسق اللیل انتصاف اللیل »[3] و کصحیحة بکر بن محمّد « اخر وقتها الی غسق اللیل یعنی نصف اللیل[4] .

المقدمة الثالثة ان المراد من غسق اللیل شدّة ظلامة اللیل .

المقدمة الرابعة هی ان غایة الظلمة و ذروتها تحدث عند 12 ساعة بعد الزوال .

یتحصل من ضم المقدمات ان نصف اللیل یتحقق بعد مضی 12 ساعة من زوال الشمس .

و الوجه في کون غسق اللیل لدی نصف اللیل لان ذروة الظلمة تحصل عند نصف ما بین الغروب و طلوع الشمس کما ان شدّة تنور الشمس فی النهار تحصل عند الزوال عند غایة اقترابها من الکرة الارضیة فکذلک شدة الظلامة تحصل عند زوال اللیل عند غایة ابتعادها من الکرة الارضیة و فی النهار تحصل شدة التنور لدی نصف النهار وبقرینة تقابل اللیل و النهار و باقتضاء کرویة الارض تحصل غایة الظلمة و نهایتها عند انتصاف اللیل و اذا زالت الشمس من النقطة المقابلة من الکرة و اما نصف اللیل الذی اختاره المشهور فلاتبلغ آنذاک الظلامة السوداء ذروتها فبالتالی لم یحصل غسق اللیل تلک الساعة فلیست الساعة 11 و ربع ساعة مصداقا لغسق اللیل.

قال قدس سره : توضيح المقام: أن تنوّر أيّ‌ نقطة من الكرة الأرضية أو ظلامها يستند إلى الاقتراب من الشمس أو الابتعاد عنها، كما أن شدّتهما و ضعفهما يستندان إلى كمية الاقتراب أو الابتعاد، فعند أوان الفجر يبدو ضياء خفيف في الأُفق ثم يزداد شيئاً فشيئاً حتى تطلع الشمس، ثم يأخذ في الاشتداد تدريجاً نتيجة اقتراب الشمس حتى تبلغ دائرة نصف النهار فيصل النور حينئذ إلى قمته و منتهاه، لأنها نهاية اقتراب الشمس من الأرض في قوس النهار.

و بعد الميل و الانحدار عن تلك الدائرة تأخذ في الابتعاد، و لأجله يضعف الضياء و ينتقص النور شيئاً فشيئاً إلى أن تصل الشمس نقطة الغروب فيظلم الجو حينئذ بمقدار ضئيل، و كلما أخذت الشمس في الابتعاد أخذت الظلمة في الاشتداد إلى أن تصل النقطة المسامتة لدائرة نصف النهار، و لنعبّر عنها بدائرة نصف الليل، فان هذه النقطة هي غاية ابتعاد الشمس، و بطبيعة الحال هي غاية اشتداد الظلام، ثم ترجع بعدئذ و تأخذ في سبيل الاقتراب الموجب للاضاءة و الإنارة إلى أن يطلع الفجر حسبما عرفت.

و منه يظهر أن شدّة الظلام و منتهاه هو عند ما تصل الشمس إلى ما يقابل دائرة نصف النهار من قوس الليل، فهو عبارة عن منتصف ما بين غروب الشمس و طلوعها، إذ في النصف ما بينه و بين طلوع الفجر الذي يكون حوالي ثلاثة أرباع الساعة قبل هذا الوقت لم تتحقق بعد غاية الظلام[5] و لا نهاية البعد، فلم يكن هذا الحين مصداقاً للغسق ليتصف بمنتصف الليل، و نتيجة ذلك انطباق نصف الليل على النقطة المتوسطة ما بين غروب الشمس و طلوعها.[6]

هل دعوی السید الخوئی قدس سره فی المقام تامة ام لا ؟

ان تمامیة دعواه تتوقف علی تمامیة المقدمات الاربعة کلها بحیث لو اختلّت واحدة منها لا یحصل المطلوب .

اما المقدمات الثلاثة الاولی فلا اشکال فیها حیث فسّر الغسق المذکور فی الایة الکریمة ببرکة صحیحة زرارة ومثلها بانتصاف اللیل کما لا اشکال فی ان غسق اللیل لاینطبق علی الظلمة الحادثة اول اللیل بل معنی الغسق هی شدّة الظلامة لکن عمدة الاشکال في المقدمة الرابعة حيث ان هل شدّة الظلمة لاتحصل عند مضی 12ساعة من زوال الشمس فقط بل ذروة الظلمة فی الزمانین بل فی الساعات المتوسطة ثابتة و علی مستوی واحد .

ولذا علق المقرّر ره علی کلامه قده : لعل هذا خلاف ما هو المحسوس بالوجدان من عدم اختلاف الساعات المتوسطة من الليل في شدّة الظلام.[7]

و بناء علی وجود الخلل فی المقدمة الرابعة ینتفی الاستدلال بالوجه الثانی علی القول الاول .

السید الخوئی قدس سره بعد الاستدلال بالوجه الاول و الثانی استند الی روایتین لا کدلیل یستدل به علی المدعی بل بعنوان الاعتضاد و التأیید لضعف السند .

الروایة الاولی هی ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحُسَيْنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ عُمَرَ بْنِ‌ حَنْظَلَةَ‌: أَنَّهُ‌ سَأَلَ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ فَقَالَ‌ لَهُ‌ زَوَالُ‌ الشَّمْسِ‌ نَعْرِفُهُ‌ بِالنَّهَارِ فَكَيْفَ‌ لَنَا بِاللَّيْلِ‌ فَقَالَ‌ لِلَّيْلِ‌ زَوَالٌ‌ كَزَوَالِ‌ الشَّمْسِ‌ قَالَ‌ فَبِأَيِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ نَعْرِفُهُ‌ قَالَ‌ بِالنُّجُومِ‌ إِذَا انْحَدَرَتْ‌.[8]

تقریب الاستدلال بها انه قیست حرکة النجوم لیلا بسیر الشمس طلوعا و زوالا وغروبا فحرکة الشمس فی النهار تکون مقیس علیها و حرکة النجوم فی اللیل تکون مقیسا فالروایة ـ علی تقدیر الصدور ـ تدل علی ان حکم سیر النجوم طلوعا و غروبا حکم حرکة الشمس بالنهار فکما ان الشمس تقع عند الزوال فی غایة ارتفاعها فی نصف النهار فاذا مالت الی سمت الغرب یکون وقت الزوال ، کذلک الامر بالنسبة الی اللیل فتطلع النجوم اول اللیل فاذا انتقلت فی حرکتها الی غایة ارتفاعها فی نصف اللیل ثم تبدء تنحدر حینئذ یتحقق زوال اللیل ای نصف اللیل فقال قدس سره : حیث يستفاد منها أنه كما أن انحدار الشمس بعد ارتفاعها و نهاية صعودها يدل على الزوال و حلول نصف النهار، فكذلك انحدار النجوم الطالعة عند الغروب، فإنه يدل على انتصاف الليل، أي النصف من غروب الشمس إلى طلوعها على غرار نصف النهار.[9]

و قد أفاد صاحب الوسائل قدس سره فی ذیل الروایة : أَقُولُ‌: الْمُرَادُ النُّجُومُ‌ الَّتِي طَلَعَتْ‌ أَوَّلَ‌ اللَّيْلِ‌ وَ تَغِيبُ‌ فِي آخِرِهِ‌.[10]

و قال السید الخوئی قدس سره انه لا اشکال فی دلالة الروایة علی المطلوب انما الاشکال فی السند لاجل عمر بن حنظلة حیث لم یوثق فی کتب الرجال . لکن یمکن الجواب عنه بانه وان لم یرد فیه التوثیق الخاص لکن یمکن توثیقه عبر بعض المبانی العامة لتوثیق الرجال کقاعدة المعاریف او قاعدة نقل المشایخ الثلاثة لان صفوان و ان لم ینقل عنه الا فی موضع واحد لکن هناک روایات متعددة لصفوان عن یزید بن خلیفة ، ويزيد بن خليفة ينقل عن الامام الصادق علیه السلام انه قال فی عمر بن حنظلة : « اذن لایکذب علینا » و بهذا التقریب یتم سند الروایة اما هل دلالتها علی المدعی تامة ام لا ؟

ان العنوان المذکور فی الروایة هو عنوان انحدار النجوم و هل انحدار النجوم بنحو الاطلاق یدل علی انتصاف اللیل او انه یدل علی انتصافه فی تقدیر خاص ؟

ان السید الخوئی ره ذکر فی تعلیقة العروة : هذا إنّما يتمّ‌ فيما إذا كان مدار النجم متّحدا مع مدار الشمس[11] .

 


[1] حکیم، محسن. نويسنده محمد کاظم بن عبد العظیم یزدی.، 1374 ه.ش.، مستمسک العروة الوثقی، قم - ایران، دار التفسير، جلد: ۵، صفحه: ۸۲.
[2] حکیم، محسن. نويسنده محمد کاظم بن عبد العظیم یزدی.، 1374 ه.ش.، مستمسک العروة الوثقی، قم - ایران، دار التفسير، جلد: ۵، صفحه: ۸۳.
[3] ـ الوسائل ابواب اعداد الفرلئض ب2ح1.
[4] ـ البواب المواقیت ب16ح6.
[5] لعل هذا خلاف ما هو المحسوس بالوجدان من عدم اختلاف الساعات المتوسطة من الليل في شدّة الظلام.
[6] خوئی، سید ابوالقاسم.، 1418 ه.ق.، موسوعة الإمام الخوئي، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي، جلد: ۱۱، صفحه: ۱۸۸.
[7] موسوعة الإمام الخوئي، جلد: ۱۱، صفحه: ۱۸۹.
[8] ـ الوسائل ابواب المواقیت ب55ح1.
[9] خوئی، سید ابوالقاسم.، 1418 ه.ق.، موسوعة الإمام الخوئي، قم - ایران، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي، جلد: ۱۱، صفحه: ۱۸۹.
[10] حر عاملی، محمد بن حسن. مؤسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاء التراث. محقق محمدرضا حسینی جلالی.، 1416 ه.ق.، تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، قم - ایران، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث، جلد: ۴، صفحه: ۲۷۳.
[11] ـ العروة الوثقی و التعلیفات ج6ص39.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo