< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

99/12/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مقتضی الجمع بین أفضلیة سدس الاخیر من اللیل لاتیان نافلة اللیل و أفضلیة آخر اللیل .

انتهی الکلام الی کیفیة الجمع بین ما حصل من الجمع بین الطائفة الاولی و الطائفة الثانیة من جانب و بين الطائفة الثالثة من جانب اخر و بعبارة اخری فی مقتضی الجمع بین افضلیة السدس الاخیر من اللیل و افضلیة اخر اللیل لاتیان نافلة اللیل .

قد حلحل السید الخوئی «قدس سره» التنافی بین الطرفین بنحوین .

النحو الاول من الجمع ان یقال بان افضلیة السدس الاخیر ( الحاصلة من الجمع بین الطائفتین الاولیین و الذی ینطبق علی ساعة و نصف قبل الفجر ) تختص بالمکلفین الذین یریدون اتیان نافلة اللیل مقترنة بجمیع الآداب و السنن من الدعاء و الاستغفار و العفو فی قنوت الوتر اما الطائفة الثالثة ( التی تحدد وقت الافضل بآخر اللیل ) فهي تختص بالذین یکتفون بالموجز من نافلة اللیل و بمسمی القنوت و اذن نتیجة الجمع بین الطوائف الثلاثة هی ان الحکم یختلف باختلاف المتنفلین بنافلة اللیل فمن اراد إطناب نافلة اللیل فوقته الافضل هو السدس الاخیر و من اراد تخفیف النافلة فافضل الوقت له هو آخر اللیل قُبیل الصبح .

النحو الثانی من الجمع ان افضلیة السدس الاخیر کحدّ لوقت النافلة ثابتة الا ان الطائفة الثالثة قد إعتبرت حدّاً أضیق من التحدید بالسدس الاخیر فبطبیعة الحال یحمل علی مراتب الفضل من ان وقت صلاة اللیل یبدء من منتصف اللیل و الأفضل منه بالدرجة الثانیة تأخیرها الی السدس الاخیر حوالی ساعة و نصف قبل الفجر و افضل منه الاتيان بها قبيل الفجر .

أقول : اما الجمع الاول فلیس بتام اذ لا شاهد علیه لظهور کل طائفة من الطوائف الثلاثة فی بیان الحکم بنحو الاطلاق لطبیعی المکلفین فلا یصح حمل طائفة خاصة علی قسم خاص من المکلفین فهذا الجمع لیس مستقیما بحسب الصناعة .

اما الجمع الثانی ای حمل الطوائف الثلاثة علی بیان مراتب الفضل بتقریب ان الافضلیة تبدء اولاً من السدس الاخیر و افضل الافضل هو آخر اللیل الذی هوأضیق حدّاً من السدس الاخیر فان هذا الجمع یکون علی وفق الصناعة کما یُطبّق هذا الجمع علی جمیع الموارد التی تختلف الادلة فی تحدید المقدار فی اوقات الصلوات نافلة او فریضة حیث ان الطائفتین الاولیین تدلان علی أفضلیة مقدار أوسع من الوقت و الطائفة الثالثة تدل علی أفضلیة وقت أضیق فالصناعة حینئذ تقتضی حمل الطائفة الثالثة علی بیان أفضل الأفضل وقتاً .

فتحصّل ان الافضل اتیان نافلة الليل فی السحر فی الثلث الاخیر و لولا الطائفة الثالثة لکان الحکم افضلیة کل الثلث الاخیر الا ان الطائفة الثالثة جعلت أفضلَ الافضل القریبَ من الفجر فمستند قول السید ره فی ذیل المسألة من کون الافضل هو القریب من الفجر هو ما یستفاد من الطائفة الثالثة .

لکن هناک مطلب ینبغی البحث فیه و هو ان ما افاده الماتن قدس سره من ان الافضل هو (القریب الی الفجر) یختلف عما ذُکر فی کلمات الفقهاء حیث أفتوا بهذه العبارة «کلما قرب من الفجر فهو افضل» کالسید المرتضی ره فی المسائل الناصریات و الصدوق ره فی الفقیه وکذا فی کشف الرموز وکالشیخ ره فی الخلاف و المحقق ره فی المختصر و فی الشرائع و العلامة ره فی کتبه المتعددة کما قال الشهید ره فی الذکری : كلّما قرب من الفجر كان أفضل، قال الشيخ- في الخلاف- و المحقق: عليه علماؤنا أجمع[1]

فانهم قد ذکروا بان وقت نافلة اللیل یبدء من منتصف اللیل الا انه کلما قرب من الفجر فهو افضل و شتان بین «کلما قرب من الفجر فهو افضل» و بین «القریب من الفجر فهو افضل» فان معنی العبارة الاولی ثبوت الافضلیة لکل آن فآن یقترب الی الفجر متدرجا فکل حصة من ساعات الوقت تکون اقرب فاقرب الی الفجر یکون افضل فأفضل و لهذا السبب ناقش السید الحکیم ره و المحقق الهمدانی ره و غیرهما من الاعلام فی عبارة الاصحاب قدس الله اسرارهم بان عبارة الاصحاب تُفهِم ان المقام یکون علی عکس الظهرین حیث یستحب اتیان الصلاة فورا ففورا بحیث کلما قرب من اول الزوال یکون افضل و المقام یکون علی عکس ذلک بحیث کلما إبتعد من اول الوقت یکون افضل فافضل و یکون کل حصة متأخرة بنحو الاطلاق افضل من کل حصة متقدمة فناقش السید الحکیم ره بانا اذا راجعنا الادلة نری بعضها حدّد الافضلیة بالثلث الاخیر و بعضها حدّدها بالسحر و بعضها حدّدها بأخر الوقت و لا یستفاد من هذه الروایات انه کلما قرب من الفجر بنحو الاطلاق یکون افضل بل غایة ما یستفاد من الادلة افضلیة اخر اللیل او قبیل الصبح و لیس هناک دلیل یدل علی افضلیة «کلما قرب من الفجر» بنحو الاطلاق و لهذا السبب عدل السید الماتن قدس سره عن العبارة المذکورة فی کلمات الاصحاب « کلما قرب من الفجر فهو افضل » الی عبارة «القریب من الفجر» و لم یستعمل کلمة « کلما قرب من الفجر ».

و ذکر السيد الحکيم ره ان عبارة الاصحاب « کلما قرب ..» لعلها حصلت عندهم عند ملاحظة مجموع الروایات الواردة فی الموضوع من ان الوقت یبدء بانتصاف اللیل و ان ساعتین الی الفجر یکون افضل مما سبق من الوقت و هکذا ساعة الی الفجر افضل من ساعتین الی الفجر و نصف ساعة الی الفجر یکون افضل من ساعة الی الفجر فملاحظة تحدید الافضلیة بهذه الکیفیة تقتضي ان يکون المتفاهم العرفی من هذه التحدیدات انه «کلما قرب الی الفجر یکون افضل» فان دلیل توقیت نافلة اللیل بما بین الحدین و ان لم یدل علی ان الساعة الواحدة بعد منتصف اللیل افضل من منتصف الليل و لم یدل علی ان الساعة الثانیة افضل من الساعة الواحدة بعد منتصف اللیل الا ان التقادیر المتعددة الواردة فی النصوص فی مقام التوقیت یستفاد منها من حیث المجموع انه کلما قرب من الفجر فهو افضل

ففی المستمسک : نعم. ما ذكره الأصحاب (رض) من اختلاف مراتب الفضل باختلاف القرب من الفجر- كما يقتضيه ظاهر قولهم: «كلما قرب من الفجر كان أفضل»- ليس عليه دليل ظاهر، إلا ما قد يستشعر من الأخبار المذكورة. و كأنه لذلك عدل المصنف الى ما في المتن[2] .

اما المحقق الهمدانی قدس سره فقد تصدّی للدفاع عن الکبری الکلیة بانه و ان لم يکن علیها دلیل ظاهر الا ان المورد حیث یکون من باب المستحبات و قد افتی الاصحاب بانه «کلما قرب من الفجر فهو افضل» و قد نقلوا الاجماع علی کلا الامرین ای علی مبدئیة نصف اللیل و علی انه «کلما قرب من الفجر یکون افضل» فهذا یکفی فی اثبات الکلیة المذکورة بعد ان کان الامر فی المستحبات مبنیّاً علی المسامحة و بناء علی شمول اخبار التسامح فی ادلة السنن و اخبار من بلغ لفتاواهم .

و کما ان السید الحکیم ره ادعی انه قد یُستشعر من الاخبار تمامیة الکبری الکلیة فالاستناد الی هذا الاستشعار موجود فی کلمات المحقّق الهمدانی قدس سره ايضاً .

هل یمکن تصحیح هذه الفتوی استنادا الی قاعدة التسامح فی ادلة السنن او استنادا الی الاستشعار المذکور .

یمکن التفصی عن هذا الاشکال بان قولهم «کلما قرب من الفجر فهو افضل» ناظرٌ الی تعیین خصوصیة المنتهی فی مقابل مبدئیة منتصف اللیل فانهم و ان ذکروا فتواهم بهذه العبارة « کلما قرب ..» لکنهم فی مقام الاستدلال علی المدعی قد ذکروا الایات و الروایات بان اخر اللیل او قبیل الفجر یکون افضل الوقت کالشیخ ره فی الخلاف و المحقق ره فی المعتبر و العلامة ره فی المنتهی قد ذکروا فی مقام الاستدلال علی فتوی «کلما قرب.. » بان الایات و الروایات تدل علی ان اخر اللیل او السحر یکون افضل الوقت فقال المحقق ره فی المعتبر :أما انه كلما قرب من الفجر كان أفضل فلقوله: و بالأسحار هم يستغفرون و قوله تعالى وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحار ِ[3]

و فی المنتهی : لنا: قوله تعالى «وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ» مدح اللّه تعالى المستغفرين في وقت السّحر، و هو قبل الصّبح على ما قاله أصحاب اللّغة[4]

یستفاد من کیفیة استدلال الفقهاء علی الحکم الثانی ای علی (کلما قرب من الفجر فهو افضل) ان مرادهم من الحکم الثانی و مصب استدلالهم لیس استحباب تأخیر نافلة اللیل شیئا فشیئا الی الفجر بل مرادهم من العبارة المذکورة افضلیة ما یقرب الی الفجر لا انه کلما قرب بمعناه العام الی الفجر یکون افضل و بهذا التقریب یظهر ان ما جاء فی کلمات المحقق الهمدانی قدس سره فی اثبات هذا المدعی بان فتواهم « کلما قرب ..» لکونه من باب المستحبات لا یتم .

و الوجه الاخر الذی جاء فی کلمات المحقق الهمدانی قدس سره و السید الحکیم قدس سره من انه قد یُستشعر تلک الکلیة من اخبار متعددة فهل هذا المطلب تام ؟

یرد علیه بان غایة ما تدل علیه هذه العناوین و التحدیدات ای السدس الاخیر او آخر اللیل او قبیل الفحر هو افضلیة کل مورد بالنسبة الی سابقته فلا یستفاد منها ان الخط الزمانی الممتد بین منتصف اللیل الی طلوع الفجر کله متصف بهذا الوصف فالفترة الثابتة من منتصف اللیل الی الثلث او السدس الاخیر لا تتصف بقانون « کلما قرب من الفجر فهو افضل » و مجرد احتمال ثبوت هذا المطلب غیر کاف لاثباته و لا یمکن استناد الکبری الکلیة الی الاخبار حتی فی حد الاستشعار فنتیجة الجمع بین الطوائف الثلاثة حمل العناوین المذکورة علی بیان مراتب الفضل بان الحد المسمی المتأخر افضل من الحد المتقدم لا انه کلما قرب من الفجر یکون افضل .

بقی مطلب آخر من بحث الوقت الافضل لاتيان نافلة الليل وهو ان هناک روایات تدل علی ان رسول الله صلی الله علیه و اله کان یوزّع رکعات نافلة اللیل علی ثلاثة أزمان و انه کان یأتی ببعض الرکعات عند انتصاف اللیل و لم یکن يأتي بجميع الرکعات فی اخر اللیل فهذا الامر کاشف عن افضلیة التفریق لا تأخیرها برمتها الی اخر اللیل و لأجل هذا الامر علّق بعض المحشین علی العروة بان الافضل اتیانها بالکیفیة التی صنع النّبیّ الاکرم صلّی الله علیه و اله و هذا هو الافضل بالدرجة الاولی و یتلوه فی الفضل اتیانها مترادفة آخر اللیل کما فی تعلیقة السید الامام قدس سره : : و أفضله التفريق كما كان يصنعه رسول اللّه صلى الله عليه و آله[5]

و قد عقد له صاحب الوسائل باباً فی الوسائل بعنوان بَابُ اسْتِحْبَابِ تَفْرِيقِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بَعْدَ انْتِصَافِهِ أَرْبَعاً وَ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثاً كَالظُّهْرَيْنِ وَ الْمَغْرِبِ‌ ونقل فيه روايات کصحیحة معاویة بن وهب قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ وَ ذَكَرَ صَلَاةَ النَّبِيِّ ص قَالَ كَانَ يُؤْتَى بِطَهُورٍ- فَيُخَمَّرُ عِنْدَ رَأْسه - وَ يُوضَعُ سِوَاكُهُ تَحْتَ فِرَاشِهِ ثُمَّ يَنَامُ مَا شَاءَ اللَّهُ- فَإِذَا اسْتَيْقَظَ جَلَسَ ثُمَّ قَلَّبَ بَصَرَهُ فِي السَّمَاءِ- ثُمَّ تَلَا الْآيَاتِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ الْآيَاتِ- ثُمَّ يَسْتَنُّ وَ يَتَطَهَّرُ ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الْمَسْجِدِ- فَيَرْكَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ عَلَى قَدْرِ قراءة [قِرَاءَتِهِ رُكُوعُهُ- وَ سُجُودُهُ عَلَى قَدْرِ رُكُوعِهِ- يَرْكَعُ حَتَّى يُقَالَ مَتَى يَرْفَعُ رَأْسَهُ- وَ يَسْجُدُ حَتَّى يُقَالَ مَتَى يَرْفَعُ رَأْسَهُ- ثُمَّ يَعُودُ إِلَى فِرَاشِهِ فَيَنَامُ مَا شَاءَ اللَّهُ- ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ فَيَجْلِسُ فَيَتْلُو الْآيَاتِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ- وَ يُقَلِّبُ بَصَرَهُ فِي السَّمَاءِ ثُمَّ يَسْتَنُّ وَ يَتَطَهَّرُ- وَ يَقُومُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَ يُصَلِّي الْأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ- كَمَا رَكَعَ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى فِرَاشِهِ- فَيَنَامُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ- وَ يَجْلِسُ وَ يَتْلُو الْآيَاتِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ- وَ يُقَلِّبُ بَصَرَهُ فِي السَّمَاءِ ثُمَّ يَسْتَنُّ وَ يَتَطَهَّرُ- وَ يَقُومُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيُوتِرُ وَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ- ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ[6] .

 

و عن الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ- أَمَرَ بِوَضُوئِهِ وَ سِوَاكِهِ- فَوُضِعَ عِنْدَ رَأْسِهِ مُخَمَّراً فَيَرْقُدُ مَا شَاءَ اللَّهُ- ثُمَّ يَقُومُ فَيَسْتَاكُ وَ يَتَوَضَّأُ وَ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ- ثُمَّ يَرْقُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَسْتَاكُ- وَ يَتَوَضَّأُ وَ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ- ثُمَّ يَرْقُدُ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ- قَامَ فَأَوْتَرَ ثُمَّ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ- ثُمَّ قَالَ لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ- قُلْتُ مَتَى كَانَ يَقُومُ قَالَ بَعْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ[7]

یستفاد من هذه النصوص ان رسول الله صلی الله علیه و اله کان لا یؤخّر تمام رکعات نافلة اللیل الی اخر اللیل .

فما هو مقتضی الجمع بین مفاد هذه النصوص و الطوائف الثلاثة المتقدمة ؟ قد حکم فی بعض الکلمات بالتخییر بین کیفیة الجمع و کیفیة التفریق من غیر رجحان لاحدی الکیفیتین علی الاخری بل هما علی حدٍّ سواء و ان التوزیع لیس بأفضل من الجمع آخر اللیل .

 


[1] ـ ذکری ج2ص367.
[2] ـ المستمسک ج5ص116.
[3] ـ المعتبر ج2ص55.
[4] ـ المنتهی ج4ص97.
[5] ـ العروة المحشی ج2ص266.
[6] ـ الوسائل ابواب المواقیت ب53ح1.
[7] ـ الوسائل ابواب المواقیت ب53ح2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo