< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

40/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في كيفية الاستيفاء.

مسألة 25: لو هلك قاتل العمد سقط القصاص بل والدية. نعم، لو هرب فلم يقدر عليه حتّى مات، ففي رواية معمول بها: «إن كان له مال اخذ منه، وإلّا اخذ من الأقرب فالأقرب»، ولا بأس به لكن يقتصر على موردها[1] .

 

في المسألة صورتان:

الصورة الأولى: (لو هلك قاتل العمد سقط القصاص بل والدية).

فأما سقوط القصاص للإجماع ولإنتفاء الحكم بإنتفاء الموضوع.

وأما سقوط الدية فلكونها مما يُتصالح عليها مع الطرف الآخر وفي مفروض الحال عدم وجوده فمقتضى الأصل عدمها أيضًا.

إن قلت: إن مقتضى الرواية بقوله (عليه السلام): (لا يبطل دم امرىء مسلم) وعليه تجب الدية.

قلت: المقام لا تشمله الرواية المذكورة وذلك لأنها ناظرة إلى وجود الموضوع وغير ناظرة إلى حال انتفائه، لعدم تحقق الصلح على الدية فنشك في وجوبها والأصل عدمها.

الصورة الثانية: (نعم لو هرب فلم يقدر عليه حتى مات ففي رواية معمول بها إن كان له مال أُخذ منه، وإلا أُخذ من الأقرب فالأقرب، ولا بأس به لكن يقتصر على موردها وهذه الرواية) معتبرة أبي بصير(قده):

-(محمد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن رجل قتل رجلا متعمدا ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه؟ قال: إن كان له مال اخذت الدية من ماله، وإلا فمن الاقرب فالاقرب، وإن لم يكن له قرابة أداه الامام، فانه لا يبطل دم امرئ مسلم)[2] .

وصحيحة محمد بن ابي نصر:

-(وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن العلاء، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) في رجل قتل رجلا عمدا ثم فر فلم يقدر عليه حتى مات، قال: إن كان له مال اخذ منه، وإلا اخذ من الاقرب فالاقرب)[3] .

هذا بالإضافة إلى إجماع الأصحاب كما حكي عن أكثر من واحد ولكن يقتصر فيها على موردها المتيقن منه وهو مفروض السؤال.

 

مسألة 26: لو ضرب الوليّ القاتل وتركه ظنّاً منه أنّه مات فبرئ، فالأشبه أن يعتبر الضرب، فإن كان ضربه ممّا يسوغ له القتل والقصاص به لم يقتصّ من الوليّ، بل جاز له قتله قصاصاً، وإن كان ضربه ممّا لا يسوغ القصاص به -كأن ضربه بالحجر ونحوه- كان للجاني الإقتصاص، ثمّ للوليّ أن يقتله قصاصاً أو يتتاركان[4] .

 

في المسألة صورتان:

الصورة الأولى: إن كان ما ضربه به مما يستعمل في القتل والقصاص عادة ومن شأنه أن يقتل كالسيف مثلًا فإنه والحال لا يُقتص من الولي لأن فعله جائز شرعًا بإعتبار أن دم الجاني كان هدرًا بالنسبة إلى الولي، وعليه يجوز له ضربه ثانيًا قصاصًا حتى يموت.

الصورة الثانية: إن كان ما ضربه به الولي ليس مما يستعمل في القتل والقصاص عادة كما لو ضربه بالحجر أو بالعصا مثلًا، ففعله غير جائز بإعتبار أن القاتل يُقتل ولكن لا يجوز أذيتُه وضربه بما لا يقتل، وعليه جاز للمضروب الإقتصاص من الضارب لعموم قوله تعالى:

﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾[5]

وغيرها من العمومات والاطلاقات. نعم يجوز للمضروب ههنا أن يقتص من الضارب نتيجة ضربه وجرحه العدواني أولًا ثم يقتله الولي قصاصًا. فإن أمكن حملُها على جواز المصالحة على ترك كل واحد منهما لحقّه في القصاص فيه وإلا يُرد علمها إلى اهلها، وعلى أي حال فلم يعمل بها الأصحاب. وأما رواية أبان بن عثمان المرسلة عن أحدهما:

-(محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبان بن عثمان، عمن أخبره، عن أحدهما (عليهما‌ السلام) قال: اتي عمر بن الخطاب برجل قد قتل أخا رجل فدفعه إليه وأمره بقتله، فضربه الرجل حتى رأى أنه قد قتله، فحمل إلى منزله فوجدوا به رمقا فعالجوه فبرأ، فلما خرج أخذه أخو المقتول الاول، فقال: أنت قاتل أخي ولي أن أقتلك، فقال: قد قتلتني مرة، فانطلق به إلى عمر فأمر بقتله، فخرج وهو يقول: والله قتلتني مرة، فمروا على أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) فأخبره خبره، فقال: لا تعجل حتى أخرج إليك، فدخل على عمر، فقال: ليس الحكم فيه هكذا، فقال: ما هو يا أبا الحسن؟ فقال: يقتص هذا من أخي المقتول الاول ما صنع به ثم يقتله بأخيه، فنظر الرجل أنه إن اقتص منه أتى على نفسه، فعفا عنه وتتاركا)[6] .

والتي تفيد جواز التتارك (يترك كل واحد حقه بالنسبة للآخر) فهي ضعيفة بالإرسال.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo