< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

99/08/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: اختصاص الوقت بصلاة خاصة هل یوجب بطلان صلاة اخری عند ایقاعها فی ذلک الوقت المختص

المورد الثانی ـ من الموارد التی قد یقال ان اختصاص الوقت بصلاة خاصة یوجب بطلان صلاة اخری لوقوعها فی ذلک الوقت المختص ـ هو فیما اذا بدء بالظهر باعتقاد دخول الوقت ولم یدخل الوقت بعد فدخل الوقت و هو فی الصلاة و ان کان ذلک قبل السلام وقد خرج المصلی من صلاة الظهر بعد الزوال بنصف دقیقة مثلاً فادعی المحقق العراقی قدس سره ان ثبوت الوقت الاختصاصی للظهر یقتضی عدم جواز اتیان العصر فی المقدار المتبقی من الوقت الاختصاصی اذ شریکة الوقت لا یشارک صاحبة الوقت فیه مطلقا لکن السید الماتن قدس سره قال بجواز اتیان العصر فی هذا الوقت و انه یحسب عصرا لعدم حاجة بالفعل الی هذا الوقت لاتیان الظهر اذ بحسب الفرض أُتی بالظهر صحیحا فلم یستغرق الظهر فی هذا الفرض من الوقت الاختصاصی الا نصف دقیقة و بعد مضی نصف دقیقة ینتفی الوقت الاختصاصی و یدخل الوقت المشترک .

وهذه الدعوی من السید الیزدی قدس سره (دعوی صحّة وقوع العصر فی اول الزوال فی المورد الثانی) یبتنی علی مقدمتین .

المقدمة الاولی ان الظهر الذی وقع أکثر اجزائه قبل الوقت سهوا الا الجزء الاخیر وقع صحیحا .

المقدمة الثانیة ان اختصاص الوقت بصلاة و عدم جواز اتیان شریکته فیه یختص بما اذا لم یأت بصاحبة الوقت فی الوقت المختص له و الا فمع الاتیان بصاحبة الوقت صحیحا و عدم حاجة الی هذا الوقت لاتیان صاحبة الوقت _کما فی المورد الثانی_ لايثبت الاختصاص بل يکون الوقت مشترکاً .

اما المقدمة الاولی فهي تامة استنادا الی معتبرة اسماعیل بن رباح[1] .

اما المقدمة الثانیة وهي ان اختصاص الوقت بصلاة و عدم جواز اتیان شریکته فیه یختص بما اذا لم یأت بصاحبة الوقت فی الوقت المختص له و الا فمع الاتیان بصاحبة الوقت صحیحا و عدم حاجة الی هذا الوقت لاتیان صاحبة الوقت ، فقد ناقش فیها المحقق العراقی قدس سره فی التعلیقة علی العروة و فی شرح التبصرة .

قال فی التعلیقة : أقول: ذلك مبنيّ على حمل الاختصاص على الاختصاص بالنسبة إلى من لم يأت بالفريضة بشهادة أنّه لو أتى و لو بجزء منه في أوّل الوقت يجوز أن يأتي بالعصر بعده مع أنّ مضي هذا المقدار غير كافٍ لو لم يأت به أصلًا، و هكذا الأمر في صورة السهو من أفعاله و أمثالهما، و لكنّ الحمل المزبور خلاف الإطلاق، و الاستشهاد المذكور أيضاً في غاية الفساد[2] ،

والسید الحکیم قدس سره ايضاً قال فی ذیل کلام الماتن قدس سره « ..ان صلاته صحیحة لا مانع من اتیان العصر اول الزوال » : لا يخلو من شبهة و إشكال [3] .

توضيح اشکال المحقق العراقی قدس سره علی المقدمة الثانیة هو انه لا بد من تعیین معنی الوقت الاختصاصی هل هو بمعنی تخصیص الوقت بنحو مطلق او هو بمعنی تخصیص الوقت بنحو مقید .

اما المراد من التخصیص بنحو مطلق فهو ان هذا الوقت یختص بصلاة خاصة مطلقا لا یشارکه فیه شریکتها سواء اُتی بصاحبة الوقت من قبل صحیحا او لم یُؤت بها من قبل و فی هذا التقدیر لا یقع العصر في المورد الثاني صحیحا لوقوعه فی الوقت المختص للظهر حیث ان هذا الوقت لم یقرَّر کظرف مشترک بینهما بل هو ظرف خاص للظهر فقط و هذا المعنی من الوقت الاختصاصی اختاره المحقق العراقی قدس سره .

اما المراد من تخصیص وقت خاص بصلاة خاصة بنحو مقید الذي يقول به السيد الماتن ره فهو ان تخصیص الوقت به انما هو بغایة اتیان صاحبة الوقت فی وقتها الخاص فبالتالی اذا کان قدأتی بصاحبة الوقت من قبل فلا یکون هذا الوقت وقتا مختصا و بطبیعة الحال یبدّل الوقت المختص الی وقت مشترک فیصلح لاتیان الشریکة فیه .

و اذا انتهی الامر الی هنا فلابد فی تعیین المراد من الوقت الاختصاصی من الرجوع الی دلیل اعتبار الوقت الاختصاصی و هي روایة داود بن فرقد و ملاحظة العناوین المذکورة فیها وانه هل تدل او هل یستفاد منها ان اول الوقت بمقدار اتیان اربع رکعات وقت مختص للظهر مطلقا سواء أُحتیج الی هذه الدقائق الاربعة لاتیان الظهر ام لم یحتج الیها و سواء اتی بصاحبة الوقت من قبل او لم یأت بها و هل یستفاد منها ان اخر الوقت بمقدار اتیان اربع رکعات مختص بالعصر مطلقا بنحو لا یسوغ اتیان الظهر فیه مطلقا ؟ او لابد من تأویل اطلاق الروایة و تخریجه علی ما اختاره السید قدس سره من ثبوت التقیید فی الوقت الاختصاصی بانه انما یتحقق فی حق من لم یأت بصاحبة الوقت و فی خصوص هذه الصورة لایجوز اتیان الشریکة فی الوقت المختص اما اذا اتی بصاحبة الوقت من قبل فیجوز له اتیان الشریکة اول الزوال .

فادعی المحقق العراقی قدس سره ان هذا التفصیل و التقیید الذی اختاره السید الیزدی قدس سره لا دلیل علیه بل هو مخالف لاطلاق روایة داود بن فرقد عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ- حَتَّى يَمْضِيَ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي الْمُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ- فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ- حَتَّى يَبْقَى مِنَ الشَّمْسِ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ- فَإِذَا بَقِيَ مِقْدَارُ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ- وَ بَقِيَ وَقْتُ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ[4]

فان المستفاد من هذه الروایة انه ينقسم وقت الظهرین الی ثلاثة اقسام وقت مختص للظهر و هو من اول الزوال بمقدار ما یصلی المصلی اربع رکعات و وقت مختص للعصر و هو اذا بقی الی الغروب مقدار ما یصلی اربع رکعات و ما بین الوقتین وقت مشترک بینهما اذن لایصح تقیید ثبوت الوقت الاختصاصی بما اذا لم یأت بفریضة الظهر لکونه علی خلاف الاطلاق فقال قدس سره فی شرح التبصرة : انه خلاف إطلاق رواية داود، إذ سوقها في مقام تحديد أصل الوقت بقول مطلق، بلا نظر منه إلى مقام الامتثال و عدمه[5] .

فهو قدس سره یدعی ان الروایة لیست ناظرة الی مقام العمل و الامتثال ـ حتی یصح قول السید قدس سره بان اختصاص الظهر باول الوقت بمقدار اربع رکعات انما هو بالنسبة الی من لم یأت بصاحبة الوقت ـ بل الروایة مطلقة و بصدد تحدید وتقسیم اصل الوقت بنحو مطلق بان مقدار الاربع دقائق الاولی هو للظهر و الاربع دقائق من اخر الوقت هو للعصر و ما بینهما وقت مشترک بینهما فلا یصح تقیید اختصاص اول الزوال مقدار اربع رکعات بمن لم یأت بالظهر کما فی المورد الثانی .

و الحاصل انه لایمکن الجمع بین القول بثبوت الوقت الاختصاصی استنادا الی روایة داود بن فرقد من جانب و القول بصحة العصر فی المتبقی من الوقت الاختصاصی للظهر فی المورد الثانی من جانب اخر .

هذا اشکال المحقق العراقی قدس سره علی دعوی الماتن قدس سره من صحة شریکة الوقت فی الوقت الاختصاصی للظهر واليه اشارالسید الحکیم قدس سره في قوله في التعليق علی العروة : لايخلو من اشکال و شبهة .

هل یمکن الجواب عن اشکال المحقق العراقی قدس سره ؟

اقول : ان الالفاظ الواردة فی الروایة (مثل هذه الفقرة « حتی یمضی مقدار ما یصلی المصلی اربع رکعات ») وان کانت مطلقة تشمل المورد الثانی ولیس المورد الثانی بحسب الظاهر خارجا عن هذا الاطلاق لکن المتفاهم العرفی من هذه الروایة نظرا الی ما یقتضیه مناسبة الحکم و الموضوع ان اختصاص الظهر بمقدار اربع رکعات کوقت خاص للظهر انما هو لاجل اتیان الظهر فیه و انما هو لبیان ان شریکة الظهر لیس له ان تزاحم صاحبة الوقت فی هذا الوقت الخاص والا فلیست الروایة بصدد بیان وقت خاص للظهر لخصوصیة ذاتیة فیه بل المتفاهم من الرواية ان هذا الاختصاص انما هو بملاحظة المظروف لا بملاحظة خصوصية موجودة في الظرف وبعبارة اخری نکتة جعل الوقت الخاص للظهر انما هو لاجل عدم اتیان العصر فی هذا الوقت من باب عدم المزاحمة .

توضیح ذلک انه تارة یکون ذکر وقت خاص لبیان خصوصیة واقعیة لاصل الوقت مثل تحدید وقت الظهر بزوال الشمس الی الغروب و من المعلوم ان هذه الصورة لا ترتبط اولا و بالذات بمقام اتیان المکلف و امتثاله للتکلیف بل هو بصدد بیان خصوصیة واقعیة ، و تارة يکون تحدید الوقت و تقسیمه بلحاظ مقام اتیان المکلف اولا و بالذات و لیس بصدد بیان خصوصیة واقعیة للوقت ، و فی المقام تخصیص اول الوقت بالظهربحسب المتفاهم العرفی لیس الا لاجل اتیان المکلف ایاه فان تقسیم الوقت فی روایة داود بن فرقد الی ثلاث موارد انما هو بلحاظ اتیان المکلف لا بلحاظ بیان خصوصیة واقعیة کما یشير اليه التعبير ب « مقدار ما یصلی اربع رکعات » اذن المتفاهم العرفی من اختصاص الظهر من اول الوقت بمقدار اتیان اربع رکعات انما هو لاجل ان لا یزاحمه العصر فی هذا الوقت و هذا المعنی من الوقت الاختصاصی ای عدم مزاحمة شریکة الوقت لصاحبة الوقت انما یتحقق بالنسبة الی من لم یأت بالفریضة اما فی تقدیر اتیان الظهر من قبل علی وجه صحیح فیجوز له اتیان العصر فی الزمان المتبقی من الوقت المسمی بالاختصاصی للظهر لعدم مزاحمة بینهما عندئذ فلا مانع من الحکم بصحة العصر فی الوقت المذکور .

فالروایة وان کانت بحسب ظاهر الالفاظ الواردة فیها مطلقة لکن بملاحظة مناسبة الحکم و الموضوع نستکشف ان علة جعل الوقت الاختصاصی للظهر و لغیره انما هو لاجل عدم وقوع المزاحمة فیصیر الموضوع لجعل الاختصاص بحسب الارادة الجدیة مقیدا بفرض خاص فما ذکر فی الخطاب بنحو الاطلاق لابد لنا من تقییده بحسب المراد الجدی بفرض خاص و عليه فما اختاره السید قدس سره من صحة العصر فی المورد الثاني تامّ .

المورد الثالث هو فیما اذا قدّم العصر سهوا ثم تذکّره عندما لم یبق من الوقت الا مقدار اربع رکعات فهل یجوز اتیان الظهر فی الوقت الاختصاصی للعصر فاختار الماتن قدس سره صحته ظهرا و ان وقع فی الوقت المختص للعصر باعتبار ان اختصاص اخر الوقت للعصر انما هو فیما لم یأت بصاحبة الوقت ـ ای العصرـ قبل ذلک الوقت و بعبارة اخری معنی اختصاص اخر الوقت بالعصر انما هو بملاک عدم مزاحمة الظهر للعصر فی ذلک الوقت ، اما اذا قدم العصر ناسیا للظهر ثم تذکره عندما لم یبق من الوقت الا مقدار اربع رکعات فان هذا الوقت الاخر لیس وقتا اختصاصیا بالفعل للعصر لانه لاحاجة للعصر الی هذا الوقت الاخیر و حیث انه لا مزاحمة فی البین یجوز اتیان الظهر فیه بنیة الاداء .

و تمامیة دعوی السید الیزدی قدس سره فی المورد الثالث یتوقف علی توفر مقدمتين نظير المقدمتین المذکورتین فی المورد الثانی .

المقدمة الاولی انه اذا قدّم العصر علی الظهر عن سهو صحت صلاته عصرا و قد سقط التکلیف بالعصر لامتثال امره قبل اتیان الظهر .

المقدمة الثانیة ان جعل الوقت الاختصاصی انما هو بغایة عدم مزاحمة شریکة الوقت لصاحبة الوقت .

اما المقدمة الاولی فهي ثابتة بمقتضی حدیث لاتعاد الصلاة الا من خمس الوقت و الرکوع والسجود و الطهور و القبلة فان الامور الخمسة معتبرة فی الصلاة کشرط واقعی اما غیر الخمسة فهو شرط ذکری و لا تعاد الصلاة عند الاخلال بغیر الخمسة و منها شرطیة الترتیب المستفاد من قوله عليه السلام « الا ان هذه قبل هذه » وحيث ان تقدیم العصر علی الظهر في المورد الثالث کان سهویا فسقطت شرطیة الترتیب بینهما وصحت صلاته ظهرا .

اما المقدمة الثانیة فتثبت بنفس البیان المتقدم فی المورد الثانی .

لکن مختار الماتن قدس سره من صحة الصلاة المتأخرة بعنوان الظهر و صحة الصلاة المتقدمة بعنوان العصر انما هو بمقتضی القواعد و الادلة العامة لکن هناک صحیحة زرارة یختلف بملاحظتها حکم المسألة ولاجله أضاف السید فی ذیل المسألة بعنوان الاحتیاط الاستحبابی ان لا یتعرض المصلی فی الصلاة المتأخرة لنیة الظهر او العصر بل یأتی باربع رکعات بعنوان ما فی الذمة و بنیة ما هی وظیفته الفعلیة .

ففي صحيحة زرارة عن ابی عبد الله علیه السلام ....قَالَ إِذَا نَسِيتَ الظُّهْرَ حَتَّى صَلَّيْتَ الْعَصْرَ فَذَكَرْتَهَا- وَ أَنْتَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِكَ- فَانْوِهَا الْأُولَى ثُمَّ صَلِّ الْعَصْرَ- فَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ مَكَانَ أَرْبَعٍ- الحدیث [6]

و سنواصل الکلام فیه ان شاء الله .

 


[1] ـ الوسائل ابواب المواقیت ب25ح1.
[2] ـ العروة الوثقی المحشی ج2ص254.
[3] ـ العروة المحشی ج2ص254.
[4] ـ الوسائل ابواب المواقیت ب4ح7.
[5] ـ شرح التبصرة للعراقی ره ج1ص369.
[6] ـ الوسائل ابواب المواقیت ب63ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo