درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

موضوع: مقتضی الادلة الخاصة لتعیین افضل الامرین

انتهی البحث فی المسألة التاسعة الی بیان مقتضی الادلة الخاصة لتعیین الافضل عند دوران الامر بین استحباب التعجیل باتیان الصلاة اول الوقت و بین صلاة الجماعة فی غیر اول الوقت .

قد استدل فی اثبات افضلیة صلاة الجماعة بروایة جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع أَيُّهُمَا أَفْضَلُ- يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ- أَوْ يُؤَخِّرُ قَلِيلًا وَ يُصَلِّي بِأَهْلِ مَسْجِدِهِ- إِذَا كَانَ إِمَامَهُمْ قَالَ- يُؤَخِّرُ وَ يُصَلِّي بِأَهْلِ مَسْجِدِهِ إِذَا كَانَ [هُوَ] الْإِمَامَ.[1]

نوقش فی سندها بان الصدوق ره حیث بدء السند فی الفقیه بجمیل بن صالح و لم یذکر فی المشیخة سنده الی جمیل بن صالح فتکون الروایة مرسلة و قد حاول مقرّر موسوعة السید الخوئی قدس سره تصحیح السند علی ضوء قاعدة تعویض السند حیث قال : و لکن يمكن استكشافه باعتبار أن الشيخ روى كتابه بطريق صحيح و في الطريق ابن الوليد. و الصدوق يروي جميع مرويات ابن الوليد عنه كما يظهر من ترجمة ابن الوليد في الفهرست [2] .

تقریب ذلک انه یمکن تصحیح السند عبر تعویض سند المرسلة بسند الشیخ ره الی جمیل فی الفهرست و حینئذ نلاحظ سند الشیخ ره الی جمیل فان کان تاما و مشتملا علی ثقات یتم تطبیق قاعدة تعویض السند الضعیف للصدوق ره بالسند الصحیح للشیخ ره لکن حیث ان طریق الشیخ ره الی جمیل بن صالح مشتمل علی ابن ابی جید فلابد فی علاج الاشکال من الاستناد الی ترکیب السند لان ابن ولید وقع فی سند الشیخ ره الی جمیل بن صالح و للشیخ ره سند تام الی جمیع کتب و روایات ابن ولید و بهذا التقریب یمکن استخراج سند تام للروایة علی ضوء قاعدة تعویض السند مع ترکیب السند و هل هذا البیان فی تصحیح السند تام ام لا ؟

هناک مناقشة ترد علی محاولة المقرّر بان نظریة تعویض السند و ان کانت فی حد نفسها تامة من حیث الکبری و تمّ التمسک بها فی تصحیح بعض الاسناد فاذا کان هناک روایة ضعیفة او روایة مرسلة فی التهذیب او فی الفقیه یمکن تصحیحها علی ضوء تعویض سندها بالسند الصحیح الذی ذکره الشيخ ره فی الفهرست الا انها لا تنطبق علی المقام صغرویا اذ الشیخ ره فی الفهرست عند ترجمة جمیل بن صالح قال : له اصل ای« له کتاب » أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن غير واحد عن جميل بن صالح.[3]

اذن للشیخ ره طریق صحیح الی خصوص کتاب و اصل جمیل بن صالح لا الی جمیع کتب و روایات جمیل بن صالح فان الشیخ ره عند ما يذکر طرقه الی الرواة تارة یقول بان هذا طریقی الی کتاب فلان و تارة یقول بان هذا طریقی الی جمیع کتب و روایاته مثل ما ذکره بالنسبة الی حریز او حسن بن محبوب اما بالنسبة الی جمیل بن صالح فذکر طریقه الی کتابه خاصة دون جمیع روایاته و لهذا ان احرزنا ان الروایة التی ذکره الصدوق ره فی الفقیه _ التی وقع جمیل بن صالح فی سندها _انه نقلها عن کتاب جمیل فحینئذ یثمر تعویض السند فی تصحیح السند لکن طریق الشیخ ره الذی ذکره فی الفهرست معلوم انه طریق الی خصوص الکتاب و لکن روایة الفقیه غیر معلومة کونها من کتاب جمیل بن صالح و حیث انه لا یُعلَم ان الروایة التی نقلها الصدوق ره هل هی من کتاب جمیل او من کتابِ من روی عن جمیل فلا ینطبق حینئذ تعویض السند علیه و ان قال الصدوق ره فی کتابه اخذتُ الروایات من الکتب المعوّل علیها عند الاصحاب الا انه حیث یحتمل ان الصدوق ره أخذ هذه الروایة عن کتابٍ بعد کتاب جمیل بن صالح فلا قرینة علی انه أخذ عن کتاب جمیل بن صالح حتی یفسح المجال لتطبیق نظریة تعویض السند لان تطبیق نظریة تعویض السند علی المقام یتوقف اما علی ان یکون نقل الصدوق ره فی الفقیه عن جمیل بن صالح بمعنی نقله عن کتاب جمیل و هو غیر ثابت فی المقام و اما علی ان یکون الطریق المذکور فی فهرست الشیخ ره طریقا الی کتاب و روایات جمیل بن صالح و هو کذلک غیر ثابت فی المقام فالروایة ضعیفة سندا .

و اما دلالتها علی المدعی فمخدوشة ایضا لکونها اخص من المدعی لتقیید الحکم ـ ای تأخیر الصلاة الی ان یصلی باهل مسجده ـ بخصوص امام الجماعة دون المأمومین بمقتضی مفهوم القضیة الشرطیة .

الجهة السادسة العشرة من الجهات المرتبطة باوقات الفرائض هی ماذکرها السید الماتن قدس سره فی المسألة العاشرة :يستحبّ الغلس بصلاة الصبح أي الإتيان بها قبل الإسفار في حال الظلمة.

قد تقدم البحث عن هذه المسألة فی ذیل البحث عن وقت فریضة الصبح[4] في انه هل یستحب المبادرة باتیانه اول الفجر او ان الافضل تأخیره الی وقت الاسفار .

تقدم بان الشیخ و العلامة قدس سرهما ادعیا اجماع الامامیة علی استحباب التغلیس بها بخلاف العامة حیث اختلفوا فی استحباب التغلیس او استحباب الاسفار فیها و قد تعرض صاحب المعالم ره لهذا البحث فی منتقی الجمان وکذا صاحب الحدائق ره و ذکروا ان الروایات التی هی صالحة للاستدلال بها علی المقام علی طائفتین و مفاد طائفة من النصوص افضلیة التغلیس بفریضة الغداة و اتیانها فی ظلمة اللیل کما اشیر الیها فی کلمات السید الحکیم ره و السید الخوئی ره و قد ذکر صاحب الوسائل ره هذه الطائفة فی الباب 28 من ابواب المواقیت کموثقة اسحاق بن عمار قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَخْبِرْنِي عَنْ أَفْضَلِ الْمَوَاقِيتِ- فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ قَالَ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ- إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً - يَعْنِي صَلَاةَ الْفَجْرِ تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ- فَإِذَا صَلَّى الْعَبْدُ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ- أُثْبِتَ لَهُ مَرَّتَيْنِ تُثْبِتُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ.[5]

و قد وقع الکلام فی سندها من اجل عبد الرحمن بن سالم حیث انه لم یرد فیه توثیق خاص الا انه یمکن احراز وثاقته علی ضوء بعض المبانی العامة فی التوثیقات مثل نقل المشایخ الثلاثة حیث روی عنه البزنطی فی نفس هذه الروایة مضافا الی ان الصدوق ره نقلها فی ثواب الاعمال بسند موثق و هی موثقة لأجل غیاث بن کلوب الذی ذکر الشیخ ره فی العدّة بان الاصحاب عملوا برواياته فیتم اعتبار الروایة سندا لکنها موثقة .

و روایة رُزَيْقٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْغَدَاةَ بِغَلَسٍ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ- أَوَّلَ مَا يَبْدُو قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْرِضَ- وَ كَانَ يَقُولُ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً - إِنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ تَصْعَدُ- وَ مَلَائِكَةَ النَّهَارِ تَنْزِلُ عِنْدَ طُلُوعِ‌ الْفَجْرِ- فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَشْهَدَ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ صَلَاتِي- وَ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ عِنْدَ سُقُوطِ الْقُرْصِ- قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ النُّجُومُ.[6]

و روایة یحیی بن اکثم [7]

و صحیحة ابی بصیر قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الصَّائِمِ- مَتَى يَحْرُمُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ- فَقَالَ إِذَا كَانَ الْفَجْرُ كَالْقُبْطِيَّةِ الْبَيْضَاءِ- قُلْتُ فَمَتَى تَحِلُّ الصَّلَاةُ فَقَالَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ- فَقُلْتُ أَ لَسْتُ فِي وَقْتٍ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ- إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَالَ لَا- إِنَّمَا نَعُدُّهَا صَلَاةَ الصِّبْيَانِ- ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُحْمَدُ الرَّجُلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ- ثُمَّ يَرْجِعَ فَيُنَبِّهَ أَهْلَهُ وَ صِبْيَانَهُ.[8]

و الاعلام قدس الله اسرارهم استندوا استحباب التغلیس بصلاة الفجر الی هذه الروایات لکن کما افاد صاحب الحدائق و صاحب المعالم «رهما» ان الروایات علی طائفتین فطائفة منها کصحیحة ابی بصیر و موثقة اسحاق بن عمار المذکورة فی الباب 28 او ما جاء فی الذكرى من انه روى «ان النبي (صلى الله عليه و آله) كان يصلي الصبح فينصرف النساء و هن متلفعات بمروطهن لا يعرفن من الغلس» [9]

و فی مقابل هذه الطائفة طائفة اخری ذکرها صاحب الوسائل ره فی الباب 27 کروایة اخری لابی بصیر و صحیحة زرارة و صحیحة علی بن عطیة حیث یستظهر منها استحباب اتیان صلاة الفجر عند الاسفار و لهذا السبب تصدّی الاعلام فی مقام الجمع بین الطائفتین بان ماتقتضیه الصناعة هو حمل المطلق علی المقید فقال صاحب المعالم ره انه بحسب الصناعة لابد من حمل اطلاق روایات التغلیس علی التقیید المستفاد من روایات الاسفار لکن الذی یمنع عن حمل المطلق علی المقید هی الروایات الدالة علی استحباب الصلاة فی اول الوقت و الا مع قطع النظر عن الطائفة الثالثة کان مقتضی الصناعة حمل الروایات المطلقة علی المقیدة و کان هناک محامل اخری فی مقام الجمع بین الطوائف .

اما صاحب الحدائق ره فقد حمل روایات الاسفار او الروایات المشتملة علی عنوان « أضاء حسنا او اعترض البیاض او کالقبطیة البیضاء » بان هذه العناوین الواردة فی هذه الروایات محمولة علی تفسیر الفجر الصادق المستعرض فی مقابل الفجر الکاذب المستطیل کالذنب السرطان اذن لم یقم هناک دلیل فی مقابل روایات التغلیس بحیث تدل بالوضوح علی ان الافضل فی وقت اتیان صلاة الفجر هو وقت الاسفار قُبیل الاصفرار بدقائق و ان کان الظهور البدوی من روایات الطائفة الثانیة تأخیرها عن اول الوقت الا ان العناوین المذکورة فیها کلها فی مقام اعطاء العلامة علی تحقق الفجر الصادق .

الجهة السابعة العشرة من جهات البحث في اوقات الفرائض هی ما ذکرها فی المسألة الحادیة العشرة : كلّ صلاة أُدرك من وقتها في آخره مقدار ركعة فهو أداء، و يجب الإتيان به، فإنّ من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت .

و حیث ان الاعلام قدس الله اسرارهم لم یعلّقوا علی عبارة السید الماتن قدس سره یکشف ذلک عن موافقتهم له کما ان السید الحکیم قدس سره قال بانه هو المعروف بین الاصحاب و ادعی علیه الاجماع و ان کان ما یستظهر من کلمات ابن ادریس فی السرائر انه مخالف فی المسألة الا انه لا اعتداد به فی مقابل فتوی قاطبة الاصحاب .

اما الدلیل علی قاعدة من ادرک فحیث ان قاعدة من ادرک تکون علی خلاف مقتضی القاعدة اذ مقتضی توقیت الصلوات الیومیة بوقت خاص کتوقیت الظهرین بوقوعهما بین الحدین من الزوال الی الغروب انه اذا لم یبق من الوقت مقدار اتیان الصلاة بتمام رکعاتها فلا تکون مصداقا للأداء حیث انه لا یمکن ایقاعها کاملة فی الوقت فبطبیعة الحال یکون قضاء و بحسب القاعدة العامة لا تجب المبادرة الی اتیانها لبناء القضاء علی المواسعة فیبدو السؤال بانه کیف حکم الاصحاب فی المقام بلزوم المبادرة بها لو ادرک رکعة منها فی الوقت ؟

وقد استدل له بما ذکرها صاحب الوسائل فی الباب 30 من ابواب المواقیت و الروایات مختلفة حیث ان المورد المذکور فی بعضها هو خصوص صلاة الفجر فلا تشمل سائر الصلوات و لکن بعض نصوص الباب شامل لغیر صلاة الغداة الا ان الاشکال فی المقام هو ان الروایات التی هی معتبرة سندا مختصة بصلاة الغداة و الروایات التی تعم سائر الصلوات لیست بمعتبرة سندا .

فمنها موثقة عَمَّارِ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنَ الْغَدَاةِ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ- فَلْيُتِمَّ وَ قَدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ[10] .

و روایة الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْغَدَاةِ رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ- فَقَدْ أَدْرَكَ الْغَدَاةَ تَامَّةً[11] .

و فی سند الروایة ابی جمیلة مفضل بن صالح و هو ضعیف .

و روایة عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: فَإِنْ صَلَّى مِنَ الْغَدَاةِ رَكْعَةً ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ- فَلْيُتِمَّ الصَّلَاةَ وَ قَدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ[12]

مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ الشَّهِيدُ فِي الذِّكْرَى قَالَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ[13] .

هذه الروایة مطلقة لا تختص بصلاة الغداة .

و الروایة الخامسة مرسلة : قَالَ وَ عَنْهُ ع مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ- قَبْلَ أَنْ يَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ[14] .

فالروایتان الاخیرتان المتضمنتان لغير صلاة الغداة ضعیفتان سندا للارسال اذن ما هی معتبرة سندا تختص بصلاة الغداة فکیف یمکن الحکم بنحو الاطلاق بان من ادرک رکعة من الصلاة فی الوقت فقد ادرکها او ادرک الوقت فهناک طریقان لاثبات المدعی : الاول هو الاستناد الی عمل المشهور بعد الالتزام بکون الشهرة جابرة لضعف الروایة کبرویا .

و الطریق الثانی هو الاستناد الی عدم احتمال الفرق بین صلاة الغداة و غیرها من الصلوات و بان الحکم فی صلاة الغداة ثابت بالنص المعتبر و یتعدی منها الی غیرها من الصلوات بالغاء الخصوصیة عن صلاة الغداة .